إلى أحمد منصور: هل اتسعت حدودك فضاء أسرانا...

إلى أحمد منصور: هل اتسعت حدودك فضاء أسرانا...بقلم : فؤاد الخفش

الجمعة 28 مايو 2010

إلى أحمد منصور: هل اتسعت حدودك فضاء أسرانا...

فؤاد الخفش


سألني أحد رفاقي الأسرى في سجون الاحتلال والذين مضى على اعتقاله أكثر من ثمانية عشر عاماً عن سبب التقصير الإعلامي بحق أسرانا في سجون الاحتلال وعدم تكريس مساحة كافية لهم عبر الفضائيات الكبيرة وقال لي وهو من طحنت رحى القيد من معصمه ما طحنت وشاب رأسه في غير أوانه بعد أن تساقط أغلب شعره بفعل الماء المالح والمشبع بالكلور ومادة الكافور القاتلة للرغبة الجنسية .. يا أخي كنا قبل أن تقطع عنا قناة الجزيرة نتابع برنامج أحمد منصور بلا حدود وكنا نستمتع بما يقدم من مواضيع ونستنير برأي من يستضيف من ضيوف مميّزين ولكن كنا نسأل في كل مرة لماذا لا تتسع حدود أحمد منصور لأسرانا .


أخبرني صديقي هذا يا أخي أحمد منصور عن اتصالات أجراها معك من خلال وسطاء لترتيب حلقة عن الأسرى في سجون الاحتلال وهو ما تم وقال لي ألا نستحق بعد عشرة أعوام حلقة كتلك الحلقة نسلط الضوء على ما نتعرض له من موت بطئ وقتل ممنهج وقوانين لا إنسانية وسادية قاطعته بعد أن حرق صدري وقلبي بكلامه وقلت له يا أخي لا شك أن قضيتكم هامة وأشاطرك الرأي أن هناك إهمالاً حقيقياً لقضيتكم ويجب أن تفعّل ولا يتحمل الإعلامي الكبير أحمد منصور المسؤولية وحده ، قاطعني وقال لي هذا الشخص نحبه وابتسامته تشعرنا بالطمأنينة ولذلك ذكرت اسمه لك .


أخي أحمد منصور هذا جزء من حوار جرى بيني وبين أحد أسرانا في سجون الاحتلال وكما قلت لك أنه معتقل منذ قرابة العقدين وهو الذي كان يصول ويجول ولقّن المحتل يوماً من الأيام دروساً في فن الفداء وحب الوطن إنه الأسير زاهر جبارين أحد من أضفى علامة فارقة في الصراع مع من احتل الأرض وانتهك العرض وقتل الأطفال.


لن أحدثك عن زاهر ولن أخصص مقالي للحديث عنه ولكني سأتحدث لك عن ثمانية آلاف أسير فلسطيني موزعين على عشرة سجون أسماء السجون مستوحاة من أسماء مدن عربية احتلها شذاذ الآفاق في هذه السجون يا أخي أحمد 16 أسيراً فلسطينياً مضى على اختطافهم أكثر من ربع قرن منهم أخي أحمد ( نائل البرغوثي ) أمضى حتى الآن 33 عاماً في سجون الاحتلال وابن عمه فخري أيضاً أمضى ذات المدة ولكنه في زنزانته ليس وحيداً بل معه فلذة كبده شادي الذي أخذ على عاتقه تحرير أبيه بعد أن شعر بتقصير رفقاء السلاح .


في مكان ليس بالبعيد عن نائل وفخري هناك رجل ثمانيني أي عمره ثمانون عاماً وأخاله أخي أحمد منصور أكبر من والدك رجل حفرت تجاعيد الزمان قسوتها على وجهه معتقل منذ 28 عاماً من الأراضي التي احتلت عام 48 يجابر نفسه ويكابر ويحاول أن يتوكأ على عصاه يخرج لزيارة ذويه برأس مرفوع وجسد ممشوق وكأنه يريد أن يقول لهم أن الشجرة تموت واقفة وأن النخلة حتى بعد أن تموت تبقى قامتها سامقة نطلق عليه بلغتنا وأدبياتنا عميد أسرى الداخل المحتل.


بجواره أيضا فؤاد الرازق وما أدراك من فؤاد هو عميد أسرى القدس قد تبتسم لكثرة العمداء في بلادنا ولكن أقطع ابتسامتك الجميلة التي نحب بأن أقول هم عمداء من دون رتب ولا نياشين هم عمداء أمضوا كل أعمارهم في صفوف الثورة والثوار قلدهم الشعب والشارع هذا الوسام وهذا اللقب حفظ كتاب الله ينظر إلى القدس التي اعتقل منها بعيون كلها حب وحياة وأمل أن يكتب له صلاة بها قبل موته وربما أن يصلى عليه بها إذا ما قبلت إسرائيل الإفراج عنه إذا ما مات في سجنه.


بجوار كل هؤلاء يا أستاذ أحمد منصور تربض أختك أحلام التميمي محرومة من رؤية ذويها من تاريخ اعتقالها قبل ستة أعوام فهي تحمل الجنسية الأردنية لم تمنعها الحدود من الاتصال والتواصل مع أهلها في الضفة المحتلة فثارت وانتفضت وحكمت ب 16 مؤبداً أي 1600 عام نعلم متى بدأت ولا نعلم متى ستنتهي ، الرقة والطيبة والقلب الجميل كلها صفات لأختك أحلام صاحبة فكر نيّر صابرة صبورة وقفت أمام شاشة التلفاز الإسرائيلي تقول لهم للمجتمع الإسرائيلي هذه بلادنا ارحلوا عنها أما أنا فإني غير نادمة على مقاومتكم وإذا ما كتبت لي الحرية سأعود مرة أخرى أقاتل وأحارب إسرائيل تلعثم المذيع الإسرائيلي لم يعلم كيف يسأل وماذا يقول فابتسمت أحلام يا أخي أحمد وقالت إن أردتم أن تنجوا بأنفسكم فارحلوا من حيث أتيتم فأغلق المصور الكاميرا وعلق المذيع يبدو أن الحكم لم يكن رادعاً بالشكل المناسب لأحلام التميمي.


قصة أخرى من قصص البطولة والفداء التي نسجها أسرانا على منوال الصبر والتحدي والإصرار قصة والدتك وأكاد أجزم أنك فخور أن تكون هذه الأم أماً لك هي قصة الحاجة "رابعة" والتي أطلقت عليها زيتونة فلسطين الرومية أم أنهت العقد السابع من عمرها لها خمسة أولاد كلهم معتقلون ، بالإضافة إلى زوجة ابنها الصغير نيللي الصفدي وحفيدها لودها الكبير وابن ابنتها الصغير بمعنى كل العائلة معتقلة مجموع أحكامهم 2700 عام في أحد مراكز التحقيق المعروفة بقسوتها يقبع جزء من بنيها ومن أجل الضغط عليهم قامت دولة الاحتلال باعتقال والدتك الحاجة رابعة أم بكر اقتحموا منزلها الذي تعيش به وحيدة بعد وفاة زوجها الشيخ الراحل سعيد بلال وأبلغوها بقرار اعتقالها لبست جلباب العزة وارتدت حجاب الشرف ومضت بينهم غير عابئة بصراخهم عليها وخوذهم وبزّاتهم العسكرية وطلب منها أن تصعد إلى الجيب العسكري لم يساعدها عمرها اعتلاء السيارة العسكرية العالية حاول أحد الجنود إمساك يدها لمساعدتها رفضت واستندت إلى ركبتها وصعدت السيارة العسكرية بكل إباء كالشباب ووضعت في زنزانة قذرة وتم إحضار أولادها المعتقلين بكى بكر الابن الأكبر ولم يستطع عبادة الابن الأصغر أن يرى أمه لأنه ضرير فقاده صوتها إليها صرخ الجنود بكى بكاء العاجز لم يستطع أن يفعل شيئاً صرخت في أطفالها بثت فيهم روح ابن الخطاب عمر وصرخات صلاح الدين وقالت اثبتوا يا رجال ما على هذا أرضعتكم لبني ولا هكذا أردت أن تكونوا والعقبى لمن يبتسم في النهاية وبشر الصابرين.


أخي أحمد منصور ليست هذه حكاية فيلم أو رواية إنها حقائق نسجها الفلسطينيون بصبرهم وصمودهم وتضحياتهم نعرفها نحن وها قد أوصلتها لك لعل حدود برنامج بلا حدود تتسع لفضاء من غيّبتهم السجون ونسيهم القريب ؟؟؟

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية