الأسير الداموني .. 23 عاما في غياهب السجون

الجمعة 05 أبريل 2013

آخر ضحايا قضية المستوطن " آمنن"

الأسير الداموني .. 23 عاما في غياهب السجون

أكثر ما عرف به الأسير أحمد سعيد الداموني أنه "يضحك الحجر" كما يقول أقاربه ومعارفه في السجن فقد عاش 23 سنة على أمل نيل الحريّة في أي لحظة .

توفي والده وهو ابن سبعة شهور تاركاً له أماً وشقيقان وشقيقتين وعندما بلغ السابعة عشر من عمره تعرض للاعتقال وحكم ظلماً بالسجن 99 سنة بحجة المشاركة في قتل أحد المستوطنين .

أغلق الاحتلال منزل الداموني لشهر ثم هدمه بحجة مشاركته في إلقاء الحجارة على عربة المستوطن "آمنن" الذي قتل في مخيم البريج سنة 1990 .

وكان المستوطن الصهيوني "آمنن" قد اقتحم مخيم البريج سنة 1990 بسيارته قبل أن يرشقه الشبان في المخيم ويضرموا النيران في عربته ما أدى لمقتله .

يعاني الداموني من مرض القلب وضعف في عينيه وفد تعرّض للتعذيب والعزل مرات كثيرة وتطغى على كلماته ورسائله عبارات الحنين للعالم خارج السجن .

23 سنة

لا تملك الأم كثيراً من التفاصيل عن يوم اعتقاله فقد قتل المستوطن الصهيوني "آمنن" وأحمد خارج البيت في زيارة أقاربه ببلدة بيت حانون .

عاد يوم الحادث لمخيم البريج ثم هرب مع الشبان بعد مداهمة قوات الاحتلال للمخيم حيث عادوا لمنزله للبحث عنه.

حاول العودة لمنزله بعد عدة أيام وعندما علم جنود الاحتلال بوجوده في البيت اقتحموا الحي واعتقلوه برفقة عشرات المواطنين .

وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت المخيم عقب الحادثة فاعتقلت العشرات وحاكمتهم بسنوات متفاوتة كان أكثرهم الأسير أحمد الداموني بالسجن 99 سنة فيما هدمت عشرات المنازل والمحال التجارية.

تعبث أمه بكيس بلاستيكي يحوي عشرات الصور للأسير الداموني 40 سنة في سنوات متفرقة من سجنه الممتد طوال 23 سنة معلّقةً على الكثير منها .

وتضيف:"عندما اعتقلوه وذهبنا لزيارته في المرة الأولى قال إن ضباط التحقيق أحرقوه بالنار هو وكثير من المعتقلين وقالوا لهم ذوقوا كما قتلتم آمنن حرقاً !!" .

حمل العائدون من الاعتقال قصة اعتداء جنود الاحتلال على الداموني فور اعتقاله فقد لكمه أحدهم في عينيه ما أدى لإصابته بجراح خطرة أثرت على نظره حتى الآن .

مكث الداموني في سجون غزة لأسابيع ثم نقل إلى سجن المجدل قبل أن يعرض على المحكمة الإسرائيلية ويحكموه بالسجن 99 سنة .

لازالت أمه تذكر يوم الحكم حين تضيف:"حاول 3 محامين حضور جلسة الحكم لكنهم كانوا يتركون القاعة عندما يعرفون القاضي ويقولوا إنه ظالم حتى نطق القاضي بحكمه 99 سنة"

تنقل بين سجون "شطة-المجدل-مجدو-نفحة-بئر السبع" حيث زارته آخر مرة والدته في سجن نفحة بينما منع الاحتلال شقيقه الأكبر من زيارته .

مريض بالقلب

على الأريكة المجاورة يرقد 3 شبان في مطلع العشرينات يتابعون حديث جدتهم عن ابنها الغائب منذ كانوا في سنوات عمرهم الأولى .

طلب الداموني من والدته عدم زيارته قبل أقل من سنة عندما علم بتدهور حالتها الصحية بعد بقائه مع المعتقلين القدامى الذين لم تشملهم صفقة "وفاء الأحرار" .

عن ذلك تضيف الأم:"آخر مرة طلع اسمي للزيارة قال لي لا تزوريني لأنه علم بتدهور صحتي وكان له مشاكل في السجن ونفسيته تعبانة" .

وتستعين والدة الداموني بزوجة أحد المعتقلين من الضفة المحتلة لترسل له كل ما يطلب من ملابس ومستلزمات .

تتنهّد تنهيدة حارّة قبل أن تتابع:"آخر مرة قال لي إنه متضايق من الأبواب المغلقة وقد أجري عمليتي قسطرة" .

ليلة الفرح

قبيل خروج محرري "صفقة وفاء الأحرار" اجتمعت عائلة الداموني مع بقية أهالي الأسرى ونصبوا عرساً صفقوا وغنوا فيه للمحررين الموشكين على الوصول .

أسندت والدة الداموني رأسها براحتها وتكوّمت أمام منزلها وخاطبتهم قائلةً: "لن يخرج ابني في الصفقة وغداً سترون !! " .

أوعزت الحاسّة السادسة للأم بعد خروج ابنها مع مئات المحررين الذين أمضوا أكثر من عشرين سنة ويوم الصفقة تسللت المرارة لحلقها وتردت حالتها النفسية .

تصاعد الألم دفعة واحدة فأصيبت بـ"جلطة" بعد 3 أيام من الصفقة نقلت على إثرها للمستشفى لتلقي العلاج ومن يومها وهي تعاني .

تعيش شقيقته أحمد الكبرى "أم جابر" تجربة مشابهة فقد اعتقل الاحتلال زوجها في ذات القضية وحكمه 25 سنة تاركاً لها 3 أولاد وبنت لا يتجاوز أكبرهم الخامسة من عمره .

يكرر احمد سؤاله عن أبناء شقيقه الأكبر الذين انقطعوا عن زيارته من سنوات طويلة وعندما تخبره والدته أن الاحتلال يرفض إدخالهم لا يبدي اقتناعاً فهدفه الوحيد رؤيتهم ! .

الجيران والناس

يحدّق سعيد ابن شقيق الأسير الداموني في السقف مستدعياً ذكريات مضى عليها وقت طويل وبقي القليل المختصر منها .

يسمع سعيد 23 سنة كثيراً عن قصص وحكايات عمه أحمد وقد زاره منذ كان صغيراً مرات كثيرة قبل منعه من قوات الاحتلال .

ويضيف:"هو شخص مرح يكثر السؤال عن الجيران ودائماً كان يوصيني بأهلي وأقاربي ولديه أمل دائم بالحرية.. دائماً يقول كمان شهر سأطلع .. كمان أسبوع وهكذا.." .

نشأ سعيد في منزل عمه معتقل وزوج عمته معه في ذات القضية لكنه يرى أن الأخير حاله أفضل فقد أمضى 23 سنة وبقي له سنتان فيما حكم عمه أحمد 99 سنة ! .
ويتابع:"عمي محكوم مؤبد وعمره 40 سنة الآن فكم بقي له في الحياة ؟!! يطلب منّي كثيراً أن نصوّر له أولاد الحارة والجيران حتى يراهم".

تتدخل أم الأسير الداموني مقاطعة حديث حفيدها وهي تقول: " يطلب صورة كل شخص يعرفه ويسألني عن أشياء نسيناها من سنوات وهو يذكرها" .

يحمل سعيد قصصاً عن عمه من داخل السجون فهو دائم على إيقاظهم في الصباح حيث يصنع حلقة من الأسرى ويشرع في إعادة ذكريات المخيم .

ويتابع:"يحاول أن يخفي عنا كثير من معاناته في السجن فقد تعرض للعزل كثيراً أخرها عزله أسبوعين قبل ترحيله للمجدل كما أحرق مرة فراشه وعزل 32 يوم وكثير من القصص" .

ابنة لم ينجبها !

تجمع الداموني علاقة خاصة بابنة شقيقه الأكبر "دعاء" 20 سنة فهو يعتبرها ابنته التي لم ينجبها كما يقولون وكثيراً ما عاش معها حلم الدارسة الجامعية والمستقبل ! .

يقول سعيد إن شقيقته "دعاء" هي ابنة عمه التي لم ينجبها لكنه ربّاها وهو أسير لأنها الوحيدة التي كانت مهتمة به وتكتب له رسائل .

ويضيف:"شعر بالحزن عندما تزوجت دعاء لأنه شعر أنها قلّلت من اهتمامها به وانقطعت رسائلها عنه التي كان يجد فيها السلوى طوال سنوات " .
يتقصّى سعيد أخبار عمه الأسير عبر المحررين أو المتصلين من داخل السجون أو الملمين بقضايا الأسرى وكثيراً ما يطلب منهم عمه الأسير أن يشاركوا في برامج الأسرى عبر الإذاعات المحلية .
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية