الأسير فراس جرار.. حنين لوليد واشتياق لأميرة ... بقلم : فؤاد الخفش

السبت 23 يونيو 2012

الأسير فراس جرار.. حنين لوليد واشتياق لأميرة

فؤاد الخفش

ربطتني بالأخ فراس جرار علاقة من شكل خاص بدأت حين كان معتقلاً في سجن عسقلان حيث كان يقضي حكماً لستة عشر عاماً أمضاها كاملة، وكان هناك تواصل بينا من خلال هاتف نقال وكنت حينها خارج السجن فعرفني به أخي وحبيبي الأسير معاذ بلال المحكوم بالمؤبد والمعتقل من سنوات طويلة.

وبعد خروجه من ذاك الاعتقال وتنسمه هواء الحرية التقينا, وسرعان ما وجدت نفسي أقترب منه ومن شقيق روحه وخلّه الوفي الأسير علاء أبو خضر والذي أمضى هو الآخر نفس المدة وخرج ليعاد اعتقاله.

اندمج فراس في المجتمع بشكل كبير ,وخلال فترة بسيطة حصل على رخصة قيادة, وبدأ البحث عن شريكة حياته فوفقه الله من الارتباط بأخت فاضلة من عائلة محترمة تحمل درجة الماجستير بالهندسة فدخل قفص الزوجية فأسر قلبه الذي حاول السجان مرات ومرات أن يجعل منه إنساناً بلا قلب لهذا البيت ومن فيه.

ومع الأيام رزق بابنه الأول (وليد) ولهذا الاسم حكاية أخرى تدل على وفاء هذا الرجل لخاله الأستاذ والمحاضر الجامعي ( وليد جرار ), وتعلق قلب فراس بوليد أيّما تعلق ففراس بداخله طفل اعتقل وبعد خروجه من السجن وارتباطه وإنجاب زوجته لوليد خرج من داخله هذا الطفل فكان فراس كثير التعلق بطفله , كثير التحدث عنه والحقيقة أن هذا الطفل أية في الجمال يحبه كل من يراه أسأل الله أن يحفظه.

وفي ليلة من ليالي حزيران شاء الله أن اعتقل, لأجد بعد دقائق قليلة فراس بجواري يصرخ على الجنود من شدة القيد الملفوف به معصمه، في داخلي حزنت بشدة على اعتقال فراس، وآنست نفسي بقولي رفيق جيد في هذا الاعتقال وسارت بنا حافلة الجند وعادت بي و بفراس الأيام كل إلى عالمه.

فراس تذكر ليلة اعتقاله قبل ما يزيد عن التسعة عشر عاماً وتذكر التحقيق والكلبش والسجون التي مر بها وكيف مرت تلك الأيام وساعة الإفراج عنه واستقبال الناس، وتذكر لحظة وداعه لوليد الذي قبّله دون أن يدرك وليد ابن العام ونصف العام أن والده معتقل.

فراس وحده الذي كان يشعر بألم فراق وليد، لا أريد أن أقول وأنا كذلك كنت أشعر بما يشعر به فراس فمن يعرف فراس يعلم مدى حبه لعائلته وبيته وزوجته وأطفاله.

فراس كان يفكر بزوجته الحامل والتي تحمل في أحشائها طفلة اتفق مع زوجته مسبقاً تسميتها (أميرة) تيمّنا باسم والدته الصابرة التي قاست وعانت طوال عقد ونصف العقد ألم الزيارة والبعد عن فراس.

أتت أميرة إلى الدنيا.. والوالد مغيب خلف القضبان رهين الاعتقال الإداري المتجدد، وأتى الوقت الذي تجد زوجة فراس نفسها تعاني آلام المخاض بعيداً عن زوجها, وتسمع أول صرخة لطفلتها أميرة التي تعلق قلب أبيها فيها دون أن يراها، وأصبحت الصورة هي الزائر الجديد لفراس وهو داخل الأسر, وهنا شهادة أخرى أن أميرة لها من اسمها نصيب فالطفلة آية في الجمال أسأل الله أن يحفظها ويخرج أباها.

هذا الاعتقال كان أصعب على فراس من الاعتقال السابق والذي أمضى فيه كما قلت ستة عشر عاماً والسبب أن لفراس زوجة وأولاد يحبهم ويحبونه تعلق بهم وأصبحت الحياة دونهم صعبة وقاسية، فالفرق ما بين أسر إنسان متزوج وآخر غير متزوج كبير, يشهد بذلك كل من جرّب الأسر واكتوى بنار فراق الزوجة الأطفال وسبحان من خلق هذه القلوب.

فراس المحبوب من جميع رفاقه صاحب الشخصية القوية, تغوص في أحلامه لحظة الإفراج وعناق وليد وتذكيره بأبيه حيث وليد اليوم لم يعد يذكره بالرغم من ذكر اسمه في كل ساعة, الأمر الذي يحرق قلب الأم والجدة حين تستمع لطفلها ينادي والده دون أن يجيب الأب.


وليد الذي يحمل صورة والده وينادي على اسمه بحاجة إلى وقت ومجهود كبير من فراس ليعتاد عليه ولكنه بالنهاية سيكسر فراس الفجوة ويعيد وليد ليتمرغ على صدر أبيه كما كان ينسيه ألم السجن وفراقه والبعد عنه.

حكاية الآباء مع أطفالهم والبعد عنهم خصوصاً من أمضى فترات طويلة بالأسر حكاية يجب التوقف عندها ونقلها لمن يحب أن يدخل إلى هذا العالم, أضعها اليوم بين أياديكم لنشعر بمعاناة فراس ببعده عن وليد وباحتياج وليد لأبيه الأسير سائلاً الله جل في علاه أن يفرّج كرب الصديق والحبيب فراس حفظه الله.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية