الجهاد والمشاركة السياسية

الجهاد والمشاركة السياسية ... بقلم: مصطفى الصواف

الثلاثاء 14 يوليو 2009

الجهاد والمشاركة السياسية
بقلم: مصطفى الصواف

أثار انتباهي التصريحات التي نسبت إلى الدكتور محمد الهندي، القيادي السياسي الأول في قطاع غزة لحركة الجهاد الإسلامي ، من أن حركة الجهاد ستكون جزءاً من الواقع السياسي الفلسطيني.
 
هذا الحديث الذي نسب إلى الدكتور الهندي من وجهة نظري موقف سياسي متقدم من قبل حركة الجهاد، الحركة التي اختطت لنفسها إستراتيجية المقاومة، والتي كانت تعتبر المشاركة في الحياة السياسية ليست من اختصاص حركات المقاومة، أما اليوم وهذا الموقف الجديد هو تقدم في التفكير السياسي في الاتجاه السليم، هذا الاتجاه نعتقد جازمين أنه من أولى أولويات المقاومة في ظل ما يخطط للمقاومة في فلسطين من تدمير واجتثاث، لن يحميها إلا أن تكون قوى المقاومة جزءاً من المشهد السياسي، والذي يشكل السياج الحامي للمقاومة.
 
ولعل الشاهد أمامنا هو مشاركة حماس في الواقع السياسي من خلال المشاركة في الانتخابات التشريعية، وكانت مشاركتها تقوم على أساس العمل على حماية المقاومة، التي أدركت حماس أن هناك مخططاً يعد في أروقة أبو مازن و(إسرائيل) وقوى الاستكبار العالمية وعلى رأسها أمريكا وما يسمى محور الاعتدال العربي، تهدف إلى القضاء على المقاومة في فلسطين توطئة للمشروع الأمريكي الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية، وهذا لن يكون إلا بتبريد المنطقة من خلال القضاء على المقاومة، فآثرت حماس المشاركة في العملية السياسية حماية لمشروع المقاومة، ونعتقد أنها نجحت إلى حد كبير في أن تكون الحصن الحامي للمقاومة، وتمكنت من القضاء على فكرة الانقلاب على انتخابات 2006؛ لأن فوزها بهذه الأغلبية أفسد على أصحاب مشروع التصفية أهدافهم، فكان التفكير بالانقلاب، حيث قضت عليهم أحداث حزيران 2007.
 
واليوم، هذا الموقف الجديد من قبل حركة الجهاد فيه ايجابيات كبيرة جداً، منها عدم ابتعاد قوى المقاومة عن المشروع السياسي الحامي للمقاومة والمنطلق من مصالح وثوابت الشعب الفلسطيني، ولا علاقة للواقع السياسي باتفاق أوسلو، وفكرة أن الواقع السياسي هو نتاج لاتفاق أوسلو، قد يكون ذلك صحيحاً، ولكن تبين للشعب الفلسطيني أن أوسلو جرت عليه مصائب كبيرة، ولابد من العمل على خلاص الشعب الفلسطيني من كارثة أوسلو، وهذه المشاركة السياسية هي أشبه بما يقوم به الصيادلة من استخلاص السم من الثعابين كمصل للعلاج.
 
إذا صدق فهمي لتصريحات الدكتور الهندي، فإنني أدعي أن حركة الجهاد كما نضجت في المقاومة هي الآن ناضجة من الناحية السياسية، ومشاركتها في الحياة السياسية أو الواقع السياسي الفلسطيني فيه تعزيز لنهج المقاومة وحماية لها، وهي بذلك تشكل رافداً جديداً لقوى المقاومة المشاركة في العمل السياسي، وعندها تتعاضد الجهود، وتتساند مع بعضها البعض من اجل التصدي لأصحاب مشروع التصفية للقضية الفلسطينية.
 
فالعالم الظالم اليوم لديه مفاهيم معينة، والدخول إليه من خلال هذه المفاهيم لكشف زيفه لا يضر بحقيقة المواقف والثوابت، بل ربما يعززها، الأمر الذي قد يكون أداة قوية من أجل إعادة الفهم للموقف الدولي، وقد يكون ذلك صعباً في بداية الأمر، ولكن قد يشكل عملية تراكمية تشبه كرة الثلج، والتي تزاد حجماً كلما تدحرجت نحو هدفها المدروس بعناية.
 
أتمنى أن يكون هذا الموقف من حركة الجهاد الإسلامي موقفاً جماعياً يمثل غالبية الحركة في كل مناطق تواجدها، وأن يكون موقفاً مدروساً بشكل سياسي وعلمي جيد وشامل لكل أبعاده، لأن في ذلك تعميق للفهم الإسلامي الشمولي: سياسة ومقاومة وشئون حياة، فالعمل الإسلامي شامل ولا يقف عند حد في انتظار اكتماله للدخول في أمر آخر، فالعمل يجب أن يكون في كل مناحي الحياة دون تغليب جانب على حساب جانب آخر.
 
قد تسمع حركة الجهاد كلاماً مؤذياً، واتهامات باطلة حول الثوابت والانقلاب عليه من أناس لا يعجبهم العجب، ولا يريدون أي تصويب للمواقف في الاتجاه الإيجابي الخادم لمشروع التحرر الفلسطيني، لأن المواقف السابقة لبعض القوى يضر بمصالح هذه الفئة، وقد يكون من هؤلاء المنتقدين الغيور على حركة الجهاد الإسلامي، ويرى أن عدم المشاركة أفضل، ورغم وجاهة هذا الموقف إلا أنه موقف قاصر، وينظر للأمور من زاوية واحدة وليس بالنظرة الشمولية الواجبة عند النظر والتقويم والتعديل.
وحتى وإن لم يكن فهمي لموقف الجهاد كما أشرت في معرض حديثي، فأرجو من حركة الجهاد أن تدرس بشكل جدي موقفها من المشاركة السياسية، في اتجاه تعزيز المشاركة في الحياة السياسية حماية لمشروع المقاومة
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية