الثورة في قميص السلطة.. بلا جواز للدولة! ... بقلم :عماد عفانة

الجمعة 11 يناير 2013

الثورة في قميص السلطة.. بلا جواز للدولة!

عماد عفانة


ما هي مشكلة القضية الفلسطينية ولماذا لم تحل حتى الآن..؟

يبدو السؤال غبيا، ولكن...الاجابة تكمن في التساؤل التالي:

كيف قامت "دولة اسرائيل"..؟

ليس هذا لغزا وإنما اشارات لأولي الألباب..

فقد قامت "دولة اسرائيل"عندما انبرت مجموعة من اليهود الصهاينة الماكرين بتحديد هدف وغاية لهم وهي اقامة دولة او كيان لهم، اختلفوا في البداية على مكانه كما تقول الوثائق ثم اتفقوا على فلسطين.

ثم وضعوا خطة للوصول إلى هذه الغاية، وشكلوا لأنفسم كيانات مؤسسية ومؤتمرات دورية لمتابعة التنفيذ، من خلال العمل على تجنيد كل المقدرات والامكانات والنفوذ والاموال وتوظيف كل الصهاينة كل في موقعه لدعم الوصول الى هذا الهدف حسب المخطط المرسوم بدقة وضمن السقف الزمني الذي حددوه لأنفسهم.

وبعد مضي هذه المدة وبالتوقيت المحدد تقريبا حصلوا على دولة "اسرائيل" على أنقاض الشعب الفلسطيني.

أما مشكلة القضية الفلسطينية فقد شكل الفلسطينيون أنفسهم جزءا كبيرا منها، والمقصود اولئك الذين انبروا ليدافعوا عن الوطن السليب، واعلنوا هدفهم من هذا التحرك وهو تحرير فلسطين، ولكن..

دون أن يضعوا خطة، ودون أن يحددوا سقفا زمنيا، ودون أن يوظفوا طاقات الكل الفلسطيني في إطار هذه الخطة، وشكلوا كيانات تمثيلية غير ممثلة بشكل حقيقي للشعب الفلسطيني سواء المجلس الوطني الفلسطيني او منظمة التحرير او لجنتها التنفيذية، الامر الذي انسحب بعد ذلك على مختلف المؤسسات الفلسطينية التابعة للمنظمة أو تلك التي البسوها ثوب المؤسسات الاهلية.

الأمر الذي ادى إلى انشغال الاغلبية الطامة من فصائلنا المسلحة ومنتسبيها في الاختلاف على عدد مقاعد التمثيل، وعلى تحصيل الامتيازات والموازنات، وتشكيل الكيانات الفصائلية التي اخذت الطابع الفقاعي غير الحقيقي للأعداد الحقيقية التي كان يضمها وتلك التي كان يمثلها هذا الفصيل أو ذلك لتحقيق اكبر قدر من المكاسب الشكلية الفارغة من المقاعد والامتيازات والاموال وكل ذلك على حساب القضية التي ادعى الجميع تمثيلها والتضحية من أجلها.

ووصل الامر لدرجة الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني في بيروت وغيرها، والتنافس غير الشريف، وبيع البندقية لهذا الطرف العربي او ذلك من اجل تشريفه وليس من أجل التحرير.

كل ذلك جعل الثورة الفلسطينية طيعة لينة لأن هناك من عمل على التحكم بأكسجين الثورة وهو المال والسلاح.

ولما نفيت الثورة من بيروت إلى تونس بعد الترويض العسكري في 1982م، وبدا أن حركة حماس التي برزت كقائد حقيقي للانتفاضة1987م، وخوفا من قادة الثورة على مواقعهم في قيادة الشعب والثورة، التقط قادة الثورة اول عظمة القيت لهم.

فتوجه قائد الثورة للامم المتحدة ليبعث برسائل المحبة والسلام لامريكا واسرائيل وحذرهم من اسقاط غصن الزيتون من يديه المرتعشتين، الأمر الذي كان شرطا لفتح حوار بين المنظمة وواشنطن.

وبذلك وضعت واشنطن قدم الثورة على حافية الهاوية التي اودت بها فيما بعد نحو مدريد ثم اوسلو واخواتها من الاتفاقات التي انتهت باغتيال قائد الثورة بعد ان انتهت مهمته...

وبعد أن نجح قائد الثورة في حشر الثورة في قميص السلطة الضيق، وانتقل الأعداء إلى مربع الأصدقاء، وخرج المناضلون من الخنادق الى الفلل والفنادق، والتزم ثائر الامس وفدائي القدس بالاتفاقات الامنية لحماية المحتل وامنه، جنوده ومغتصبيه.

وبعد ان انزلقت الثورة في دهاليز المفاوضات التي يقول عنها سلام فياض في مقابلة للشرق الاوسط " إن عملية المفاوضات لم تكن مجدية لجهة إنهاء الاحتلال، بل هي وفرت غطاء له كي يصبح أكثر تجذرًا، فالعملية السياسية وليس فقط المفاوضات فشلت بكامل مكوناتها فشلًا ذريعًا"

واضاف فياض "أن مفهوم الحل الذي مثله اتفاق أوسلو لم يبق له أي مصداقية بما في ذلك المفاوضات، والسبب الرئيس لذلك هو أن حالة عدم التماثل في قوة الموقف التفاوضي بين الجانبين الفلسطيني و"الإسرائيلي"لم يعوض عنها بما كان ينبغي من خلال اللجوء والاحتكام للقانون الدولي".

الأمر الذي انعكس على حركة فتح التي قادت المنظمة، ثم وأدت المنظمة لصالح قيادة السلطة حتى أصبحت وكما يقول القيادي الفتحاوي في مدينة نابلس حسام خضر "ان حركة فتح الآن في حاله يرثى لها و تمر بأسوأ حالاتها بسبب غياب كامل لدور قيادتها و تغييب دور المؤسسة و تهميشها و عدم تقديم الدعم من قبل قمة الهرم الفتحاوي".

وأضاف القيادي خضر بأن "التجيير الذي حصل في المؤتمر السادس كان الهدف منه فوز القيادة المعروفة بتاريخها المزيف و الذي علق في جسد حركة فتح فقط بحكم الواقع الراهن و من أجل الموافقة على تمرير فترة سياسية معقدة و مركبة، تمس جوهر القضية الفلسطينية و فرض المزيد من التراجع والتنازل على حركة فتح".

وأشار خضر الى أن فتح الآن أخذت الى الجانب الأمني و الأجهزة الأمنية و مربع سياسي فاشل و هو أن المفاوضات خيار استراتيجي رغم أن الوطن يصادر و فتح بقيادتها العاجزة عاجزة عن لعب دور جماهيري مناهض لهذه السياسيات الإسرائيلية العدوانية و التي أسست لدولة يهودية جديدة في أراضي الفلسطينية المحتلة1967".

لذلك وخلافا لرغبة عباس لا تستطيع السلطة الانتقال إلى مربع الدولة التي حصلت على صفة مراقب في الامم المتحدة ببساطة لأنها لا تملك جواز سفر للانتقال من مربع السلطة الى مربع الدولة.

ببساطة لأن السلطة كيان أمني وجد لتنفيذ مهمة حماية الاحتلال وغطاء لمخططاته في ابتلاع الارض وتهويد المقدسات، كيان وجد لهذه الغاية ومحظور عليه ان ينتقل لمربع يشكل فيه أدنى تهديد لكيان العدو.

لكن ما الحل..؟

ليس من السهل استعادة فتح لروح الثورة التي قادتها، أو استعادتها لمكانتها الثورية ونفوذها السياسي إلا في حال آمنت قيادة فتح مرة أخرى برسالة و دور فتح و انها وجدت لتحقق المشروع الوطني الفلسطيني و ببرنامجها و أسلوبها و نهجها المقاوم لا المفاوض.

ولا يتحقق ذلك إلا إذا وضعت فتح موضوع خلع قميص السلطة موضع التفكير الجدي، وليس كورقة تكتيكية تلقيها كلما تأزمت الأوضاع حتى فقدت قيمتها.

لكن هل الأمر ينطبق على حركة حماس..!!

لا شك أن حركة حماس التي لبست ثوب وجلابية السلطة الضيق في الوقت الذي أبقت فيه البندقية مشهرة خارج الأكمام، مدعوة كما هي حركة فتح للوقوف والالتفات إلى مسيرتها في الحكم طيلة السنوات السبع الماضية، حيث يقول يحيى موسى، النائب عن كتلة حماس البرلمانية في المجلس التشريعي في تعقيبه على مهرجان انطلاقة فتح " إن قيادة الحركة باتت مطالبة بأن تقف مع الذات" وعزا موسى شعبية فتح الكبيرة في قطاع غزة إلى "وجود مشكلة عميقة بين البناء القاعدي لحركة حماس وجماهير الشعب الفلسطيني، مشددا على أن معالجة هذه المشكلة تتطلب «إعادة تثقيف وتأهيل قواعد الحركة كي تكون فاعلة في المجتمع، ومتكيفة معه، وقادرة على فهم ديناميات العمل المجتمعي، وهذا يحتاج إلى البحث عن أدوات ووسائل التواصل المباشر، بعيدا عن الأعمال الاستعراضية التي لا تفيد».

واعتبر موسى أن الحركة في حاجة ماسة لإعادة «صياغة عقول ونفوس وقلوب أبناء الصف الإخواني والحمساوي، كي يكون متصالحا مع الذات ومع المجتمع، وهذا يحتاج إلى استنهاض جديد ويقظة حقيقية».

كما حذر موسى من أن الانتصارات التي حققتها كتائب القسام، الجناح العسكري للحركة، أوشكت أن تصيب قيادة الحركة «بحالة من العجب، فتركن إلى أنها تحقق إنجازات وانتصارات على الأرض، وتجعل قدرتها على قراءة الموقف وتحليل البيئة الداخلية للحركة ضعيفة».

وختم موسى قائلا إنه يتوجب على قيادة الحركة «أن تشكل فرق العمل، وأن تعقد الندوات والورش المتخصصة كي تقيم شعبية الحركة، ولماذا تفشل في إقناع الشارع بصدقها، بينما تنجح فتح في إقناع الشارع بسحرها وكذبها ودجلها».

إذا تبقى المقاومة دائما أكبر من أي سلطة، لأن المقاومة ثورة، والثورة ليس لها ثوب سوى الدرع والبندقية.

وما يشهده ما يسمى الربيع العربي من أزمات وعقبات هو نتيجة عدم فهم حقيقي لمضمون هذا الربيع أو لروح الثورة التي كانت الشعوب قائدها الأول.

فثورة الربيع كان يجب ان تعني فيما تعني أن تجب كل درن وأوساخ وأقذار وفساد الأنظمة السابقة بقوانينها ورجالاتها ودساتيرها وممارساتها، لا ان تحاول الثورة تكييف نفسها واختصار أهدافها وحشر نفسها حشرا في ثوب الحكومات السابقة الضيقة والمحشوة بالدساتير والقوانين التي كانت وما زالت تشكل أكبر العقبات امام تحقيق الثورات لأهدافها، سواء في فلسطين أو مصر أو تونس أو اليمن أو ليبيا، الأمر الذي أصبح لا يعدو كونه استبدال حكومة بأخرى ونطام بفوضى..

وكي تصبح حماس أو غيرها من قوى المقاومة ثورة حقيقية يلتف الشعب خلفها يجب أن تصنع من نفسها قائدا حقيقيا للشعب أكثر من كونها قائدا لفصيلها وأبنائها.

وأن يلمس الشعب والمشتاقون لقيادة معبرة عن آمالاهم وطموحاتهم كما آلامهم أن الثورة أب لهم وأم حانية من خلال عدالة المعاملة والمشاركة الحقيقية في الوطن بعسله وحنظلـه.

وأن يجد مئات آلاف الشباب الذين يعج بهم شعبنا من يوجه بوصلتهم السياسية بأدوات ثقافية وعسكرية وأمنية واجتماعية وإعلامية ضمن خطة وطنية واضحة لتحقيق أهدافنا الوطنية الجامعة، وعندها سيجد هذا الفصيل الذي يحقق في نفسه هذه الشروط موضع التفاف الشعب بل والأمة من خلفه، وسيجد له جوازا ليس نحو الدولة بل نحو التحرير بإذن الله.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية