الحرب على غزة تبحث في المفاوضات المباشرة
بقلم : فارس عبد الله
تزامناً مع انعقاد الجولة الثانية من المفاوضات المباشرة، بين العدو الصهيوني وفريق سلطة الوهم في رام الله، والتي انعقدت في مدينة شرم الشيخ المصرية, يتواصل الاستيطان الصهيوني، حيث أعلنت إذاعة العدو أن شركة الإعمار " نيئوت هبسغاة" الصهيونية قررت استئناف أعمال البناء في مغتصبة "موديعين عيليت" غربي رام الله اليوم، رغم ما يسمى بقرار التجميد المؤقت لمشاريع البناء في المغتصبات الصهيونية، وأوضحت الإذاعة الصهيونية إن الشركة ستبدأً ببناء حي يضم 2300 وحدة استيطانية.فلقد سقط التهديد الصادر من قبل فريق التفاوض التابع لسلطة رام الله، واستمر في المفاوضات رغم ما تتناقله وسائل الإعلام، وما صدر من تصريحات لقادة العدو عن ضرورة مواصلة الاستيطان، الذي لم يتوقف يوما واحدا، لتتضح لنا أن الأكذوبة الكبرى بمقدرة فريق التفاوض التابع لسلطة رام الله، على وضع الشروط والتمسك بتحقيقها، فما يلبث أن يسقط أمام الضغوط الأمريكية والصهيونية، ويمضي في طريق التيه بلا غطاء فلسطيني حقيقي يستند إليه، بعد أن انفرد بالقرار فريق يغتصب قيادة المنظمة، إلى درجة أغضب الجبهة الشعبية الشريك الرئيس في المنظمة، حيث هاجمت العودة للمفاوضات الذي صدر عن لجنة تنفيذية منقوصة التمثيل وغير قانونية، وفقاً للوائح الداخلي للمنظمة نفسها.
ولعل هذا الاختبار يكشف لنا أن المفاوضات " حياة " لدى هذا الفريق، فليس عجيباً أن يصدر كبير المفاوضين، كتاب بعنوان "المفاوضات حياة ", فهي لهم كذلك وإلا من دونها لانهارت كل إنجازاتهم الشخصية، وامتيازاتهم الخاصة، وانهارت سلطة الوهم التي تستمد بقائها من جولات التفاوض، وقنوات التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني ووكالات الاستخبارات العالمية الأوربية.
وأمام ضعف سلطة الوهم سياسياً، وانعدام الغطاء الفصائلي والشعبي لها، بالإضافة إلى عجزها المالي الذي يكشف عورتها، كلما تعثرت عملية التسوية أو اقتربت استحقاقات استوجب تنفيذها، من قبيل أجندة قمع المقاومة بتمويل صهيوني غربي، وبإشراف الجنرال مولر، ويحاول العدو الصهيوني استغلال هذا الضعف, بتوجيه دفة المفاوضات نحو تحقيق هدف إستراتيجي، يسعى إلى تحقيقه عبر إبرام تسوية مع فريق رام الله برعاية أمريكية وبمباركة الأنظمة العربية الرسمية.
ويعتبر رأس المقاومة في مقدمة القضايا، التي سوف تطرح وبقوة من قبل العدو الصهيوني على اعتبار أن عقيدة العدو بالتفاوض ترتكز على مفهوم الأمن، وحماية حدود الكيان الصهيوني وقمع أي توجهات معادية لوجود الكيان الاحتلالي، ولعل السلطة قد أغرت العدو الصهيوني، بتحقيق هذا المطلب عبر توغلها في وحل التنسيق الأمني، وتغولها على المقاومة والشرفاء في الضفة الجريحة، حيث أشاد قادة العدو الصهيوني بدور وأداء أجهزة سلطة رام الله، في قمع المقاومة وملاحقتها، ومنع اندلاع انتفاضة شعبية ضد عدوان المغتصبين الصهاينة المتزايد في الضفة المحتلة.
لقد سربت الصحافة الصهيونية تقريراً مفاده، بان أجهزة الاستخبارات الصهيونية تبحث في مقدرة سلطة الوهم في رام الله, على العودة إلى قطاع غزة، لأن رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو يرى بعدم إمكانية تحقيق اتفاق تسوية شامل، طالما بقيت غزة خارج سيطرة سلطة رام الله.
يعتبر هذا الطعم شهياً لسلطة رام الله، ومن الممكن أمام شهية عودة سلطتهم على قطاع غزة, والانتقام من خصمهم السياسي حماس, أن يبتلع فريق التفاوض هذا الطعم، وليس غريبا على هذا الفريق أن يتقبل مثل هذه الفكرة حيث كان لهم سوابق عديدة، تكشف تورطهم في التحريض على المقاومة بغزة، حتى في ظل الحرب عام 2009م، حيث طالب بعض أقطاب السلطة الجيش الصهيوني مواصلة حربه، وعدم التوقف حتى إنهاء حكم حماس.
كما أن خطورة التقارير الصهيونية، حول سعي حماس للسيطرة على الضفة المحتلة، قد يدعو سلطة رام الله إلى التخلص من هذا الهاجس إلى الأبد، عبر دعم أو الموافقة على خطط لحرب ضروس جديدة، يشنها العدو الصهيوني على غزة، ليس لسواد عيون سلطة الوهم، بل للتخلص من أهم قلاع المقاومة والصمود والممانعة، في مواجهة المخططات الصهيونية.
التقرير الصهيوني يتوقع فشل المفاوضات ليس بسبب الاستيطان، أو التعنت الصهيوني في القضايا الكبرى، بل إن هذا الفشل هو بسبب سيطرة حماس على قطاع غزة، وحتى تنجح المفاوضات وتقوم الدولة الفلسطينية، يجب أن تنتزع غزة من حماس ولن يكون ذلك إلا بالقوة، ولما كانت السلطة عاجزة حسب التقرير الصهيوني، فإن ذلك يتطلب دعماً ممن يسعون إلى إنجاح المفاوضات، ويحرصون لعدم وصولها إلى الفشل، وفي طليعتهم أمريكا والأنظمة المهترئة في المنطقة، فتكون الحرب على غزة ذات أهداف نبيلة، يتم من خلالها القضاء على " الأشرار"، ودعم المفاوضات وإنجاحها، وترتكب هذه الجريمة بمباركة دولية وعربية، ويحقق العدو الصهيوني الهدف الاستراتيجي، الذي يسعى إليه بالقضاء على المقاومة بغزة، وإعادة سلطة التنسيق الأمني لتقيم نموذج الضفة، في الحرب على المقاومة والقيم والأخلاق.
يعلم العدو الصهيوني ومن خلفه كل الطامعين بالعودة إلى حكم شوارع ومخيمات، وأزقة غزة بأن غزة صعبة المنال، فهي اليوم أقوى بحصارها من عصر ازدهارها الوهمي، فغزة بمقاومتها لا تقبل الدنية في دينها، ولا ترضخ للتهديد والوعيد، وهي قلعة الجهاد وحفاظ القرآن الكريم.
فيا سلطة رام الله، حذارِ أن يلعب بكم العدو، ويصيركم جيوشاً في وزارة حربه، لتكونوا ضد شعبكم في غزة، من أجل سلطة مفقودة، فوحدة الشعب ضرورة شرعية وحتمية التحقيق بإذن الله عز وجل، والقضية ليست بسراب سلطة وبريق كرسي, بل هي التحرير للأرض والتطهير للمقدسات.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية