الإخوان المسلمين وحماس.. هل هناك فرق؟!...بقلم : عماد عفانة

الثلاثاء 19 فبراير 2013

الإخوان المسلمين وحماس.. هل هناك فرق؟!

عماد عفانة

ليس بالضرورة أن يلجأ بعض الكتاب لمؤلف (سر المعبد) الذي أصدره المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين منذ سنوات ثروت الخرباوي لإثبات أن هناك فرق بين جماعة الإخوان المسلمين وحماس.

ورغم أنه من المعلوم من المنطق بالضرورة أن كل مؤلف لمنشق عن أي حزب أو جماعة التي انشق عنها لن يكون موضوعيا ولا يتمتع بتلك المصداقية التي يتمتع بها أي مؤلف لمؤرخ محايد عن أي جماعة أو حزب أو حركة سياسية أو دينية في العالم.

إلا أنه يحلو لبعض الكتب القوميين وصف الخرباوي وكتابه وأسلوبه بالأدب ووصف تحليله أنه دون تطاول أو تسويف ، وأنه يتحدث عن الصراع المحتدم داخل الجماعة بين تيار سيد قطب التكفيري المتعصب وبين تيار حسن البنا الليبرالي المعتدل.

وفي الوقت الذي تعتبر فيه جماعة الإخوان المسلمين نفسها حركة قومية كون القومية والوطنية جزء لا يتجزأ من الدين الإسلامي الذي نص صراحة على القيم الوطنية والقومية التي تأبى الذلة والخنوع للأجنبي والتي تسعى للارتقاء القومي إلى مصاف الأمم المتقدمة، والتي تتخذ من الوطنية القومية رافعة للأعمال النضالية ضد كل أشكال الاستعمار كما الاستحمار الأجنبي لبلادنا ولزعمائنا، وأن العلاقة مع القوميين هي علاقة تكامل وليس علاقة صراع.

إلا أن بعض الكتاب القوميين قد عبروا عن سرورهم كثيرا بقراءة هذا الكتاب بل وبلذة الانتقام من هذا التيار، لأن القوميين ينظرون إلى علاقتهم بجماعة الإخوان كعلاقة صراع وليس علاقة تكامل متخذين علاقة بعض الزعماء القوميين العرب مثل عبد الناصر وبشار الأسد منطلقا لهذه العلاقة، حيث قام بعد الناصر بقمع جماعة الإخوان وعلق لهم المشانق وزجهم في السجون ، فيما قام القومي بشار الأسد بتدمير مدينتين سوريتين- حماة وحلب- فوق رؤوس ساكنيها بداعي القضاء على جماعة الإخوان المسلمين.

في امتنا العربية زعماء كثر اتخذوا من القومية والقوميين مطية لفرض حكم دكتاتوري على شعوبهم دام لعشرات السنين أمثال عبد الناصر والأسد والقذافي ومبارك الذي ورث حكم مصر زعيمة القومية العربية.

وفي امتنا اندلع الربيع العربي ضد هؤلاء الزعماء القوميين الذين انطبع عصرهم بعصر الدكتاتورية والتبعية للغرب – سواء غربيا أو شرقيا لا فرق- حيث نجح هؤلاء الزعماء في الجمع ما بين المتناقضات في سيرالية للحكم دفعت بعض القوميين إلى اللجوء إلى أفكار الغرب في وصف الربيع العربي الذي جاء للقضاء على هذه الدكتاتوريات مثل وصف تشومسكي وفيليب تشيمتر للربيع العربي بأنه ربيع تحت إشراف المزرعة الامبريالية الأمريكية، أو على الأقل من الناحية الاقتصادية .

وعليه هل بات السجال بين الإخوان المسلمين الصاعدة لمقاعد الحكم في بلاد الربيع العربي وبين التيارات القومية صراعا وصل إلى حد تهديد خطر الحضور العربي على الساحة الدولية حسب وصف البعض ..!!

وكأن العرب وحضورهم على الساحة الدولية خلق ليكون من نصيب القوميين ومحظور على الإسلاميين رغم عروبتهم، وعلى الرغم من إن القوميين حجزوا بدكتاتورتيهم المقاعد الدونية في سلم الحضور والتقدم العربي على السلم العالمي للحضارة لعشرات السنين ..!!

اتفق مع بعض الكتاب "بأن فشل تجربة الإخوان المسلمين في الحكم سيكون كارثيا على صعيدنا كعرب أمام العالم وسيؤدي إلى تعزيز نظرة الازدراء من الغرب إلى المنطقة وتكالب الأطماع الاستعمارية وسيكون مصيبة من مصائب القدر التي ستحل على رؤوسنا جميعا من الناحية الاقتصادية والسياسية والحضارية ، فلا يتعجلّن احد من القوميين سقوط تجربة الإخوان بهذه الطريقة لأنه الخسارة ستكون كارثية على الجميع"، وأضيف نصيحة للقوميين بارتضاء صناديق الاقتراع وسيلة لتداول الحكم واعتماد لغة الحوار لا الشارع أو العنف طريقة للوصول إلى صناديق الاقتراع .

هناك فرق بين الإخوان المسلمين وحركة حماس ، تمام كالفرق بين الرأس والجسد، أو الفرق بين الرمح ورأسه .

فحركة حماس هي الذراع المسلح المقاوم المناضل المجاهد - أو قل ما شئت- لجماعة الإخوان المسلمين، التي تتولى الدفاع عن فلسطين وعن حق العرب والمسلمين في أرض فلسطين كونها وقف إسلامي لكل مسلم على مر التاريخ، وذلك من منطلق وطني وقومي ثم إسلامي كون الإسلام المظلة الراعية لكل قيم الفضيلة الوطنية والأخلاقية في تاريخ البشرية.

واثني على قول البعض "بأن حماس تجربة حميدة وجديرة بكل الاحترام"، إلا أني وفي ذات الوقت استهجن عدم تفهم البعض رغم ثقافتهم ووعيهم وفطنتهم لما حدث في غزة 2007م رغم إقرارهم بأن السبب تلك المجموعات العنيفة الجاهلة التي احتضنها ورعاها بعض بارونات الأمن الفلسطيني.

وأتساءل:هل يمكن وصف دفاع الرجل عن نفسه وعن بيته وعن عائلته وعن أمواله بأنه انقلاب من الضحية على اللص القاتل السفاح..!!

صحيح أن نتائج ما حدث صيف 2007م "لا تزال راهنة ولا نزال ندفع ثمنها حتى اليوم وفي كل بيت وعلى حساب وحدة الجغرافيا ووحدة السكان".

إلا أن البعض لما يتعلم الدرس بعد وما زال يعتبر الوطن مزرعة خاصة لحزبه، وأن الشرعية الدولية أو الإقليمية أو حتى العربية والتي تمثلها منظمة التحرير ما زالت حكرا عليه من دون إخوتهم في النضال من كل الفصائل الأخرى وخاصة حماس لذلك فهو يماطل ويماطل كي لا تدخل حماس منظمة التحرير فتستحوذ عليها.

حماس حركة تحرر وطني تقاوم الاحتلال وتواصل التخندق في معركة المصير والاستقلال ، تماما كجماعة الإخوان التي تسعى لخلق منهاج حكم آخر مختلف عن المنهاج القومي أو الماركسي أو التكنوقراط، منهاج حكم عادل تحكمه قيم الفضيلة التي غرسها الحكم النبوي والخلفاء الراشدين من بعده.

فجماعة الإخوان المسلمون حركة مناضلة مجاهدة وليس من الإنصاف للكتاب القوميين أن يغمطوا حق جماعة الإخوان أو أن ينكروا ما سطره التاريخ حول جهود ونضالات وانتصارات كتائبهم المجاهدة في فلسطين إذ لولا التآمر الغربي والتجبر العربي لنظام الخديوي في حينه وصفقات السلاح الفاسد الشهيرة لأكمل الإخوان مشروع منع إقامة كيان للعدو على ارض فلسطين.

وما زالت جماعة الإخوان المسلمين تمثل الظهير الحقيقي للجهاد على أرض فلسطين تشارك في معركة فلسطين عبر ذراعها المتقدم حركة حماس ، وما زالت تقدّم لفلسطين أكثر من أي جماعة أخرى في العالم.

غير أن دواعي النزاهة تقتضي التسجيل هنا إلى أن العلمانيين والقوميين الذين تحكموا في رقاب الشعوب على مدارة السنوات الطويلة الماضية، والذين هب ثوار الربيع العربي لمسحهم عن خارطة الحكم في البلاد العربي ها هم يلبسون عباءة المعارضة أملا في إفشال تجارب الحكم الجديدة عبر إغراقها بالفوضى تماما كما يحدث الآن في كل من ليبيا وتونس ، ومصر أملا في إضفاء صبغة الفشل على تجربة الحكم لجماعة الإخوان في هذه البلدان، الأمر الذي يتقاطع مع رغبات وتوجهات وجهود دول كثيرة في عالمنا العربي، ويتقاطع مع جهود دول غربية عظمى للحيلولة دون وصول الربيع العربي إلى بلدانهم فيهدد كراسيهم كما يهدد المصالح الغربية على حد سواء.

إن ربط تجربة حركة حماس بتجربة الإخوان المسلمين هو أكثر ما يشرف قيادة حماس التاريخية كما يشرف جماعة الإخوان فلكلاهما جسد واحد لا ينفصل، وان "اعتبار البعض أن ما يفعله خالد مشعل يعتبر ذكاء سياسيا مذهلا ، وان قرار قيادة حماس التوجه إلى منظمة التحرير من اجل الشراكة النضالية والسياسية سيكون اكبر شبكة أمان للحركة من التعويم أو التذويب أو التعريب أو التدويل" لهو من صميم سياسة جماعة الإخوان التي تتيح لكل فرع من فروعها في مختلف دول العالم أن تتبع ما ترتئيه من سياسات وتحالفات تحافظ على مصالح البلاد والعباد .
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية