استراتيجية تسخين المنطقة والفيتو (42)
د. محمد رمضان الأغا
مع تقديم القرار الاخير الى مجلس الامن والذي صاغته فرنسا؛ ونية اميركا استخدام الفيتو؛ يبلغ عدد المرات التي استخدمت فيها اميركا هذا الحق (42) مرة ضد تطلعات الشعب الفلسطيني نحو الحرية كباقي شعوب الارض.
المتابع لمجريات الأمور الأخيرة بخصوص قرار التوجه لمجلس الامن؛ يجد أن اميركا تسن اسنانها واسلحتها كلها لأجل استخدام الفيتو وارهاب الشعب الفلسطيني؛ كي يبقى فريسة للعربدة الصهيونية لاطول فترة ممكنة من الزمن؛ والمشكلة في الفكر الامريكي انه لم يسبق للفلسطينيين ان احتلوا اميركا او حتى اساءوا لها لتتعامل معهم اميركا بهذا الاسلوب الذي اقل ما يوصف به انه لا إنساني.
يدرك الصهاينة ان اميركا تستخدم الفيتو حرصا على مصالحها في المنطقة وليس حرصا على سواد عيون "اسرائيل" ؛ وذلك لكونها تحمي هذه المصالح في المنطقة؛ وعلى حد وصف الأميركان لهذا الكيان انه "حاملة طائرات اميركية ثابتة"، فالمصالح الاميركية في المنطقة تتمثل في تأمين امدادات الطاقة وخطوط النقل ؛ خصوصا قناة السويس ؛ والحفاظ على امن "اسرائيل ودول اخرى" باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الامن القومي الاميركي.
لدى اميركا قرار استراتيجي بعدم العودة الى المنطقة بعد اعترافها بهزيمتها في العراق وافغانستان خشية التورط في المستنقع من جديد ؛ وهي الحروب التي كلفتها حوالي 3 تريليونات دولار اميركي كتكلفة مباشرة؛ وحوالي ضعفي او ثلاثة اضعاف هذا الرقم كتكلفة غير مباشرة، بالإضافة إلى ذلك تدرك اميركا بل توقن ان اللاعبين الكبار والاقليميين في المنطقة يريدون توريطها في حرب برية جديدة تستمر سنوات ؛ لا تخرج بعدها من المنطقة الا منهكة تجر اذيال الهزيمة ؛ لتنضاف الى مسلسل هزائمها في فيتنام وافغانستان والعراق؛ وتتكرر به قصة الاتحاد السوفيتي السابق الذي خرج من افغانستان مهزوما ومفككا ومنهارا.
لقد اعترفت اميركا علانية وصراحة أن الانجاز الوحيد لها في حرب العراق هو تسليم العراق لإيران اي ان الاستراتيجية الايرانية نجحت في توريط الامريكان في العراق لتحقيق هدف استراتيجي وهو "الهيمنة الايرانية" على العراق، وفي المقابل تلعب اميركا و "اسرائيل" لعبة القط والفأر؛ فأميركا تجهز نفسها لشرق اوسط بلا "اسرائيل" حسب استراتيجييها ومفكريها؛ و "اسرائيل" تجهز نفسها لعالم ما بعد "اميركا" حسب ما يكتبه خبراء صهاينة ويتحدثون به علانية في الاديبات الصهيونية الحديثة.
تستمر إيران في قراءة واعية ومتقدمة للمتغيرات الاقليمية والدولية؛ للانقضاض على مناطق واقاليم ودول، وقضم ما يمكن قضمه بمجرد زوال الهيمنة الاميركية او بالاتفاق معها وقت حدوث فراغ استراتيجي هنا او هناك؛ وتدرك اميركا ان إيران هي اللاعب الاقوى والاهم في المنطقة ويبدو ذلك من خلال نتائج المفاوضات النووية الاخيرة وهو ما يثير حفيظة دول الخليج؛ التي ستتأثر كثيرا حال حلول هذا السيناريو؛ حيث إيران هي الدولة الاقليمية الوحيدة التي يتمدد نفوذها السياسي والعسكري خارج حدودها على بعد الاف الاميال.
في الختام نشير إلى استخدام الفيتو رقم (42) ضد الفلسطينيين برغم ان ليس هناك اتفاقاً فلسطينياً عليه؛ الا ان هذا الفيتو سوف يزيد من عمليات التسخين الاستراتيجي في المنطقة؛ مما يقودها الى الاستمرار في حالة "عدم الاستقرار" ؛ والتي سوف تأتي بنتائج عكسية ومضادة للمصالح الاميركية في المنطقة؛ وهكذا فإن الجميع يصب الزيت على النار لإبقاء المنطقة مشتعلة لسنوات وسنوات؛ وتدرك اميركا والاقليم ان مفتاح الاستقرار في المنطقة هو قضية "فلسطين"؛ وكأن هذا الفيتو مسخر لأمر لا يعلمه الا الله ولا ندري هل ان تبعاته الاستراتيجية سيدركها محمود عباس ام لا!!؟
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية