الأسرى .. بين مؤتمري تونس والعراق
رياض الأشقر
شهدنا خلال الشهر الأخير عقد مؤتمرين عربيين أو قل دوليين كما يحلو للبعض تسميتها ، نصره للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، احدهما عقد في تونس في العاشر من نوفمبر، والأخر عقد في العراق في الحادي عشر من ديسمبر، كخطوة على سبيل رد جزء قليل من الدين المتراكم علينا تجاه هؤلاء الأبطال الذين ضحوا بزهرات شبابهم خلف القضبان التي لا ترحم .
وكنت أتمنى كباحث ومهتم في شئون الأسرى أن تكون تلك المؤتمرات جامعة لكل أطياف الشعب الفلسطيني، الذي يضع قضية الأسرى على سلم أولوياته، وان تكون فرصة جيدة من أجل توحيد جهودنا ورؤانا لنشكل رافعة قوية تخرج بتلك القضية المصيرية من المربع الفلسطيني إلى المربع العربي والدولي، ولكن ما حدث أن مؤتمر تونس عقد بنكهة غزة ، حيث لم يشارك وزير الأسرى في الضفة الأستاذ عيسى قراقع ، مع تقديرنا لجهوده في خدمة قضية الأسرى، بينما مؤتمر العراق عقد بنكهة الضفة الغربية، فغاب عنه وزير الأسرى في غزة د. عطا الله أبو السبح مع تقديرنا أيضاً لجهوده في التخفيف من معاناة الأسرى .
هذا المشهد ألمنا كثيرا في الوقت الذي نحتاج فيه إلى وحدة الكلمة والموقف لكي نستطيع أن نخاطب العالم بلون واحد ورؤية واحدة، فكيف لنا أن ندعو الشرق والغرب لتوحيد جهوده وإدانة الاحتلال لما يرتكب من جرائم حرب بحق الأسرى ، ونحن أصحاب القضية لم نطبق بعد هذا المبدأ ، واختلفنا على بعض القضايا الهامشية كإدارة المؤتمر والتحضير له، ولمن توجه الدعوات، وتركنا القضية الأساسية التي لا يختلف عليها اثنين وهى أن قضية الأسرى تحتاج إلى كل الجهود، ولا تحتمل أن يتخلى عنها أحد في ظل الظروف المعقدة والشائكة التي يعيشها الأسرى، وفى ظل هجمة ممنهجة تشنها حكومة الاحتلال بأعلى سلطتها ضدهم ، سواء كانت انتقامية لنجاح صفقة التبادل أو لانتصار المقاومة في غزة أو للحصول على قرار بقبول فلسطين دولة مراقب في الأمم المتحدة تعددت الأسباب والنتيجة واحدة مزيد من القمع والتعسف بحق الأسرى على اختلاف أطيافهم السياسة.
ففرق الموت (الوحدات الخاصة) عندما تقتحم الغرف والزنازين مدججة بالسلاح بعد منتصف الليل تهوى بالعصا الغليظة على كل من يقع في وجهها من الأسرى ، لا تسألهم عن تنظيم أو عن حكم أو منطقة سكناهم سواء كانت في غزة أو الضفة أو القدس أو أراضي ال48 ، ولا تميز بين كبير أو صغير، وعندما تقرقع أمعاء الأسرى بالجوع نتيجة إضراب عن الطعام احتجاجا على ظروفهم الصعبة، لا تخرج قرقعتها بلون التنظيم الذي ينطوي تحت لوائه الأسير ، إنما تخرج بلون الصمود والصبر والإرادة التي يتحلى بها كافة الأسرى في السجون فمصيرهم واحد والموت يترصد بهم جميعا ولا يفرق .
فمتى يا ترى سنشهد مؤتمر وطني يعقد بنهكة فلسطين، لا يتخلف عنه احد ، ومتى سنلقى بخلافاتنا وراء ظهورنا من أجل الأسرى ، ومتى سيرتفع صوتنا عاليا "بالروح بالدم نفديك يا أسير فلسطين " ، ومتى سنجتمع لنضع إستراتيجية موحدة تضمن فكاك أسرانا من قيود الاحتلال ، بعيدا عن التوسل للمنظمات الدولية التي ثبت تحيزها للاحتلال بشكل واضح ، والأهم متى سنشهد اجتماعاً عسكريا يضم كافة الأجنجة والألوية العسكرية للتنظيمات المختلفة لوضع خطة يكون عنوانها (خطف الجنود اقرب الطرق لتحرير الأسرى).
إذا تحقق هذا الحلم ، فليستبشر أسرانا خيرا فان خلاصهم سيكون قريبا .
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية