التجربة القطرية بين المبدأ والمصلحة ... بقلم : د. يوسف رزقة

الخميس 27 يونيو 2013

التجربة القطرية بين المبدأ والمصلحة

د. يوسف رزقة

النظم الأميرية كالنظم الملكية يقوم النظام السياسي فيها على التوريث، ومن ثمة عرفت هذه النظم الأسر الحاكمة،أو العائلة الحاكمة. وقد اقتسم النظام الملكي الحكم في البلاد العربية، وتحكى القراءة التاريخية الموضوعية لحالتي النظام الملكي والنظام الجمهوري في الوطن العربي أن النظام الملكي كان أكثر استقرار وأمنا من النظم الجمهورية في الفترة نفسها، وأن النظم الملكية وإن استأثرت فيها العائلة بالحكم والمال، فإنها لم تتغول على دماء الشعوب كما تغولت النظم الجمهورية، وحسبنا أن نوازن بين الحكم الجمهوري في سوريا، والحكم الجماهيري في ليبيا، وبين ما يقابلها من حكم ملكي في المغرب والسعودية وحكم أميري في دول الخليج العربي لنعرف الفرق الهائل بين النظامين في موضوع (الدماء).

الحكم الجمهوري في الوطن العربي لا يختلف كثيرا عن الحكم الملكي من حيث فكرة التوريث إلا قليلا، بل شهدنا مؤخرا أن النظم الجمهورية في مصر وسوريا وليبيا تتجه إلى (التوريث) بتحريف القانون، أو بالقفز عنه مما ولد بينها وبين شعوبها صراعا دمويا بعضه بسبب فكرة التوريث القائمة على الاستبداد، والتي تخلصت منها قوانين النظم الجمهورية ابتداء، بينما تجري عملية التوريث بيسر وسلاسة وتقبل شعبي في الممالك والإمارات العربية.

لا يوجد عند العرب في عصرنا الحديث نظاما جمهوريا حقيقيا يمكن إجراء موازنة بينة وبين النظام الملكي،لأن النظام الجمهوري وعلى مدى ستة عقود لا يحكي لنا تجربة خروج سهل من الحكم من خلال صندوق الاقتراع إذا استثنينا لبنان في هذه المسألة. الرئيس في النظام الجمهورية يجدد لنفسه فترات الحكم بالتزوير،ويخرج من الحكم إما بانقلاب، أو القتل، أو انتهاء الأجل وبإمكان المهتم أن يراجع التجربة المصرية والعراقية والليبية واليمنية ليقف على حقيقة غياب النظام الجمهوري جوهرا وحضور،شكلا وربما فقط.

بالأمس وقفنا على مشهد تفوقت فيه إمارة قطر على النظام الملكي وعلى النظام الجمهوري معا فيما يتعلق بفكرة التوريث، حيث سجل الأمير حمد بن خليفة التجربة الأولى في العالم العربي الذي يتنازل فيها الحاكم عن الحكم وهو في أوج نجاح حكمه، ويملك صحة تمكنه من الاستمرار في العطاء لسنوات إلى ولده الأمير تميم بن حمد، ابن الثلاثين وبضع سنين، ليباشر الثاني الحكم في ظل توجيهات الأول ورعايته.وأحسب أن في هذا قوة للحكم ومنفعة للشعب الذي ارتضى الحكم الملكي ابتداء.

أنا لا أسعى هنا لتفضيل الحكم الملكي على الحكم الجمهوري فكرة ومبدأ ولا العكس أيضا،وإنما أصف واقعا مأساويا أدمى قلوبنا، وقتل أبناءنا وأورثنا الهزيمة والفشل، لذا اتمنى على حكام الجمهوريات الشكلية أن يأخذوا بالتجربة القطرية، ولا بأس أن يقف الرئيس المغادر للحكم بإرادته موقف المشرف والموجه للحاكم الشاب الجديد، ما دام ذلك يرضيه، ويجنبنا الدماء والهدم والهزائم الذي تحكيه الجمهوريات الكاذبة في الوطن العربي.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية