الذكري السنوية الخامسة لإستشهاد القائد أحمد أبو القمصان

الثلاثاء 22 نوفمبر 2011

الشهيد القائد أحمد درويش أبو القمصان

قائد لواء مخيم جباليا

كان حلمه يجري بين صخور الأيام، وهو يحمل روحه على كفه, أملاً بلقاء الله شهيدا في ساحات الوغى, ينتظر على شاطىء علقم الحياة أن تنبت الشهادة من جسده، ويهوي صريعاً وقد حلّقت روحه في السماء...

كان يمضي على دوما يعزف أناشيد النصر وأجمل معزوفات اللقاء,يحملُ سلاحاً من العزم والحماسة، وبسمةً مشرقة بوعد قريب.. كان يدري أن حمامات النصر تموت في صقيع الأشياء ما لم تلوِّن مناقيرها بالنجيع! كان يدري أن الحياة أكثر من أيام تمضي وأحلام تأتي، الحياة أوسع من بسمة.. أعمق من دمعة.. أكبر بكثير من كلمة..

انه الشهيد المجاهد القائد أحمد درويش أبو القمصان,"ابو درويش" إبن كتائب الناصر صلاح الدين وأحد قاداتها الميامين ومسئول مخيم جباليا .

ميلاده ونشأته

كانت الدنيا يوم 11-3-1974م,مع ميلاد مجاهد بطل صنديد, يحمل هم قضيته ودينه على كتفيه, المنهكين بحمل قيود القدس, والأقصى, فلم تكن عائلته تأمل في شيء, سوى ان تراه عريسا, يرفع رأسها بين الخلائق, ويكون لها شافعا يوم القيامة, ذلك كله لم يغير من مساره شيئا, فمضى على نفس الدرب, حتى نالها مطمئنا لوعد الله الي وعده عباده الصادقين.

من دير سنيد بدأت حكاية العائلة المجاهدة التي قدمت للوطن قائمة طويلة من الشهداء, أبرزهم الشيخ المؤسس إسماعيل أبو القمصان و فائق أبو القمصان, ,

وأحمد المعروف منذ صغره بحركةٍ دائمة ونشاطٍ لا يهدأ,لفحت الشمس سحنته بسمرة فلسطينية قاهرة، كان متميزاً بفطنةٍ ووعيٍ جعلا من شخصيته مقرّبةً من الجميع، إن على صعيد والديه وأخوته، أو أصدقائه، فهو القلب الكبير الذي يسمع الشكوى، واليد الحنون التي تبلسم جرح النفس، والعقلُ الذي يدبّر ويدير وينصح ويرشد، والبسمة التي تبدد غيوم الكآبة والحزن عن القلوب المثقلة بالأيام..

صفاته

نشأ احمد في بيئة طيبةٍ عابقة بالتواضع والألفة، بين أخوته كان الفتى المرتب، المهذب، السخي.

جاء نهاء بعد نهار, و الفتى اليافع يشتد عوده يوما بعد يوم, ليبدأ اثناء دراسته يساعد والده في العمل بالتجارة, ليحظى برضى وقبول عند والديه,ومحبوبا عند اخوانه فهو الأخ الكبير المؤمن الطاهر المحب، الذي يناقش أفكاره بلا تعصبٍّ، ويقنع الآخر باليقين.. لقد ملأ نزار زوايا البيت حياةً وحركةً وحبوراً، وحفظت جدرانه ضحكاته الرنانة.. من كان يداهمه الحزن، يطرق بابه أو يتصل به ليسافر به عبر كلماته بعيداً جداً عن أماكن الدمع.. كان يعشق الجلوس بين الأطفال ليلاعبهم ويسلّيهم، وبالمقابل كان محبوباً جداً من قبلهم، وينتظرون المناسبات للالتقاء به.. لقد حافظ على مكانه في دائرة الحياة بكونه مصدراً لسعادة الآخرين وراحتهم.

حصل على الشهادة الثانوية, ثم التحق ليعمل في الامن الوطني عسكريا, ليكون بذلك عين اخوانه المرابضة على الثغور يرصد ويسجل لهم تحركات العدو الصهيوني الجبان.

حياته

ولحب أحمد الجهاد في سبيل الله, كان يرفض الزواج مبكراً,غير أن إرضاء والديه كان لديه أكبر واهم, فعمل على تحقيق رغبتهم, وتزوج من إمرأة صالحة, وانجب منها , ثلاثة أولاد وثلاثة بنات, هم, درويش , يوسف, أحمد,غدير وعبير,ونسرين

كل همّه رضا الله، وأداء تكليفه الشرعي.. لقد عرف احمد أن الدنيا مجرد معبر إلى الآخرة، وأن الأولى موتٌ لمن يرغب عيشها، وخلودٌ لمن غادرها إلى ربه هانئاً مطمئناً.. فكان مجاهداً من مجاهدي المقاومة الشعبية الذين لم ينتظروا شمس غدٍّ في حياتهم، واختزلوا وجودهم بتعبيد طريق العروج نحو الله.. وإذا كان أهله لم يعرفوا تماماً طبيعة عمله الجهادية، فما كان يقيناً عندهم أنه اختار القلم الصحيح لتدوين عمره..

كان شهيدنا رياضيا من الدرجة الاولى, ويحب الجري ورفع الأثقال, ولم يكف رغم عمله المقاوم , والوظيفة العسكرية, عن التدريب على السلاح ومعرفة اسراره, حتى بات فنانا يعزف عليه كمن يعزف مقطوعة موسيقية.

رافق أحمد في حياته العديد من الشهداء القادة أمثال:" فائق أبو القمصان, وعطا الشنباري, وإسماعيل ابو القمصان, محمد البسيوني".

دماثة أخلاق احمد لم تمنعه من سداد ديون إخوانه, وأصدقائه عند مقدرته على ذلك.

موعد مع الشهادة:

لم تدم فرح أحمد واخوانه كثيراً بالاحتفال بالانسحاب الصهيوني من قطاع غزة, حتى بدأ العدو هجماته من جديد تجاه قطاع غزة,فشمر فارسنا الهمام عن ساعديه , وطلق الدنيا ثلاثا لا رجعة فيها, واعلنها مدوية:

هي الشهادة لا نبغي سواها,,,,,,,,, لرضى الإله نمضي لنرافق طه.

وفي اليوم الموعود, 23-11-2006م كان احمد ورفاقه على موعد مع الشهادة, ما ان تنادى لمسمعه نبأ توغل الاحتلال في شمال القطاع, حتى أخرج عبواته ,وصواريخه الى سيارته وانطلق الى ارض الميدان, فباغتته الطائرات الحربية, بمزيد من الصواريخ التي ارتقى على اثرها شهيدا, ونال ما كان يتمنى.

وقف العائدون على مشارف القرى المجاورة ينظرون من بعيد المواجهات داخل الموقع، وكان من بين الناظرين والديه وأطفاله الآتين لملاقاته في راميا.. كانت الطائرة تدمّر الموقع، وشفتي أم نزار تتمتم وعينيها ترمق بحسرة ألسنة النار المتصاعدة من بين الدشم: «اللهم اجعلها برداً وسلاماً، كما برّدت النار على ابراهيم».. وهدأت المواجهة بعد ساعات قصيرة.. ووصل كلٌّ إلى قريته، ولكن على وقع أنباء متتالية عن أسماء الشهداء الشرفاء الذي كللوا عرس الانتصار بإكليل غارٍ منسوج من الدماء الأبية.

توالت الأنباء والأسماء.. طال الانتظار، ونزار لم يأتِ بعد.. في صبيحة اليوم التالي، جاء أبو نزار وطلب إلى زوجته أن تتهيأ للحزن.. فنزار كان من الثُلة التي اختارها الله إلى جواره وقد بزغت شمس الحرية من جبينه..

ابتسم نزار صالح آخر ابتساماته عند تخوم النصر.. وكان وجهه شُهباً قل نظيره في فضاء المجاهدين.. لقد اتسمت حياته بكل المقومات التي تجعلها سعيدة وهانئة، فهو مهندسٌ ناجحٌ في عمله، وذو عائلة وأولاد محبين، إلاّ أنه لم يستطع أن يحس الحياة في الدنيا، وقد عرف أن «ما عند الله خير وأبقى»، فبقي شخصيةً واثقةً من خياراتها، عارفاً الهدف من وجوده، وقد أداه بكل أمانة في موقع بلاط..

لكل من بكى نزار أخاً وصديقاً وعزيزاً.. إن لرحيله أنيناً يجرحُ قيثارة الانتصار.. وحسبُنا في غيابه، إنه ترك حبه واحترامه وذكراه الطيبة في قلب كل من عرفه، صدقةً جاريةً كل حين.. ألف تحيةٍ للشهيد البطل نزار علي صالح.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية