البروفيسور عبد الستار قاسم: الخروج من المأزق الفلسطيني يتأتى بحل السلطة
رأى المحلل والمفكر الفلسطيني البروفيسور عبد الستار قاسم أن الحل والخيار الأمثل للخروج من المأزق الفلسطيني بكافة أشكاله "لن يتأتى إلا بحل السلطة الفلسطينية وتشكيل هيئة وطنية لإدارة شئون السكان".
وأشار قاسم في مقابلة خاصة معه إلى أن "الحل يكمن بالعودة للجذور، بحيث تتوقف السلطة والأجهزة الأمنية عن عملها، وتتسلم هيئة وطنية إدارة شئون السكان، وأن يكون الأمن الوطني من مسئولية الفصائل الفلسطينية في إطار سياسة أمنية جديدة".
وفيما يتعلق بالزيارة المقررة للرئيس الأمريكي باراك أوباما المقررة في العشرين من الشهر الجاري، لفت قاسم النظر إلى أن تلك الزيارة لن تحقق أي شيء للفلسطينيين، داعيا السلطة في رام الله لعدم تعليق أية آمال عليها.
وأشار إلى أن القضية الفلسطينية ربما ستكون في آخر قائمة مواضيع النقاش بين الرئيس الأمريكي ورئيس الحكومة الصهيونية، حيث أن الرقم الأول سيكون إيران، فما يقلق واشنطن والكيان هو التطور التقني الإيراني وأيضا التطور في المسألة النووية.
وأوضح قاسم أن القضية الفلسطينية لن تأخذ متسعا من الوقت خلال لقاء أوباما ونتنياهو، حيث لا يوجد هناك ما يزعج الكيان الصهيوني بالنسبة لسياساتها التقليدية بالضفة الغربية، وكل ما يجري عبارة عن مظاهر غضب في بعض المناطق والقرى لا تؤثر بالسياسات الصهيونية.
وفي إطار حديثه حول الوضع الفلسطيني الداخلي؛ أكد قاسم على أن المصالحة الفلسطينية لن تتم إلا بحل جذور الانقسام، وتقديم المسببين به للمحاكمة.
وأضاف: "إذا أرادت السلطة معالجة جذور الاقتتال فستبيد نفسها، لأنه إذا أردنا أن نحاكم المسببين بالاقتتال فسيتم عرض عدد من الأشخاص للمحاكمة، والسلطة لا تجرؤ على ذلك وبالتالي المشكلة ستبقى معلقة والانقسام سيبقى قائما".
وتحدث قاسم خلال المقابلة عن مستقبل القضية الفلسطينية ورؤيته للخروج من المأزق الحالي، إضافة لحقيقة المفاوضات بين السلطة والكيان الصهيوني، كما تطرق في حديثه للثورات العربية وانعكاسها على القضية الفلسطينية.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة.
- بداية وفيما يتعلق بزيارة أوباما للمنطقة، ما هو المرجو من تلك الزيارة وما أهم الملفات التي ستطرح خلالها؟
أولا: يجب أن نأخذ بالاعتبار أنه ربما تكون القضية الفلسطينية هي في آخر قائمة مواضيع النقاش بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء "الإسرائيلي"، الرقم الأول سيكون إيران، من يقلق الولايات المتحدة و"إسرائيل" هو التطور التقني الإيراني وأيضا التطور في المسألة النووية، وهذا يهتم به العالم الغربي بصورة عامة وبالتالي سيكون هناك تنسيق بالجهود أو تفاهم أوسع حول كيفية مواجهة إيران خاصة أن "إسرائيل" لا ترى أن في العمل الدبلوماسي حلا يمكن أن يوقف إيران عن الاستمرار في المسألة النووية.
ربما يكون هناك تطلع, خاصة من قبل "إسرائيل" بالقيام بعمل عسكري عند حد معين، وهذا الحد المعين يعني هل إيران على وشك تصنيع القنبلة النووية أم لا والضربة ممكن تأتي أم لا، هذا المفصل إذا ما كان هناك ضربة عسكرية و"إسرائيل" تصر عليها، أما الولايات المتحدة تحاول أن تتجنبها ولهذا سيكون هناك تنسيق على أية حال.
المسألة الثانية التي يمكن أن يتم التطرق لها بين أوباما ونتنياهو هي الثورات العربية وخاصة في سوريا، فلا شك أنها ستغير المعادلة في المنطقة من عدة جوانب، الجانب الأول: أن عددا من الحكومات التي كانت مطية للولايات المحتدة الأمريكية ومتحالفة مع "إسرائيل" غابت عن الساحة، خاصة في تونس ومصر.
ثانيًا: إن جماعة الإخوان المسلمين تفوز بالانتخابات وهذه الحركة صحيح أنها لن تعادي الغرب لكنها أيضا لن تكون مطية لأهل الغرب، ستحاول أن تتبع سياسة استقلالية وربما تؤثر على بلدان عربية أخرى وتخل بالتوازنات التقليدية الموجودة بالمنطقة من ناحية التحالف – تحالف الحكام العرب مع الدول الغربية- وأيضا تقربهم من "إسرائيل" وأيضا هذا سيؤثر على الميزان العسكري، هذه الدول ربما تسعى إلى مراكمة قوة عسكرية, وأيضا أن تلتزم بمقتضيات القضية الفلسطينية, لأن هذه حركات إسلامية والمفروض أنها تسعى إلى تحرير المقدسات والأرض العربية الإسلامية, وبالتالي سيكون لها التزام أوسع مع المقاومة الفلسطينية مستقبلا.
- ما الذي سيطلبه محمود عباس والجانب الفلسطيني من أوباما؟
سيطلبون منه الضغط على "إسرائيل" لأجل وقف الاستيطان، فقط.
- هل فعلا كما يقال أن زيارة أوباما بروتوكولية ولا تحمل أي جديد؟
أعتقد أنها لا تحمل أي جديد، لكنني اعتقد أن نتنياهو سيقول عبارتين ترضي الرئيس الأمريكي دون أن يكون هناك التزام يترتب عليها، وبدوره الرئيس الأمريكي ينقلها لرئيس السلطة ويقول له أن "إسرائيل" لن تتمدد بمستوطنات جديدة وأنها ستبقى داخل المستوطنات القائمة، بمعنى أن شبه تجميد وليس تجميد كامل، ونحن إجمالا نرضى بالكلام المعسول دون أن يكون هناك انعكاسات لهذا الكلام.
- هل الفلسطينيون بمن فيهم قيادة السلطة، يعلقون آمالا قوية على زيارة أوباما؟
هم يعلقون آمالا، لكني أنصحهم ألا يعلقوا، هذا إذا كان الجانب الفلسطيني يريد وقف الاستيطان، وطبعا أنا أشك بالجانب الفلسطيني، بسبب أن الاستيطان مستمر منذ سنوات والمفاوضات مستمرة، السلطة تقول أنها أوقفت المفاوضات، وهذا غير صحيح، حيث حدثت لقاءات بين شخصيات فلسطينية و"إسرائيلية" خلال فترة التعليق، ومن يقول أن هذه الزيارات لأجل تسيير أمور الناس وأنها زيارات استكشافية، فهذا تلاعب بالناس، إنهم يفترضون بالشعب الفلسطيني الغباء، إذا كنا نريد بجدية وقف الاستيطان يجب وقف التنسيق الأمني وليس وقف المفاوضات، وقف المفاوضات لا معنى له لأن "إسرائيل" استنفدت ما أرادته من المفاوضات، التي كانت تريد منها تسليم الفلسطينيين إدارة شؤون السكان وتجنيدهم ليكونوا وكلاء للأمن "الإسرائيلي"، وهذا تم وانتهى، وإن عاد أبو مازن للمفاوضات أم لم يعد فالأمر نفسه بالنسبة لـ "إسرائيل".
المفاوضات بالنسبة لـ "إسرائيل" انتهت، ما أراده الاحتلال منذ عام 1968 طرحه هذا الكلام وهو إدارة شئون المواطنين بشرط أن تكونوا وكلاء للأمن "الإسرائيلي"، وبعد ذلك تقوم "إسرائيل" بعملية تهويد الضفة الغربية تدريجيا وبصمت، وهذا ما يحصل الآن، وإذا كان الجانب الفلسطيني صادق، عليه أن يوقف التنسيق الأمني تماما، وأن يبحث عن بدائل، أما أن يبقى ضمن خيار واحد، ويأسر نفسه بقفص المفاوضات، فمعنى ذلك أنه لا يريد أن يصنع شيئا في مواجهة "إسرائيل".
الجانب الفلسطيني مقيد، وهذا اختياره، منظمة التحرير طرحت الحل التفاوضي منذ عام 1968، وهذا ليس جديدا، لهذا أفشلت المقاومة.
- إذا كان الكيان الصهيوني انتهى من المفاوضات، فما الذي يريده إذا وافق أبو مازن على العودة للمفاوضات غدًا؟
إضاعة وقت، وهذا لن يكلفها شيئًا، ستوظف بعض الأشخاص لمفاوضة الفلسطينيين، هي مجرد استهلاك وقت، ولهذا طيلة المفاوضات ومنذ أن اعترفت منظمة التحرير بـ "إسرئيل" منذ 1988 وعملية الاستيطان مستمرة، ومصادرة الأراضي وملاحقة المواطنين مستمرة ولم يتغير شيء.
- هل شعرت قيادة السلطة بالفشل في إدارة شئونها، وبالتالي تلوح من وقت لآخر بإمكانية حل السلطة؟
السلطة الفلسطينية ورطت الشعب، وأساءت له، ورطته بالقضايا السياسية والمالية، وبدل أن يكون الاحتلال المسؤول عن الرواتب أصبحت السلطة الفلسطينية، ولا يوجد لديها قدرة، وإذا أرادت ترتيب أي أمور مالية أو اقتصادية يجب أن تعود لـ "إسرائيل".
وأتساءل من الذي أجبرنا على ذلك؟ ألم يكن خيارًا فلسطينيا أن تستلم السلطة الحكم الذاتي، وهذه جريمة اقترفتها السلطة بحق الشعب الفلسطيني، كان عليها ألا توفق على ذلك، كيف توافق على إقامة سلطة في ظل احتلال، أنت عندما تقبل بهذا معناه انك توافق على شروط المحتل، وأنت ستكون محتلا بالوكالة، وهذا ما هو موجودـ السلطة تمارس الاحتلال بالوكالة، وإذا جاءت السلطة وقالت أنا لا أملك من أمري شيئا، فأنت قبلت ألا تملك من أمرك شيئا، أنت أجرمت بحقك، بالتالي بدل أن أترك "الإسرائيليين" يسيئون لي، فأنت الذي تسيء لي، أنت خربت اقتصادي ونضالي الوطني وعلاقتي مع الكثير من الشعوب والدول العربية.
نحن أمام مشكلتين، الاحتلال وهذا الوكيل الفلسطيني الذي ينفذ سياسة الاحتلال، إذا أردنا التعامل مع السلطة الفلسطينية على أنها كيان عقلاني يفهم ويعقل، نحن مخطئون، فعندما يختار أن يكون وكيلا للاحتلال فهو خارج الصف الوطني، بالتالي كل ما يقوله لا طعم له ولا معنى هو بالطرف الآخر وليس بالجانب الفلسطيني.
- قلت السلطة لا تملك أي صلاحيات، هل تقصد أن تحركاتها على الساحة الدولية هي تحركات من باب إسقاط الواجب؟
نعم، هي توحي للشعب الفلسطيني أنها تفعل شيئا، على سبيل المثال ذهابها للأمم المتحدة، لو أنهم أعطوا الشعب الفلسطيني مشروعا اقتصاديا يستفيدون منه كان أفضل من قرار الدولة، والعبرة بالنتائج، كل نشاطات السلطة على الساحة الدولية لم تنتج شيئا لصالح الشعب الفلسطيني، لم نحصل عل دولة ولا مصانع ولا احترام جديد على الساحة الدولية، ما هي الإنجازات الحقيقية التي حققتها السلطة للشعب من نشاطاتها الدولية؟ لا شيء .. صفر.
- حتى انجازها بالأمم المتحدة ألا يحسب لها؟
أنت كمواطن فلسطيني بعد صدور القرار والاعتراف بالدولة، هل تغير شيء على حياتك؟ لم يحصل ولن يحصل أي تغيير على حياة الفلسطينيين بعد القرار، أصلا يوجد قرار أهم منه بالأمم عام 1974، وهو حق الفلسطينيين بتقرير المصير، أهم من قرار الدولة، لكن هل غير القرار شيئا؟
- هل تستطيع السلطة أن تحل نفسها؟
إذا هربوا من البلاد فقط، هم لا يملكون أمرهم، أبو مازن رددها كثيرا أنه سيستقيل، وكان رأيي دائما أنه لا يجرؤ على الاستقالة، فقط الذي يقيلهم من أتى بهم أصلا، أما هم ممكن أن يقرر أحدهم الهرب فيمكنه ذلك، نحن في ورطة.
- هل لديك أنت شخصيا معنى آخر للمصالحة الفلسطينية؟
نعم، المصالحة يجب أن تتم على أرضية محاكمة من تسببوا في الاقتتال، ومن تسبب بقتل 400-500 مواطن فلسطيني.
نحن ما يجب أن نبحث عنه ليس مصالحة، يجب أن نبحث عن الوحدة، هل هناك أسس للمصالحة؟ لا، لأنه حتى الآن حماس وفتح لم تناقشا أسباب وجذور الاقتتال، مادام أن الجذور لم تعالج، فالخلاف سيبقى قائما.
إذا أرادت السلطة معالجة جذور الاقتتال فستبيد نفسها، لأنه إذا أردنا أن نحاكم المسببين بالاقتتال فسيتم عرض عدد من الأشخاص للمحاكمة، والسلطة لا تجرؤ على ذلك وبالتالي المشكلة ستبقى معلقة والانقسام سيبقى قائما.
- ما المطلوب من حماس حيال الضفة الغربية، وهل الدعوات لانتفاضة جديدة واقعية ومنطقية؟
من يريد أن يقوم بانتفاضة لن يأخذ الإذن من أي أحد، المقاومة لا تحتاج لأخذ إذن من أحد، المطلوب من حماس والجهاد الإسلامي أن يفعلوا المقاومة بالضفة الغربية.
العام الماضي 2012 لم يسقط أي جندي "إسرائيلي" بالضفة الغربية، فالجانب "الإسرائيلي" يعيش بأمن وأمان، المسئولية تقع على حماس والجهاد الإسلامي بالأساس، مثلما لا يوجد أمن للفلسطينيين يجب ألا يكون هناك أمن "للإسرائيليين".
- بما يتعلق بملف الأسرى، هل يمكن إطلاق سراح الأسرى بسجون الاحتلال من خلال النوايا الحسنة؟
يجب أن يكون هناك إستراتيجية لتحرير الأسرى الفلسطينيين، منظمة التحرير لم تطور إستراتيجيتها على الإطلاق لتحرير الأسرى، ولم يكن لها إستراتيجية لتحرير الأسرى، كما كانت الإستراتيجية مثلا عند حزب الله عندما أراد أن يحرر أسراه من سجون الاحتلال، وإنما ضمن أعمال عسكرية.
نحن قصرنا جدا في قضية الأسرى، ما المنطق من ترك الأسير ثلاثين عاما في السجون "الإسرائيلية"؟ لديك في ظل مقاومة، أكثر من خمس سنوات ألا يبقى الأسير بالسجن وأن تجبر "إسرائيل" على إطلاق سراحه من خلال عملية تبادل أسرى، أو القيام بأية أعمال قد تؤدي للإفراج عن الأسرى.
- ما تأثير الثورات العربية والموقف الأمريكي منها على القضية الفلسطينية؟
الشعوب العربية أصبحت تشارك باتخاذ القرار وهذا مربط الفرس بالنسبة لأمريكا و"إسرائيل"، لأن الشعوب العربية ملتزمة بالقضية الفلسطينية وملتزمة بحل المشاكل والهموم العربية أكثر من الحكام، الحكام ملتزمون بسياسات معينة من أجل بقائهم على الكراسي، الآن مسألة الكرسي تختفي رويدا رويدا، إذا كانت الشعوب العربية تريد أن الدخول إلى المعترك فهذا يعني أن "إسرائيل" ستصبح في ورطات أخرى مستقبلا، وهذا وضع خطير.
الآن القضية الفلسطينية لا أعتقد أنها ستأخذ المتسع من الوقت من أوباما ونتنياهو، والسبب أنه لا يوجد هناك ما يزعج "إسرائيل"، بالنسبة لسياساتها التقليدية في الضفة الغربية، لا يوجد إزعاج أبدا بالنسبة لها، كل ما يجري بعض مظاهر الغضب، من إلقاء حجارة ومظاهرات أسبوعية في بعض القرى وهذا لا يؤثر على السياسات "الإسرائيلية"، وكل المؤشرات التي تحصل بالضفة تقول لـ "إسرائيل" افعلوا ما تريدون ونحن لا نملك أي خيارات ولن نواجهكم، وأكبر دليل على ذلك تصريح أبو مازن، عندما قال، إذا فشلت المفاوضات سنفاوض، وإذا فشلت المفاوضات أيضا سنفاوض، وهكذا، فلا يوجد إزعاج، وأنت الآن –عباس- تمد يدك وتستجدي الراتب فهل من المتوقع أن يقاوم الفلسطينيون ضد "إسرائيل" ويواجهونها.
المشكلة فقط هي مع غزة لأن غزة تستعد للحرب وفي كل حرب يظهر أن غزة أكثر استعدادا من السابق، غزة لوحدها يمكن ابتلاعها لكن هذا لا يعني أنها ستستسلم بسهولة سيكون هناك قتال، و"إسرائيل" ستواجه إعلاما عالميا كبيرا نتيجة القتل والتدمير الذي تقوده في غزة، لكن المشكلة الأكبر أن تكون غزة جزءا من محور، وواضح أنه حزب الله وإيران.
الضفة الغربية لا تشكل مصدر قلق، أما غزة لا تحل من خلال طاولة المفاوضات لأنه غزة الآن في معادلة أخرى مختلفة عن معادلة المفاوضات، بالتالي معالجة الوضع في غزة هو ضمن السياسة الأمريكية والـ "إسرائيلية" باتجاه محور المقاومة التي تتزعمه إيران ويشارك فيه بفعالية "حزب الله".
- هل يمكن أن نقول أن ما يحدث بالضفة من تنسيق وهدوء ينطبق على التهدئة في قطاع غزة؟
لا، هذا شيء وهذا شيء، حالة التهدئة بغزة ضرورية، لأن المطلوب من المقاومة ليس الاحتكاك اليومي مع الاحتلال، وإنما الاستعداد لجولات الحرب، ولذلك متطلبات الوضع بغزة يختلف عن الضفة الغربية.
الضفة الغربية على احتكاك مباشر مع الجنود والمستوطنين بشكل يومي، وهذا يتطلب مقاومة مستمرة، وهي حقيقة غير موجودة، والهدوء بالضفة مرتبط باتفاقيات مع "إسرائيل"، وبحقها في الأمن ونحن ملتزمون بمتطلبات أمنية، ومن يضرب حجرا على الاحتلال يلاحق من السلطة ومن "إسرائيل"، والمستوطن الذي يسير بالضفة محمي من الجهتين من السلطة الفلسطينية وجيش الاحتلال، في غزة لا يحدث هذا أبدا، الأمر مختلف.
- كيف ترى الحل للخروج من المأزق الفلسطيني؟
الحل بالعودة للجذور، نحن بحاجة لهيئة وطنية، لإدارة شئون السكان، أن تتوقف السلطة الفلسطينية عن أعمالها، والأجهزة الأمنية تتوقف، وأن نفرق بين الأمن المدني والأمن الوطني، الأمن الوطني يكون مسئولية الفصائل، وهذا يتطلب سياسة أمنية جديدة، لأننا نحن مخترقون من قبل أجهزة الأمن "الإسرائيلية"، بالطريقة التي كنا نعمل بها بالسابق لن نستطيع أن ننجز شيئا، لأن الاختراقات الأمنية أفسدت أعمال المقاومة، وربما كان هناك قيادات فلسطينية معنية بأن تفشل المقاومة، لذلك السياسية الأمنية كانت ولا تزال خطيرة جدا، ولا زلنا مخترقين حتى الآن، ربما هناك فصائل مخترقة تماما، وأخرى ضعيفة الاختراق، لكن الاختراق موجود.
الشيء الآخر.. يجب أن نكون باتجاه إقامة ميثاق فلسطيني، يجمع عليه الكل الفلسطيني إضافة لتعديل منظمة التحرير الفلسطينية حتى تستند عليها كل الفصائل والأجنحة العسكرية، وأن تبقى قياداتها سرية قدر ما أمكن، مع أنه من الصعب أن نحافظ على السرية، ولهذا يجب أن نبحث لنا عن موقع خارج فلسطين قيادي، مع وجود قيادي سري داخل فلسطين، ويجب أيضا تشكيل محكمة تحاكم كل من يتجاوز الميثاق الفلسطيني أينما وجدوا، وتلزم الجميع.
أيضا يجب التركيز على القضايا الإنسانية، حل المسألة الفلسطينية لا يتأتى بهذا المستوى الاستهلاكي الذي نحن فيه، فالمستوى الاستهلاكي الموجود بالضفة الغربية وقطاع غزة، لا يتناسب مع متطلبات التحرير
رأى المحلل والمفكر الفلسطيني البروفيسور عبد الستار قاسم أن الحل والخيار الأمثل للخروج من المأزق الفلسطيني بكافة أشكاله "لن يتأتى إلا بحل السلطة الفلسطينية وتشكيل هيئة وطنية لإدارة شئون السكان".
وأشار قاسم في مقابلة خاصة معه إلى أن "الحل يكمن بالعودة للجذور، بحيث تتوقف السلطة والأجهزة الأمنية عن عملها، وتتسلم هيئة وطنية إدارة شئون السكان، وأن يكون الأمن الوطني من مسئولية الفصائل الفلسطينية في إطار سياسة أمنية جديدة".
وفيما يتعلق بالزيارة المقررة للرئيس الأمريكي باراك أوباما المقررة في العشرين من الشهر الجاري، لفت قاسم النظر إلى أن تلك الزيارة لن تحقق أي شيء للفلسطينيين، داعيا السلطة في رام الله لعدم تعليق أية آمال عليها.
وأشار إلى أن القضية الفلسطينية ربما ستكون في آخر قائمة مواضيع النقاش بين الرئيس الأمريكي ورئيس الحكومة الصهيونية، حيث أن الرقم الأول سيكون إيران، فما يقلق واشنطن والكيان هو التطور التقني الإيراني وأيضا التطور في المسألة النووية.
وأوضح قاسم أن القضية الفلسطينية لن تأخذ متسعا من الوقت خلال لقاء أوباما ونتنياهو، حيث لا يوجد هناك ما يزعج الكيان الصهيوني بالنسبة لسياساتها التقليدية بالضفة الغربية، وكل ما يجري عبارة عن مظاهر غضب في بعض المناطق والقرى لا تؤثر بالسياسات الصهيونية.
وفي إطار حديثه حول الوضع الفلسطيني الداخلي؛ أكد قاسم على أن المصالحة الفلسطينية لن تتم إلا بحل جذور الانقسام، وتقديم المسببين به للمحاكمة.
وأضاف: "إذا أرادت السلطة معالجة جذور الاقتتال فستبيد نفسها، لأنه إذا أردنا أن نحاكم المسببين بالاقتتال فسيتم عرض عدد من الأشخاص للمحاكمة، والسلطة لا تجرؤ على ذلك وبالتالي المشكلة ستبقى معلقة والانقسام سيبقى قائما".
وتحدث قاسم خلال المقابلة عن مستقبل القضية الفلسطينية ورؤيته للخروج من المأزق الحالي، إضافة لحقيقة المفاوضات بين السلطة والكيان الصهيوني، كما تطرق في حديثه للثورات العربية وانعكاسها على القضية الفلسطينية.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة.
- بداية وفيما يتعلق بزيارة أوباما للمنطقة، ما هو المرجو من تلك الزيارة وما أهم الملفات التي ستطرح خلالها؟
أولا: يجب أن نأخذ بالاعتبار أنه ربما تكون القضية الفلسطينية هي في آخر قائمة مواضيع النقاش بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء "الإسرائيلي"، الرقم الأول سيكون إيران، من يقلق الولايات المتحدة و"إسرائيل" هو التطور التقني الإيراني وأيضا التطور في المسألة النووية، وهذا يهتم به العالم الغربي بصورة عامة وبالتالي سيكون هناك تنسيق بالجهود أو تفاهم أوسع حول كيفية مواجهة إيران خاصة أن "إسرائيل" لا ترى أن في العمل الدبلوماسي حلا يمكن أن يوقف إيران عن الاستمرار في المسألة النووية.
ربما يكون هناك تطلع, خاصة من قبل "إسرائيل" بالقيام بعمل عسكري عند حد معين، وهذا الحد المعين يعني هل إيران على وشك تصنيع القنبلة النووية أم لا والضربة ممكن تأتي أم لا، هذا المفصل إذا ما كان هناك ضربة عسكرية و"إسرائيل" تصر عليها، أما الولايات المتحدة تحاول أن تتجنبها ولهذا سيكون هناك تنسيق على أية حال.
المسألة الثانية التي يمكن أن يتم التطرق لها بين أوباما ونتنياهو هي الثورات العربية وخاصة في سوريا، فلا شك أنها ستغير المعادلة في المنطقة من عدة جوانب، الجانب الأول: أن عددا من الحكومات التي كانت مطية للولايات المحتدة الأمريكية ومتحالفة مع "إسرائيل" غابت عن الساحة، خاصة في تونس ومصر.
ثانيًا: إن جماعة الإخوان المسلمين تفوز بالانتخابات وهذه الحركة صحيح أنها لن تعادي الغرب لكنها أيضا لن تكون مطية لأهل الغرب، ستحاول أن تتبع سياسة استقلالية وربما تؤثر على بلدان عربية أخرى وتخل بالتوازنات التقليدية الموجودة بالمنطقة من ناحية التحالف – تحالف الحكام العرب مع الدول الغربية- وأيضا تقربهم من "إسرائيل" وأيضا هذا سيؤثر على الميزان العسكري، هذه الدول ربما تسعى إلى مراكمة قوة عسكرية, وأيضا أن تلتزم بمقتضيات القضية الفلسطينية, لأن هذه حركات إسلامية والمفروض أنها تسعى إلى تحرير المقدسات والأرض العربية الإسلامية, وبالتالي سيكون لها التزام أوسع مع المقاومة الفلسطينية مستقبلا.
- ما الذي سيطلبه محمود عباس والجانب الفلسطيني من أوباما؟
سيطلبون منه الضغط على "إسرائيل" لأجل وقف الاستيطان، فقط.
- هل فعلا كما يقال أن زيارة أوباما بروتوكولية ولا تحمل أي جديد؟
أعتقد أنها لا تحمل أي جديد، لكنني اعتقد أن نتنياهو سيقول عبارتين ترضي الرئيس الأمريكي دون أن يكون هناك التزام يترتب عليها، وبدوره الرئيس الأمريكي ينقلها لرئيس السلطة ويقول له أن "إسرائيل" لن تتمدد بمستوطنات جديدة وأنها ستبقى داخل المستوطنات القائمة، بمعنى أن شبه تجميد وليس تجميد كامل، ونحن إجمالا نرضى بالكلام المعسول دون أن يكون هناك انعكاسات لهذا الكلام.
- هل الفلسطينيون بمن فيهم قيادة السلطة، يعلقون آمالا قوية على زيارة أوباما؟
هم يعلقون آمالا، لكني أنصحهم ألا يعلقوا، هذا إذا كان الجانب الفلسطيني يريد وقف الاستيطان، وطبعا أنا أشك بالجانب الفلسطيني، بسبب أن الاستيطان مستمر منذ سنوات والمفاوضات مستمرة، السلطة تقول أنها أوقفت المفاوضات، وهذا غير صحيح، حيث حدثت لقاءات بين شخصيات فلسطينية و"إسرائيلية" خلال فترة التعليق، ومن يقول أن هذه الزيارات لأجل تسيير أمور الناس وأنها زيارات استكشافية، فهذا تلاعب بالناس، إنهم يفترضون بالشعب الفلسطيني الغباء، إذا كنا نريد بجدية وقف الاستيطان يجب وقف التنسيق الأمني وليس وقف المفاوضات، وقف المفاوضات لا معنى له لأن "إسرائيل" استنفدت ما أرادته من المفاوضات، التي كانت تريد منها تسليم الفلسطينيين إدارة شؤون السكان وتجنيدهم ليكونوا وكلاء للأمن "الإسرائيلي"، وهذا تم وانتهى، وإن عاد أبو مازن للمفاوضات أم لم يعد فالأمر نفسه بالنسبة لـ "إسرائيل".
المفاوضات بالنسبة لـ "إسرائيل" انتهت، ما أراده الاحتلال منذ عام 1968 طرحه هذا الكلام وهو إدارة شئون المواطنين بشرط أن تكونوا وكلاء للأمن "الإسرائيلي"، وبعد ذلك تقوم "إسرائيل" بعملية تهويد الضفة الغربية تدريجيا وبصمت، وهذا ما يحصل الآن، وإذا كان الجانب الفلسطيني صادق، عليه أن يوقف التنسيق الأمني تماما، وأن يبحث عن بدائل، أما أن يبقى ضمن خيار واحد، ويأسر نفسه بقفص المفاوضات، فمعنى ذلك أنه لا يريد أن يصنع شيئا في مواجهة "إسرائيل".
الجانب الفلسطيني مقيد، وهذا اختياره، منظمة التحرير طرحت الحل التفاوضي منذ عام 1968، وهذا ليس جديدا، لهذا أفشلت المقاومة.
- إذا كان الكيان الصهيوني انتهى من المفاوضات، فما الذي يريده إذا وافق أبو مازن على العودة للمفاوضات غدًا؟
إضاعة وقت، وهذا لن يكلفها شيئًا، ستوظف بعض الأشخاص لمفاوضة الفلسطينيين، هي مجرد استهلاك وقت، ولهذا طيلة المفاوضات ومنذ أن اعترفت منظمة التحرير بـ "إسرئيل" منذ 1988 وعملية الاستيطان مستمرة، ومصادرة الأراضي وملاحقة المواطنين مستمرة ولم يتغير شيء.
- هل شعرت قيادة السلطة بالفشل في إدارة شئونها، وبالتالي تلوح من وقت لآخر بإمكانية حل السلطة؟
السلطة الفلسطينية ورطت الشعب، وأساءت له، ورطته بالقضايا السياسية والمالية، وبدل أن يكون الاحتلال المسؤول عن الرواتب أصبحت السلطة الفلسطينية، ولا يوجد لديها قدرة، وإذا أرادت ترتيب أي أمور مالية أو اقتصادية يجب أن تعود لـ "إسرائيل".
وأتساءل من الذي أجبرنا على ذلك؟ ألم يكن خيارًا فلسطينيا أن تستلم السلطة الحكم الذاتي، وهذه جريمة اقترفتها السلطة بحق الشعب الفلسطيني، كان عليها ألا توفق على ذلك، كيف توافق على إقامة سلطة في ظل احتلال، أنت عندما تقبل بهذا معناه انك توافق على شروط المحتل، وأنت ستكون محتلا بالوكالة، وهذا ما هو موجودـ السلطة تمارس الاحتلال بالوكالة، وإذا جاءت السلطة وقالت أنا لا أملك من أمري شيئا، فأنت قبلت ألا تملك من أمرك شيئا، أنت أجرمت بحقك، بالتالي بدل أن أترك "الإسرائيليين" يسيئون لي، فأنت الذي تسيء لي، أنت خربت اقتصادي ونضالي الوطني وعلاقتي مع الكثير من الشعوب والدول العربية.
نحن أمام مشكلتين، الاحتلال وهذا الوكيل الفلسطيني الذي ينفذ سياسة الاحتلال، إذا أردنا التعامل مع السلطة الفلسطينية على أنها كيان عقلاني يفهم ويعقل، نحن مخطئون، فعندما يختار أن يكون وكيلا للاحتلال فهو خارج الصف الوطني، بالتالي كل ما يقوله لا طعم له ولا معنى هو بالطرف الآخر وليس بالجانب الفلسطيني.
- قلت السلطة لا تملك أي صلاحيات، هل تقصد أن تحركاتها على الساحة الدولية هي تحركات من باب إسقاط الواجب؟
نعم، هي توحي للشعب الفلسطيني أنها تفعل شيئا، على سبيل المثال ذهابها للأمم المتحدة، لو أنهم أعطوا الشعب الفلسطيني مشروعا اقتصاديا يستفيدون منه كان أفضل من قرار الدولة، والعبرة بالنتائج، كل نشاطات السلطة على الساحة الدولية لم تنتج شيئا لصالح الشعب الفلسطيني، لم نحصل عل دولة ولا مصانع ولا احترام جديد على الساحة الدولية، ما هي الإنجازات الحقيقية التي حققتها السلطة للشعب من نشاطاتها الدولية؟ لا شيء .. صفر.
- حتى انجازها بالأمم المتحدة ألا يحسب لها؟
أنت كمواطن فلسطيني بعد صدور القرار والاعتراف بالدولة، هل تغير شيء على حياتك؟ لم يحصل ولن يحصل أي تغيير على حياة الفلسطينيين بعد القرار، أصلا يوجد قرار أهم منه بالأمم عام 1974، وهو حق الفلسطينيين بتقرير المصير، أهم من قرار الدولة، لكن هل غير القرار شيئا؟
- هل تستطيع السلطة أن تحل نفسها؟
إذا هربوا من البلاد فقط، هم لا يملكون أمرهم، أبو مازن رددها كثيرا أنه سيستقيل، وكان رأيي دائما أنه لا يجرؤ على الاستقالة، فقط الذي يقيلهم من أتى بهم أصلا، أما هم ممكن أن يقرر أحدهم الهرب فيمكنه ذلك، نحن في ورطة.
- هل لديك أنت شخصيا معنى آخر للمصالحة الفلسطينية؟
نعم، المصالحة يجب أن تتم على أرضية محاكمة من تسببوا في الاقتتال، ومن تسبب بقتل 400-500 مواطن فلسطيني.
نحن ما يجب أن نبحث عنه ليس مصالحة، يجب أن نبحث عن الوحدة، هل هناك أسس للمصالحة؟ لا، لأنه حتى الآن حماس وفتح لم تناقشا أسباب وجذور الاقتتال، مادام أن الجذور لم تعالج، فالخلاف سيبقى قائما.
إذا أرادت السلطة معالجة جذور الاقتتال فستبيد نفسها، لأنه إذا أردنا أن نحاكم المسببين بالاقتتال فسيتم عرض عدد من الأشخاص للمحاكمة، والسلطة لا تجرؤ على ذلك وبالتالي المشكلة ستبقى معلقة والانقسام سيبقى قائما.
- ما المطلوب من حماس حيال الضفة الغربية، وهل الدعوات لانتفاضة جديدة واقعية ومنطقية؟
من يريد أن يقوم بانتفاضة لن يأخذ الإذن من أي أحد، المقاومة لا تحتاج لأخذ إذن من أحد، المطلوب من حماس والجهاد الإسلامي أن يفعلوا المقاومة بالضفة الغربية.
العام الماضي 2012 لم يسقط أي جندي "إسرائيلي" بالضفة الغربية، فالجانب "الإسرائيلي" يعيش بأمن وأمان، المسئولية تقع على حماس والجهاد الإسلامي بالأساس، مثلما لا يوجد أمن للفلسطينيين يجب ألا يكون هناك أمن "للإسرائيليين".
- بما يتعلق بملف الأسرى، هل يمكن إطلاق سراح الأسرى بسجون الاحتلال من خلال النوايا الحسنة؟
يجب أن يكون هناك إستراتيجية لتحرير الأسرى الفلسطينيين، منظمة التحرير لم تطور إستراتيجيتها على الإطلاق لتحرير الأسرى، ولم يكن لها إستراتيجية لتحرير الأسرى، كما كانت الإستراتيجية مثلا عند حزب الله عندما أراد أن يحرر أسراه من سجون الاحتلال، وإنما ضمن أعمال عسكرية.
نحن قصرنا جدا في قضية الأسرى، ما المنطق من ترك الأسير ثلاثين عاما في السجون "الإسرائيلية"؟ لديك في ظل مقاومة، أكثر من خمس سنوات ألا يبقى الأسير بالسجن وأن تجبر "إسرائيل" على إطلاق سراحه من خلال عملية تبادل أسرى، أو القيام بأية أعمال قد تؤدي للإفراج عن الأسرى.
- ما تأثير الثورات العربية والموقف الأمريكي منها على القضية الفلسطينية؟
الشعوب العربية أصبحت تشارك باتخاذ القرار وهذا مربط الفرس بالنسبة لأمريكا و"إسرائيل"، لأن الشعوب العربية ملتزمة بالقضية الفلسطينية وملتزمة بحل المشاكل والهموم العربية أكثر من الحكام، الحكام ملتزمون بسياسات معينة من أجل بقائهم على الكراسي، الآن مسألة الكرسي تختفي رويدا رويدا، إذا كانت الشعوب العربية تريد أن الدخول إلى المعترك فهذا يعني أن "إسرائيل" ستصبح في ورطات أخرى مستقبلا، وهذا وضع خطير.
الآن القضية الفلسطينية لا أعتقد أنها ستأخذ المتسع من الوقت من أوباما ونتنياهو، والسبب أنه لا يوجد هناك ما يزعج "إسرائيل"، بالنسبة لسياساتها التقليدية في الضفة الغربية، لا يوجد إزعاج أبدا بالنسبة لها، كل ما يجري بعض مظاهر الغضب، من إلقاء حجارة ومظاهرات أسبوعية في بعض القرى وهذا لا يؤثر على السياسات "الإسرائيلية"، وكل المؤشرات التي تحصل بالضفة تقول لـ "إسرائيل" افعلوا ما تريدون ونحن لا نملك أي خيارات ولن نواجهكم، وأكبر دليل على ذلك تصريح أبو مازن، عندما قال، إذا فشلت المفاوضات سنفاوض، وإذا فشلت المفاوضات أيضا سنفاوض، وهكذا، فلا يوجد إزعاج، وأنت الآن –عباس- تمد يدك وتستجدي الراتب فهل من المتوقع أن يقاوم الفلسطينيون ضد "إسرائيل" ويواجهونها.
المشكلة فقط هي مع غزة لأن غزة تستعد للحرب وفي كل حرب يظهر أن غزة أكثر استعدادا من السابق، غزة لوحدها يمكن ابتلاعها لكن هذا لا يعني أنها ستستسلم بسهولة سيكون هناك قتال، و"إسرائيل" ستواجه إعلاما عالميا كبيرا نتيجة القتل والتدمير الذي تقوده في غزة، لكن المشكلة الأكبر أن تكون غزة جزءا من محور، وواضح أنه حزب الله وإيران.
الضفة الغربية لا تشكل مصدر قلق، أما غزة لا تحل من خلال طاولة المفاوضات لأنه غزة الآن في معادلة أخرى مختلفة عن معادلة المفاوضات، بالتالي معالجة الوضع في غزة هو ضمن السياسة الأمريكية والـ "إسرائيلية" باتجاه محور المقاومة التي تتزعمه إيران ويشارك فيه بفعالية "حزب الله".
- هل يمكن أن نقول أن ما يحدث بالضفة من تنسيق وهدوء ينطبق على التهدئة في قطاع غزة؟
لا، هذا شيء وهذا شيء، حالة التهدئة بغزة ضرورية، لأن المطلوب من المقاومة ليس الاحتكاك اليومي مع الاحتلال، وإنما الاستعداد لجولات الحرب، ولذلك متطلبات الوضع بغزة يختلف عن الضفة الغربية.
الضفة الغربية على احتكاك مباشر مع الجنود والمستوطنين بشكل يومي، وهذا يتطلب مقاومة مستمرة، وهي حقيقة غير موجودة، والهدوء بالضفة مرتبط باتفاقيات مع "إسرائيل"، وبحقها في الأمن ونحن ملتزمون بمتطلبات أمنية، ومن يضرب حجرا على الاحتلال يلاحق من السلطة ومن "إسرائيل"، والمستوطن الذي يسير بالضفة محمي من الجهتين من السلطة الفلسطينية وجيش الاحتلال، في غزة لا يحدث هذا أبدا، الأمر مختلف.
- كيف ترى الحل للخروج من المأزق الفلسطيني؟
الحل بالعودة للجذور، نحن بحاجة لهيئة وطنية، لإدارة شئون السكان، أن تتوقف السلطة الفلسطينية عن أعمالها، والأجهزة الأمنية تتوقف، وأن نفرق بين الأمن المدني والأمن الوطني، الأمن الوطني يكون مسئولية الفصائل، وهذا يتطلب سياسة أمنية جديدة، لأننا نحن مخترقون من قبل أجهزة الأمن "الإسرائيلية"، بالطريقة التي كنا نعمل بها بالسابق لن نستطيع أن ننجز شيئا، لأن الاختراقات الأمنية أفسدت أعمال المقاومة، وربما كان هناك قيادات فلسطينية معنية بأن تفشل المقاومة، لذلك السياسية الأمنية كانت ولا تزال خطيرة جدا، ولا زلنا مخترقين حتى الآن، ربما هناك فصائل مخترقة تماما، وأخرى ضعيفة الاختراق، لكن الاختراق موجود.
الشيء الآخر.. يجب أن نكون باتجاه إقامة ميثاق فلسطيني، يجمع عليه الكل الفلسطيني إضافة لتعديل منظمة التحرير الفلسطينية حتى تستند عليها كل الفصائل والأجنحة العسكرية، وأن تبقى قياداتها سرية قدر ما أمكن، مع أنه من الصعب أن نحافظ على السرية، ولهذا يجب أن نبحث لنا عن موقع خارج فلسطين قيادي، مع وجود قيادي سري داخل فلسطين، ويجب أيضا تشكيل محكمة تحاكم كل من يتجاوز الميثاق الفلسطيني أينما وجدوا، وتلزم الجميع.
أيضا يجب التركيز على القضايا الإنسانية، حل المسألة الفلسطينية لا يتأتى بهذا المستوى الاستهلاكي الذي نحن فيه، فالمستوى الاستهلاكي الموجود بالضفة الغربية وقطاع غزة، لا يتناسب مع متطلبات التحرير
عن المركز الفلسطينى للاعلام .
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية