الذكري السنوية التاسعة لإستشهاد مؤسس كتائب القسام الشهيد صلاح شحادة

الجمعة 22 يوليو 2011

أسس كتائب القسام وأرعب المحتل الصهيوني

القائد صلاح شحادة.. محطات مضيئة لفارس مقدام

قبل تسع سنوات من الآن ودعت فلسطين أحد فرسانها الميامين على طريق الجهاد والمقاومة، في واحدة من أبشع جرائم الحرب التي اقترفها الاحتلال الصهيوني في ظل صمت دولي مريب.

ففي مساء الثاني والعشرين من يوليو 2002، أطلقت طائرات الاحتلال الصهيوني الحربية عدة صواريخ تجاه منطقة مكتظة بالسكان لتحيلها إلى ركام، ويستشهد القائد صلاح مصطفي محمد شحادة إلى جانب 17 مواطناً، فضلاً عن إصابة أكثر من 150 آخرين بجروح.

المولد والنشأة

ولد القائد في 24/2/ 1952 في مخيم الشاطىء للاجئين من عائلة هاجرت من مدينة يافا بعد احتلالها عام 48 إلى قطاع غزة .

وفي عام 1958 دخل المدرسة الابتدائية التابعة لوكالة الغوث، ودرس في بيت حانون المرحلة الإعدادية، إلى أن نال شهادة الثانوية العامة بتفوق من مدرسة فلسطين في غزة. ثم التحق بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية في الإسكندرية.

حصل الشيخ شحادة على المؤهل الجامعي بكالوريوس في الخدمة الاجتماعية من جمهورية مصر العربية، و لم تسمح له ظروفه المادية بالسفر إلى الخارج لإكمال دراسته العليا، وكان حصل على قبول لدراسة الطب والهندسة في جامعات تركيا وروسيا.

بدأ العمل في الدعوة فور عودته من مصر إلى قطاع غزة، ومن ثم عمل باحثاً اجتماعياً في مدينة العريش في صحراء سيناء، وعيّن لاحقاً مفتشاً للشؤون الاجتماعية في العريش، وبعد أن استعادت مصر مدينة العريش من العدو الصهيوني الغاصب في العام 1979 انتقل شحادة للإقامة في بيت حانون واستلم في غزة منصب مفتش الشؤون الاجتماعية لقطاع غزة.

تزوج في العام 1976 من زوجته التي استشهدت معه، وهو أب لستة بنات ولدت أصغرهن أثناء اعتقاله.


في بداية العام 1982 استقال من عمله في الشؤون الاجتماعية وانتقل للعمل في دائرة شؤون الطلاب في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة.


سيرته الجهادية

تميز الشيخ شحادة بشخصية فذة تمثل حقاً شخصية القائد المسلم الذي لا يعرف الكلل والملل ولا التراجع، يضم الجميع ويجمع راية المجاهدين، كان شعلة من النشاط، وعقلا مدبراً مخططاً يلجأ إليه الجميع عند الكروب والشدائد، ويلوذ به جنوده الأوفياء عند طلب النصح والمشورة والحكمة، كما تميز بالشخصية العسكرية الحكيمة التي تستطيع التدبير والموازنة بين الخيارات واتخاذ القرارات المناسبة.

يعتبر الشيخ صلاح شحادة مؤسس الجهاز العسكري الأول لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" والذي عرف باسم "المجاهدون الفلسطينيون"، ووجهت لهم تهم تشكيل خلايا عسكرية وتدريب أفرادها على استعمال السلاح، وإصدار أوامر بشن هجمات ضد أهداف عسكرية صهيونية بعد اعتقاله الأول.

وبعد أن خرج من السجن الذي قضى فيه الأحكام الظالمة التي صدرت بحقه والتي تعدت العشر سنوات, كان الشيخ أكثر صلابة وأكثر عزة, وخرج من المعتقل وهو يضع نصب عينية أن يذيق الصهاينة ويلات المجاهدين, وأن يجعلهم يدفعون ثمن جرائمهم غالياً, وهكذا لم يضع وقتاً طويلاً بعد الإفراج عنه حتى عاد الشيخ إلى قيادة كتائب القسام ليطور عملياته وإمكانياته، وليختفي عن الأنظار ويصبح المطلوب الأول لجيش الاحتلال الصهيوني خلال انتفاضة الأقصى.

وقد أوجع الشيخ شحادة الصهاينة بعمليات القسام الاستشهادية والعسكرية وصواريخ القسام التي تم تصنيعها وتطويرها بجهود ذاتية وإمكانيات متواضعة، والتي أوقعت في جنود العدو وقطعان مستوطنيه مئات القتلى والجرحى، وبقيت استخبارات العدو تلاحقه لتصفيته بعد أن أقض مضاجعهم ونكّل بهم، لكن الله عز وجل كتب له النجاة في محاولات صهيونية عديدة لاستهدافة.

وتمكن الشيخ شحادة - بعون الله - من إعادة بناء الجهاز العسكري لحركة "حماس" مع مطلع سنة 2000، بعد أن دمرته السلطة في عام 1996، ما بعد اتفاقية "أوسلو" الهدامة.


صبر على الابتلاء

تعرض الشيخ صلاح لأقسى صنوف التعذيب الجسدي والنفسي خلال فترة اعتقاله, وذكر الشيخ أن المحققين الصهاينة نتفوا لحيته شعرة شعرة حتى شك أن تنبت له لحية بعد ذلك, ناهيك عن أساليب الشبح والضرب المبرح جولات التحقيق التي لا تنتهي.

وقضى الشيخ سنوات سجنه صابراً محتسباً رغم كل الظروف القاسية التي أحاطت به، ورغم فترات طويلة من سجنه الانفرادي في زنزانة ضيقة، شغل نفسه فيها بحفظ القرآن وتلاوته والقيام وذكر الله والتضرع إليه سبحانه, فكان السجن عنده خلوة مع الله ، وتطهيراً للنفس، وكان فرصة للتفكير العميق والتخطيط الدقيق لابتكار أساليب جديدة في العمل العسكري المقاوم.


في سجون الاحتلال

اعتقلته سلطات الاحتلال في العام 1984 للاشتباه بنشاطه المعادي لها، غير أنه لم يعترف بشيء ولم يستطع الاحتلال الصهيوني إثبات أي تهمة ضده، لكنهم أصدروا ضده لائحة اتهام حسب قانون الطوارئ لسنة 1949، وهكذا قضى في المعتقل عامين.

بعد خروجه من المعتقل في العام 1986 شغل منصب مدير شؤون الطلبة في الجامعة الإسلامية إلى أن قررت سلطات الاحتلال إغلاق الجامعة في محاولة لوقف الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في العام 1987، غير أن الشيخ صلاح شحادة واصل العمل في الجامعة حتى اعتقل في آب/ أغسطس 1988 .

استمر التحقيق مع الشيخ منذ 18-8-1988 حتى 26-6-1989 في سجن السرايا، ثم انتقل من زنازين التحقيق إلى غرف الأسرى، وفي 14-5-1989م أعيد إلى زنازين التحقيق بعد أن تم الاعتراف عليه بمسؤولية الجهاز العسكري لحركة حماس، واستمر التحقيق لمدة 200 يوم، وبذلك بلغ مجمل التحقيق معه حوالي عام كامل.

كانت التهم الموجهة للشيخ تدور حول المسئولية عن الجهاز العسكري لحماس، وإصدار أوامر باختطاف الجنديين (سبورتس، وسعدون)، وقيادة حماس وجهازها الإعلامي في شمال قطاع غزة، وبذلك حكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات على تهمة قيادة "حماس" والجهاز الإعلامي في المنطقة الشمالية، أضيفت إليها ستة أشهر بدل غرامة رفض الشيخ المجاهد أن يدفعها للاحتلال.


ظل محتجزا في العزل الانفرادي والتحقيق منذ بداية اعتقاله وحتى آيار / مايو 1989 بعد أن فشل محققو جهاز الاستخبارات الصهيونية في انتزاع أي معلومات منه قرروا إنهاء التحقيق معه، غير أنه أعيد للتحقيق بعد فترة قصيرة بعد حملة اعتقالات واسعة في صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس. وأفرج عنه في 14-5-2000.

قهره لسجانيه

ومن مواقفه البطولية التي تنم عن روح التحدي والإصرار موقفه من زيارة في السجن من الإرهابي الصهيوني اللواء إسحاق مردخاي قائد المنطقة الجنوبية التي تضم قطاع غزة والنقب في جيش الاحتلال الصهيوني عام 1988، والذي شغل فيما بعد منصب وزير حرب العدو.

جيء يومها بالشيخ صلاح شحادة إلى مكتب مدير السجن وهو مقيد اليدين والرجلين, فأبى الشيخ أن يتحدث مع مردخاي حتى يتم فك قيوده، فاستدعى الجبان مردخاي الجنود لحمايته من الشيخ الأسير وأمر بفك قيوده، وسأله عن مكان جثث العسكريين الصهيونيين، فأنكر الشيخ صلاح صادقاً معرفته أو معرفة أحد من إخوانه السجناء بالمكان.

وعندما قال له الإرهابي مردخاي: "يا جنرال صلاح إنّ جنودك جبناء يكذبون" , رد عليه الشيخ صلاح: "اعلم أيها الجنرال أن رجالي مؤمنون وشجعان لا يعرفون الكذب ولا يجبنون، لقد اختطفوا جنودك وهم مدججون بالسلاح، بينما يقتل جنودك الأطفال والنساء والشيوخ والشباب العزل، وقد بالوا على أنفسهم عندما تمّ اختطافهم، وقبّـلوا أقدام المجاهدين لإطلاق سراحهم، وكانوا يصرخون ويبكون كالنساء ويستنجدون بأمهاتهم", عندها خرج الإرهابي من الغرفة وهو يجر أذيال الخيبة والخزي من رد الشيخ صلاح الحاد كالسيف.


خرج الشيخ صلاح شحادة من السجن يحمل تهديدا من ضباط المخابرات الصهيونية بضرورة اغتياله في حال قيامه بأية نشاطات ضد الاحتلال، وبعد عدة شهور قدم الشيخ استقالته من عمله وتفرغ لمقاومة الاحتلال، رافضا كل مغريات الحياة الدنيا وتهديدات العدو الصهيوني حتى لقي ربه شهيدًا كما أراد.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية