ما التقيت بك ايها المجاهد المراغم، رغم مكثي في سجون الاحتلال، سنوات طوال، وكنت في مرات سابقة قد ذقت مرارة الاعتقال الاداري المتواصل، وما فيه من ظلم واجحاف وقهر متجدد.
وقد حاول الاسرى مواجهة الاعتقال الإداري، بكل الوسائل والاساليب، لكنك اخترت الطريق الاصعب، وهو خيار لا يلجأ اليه الا اصحاب الهمم العالية والنفوس السامية، والإرادات الصلبة. وانت واحد منهم لا شك في ذلك.
وانا من غربة الإبعاد، احترم قرارك، واقدر موقفك، وابارك لك، ولاهلك، هذا الصمود والاصرار والتحدي لاجرام السجان، وكلي امل ان تحقق مرادك ومطلبك .
ان الاضراب المتواصل لمدة شهرين او يزيد، يضع الجميع امام مسؤلياتهم، وهو اختبار لقدرة الشعب الفلسطيني بكل قواه ومؤسساته على التضامن مع نفسه، لتحقيق الانجازات ورفع الظلم. ورغم ان المسؤولية الاولى عن حياة خضر تقع على عاتق الاحتلال، الا اننا جميعا نتحمل جزءا من المسؤولية، كل بحسب موقعه وقدرته وامكانياته. والجانب الرسمي الفلسطيني مطالب ببذل جهد اكبر دعما لاضراب الاسير خضر، بالضغط على المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان العالمية، غير ان الاحتلال يتأذى اكثر لو ان السلطة الفلسطينية اوقفت التنسيق الامني معه، او لو هددت بذلك، و هو مطلب شعبي عام متفق عليه في الشارع الفلسطيني .
ان معاناة خضر عدنان هي واحدة من صور الآلام المتعددة، التي يعاني منها الاسرى في سجون الاحتلال. فهناك اخوة لنا محكوم عليهم بالمؤبد مرات متتالية، امضى بعضهم اكثر من ربع قرن دون ان تفتح لهم ابواب الفرج. وهناك العزل الانفرادي حيث يقبع العشرات من الأسرى، وما يزال بعضهم يعاني داخله، منذ اكثر من عشر سنوات. وهناك التنكيل والاذلال والتضييق والحرمان من الزيارة، والاهانة للاهالي، على الحواجز وعلى بوابات سجون الاحتلال. وما يزال الجرح ينزف. والمأساة تطول. والعيون تدمع. والسجان يتمادى والعدو يتغطرس.... وبعضنا ينام في بيته هانئا بين اهله، كأن الامر لا يعنيه.
ليس من المعقول ان يجاهد المقاوم في الميدان، ويخوض في ساحات الوغى، يقف في وجه عدوه، فاذا قدر الله له السجن صرنا ننتظر منه تحرير نفسه بنفسه، ولو من خلال لجوئه الى الموت البطيء .
ان تحرير الاسرى ليست مهمة الأسرى، بل هي واجب على حركات المقاومة في الساحة الفلسطينية. وهي التي اتخذت قرار مواجهة المحتل ووجهت عناصرها لقتاله، وهي التي تتحمل تبعات قراراتها، وفي مقدمتها بذل كل الجهد من اجل تحرير الأسرى، بعزة وكرامة على غرار صفقة وفاء الأحرار، التي حققت انجازاً كبيراً لا ينكر. لكن قضية الاسرى ما زالت قائمة وليس من حق اي قائد فلسطيني ان يغمض عينه، مطمئناً قبل ان يتحرر آخر الاسرى المجاهدين.
درس آخر يعلمنا اياه الاسير خضر عدنان، يتمثل في صمته وصموده، اذ ما عاد يجدي الكلام المنمق والمزخرف.. والتضحية والمقاومة توحد المواقف وتجمع الصفوف. فقد استطاع هذا المجاهد بمفرده ان يجند كل القوى والفصائل الى جانبه دون خلاف او جدال .
وليس كالجهاد، موحداً، ولا كالمقاومة مجمّعة.
لك الله يا خضر. وانا واثق من نصرك على السجان، مهما كانت نتيجة اضرابك، وواثق من فوزك مهما كاد لك اعداؤك.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية