الإعلام المصري وهاجس غزة!
لمى خاطر
حين كان الإعلام المصري في عهد النظام السابق يتفنّن في تدبيج الافتراءات ضد غزة وحركة حماس؛ كنّا نتصور أنه إنما يستفيد من إحكام سيطرته وقبضته على وسائل الإعلام، لكي يُشيطن الفلسطيني المقاوم ويمنح نفسه المبررات أمام الرأي العام لإدامة حصار غزة.
غير أن استمرار الإعلام حتى بعد سقوط النظام السابق بوتيرة الفجور نفسها في صناعة الاكاذيب وترويجها لا يعني فقط استمرار أدوات النظام السابق ذاتها في إدارة مؤسسات الإعلام، بل كذلك أن هذا الإعلام يجد له قاعدة معتبرة ممن يصغون له ويصدّقون أخباره، ولنا أن نلاحظ كيف روّجت وسائل الإعلام تلك، حتى مدعية الانتساب للثورة، لأكذوبة دخول آلاف من أفراد كتائب القسام إلى مصر لمساندة الرئيس المصري!
أكذوبة من هذا الطراز لا تبدو صفيقة ووضيعة وغير قابلة للتصديق وحسب، بل يضاف إلى ذلك حجم الانسلاخ عن الهوية العربية والهم العربي عموماً لدى غالبية النخب الإعلامية والسياسية التي تحمل اليوم لواء المعارضة لأجل المعارضة، وفي سبيل النكاية بالرئيس وجماعة الإخوان ومناكفتهم من جهة، وإبقاء الشارع في حالة احتقان وانفلات من جهة أخرى، مع تحميله أرتالاً من الأحقاد تجاه الفلسطيني المقاوم ممثلاً بكتائب القسام التي ينسج الإعلام المصري حول (مخططات) قادتها ما لا يخطر على بال عاقل!
ويبدو أن الإعلام المصري قد ورث كلّ المخلفات النفسية والأخلاقية الرديئة التي طبعت النظام السابق، وهو ما زال عاجزاً عن خلع ثوب التضليل والإمعان في الكذب في سبيل غاياته الرخيصة، فما دام هناك من هو مستعد لتصديق رواياته وترويجها فلا بد أن يستعذب هذا الدور ويتمادى فيه. وكم من الاخبار التي تبثّ عبر الفضائيات والصحف وتتناقلها منابر أخرى وتنتشر كما النار في الهشيم في الفضاء الإلكتروني ثم يتبين أنها مجرد أكاذيب صُنعت صناعة دون أن يكون لها أساس.
مثل هذا الدور الإعلامي الهادف لتضليل الرأي العام والتأثير عليه رغماً عن الحقيقة والمنطق لا بدّ أن يواجه بقانون يردعه، فليس للإعلام قداسة تجعله محصناً ضد المساءلة حين يتجاوز دورُه حريةَ التعبير ليحترف الكذب والتزوير، ويصبحان دعامته ومنطلقه.
أما إقحام غزة وحركة حماس في الشأن المصري وإشكالاته الداخلية بمثل هذا الشكل السافر فهو يشير إلى ما هو أبعد من استثمار قابلية الناس لتصديق الأكاذيب، وهنا علينا أن نفتّش عن المستفيد الحقيقي من التحريض على حصار غزة، ومن إفساد علاقات النظام والشعب المصري بحركة حماس، ومن خلفها مشروع المقاومة، وتعزيز الانسلاخ عن الهم العربي عموماً والهم الفلسطيني خصوصا، وهذا ليس محض مصادفات بكلّ تأكيد!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية