أهيَ انتفاضة السلاح! ... بقلم : لمى خاطر

الأربعاء 23 أكتوبر 2013

أهيَ انتفاضة السلاح!

لمى خاطر

من المبكر التكهن فيما إذا كانت عمليات المقاومة المتفرقة الأخيرة في الضفة الغربية تنبئ عن فعل متواصل وتؤسس لبداية انتفاضة مسلحة، أو أنها مجرد احتشاد للمصادفات في أكثر من بؤرة، وكإفراز لحالة الاحتقان الشعبي مع تصاعد اعتداءات الاحتلال دون رادع مقابل.

في كل الأحوال، ثمة ما يمكن استقراؤه من الاتجاه نحو الفعل المسلح حتى لو كان سكينا، وحتى لو كان الحصول على السلاح يعدّ المهمة الأصعب والأعقد في الضفة الغربية، وتكلف من يسعى لها إما الانكشاف المبكر أو النجاح في تنفيذ عملية واحدة على الأكثر، نظراً لأن تعقب السلاح ومصادره تشترك فيه أجهزة السلطة والاحتلال تنسيقاً وتكاملا.

غير أن القضية الأهم هنا هي الإيمان بالجدوى، جدوى العمل المقاوم المسلّح، حتى لو كانت معطيات الواقع شحيحة، وحتى لو كان الخطاب الرسمي للسلطة الحاكمة في الضفة وحركة فتح يجرّم الفعل المسلّح، ويروّج للمقاومة السلمية كخيار أوحد، فيما فعل أجهزة الأمن على الأرض يعاقب على هذا الشكل الأخير المتواضع من المقاومة أيضا، ويجتهد في ملاحقة رماة الحجارة والزجاجات الحارقة، أو منعهم من الوصول إلى مناطق التماس مع الاحتلال، مع العلم أنه ما عادت هناك مواقع تماس فعلية في الضفة منذ عملية السور الواقي، فكلّها ساحة مستباحة لدوريات الاحتلال ومستوطنيه، وما من أماكن محرّمة عليه أو لا تصلها آلياته.

ولذلك، يبدو الاتجاه للعمل المسلّح كتحدّ للواقع الحالي، وكنتيجة له، ولا نبالغ إن قلنا إن هناك تراجعاً في الإقبال على المقاومة الشعبية، وإن الإيمان بجدواها للتغيير ومواجهة الاحتلال يتناقص، في وقت تتعاظم القناعة بضرورات القوّة وفاعليتها، خصوصاً حين يكون المشهد السياسي المستند إلى عملية التفاوض مغرق في عبثيته واستخفافه بالرأي العام الفلسطيني الذي ما عاد محتاجاً مزيداً من الدلائل على عقم هذا الخيار.

من جهة أخرى، فإن اختلال توازن قوة المقاوم الفلسطيني بين غزة والضفة بات عاملاً إضافياً مسهماً في الإعلاء من شأن ثقافة السلاح، ففي الوقت الذي تشهد فيه مقاومة غزة تطوراً متزايداً في عتادها كماً ونوعا، لا يبدو من المنطقي أن تظلّ أشكال المواجهة في الضفة مقتصرة على الحجارة والأشكال القديمة ذاتها. صحيح أن الفعل الشعبي مهم وله فوائده على عموم المزاج العام كونه يبقيه في حالة تفاعل مع ثقافة المواجهة. غير أنه لا يبدو من السهل إقناع المقدمين على الشهادة والمستعدين للانخراط في المقاومة بأن عليهم أن يلتزموا خطّاً بطيء التأثير والجدوى، فهناك من بات يرى أن الموت سدى وبلا أثر لا يليق بالمقاومين ولا يناسب المرحلة.

يفترض كثيرون أن انتفاضة الضفة الجديدة ستتخذ منحى سابقتيْها، أي تبدأ شعبية بالحجارة ثم تنتقل للسلاح، لكن هذا قد لا يكون ما سيحدث بالضرورة، بل إن إرهاصات الأحداث تشي بأنها قد تبدأ مسلحة، ثم تتطوّر نحو فتح مسارات عسكرة أخرى قد لا تكون مسبوقة أو مجرّبة. فما من شيء يبقى على حاله، وليست كل تجربة للثورة قابلة للاستنساخ بعد حين بالتفاصيل القديمة ذاتها، أو بخوض المسارات السابقة نفسها.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية