اعتقالات كيدية
لمى خاطر
هذه المرة كانت خطوة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بالغة الانكشاف حين قررت الانتقام من زيارة وفد حماس إلى القاهرة باعتقال العشرات من كوادر حماس دفعة واحدة ومن مختلف مناطق الضفة!
كانت خطوة مكشوفة لأنها أثبتت حجم الإفلاس الذي تعاني منه قيادة السلطة وهي تفرّغ غضبتها السياسية باتجاه تسجيل المزيد من حالات انتهاك الحريات، خصوصاً أنها استهدفت نخبة من الأسرى المحررين من سجون الاحتلال، بعضهم لم يمض سوى أيام على تحرره مثل الإعلامي الأستاذ وليد خالد!
وكانت خطوة متعثرة لأنها غير قابلة للتبرير، ولأن الرسالة المراد وصولها منها إلى قيادة حماس لن تحدث المفعول المطلوب بإلزام الأخيرة بالكفّ عن اتجاهها السياسي الأخير على الصعيد المصري، والمكرّس للدفع باتجاه إنهاء حصار غزة من البوابة المصرية.
إذن، جلّ ما يمكن للسلطة في رام الله قوله الآن هو أنها ما زالت قادرة على المناورة في المساحة الأمنية، من خلال التضييق على حماس في الضفة الغربية (يد الحركة المؤلمة في نظر السلطة)، ويمكن تحصيل تنازلات بالضغط عليها، وليس مهماً هنا ما ستقدمه السلطة من ذرائع بين يدي هذه السياسة، بل المهم أن تثبت لنفسها قدرتها على ردّ اعتبارها (ولو معنويا) مقابل أي خطوة مزعجة تصدر من جانب قيادة حماس.
أما مسألة التمثيل الفلسطيني، فرغم ما ينطوي عليه المفهوم من لغة احتكارية بغيضة تفترض أن على جميع الفلسطينيين التسليم بحصريته لقيادة السلطة الحالية، إلا أن التهييج الإعلامي المتعلق به يستند إلى فكرة موهومة أصلا، ذلك أن قيادة حماس لم تدّع أن زيارتها الأخيرة للقاهرة كانت زيارة تمثل (القيادة الفلسطينية)، ولا ورد في تصريحاتها الرسمية وغير الرسمية ما يشي بنيتها الانفصال بقطاع غزة أو اقتطاعه كإمارة خاصة كما تروّج أبواق الفتنة والتضليل التي تهيمن على مفاصل الإعلام الفلسطيني.
ومن هنا، فإن هذه المبالغات في التعاطي مع موضوع الزيارة كلّه على صعيدي الخطاب أو الممارسة تنطلق من دوافع كيدية بائسة بالدرجة الأولى، خصوصاً وأن التئام وفد يمثل حركة حماس في الخارج وغزة ينسف فكرة الخلاف الذي نفخت فيه الأبواق الإعلامية التابعة للسلطة حتى تحول إلى كذبة اعتنقوها ولم يحتملوا رؤية خلافها، ولأنهم لن يحتملوا تفكك الحصار عن غزة وانتهاج القيادة المصرية الجديدة نهجاً في التعامل مع القطاع مغايراً لذاك الأمني الذي كان يعتمده النظام السابق، وكانت تصبّ إفرازاته (بركات) في جيب السلطة في رام الله التي يمكنها أن تتسامح في كل شيء إلا في استراتيجيتها الانتقامية في التعاطي مع قطاع غزة وحركة حماس!
أما الاعتقالات السياسية الكيدية في الضفة فهي لن تؤثر على حماس في الضفة قليلاً ولا كثيرا، ولن تحدث المزيد من الإضعاف لجسدها الحركي المنهك أصلاً على جبهة الاحتلال، وكل ما في الأمر أن قيادة السلطة ستقدم المزيد من مولّدات الاحتقان ضدها في الشارع، ومن الدلائل على عمق أزمتها، وعقم مشروعها، ونضوب خياراتها!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية