ابتزاز العواطف بين فتح و"إسرائيل" والانقلاب!
د. أسامة الأشقر
أرخص أنواع المزايدات السياسية هي تلك التي تستخدم مشاعر الناس وعواطفهم، وتجرح قلوبهم بخنجر دم غائر، حين يستغلون التياع الآباء وتفجّع الأمهات، ولعل قضية حفيدة الأستاذ إسماعيل هنية من تلك القضايا الأكثر استخداماً للجريمة السياسية العاطفية.
كان الظرف قاسياً موجعاً فتلك الفتاة الصغيرة البريئة يتوقف قلبها أمام عائلتها التي لا تضم سواها، ويضعف جسدها النحيل، وتغيب عن الوعي طويلاً، تتفجّع الأم، ويلتاع الأب، ويحتار الجد الحزين!
لماذا تضع السياسة هنا أيها الجد ؟ جميع الحالات المشابهة عندما يُغلَق عليها أبواب العلاج تتجه صوب العدو " إسرائيل " حيث يتوفر هناك العلاج! وهم يأخذون أجرهم وزيادة! وليس ذلك منّة منهم!
عامِلْنا أيها الجدُّ كأيّ مواطن آخر، ولا تعامِلْنا بمنطقك بينما تموت ابنتنا أمام أعيننا!
إنك مسؤول أمام الله وأمامنا عن موتها – لا سمح الله -!
هكذا أتخيّل هذا الحوار المشحون، وهكذا أفهم حيرة الجد الحزين!
كان يمكن للقصة أن تكون قضية إنسانية تعكس مئات الحالات المشابهة حين يشتد الحصار وينعدم الدواء فيلجأ الناس إلى أعدائهم على كراهة منهم طلباً للعلاج رغم أنهم هم من يقتلنا بيد ويدفع لبعضنا يداً آخر لعلاج يرتزقون من آلامنا فيه، ولشهرة الجد فإن هذه القضية ستأخذ بُعداً إعلامياً كبيراً يخدم كل مريض تحاصره الدبابات المصرية والصهيونية.
ولكن النفوس المسمومة أبت أن تتحول هذه القضية إلى مسارها، فحركة فتح قررت تصفية خصوماتها السياسية مع عدوها الوحيد " حركة حماس " فشنّت حملة مركّزة عليها تحمل كلها عنوان التطبيع السياسي بين الاحتلال وحماس، والتعاون السري بينهما، رغم أن إجراءات التنسيق الصحي لابد أن تمر عبر مكتب الارتباط مع المحتل الذي يديرونه، ثم جاءت مكالمة محمود عباس لتظهر الوجه الجميل لمحمود عباس وحركته حين يعزّي هنية بوفاة ابنته، لتكون هذه المكالمة ذروة الحملة القاسية المغرضة، وتكون النتيجة حسب الأوراق المريضة : لقد انتصرت حملتنا!
وما دمنا نتحدث عن اللعب بالعواطف هنا، فالعجيب أن سلطات الانقلاب المصري لم تفطن كعادتها في الغباء السياسي أن تكسب من هذه القضية فتفتح المعبر ولو لساعة لهذه الفتاة الصغيرة، ليظهر الانقلاب أمام العالم كم هو إنساني وجميل – على الأقل لمرة واحدة -، ولكنهم لم يفعلوا ذلك، ولم يعرضوا حتى عرضاً وهميّاً بأن تستضيف إحدى مستشفيات مصر العسكرية قلب هذه الفتاة التي تموت.
أما الكيان الصهيوني فقد كان الرابح الكبير، فقد فتح المعبر بعد إتمام إجراءات التنسيق الصحي، وفتح أبواب المستشفى بأجرٍ، ونقل الجثمان بأجرٍ، وسلّم الجثّة بأجرٍ أيضاً، وظهر أمام الإعلام بمظهر العدو الذي يعامل أعداءه بإنسانية وتسامحٍ لا يقترب منهما الفلسطيني المتطرف.
كم كان يمكن أن تكون أحزانُ الكبار ودموعُهم فرصةً لاجتماع القلوب وغسل أوساخ السياسة، ولكن الحماقة أعيت من يداويها! .
د. أسامة الأشقر
أرخص أنواع المزايدات السياسية هي تلك التي تستخدم مشاعر الناس وعواطفهم، وتجرح قلوبهم بخنجر دم غائر، حين يستغلون التياع الآباء وتفجّع الأمهات، ولعل قضية حفيدة الأستاذ إسماعيل هنية من تلك القضايا الأكثر استخداماً للجريمة السياسية العاطفية.
كان الظرف قاسياً موجعاً فتلك الفتاة الصغيرة البريئة يتوقف قلبها أمام عائلتها التي لا تضم سواها، ويضعف جسدها النحيل، وتغيب عن الوعي طويلاً، تتفجّع الأم، ويلتاع الأب، ويحتار الجد الحزين!
لماذا تضع السياسة هنا أيها الجد ؟ جميع الحالات المشابهة عندما يُغلَق عليها أبواب العلاج تتجه صوب العدو " إسرائيل " حيث يتوفر هناك العلاج! وهم يأخذون أجرهم وزيادة! وليس ذلك منّة منهم!
عامِلْنا أيها الجدُّ كأيّ مواطن آخر، ولا تعامِلْنا بمنطقك بينما تموت ابنتنا أمام أعيننا!
إنك مسؤول أمام الله وأمامنا عن موتها – لا سمح الله -!
هكذا أتخيّل هذا الحوار المشحون، وهكذا أفهم حيرة الجد الحزين!
كان يمكن للقصة أن تكون قضية إنسانية تعكس مئات الحالات المشابهة حين يشتد الحصار وينعدم الدواء فيلجأ الناس إلى أعدائهم على كراهة منهم طلباً للعلاج رغم أنهم هم من يقتلنا بيد ويدفع لبعضنا يداً آخر لعلاج يرتزقون من آلامنا فيه، ولشهرة الجد فإن هذه القضية ستأخذ بُعداً إعلامياً كبيراً يخدم كل مريض تحاصره الدبابات المصرية والصهيونية.
ولكن النفوس المسمومة أبت أن تتحول هذه القضية إلى مسارها، فحركة فتح قررت تصفية خصوماتها السياسية مع عدوها الوحيد " حركة حماس " فشنّت حملة مركّزة عليها تحمل كلها عنوان التطبيع السياسي بين الاحتلال وحماس، والتعاون السري بينهما، رغم أن إجراءات التنسيق الصحي لابد أن تمر عبر مكتب الارتباط مع المحتل الذي يديرونه، ثم جاءت مكالمة محمود عباس لتظهر الوجه الجميل لمحمود عباس وحركته حين يعزّي هنية بوفاة ابنته، لتكون هذه المكالمة ذروة الحملة القاسية المغرضة، وتكون النتيجة حسب الأوراق المريضة : لقد انتصرت حملتنا!
وما دمنا نتحدث عن اللعب بالعواطف هنا، فالعجيب أن سلطات الانقلاب المصري لم تفطن كعادتها في الغباء السياسي أن تكسب من هذه القضية فتفتح المعبر ولو لساعة لهذه الفتاة الصغيرة، ليظهر الانقلاب أمام العالم كم هو إنساني وجميل – على الأقل لمرة واحدة -، ولكنهم لم يفعلوا ذلك، ولم يعرضوا حتى عرضاً وهميّاً بأن تستضيف إحدى مستشفيات مصر العسكرية قلب هذه الفتاة التي تموت.
أما الكيان الصهيوني فقد كان الرابح الكبير، فقد فتح المعبر بعد إتمام إجراءات التنسيق الصحي، وفتح أبواب المستشفى بأجرٍ، ونقل الجثمان بأجرٍ، وسلّم الجثّة بأجرٍ أيضاً، وظهر أمام الإعلام بمظهر العدو الذي يعامل أعداءه بإنسانية وتسامحٍ لا يقترب منهما الفلسطيني المتطرف.
كم كان يمكن أن تكون أحزانُ الكبار ودموعُهم فرصةً لاجتماع القلوب وغسل أوساخ السياسة، ولكن الحماقة أعيت من يداويها! .
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية