الابتزاز السياسي لفصائل منظمة التحرير
حسام الدجني
ثقافة الابتزاز مارسها المانح الدولي منذ تأسيس السلطة الفلسطينية، وكان الابتزاز عبر ربط المساعدات الدولية بمطالب أمنية وسياسية واقتصادية، وهذا ليس بالشيء الغريب، فالمساعدات الدولية هي أداة من أدوات السياسة الخارجية للدول، ولابد من استثمارها من قبل الدول المانحة من أجل تحقيق مصالحها وأهدافها القومية، وعلى الدول الفقيرة التي تعتاش على المساعدات قبول هذا النوع من التبعية.
وفعلاً قبلت قيادة السلطة الفلسطينية على نفسها هذا النوع من التبعية، وبدأت بتنفيذ الالتزامات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي قطعتها على نفسها حتى وصل المجتمع الفلسطيني لحالة من الانقسام، ووصل المشروع الوطني لحالة من التأزم.
ولكن أن يمارس الرئيس محمود عباس تلك السياسة مع فصائل قوى اليسار التي تشاركه قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وهذا ما كشفه أمين عام حزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي بقوله إن انخراط اليسار في الحراك الاجتماعي بالضفة الغربية والأزمة المالية الخانقة للسلطة الفلسطينية هما ما دفعا الرئيس محمود عباس لوقف المخصصات المالية لفصائل المنظمة، وفي حال صح هذا القول فإن ذلك يشكل سابقة خطيرة في العمل المشترك، وثقافة جديدة على المجتمع الفلسطيني تتمثل بشراء المواقف والذمم، وهذا له سبب واحد ووحيد يتمثل في ضعف وترهل مؤسسات منظمة التحرير، كون تلك الفصائل تتلقى مخصصاتها من الصندوق القومي التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وليس وزارة المالية، ومن هنا تأتي الخطورة في تقزيم مكانة المنظمة لصالح السلطة بذريعة الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها السلطة والتي دفعتها لترتيب أولوياتها من جديد.
ما حدث مع فصائل منظمة التحرير يحتاج إلى وقفة وطنية لإعادة إحياء هذا الجسم الجامع المعبر عن القضية الفلسطينية وعن المشروع الوطني التحرري، لذا على فصائل اليسار العمل الجاد لتشكيل لوبي ضاغط على قيادة السلطة الفلسطينية لإعادة الاعتبار للمنظمة، لا تذويبها في بوتقة السلطة، وهو هدف إقليمي دولي لتصفية القضية الفلسطينية وأوجه التصفية متعددة، وربما يشكل ضعف المنظمة وغياب العملية الديمقراطية عن مؤسساتها أحد مؤشرات أزمة المشروع الوطني.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية