الخروج من الإطار
د. يوسف رزقة
لا فرق بين أبو حسن أوباما، ومنافسه على مقعد البيت الأبيض (ميت رومني) المرشح الجمهوري، في سياستهما الخارجية إزاء القضية الفلسطينية والصراع مع الاحتلال. (رومني) يقول: (قيام دولة فلسطينية أمر مستحيل؟!). ويقول: (إن حل الدولتين عديم الجدوى؟!) ويقول: (لا سلام، لأن الفلسطينيين يؤمنون بفكرة تدمير (إسرائيل) والقضاء عليها). ويستخلص مما تقدم من أقواله موقفا سياسيا محددا سيلتزم به عند فوزه، وخلاصته: (أنه سيعمل على فرض الاستقرار في المنطقة على قاعدة إبقاء الأوضاع على ما هي عليه، لأن المشكلة لا يمكن إنهاؤها).
إنك إذا تأملت هذه الأقوال جيدًا، واسترجعت أقوال ومواقف من سبقوه في رئاسة البيت الأبيض تدرك حقيقتين كبيرتين على أقل تقدير: الأولى تقول إنه لا خلاف في الموقف بينه وبين من سبقوه، من الجمهوريين ومن الديمقراطيين، وأنه لا خلاف بينه وبين أوباما، إلا في اللغة والأسلوب، فأوباما أكثر دبلوماسية، وصاحب لغة مراوغة، وميت رومني صريح في التعبير عن مشاعره ومواقفه، لذا استعمل كلمات (الاستحالة؟!) التي لا يستعملها أوباما، والاستحالة التي يزعمها كاذبة، وهي تقف عند حدود علمه وأمنيته، لأنها في علم الله، ثم عندنا فإنها ستقوم يقينًا وستزول دولة الاحتلال والغصب لا محالة، لأن الاحتلال عادة يدمر نفسه بنفسه قبل أن تمتد إليه يد الحق فتهدمه.
والثانية تقول: إن أقوال (رومني) وموقفه ليسا موقفًا انتخابيًا فحسب، وأن الموقف سيتغير لاحقا عند دخوله البيت الأبيض كما يرى بعض السذج المتعجلين. فالرجل يعبر عن اعتقاد، ويعبر عن مشاعر وعواطف تسكن خلاياه، وخلايا كل الرؤساء قبله. لقد حدد الرجل سياسة المستقبل باستبقاء الأوضاع الراهنة على ما هي عليه، وهذه السياسة المحددة هي خلاصة سياسة أوباما وموقفه على مدار أربع سنوات خلت، إذ لم تتحرك الأوضاع قدمًا إلى الأمام قيد أنملة، وحافظ أوباما على رعاية الموقف الإسرائيلي، وتهام الموقف الفلسطيني، والمفاوض الفلسطيني يمضغ الحصرم، ولا يستطيع حتى التقدم إلى مجلس الأمن للحصول على عضوية دولة تحت الاحتلال، مع أنها في نظرنا فكرة فاسدة لا تقدم ولا تؤخر، في حالة الوضع الراهن.
لقد حافظ الجمهوريون والديمقراطيون على أمن (إسرائيل) وتفوقها، واستبقوا الأمر الواقع، الذي يعني أن تتقدم (إسرائيل) في مشاريع التهويد والاستيطان وامتلاك الأرض، وحرمان الفلسطيني من الحياة الكريمة، ومن الدولة، الأمر الذي يجعلنا نفسر كلمة (الاستقرار) في كلام رومني، على أنه سيادة (إسرائيل) وتفوقها، ومنع مقاومة الاحتلال.
كلمة (الاستقرار)، وعبارة (المحافظة على الأوضاع الراهنة) تعني في اللغة الأمريكية تمكين (إسرائيل) من استكمال مشروعها على كامل الأرض الفلسطينية. لذا فإن على القادة الفلسطينيين واجب الخروج من إطار (الاستقرار)، ومن إطار (الأوضاع الراهنة)، ومن لم يخرج من الإطار سيبقى رهينة خاسرة للموقف الإسرائيلي الأمريكي، ومن ثم فعلى القادة الفلسطينيين مجتمعين ومتفرقين تحديد موقفهم وفهمهم لمصطلح الاستقرار والأوضاع الراهنة، وآليات الخروج من الإطار.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية