الانتحار السياسي والحكم القادم للضفة
محمد القيق
التطفل في السياسة من أبشع الصور التي يسجلها التاريخ على الأحزاب وحركات التحرر، وهنا التمييز واضح بين الدعم والإسناد وبين التطفل لما للمعنى الأول من فائدة وتحصين، وللمعنى الثاني من ضرر يصيب الطرف الذي تم التطفل عليه، ولعل حكاية الفلسطينيين فيها الكثير من العوار السياسي الذي أجبر عليه الشعب رغما عنه تحت وطأة نعرة الوطنية أو غيرها من أساليب البطش، فالدماء التي تسيل في سوريا تجعل كل حر وشريف وشجاع ينفض بشار الجزار لا أن يتم احتضانه وتقبيله وتبني موقفه، وهنا يطال حديثي أشخاصا وأحزابا منها إسلامية وأخرى علمانية وغيرها إلى أن نصل إلى السلطة الحاكمة في الضفة.
كما أن دماء المصريين عار في جبين من أيد السيسي والانقلابيين على سفكها سواء برفع صوره والهتاف له أو في قمع مسيرات خرجت لنصرة المظلومين على يده، حتى بات الأمر واضحا أننا أمام حالة انتحار سياسي يراد من خلالها أن يصل العاجزون إلى أهداف سواء سياسية أو مصالح حزبية على حساب الآخرين لتكون قمة التطفل تلك الحالة لأنها مشاركة واضحة في سفك الدماء ومباركتها.
لذلك نحن أمام مفترق كبير لمن تقمص هذا الدور غير الأخلاقي؛ والمقاومة والتحرر بريئة من تلك الشبهات وهذا يقودنا إلى أن الحكم القادم في الضفة الغربية سيكون أساسه التغير الجوهري أو التعمق في نصرة الظالم وانعكاسه على التطبيق الفعلي في الداخل الفلسطيني.
ما تقوم به حركة فتح والسلطة من تجييش ضد وسيلة إعلامية تارة أو شخص أو كاتب تارة أخرى أو دعم لمواقف انقلابيين هنا أو جزارين هناك مؤشر على أن الحركة تدخل مرحلة التطفل السريع ظنا منها أنها تسير وفق سياسة إقليمية، غير أن رأيا آخر يجب أن يكون محل دراسة لأن التاريخ سيسجل على قيادة تلك الحركة أنه انتحار سياسي وبصورة دراماتيكية؛ فمباركة انقلاب على شرعية منتخبين في مصر هو رأس الانتحار وغيرها من المواقف، ولم نسمع حتى اللحظة عن تجييش مسيرات لنصرة الأسرى أو المسجد الأقصى المبارك أو مشاريع الضم والاستيطان وكرست الحركة جهدها الشعبي لنصرة أطراف إقليمية لتعزيز الدعم لهم.
الشعب الفلسطيني حر لا يقبل ظلم شعوب أخرى ولو كان هذا حال كل الشعب لرأينا حركة حماس تقيم في سوريا وتصفق للجزار بعد كل مجزرة، إلا أنها قالت كلمة الحق ولحقها وأفرادها ومصالحها من الضرر ما لحقها، لذا كانت المصلحة العليا هي الأمثل لأن التاريخ الصحيح غير المزيف للثورات لا يبنى على دماء الآخرين أو الشعوب المقهورة لأنه يصبح تحريرا صوريا كما أوسلو التي أوهمت الفلسطينيين أنها منحتهم دولة وإذا بهم في سجون كبيرة.
المرحلة المقبلة لن يكون فيها رابحون كثر لأن المواقف تقود للأفعال وما أعلنته السلطة وحركة فتح ضمنيا أو بصورة مباشرة من دعم للانقلاب في مصر وبشار الجزار في سوريا سيقودها إلى تطبيق فعال لعل بعضها برز في تصاعد الاعتقالات أو الاعتداء بالضرب على المسيرات وقمعها ليضاف إلى ذلك الرضا بأي منتوج سياسي يفرض عليها وإلا فإن مصيرها النسيان، وهذا يقودنا إلى ضرورة مراجعة حركة فتح الحسابات قبل فوات الأوان خاصة في النهج الإقليمي وحماية الحركة وإنجازاتها الوطنية من التهشم أو التشوه والانغماس في مخططات جديدة وتداعياتها خاصة ضد غزة، وإن لم تشعر فتح بناقوس الخطر الحالي فإن التمادي سيجعلها من حيث تدري أو لا تدري شريكة في خطة ضد شعبنا في قطاع غزة وهذا أخطر بكثير سيؤدي إلى دفنها بعد أن انتحرت سياسيا.
فالمصالحة وفق ما أفرزته انتخابات 2006 والتوافق والرضا بحكم الآخر هو الحل أمام حركة فتح للعودة قبل فوات الأوان لأن الرهان على الحالة الإقليمية وبهذا التوقيت هو قمة الانتحار السياسي نظرا لتغيير واختلاط الأوراق، أنصح الحركة بهذا حرصا على النسيج الوطني إلا إذا كانت تخطط للإقصاء والاستفراد، فإن ما يثبت ذلك في المرحلة المقبلة استمرار النهج الحالي الداخلي والخارجي وهذا سيجعل الواقع المستقبلي للمصالحة صعبا جدا لأن الحالة الآن تختلف عما كان عليه الحديث قبل شهور قريبة؛ أو لحظة أن تمس غزة بأياد عربية.
ولعل الحكم القادم في الضفة الغربية ومن خلال ممارسات حركة فتح يبنى على التغيرات الإقليمية وبالتالي بعد أن كشف الكل عن موقفه وفي حال عدم التراجع فإن الحاكم في الضفة الغربية سيكون بلون الحاكم في مصر إذا أخذنا بمعادلة فتح؛ فماذا لو عاد مرسي للحكم بعد تعري المواقف؟ فهل سيفرض على الأطراف قبول نتيجة انتخابات 2006 التي غيبت وبفعل تغير الألوان الحاكمة في مصر؟ خاصة وأن الانقلاب الدموي يفشل يوما بعد يوم وأن المفاجآت القادمة على صعيد تهدم أركانه ستجعل من عودة مرسي أمرا حقيقيا وهذا سيغير الخريطة التي حاول الكثيرون طمسها بمجزرة هنا أو تضليل هناك أو تغليف بعباءة قومية وأخرى وطنية وبعضها دينية، حينها لا تصلح المصالحة ما أفسده الانتحار السياسي.
محمد القيق
التطفل في السياسة من أبشع الصور التي يسجلها التاريخ على الأحزاب وحركات التحرر، وهنا التمييز واضح بين الدعم والإسناد وبين التطفل لما للمعنى الأول من فائدة وتحصين، وللمعنى الثاني من ضرر يصيب الطرف الذي تم التطفل عليه، ولعل حكاية الفلسطينيين فيها الكثير من العوار السياسي الذي أجبر عليه الشعب رغما عنه تحت وطأة نعرة الوطنية أو غيرها من أساليب البطش، فالدماء التي تسيل في سوريا تجعل كل حر وشريف وشجاع ينفض بشار الجزار لا أن يتم احتضانه وتقبيله وتبني موقفه، وهنا يطال حديثي أشخاصا وأحزابا منها إسلامية وأخرى علمانية وغيرها إلى أن نصل إلى السلطة الحاكمة في الضفة.
كما أن دماء المصريين عار في جبين من أيد السيسي والانقلابيين على سفكها سواء برفع صوره والهتاف له أو في قمع مسيرات خرجت لنصرة المظلومين على يده، حتى بات الأمر واضحا أننا أمام حالة انتحار سياسي يراد من خلالها أن يصل العاجزون إلى أهداف سواء سياسية أو مصالح حزبية على حساب الآخرين لتكون قمة التطفل تلك الحالة لأنها مشاركة واضحة في سفك الدماء ومباركتها.
لذلك نحن أمام مفترق كبير لمن تقمص هذا الدور غير الأخلاقي؛ والمقاومة والتحرر بريئة من تلك الشبهات وهذا يقودنا إلى أن الحكم القادم في الضفة الغربية سيكون أساسه التغير الجوهري أو التعمق في نصرة الظالم وانعكاسه على التطبيق الفعلي في الداخل الفلسطيني.
ما تقوم به حركة فتح والسلطة من تجييش ضد وسيلة إعلامية تارة أو شخص أو كاتب تارة أخرى أو دعم لمواقف انقلابيين هنا أو جزارين هناك مؤشر على أن الحركة تدخل مرحلة التطفل السريع ظنا منها أنها تسير وفق سياسة إقليمية، غير أن رأيا آخر يجب أن يكون محل دراسة لأن التاريخ سيسجل على قيادة تلك الحركة أنه انتحار سياسي وبصورة دراماتيكية؛ فمباركة انقلاب على شرعية منتخبين في مصر هو رأس الانتحار وغيرها من المواقف، ولم نسمع حتى اللحظة عن تجييش مسيرات لنصرة الأسرى أو المسجد الأقصى المبارك أو مشاريع الضم والاستيطان وكرست الحركة جهدها الشعبي لنصرة أطراف إقليمية لتعزيز الدعم لهم.
الشعب الفلسطيني حر لا يقبل ظلم شعوب أخرى ولو كان هذا حال كل الشعب لرأينا حركة حماس تقيم في سوريا وتصفق للجزار بعد كل مجزرة، إلا أنها قالت كلمة الحق ولحقها وأفرادها ومصالحها من الضرر ما لحقها، لذا كانت المصلحة العليا هي الأمثل لأن التاريخ الصحيح غير المزيف للثورات لا يبنى على دماء الآخرين أو الشعوب المقهورة لأنه يصبح تحريرا صوريا كما أوسلو التي أوهمت الفلسطينيين أنها منحتهم دولة وإذا بهم في سجون كبيرة.
المرحلة المقبلة لن يكون فيها رابحون كثر لأن المواقف تقود للأفعال وما أعلنته السلطة وحركة فتح ضمنيا أو بصورة مباشرة من دعم للانقلاب في مصر وبشار الجزار في سوريا سيقودها إلى تطبيق فعال لعل بعضها برز في تصاعد الاعتقالات أو الاعتداء بالضرب على المسيرات وقمعها ليضاف إلى ذلك الرضا بأي منتوج سياسي يفرض عليها وإلا فإن مصيرها النسيان، وهذا يقودنا إلى ضرورة مراجعة حركة فتح الحسابات قبل فوات الأوان خاصة في النهج الإقليمي وحماية الحركة وإنجازاتها الوطنية من التهشم أو التشوه والانغماس في مخططات جديدة وتداعياتها خاصة ضد غزة، وإن لم تشعر فتح بناقوس الخطر الحالي فإن التمادي سيجعلها من حيث تدري أو لا تدري شريكة في خطة ضد شعبنا في قطاع غزة وهذا أخطر بكثير سيؤدي إلى دفنها بعد أن انتحرت سياسيا.
فالمصالحة وفق ما أفرزته انتخابات 2006 والتوافق والرضا بحكم الآخر هو الحل أمام حركة فتح للعودة قبل فوات الأوان لأن الرهان على الحالة الإقليمية وبهذا التوقيت هو قمة الانتحار السياسي نظرا لتغيير واختلاط الأوراق، أنصح الحركة بهذا حرصا على النسيج الوطني إلا إذا كانت تخطط للإقصاء والاستفراد، فإن ما يثبت ذلك في المرحلة المقبلة استمرار النهج الحالي الداخلي والخارجي وهذا سيجعل الواقع المستقبلي للمصالحة صعبا جدا لأن الحالة الآن تختلف عما كان عليه الحديث قبل شهور قريبة؛ أو لحظة أن تمس غزة بأياد عربية.
ولعل الحكم القادم في الضفة الغربية ومن خلال ممارسات حركة فتح يبنى على التغيرات الإقليمية وبالتالي بعد أن كشف الكل عن موقفه وفي حال عدم التراجع فإن الحاكم في الضفة الغربية سيكون بلون الحاكم في مصر إذا أخذنا بمعادلة فتح؛ فماذا لو عاد مرسي للحكم بعد تعري المواقف؟ فهل سيفرض على الأطراف قبول نتيجة انتخابات 2006 التي غيبت وبفعل تغير الألوان الحاكمة في مصر؟ خاصة وأن الانقلاب الدموي يفشل يوما بعد يوم وأن المفاجآت القادمة على صعيد تهدم أركانه ستجعل من عودة مرسي أمرا حقيقيا وهذا سيغير الخريطة التي حاول الكثيرون طمسها بمجزرة هنا أو تضليل هناك أو تغليف بعباءة قومية وأخرى وطنية وبعضها دينية، حينها لا تصلح المصالحة ما أفسده الانتحار السياسي.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية