العودة للمفاوضات مسلك خاطئ ...بقلم : إسماعيل الثوابتة

الجمعة 20 يناير 2012

العودة للمفاوضات مسلك خاطئ

إسماعيل الثوابتة
طبيعة المرحلة التي مرت بها القضية الفلسطينية إبان مسيرة المفاوضات مع (إسرائيل) على مدار أكثر من 20 عاما من الإذلال والمهانة وسلب الحقوق وانتهاك المقدسات واستمرار التهويد وتكثيف الاستيطان وقضم الأراضي وتشريد الناس والمقدسيين خصوصا، هي التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن من تجاوزات خطيرة وتجرّؤ على الحقوق والثوابت الفلسطينية، وإننا نعتقد جازمين بأننا إذا استمررنا على ما كان عليه المفاوض الفلسطيني، فإن حالنا لن يقتصر على العيش بٍِذل في بقعتين صغيرتين من فلسطين؛ بل إن مسيرة الإذلال ستقلّص حتى فتات ما تبقى من الضفة الغربية المحتلة وغزة.

إن الواقع يؤكد أن تحقيق المصالحة أفضل من حيث النتائج من تحقيق المفاوضات مع الاحتلال، فلو أننا وضعنا أيدينا في أيدي بعض من أجل توحيد الجبهة في وجه الاحتلال، حينها ستكون كلمتنا نحن الفلسطينيين مجتمعين هي العليا.

وكما يقول رسول الله في الحديث الذي بما معناه: "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين"، ولكن للأسف الشديد على مدار المرحلة الماضية فإن الواقع أظهر لنا أن المفاوض الفلسطيني لدغ من جحر واحد مرات متعددة، وللأسف أيضا فإنه يقابل ذلك بدفن رأسه في التراب، ويحاول إظهار أن ما يمارسه يدخل في إطار الانتصار للإرادة الفلسطينية ومواجهة الاحتلال بمنطق الكلمة!، ولكننا للأسف كم سمعنا من وعودات زائفة أُلقيت في سلة النتائج (المفترضة) للمفاوضات العقيمة، كم مرة سمعنا بـ (إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس)، إنها كانت ومازالت للأسف مجرد أحلام ليس إلا، لأن القدس بعد ذلك وجدناها أصبحت القدس الشرقية تارة، وتارة أخرى عاصمة لدولتين كما يحلو للمفاوض أن يصل إليه!!.

لماذا لا نسأل أنفسنا سؤالا؛ كم مرة وماذا استفدنا من مسيرة المفاوضات على مدار العقدين الماضيين؟ وهل يمكن لنا أن نستعرض ما عادت به علينا المفاوضات من إيجابيات؟ ثم إن عملية الاستفراد بالقرار الفلسطيني والانفراد بمبدأ المفاوضات مع الاحتلال (الإسرائيلي) دون إجماع وطني وفصائلي على ذلك فإن ذلك يضعف موقف المفاوض الفلسطيني نفسه، وبالتالي يكون سقف مطالبه أصلا عبارة عن سقف قزم لا يعبر بأي حال من الأحوال عن رأي وتطلعات الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات.

إن المطلوب في المرحلة الراهنة هو أن ندير ظهرنا للاحتلال وأن نتمترس ونتوحد معا من أجل توحيد الجبهة في وجه الاحتلال الذي يستفرد بالقدس والأقصى تهويدا واستيطانا وتشريدا وتهجيرا وإبعادا وعربدة .. علينا أن نكون أصحاب رسالة صارمة في وجه هذا الاحتلال المجرم الذي ما زال يمارس عدوانه على أبناء شعبنا الفلسطيني.

ولو استعرضنا التاريخ ومسيرة الاحتلالات في العالم كله، لوجدنا أن الاحتلال لم يخرج إلا بعد رص الصفوف وتوحيد الجبهات وممارسة مقاومة شرسة بكافة أشكالها، فالصمود والثبات في وجه أي احتلال تكون نهايته النصر الأكيد، هل تذكرون عندما تحدى غاندي ووحّد وجنّد معه الشعب الهندي ضد القوانين البريطانية التي كانت تحصر استخراج الملح بالسلطات البريطانية؟، لقد أدى ذلك في نهاية المطاف إلى انتصار إرادة الهنود على الاحتلال البريطاني وأذعنت بريطانيا وقتها لمطالب المقاومين الهنود.

إن التاريخ مليء بالأحداث والعبر والعظات التي تجعلنا نتمترس خلف توحيد الجبهة ورص الصفوف وعدم الاستمالة إلى قرارات خارجية تعود على القضية بالسوء وبنتائج سلبية، وبكل تأكيد فإن توحيد الجبهة ورص الصفوف والوحدة يعطي طابعا أكثر تماسكا للقضية كما ويعطي ذلك زخما لها باعتبار أن المتوحدين أقوى في المواجهة من كونهم متفرقين.

إننا نعتقد أنه من الخطأ الفادح أن نعود للمفاوضات للأسباب سابقة الذكر، لاسيما أننا قلنا مرارا وتكرارا بأننا لن نعود للمفاوضات قبل وقف الاستيطان!!، ولكن نرى العكس للأسف، فالاستيطان مازال ينهش القدس ويقطع أوصال مدننا وقرانا ومخيماتنا، ألم ترون المستوطنين وهم يطردون أهلنا ونساءنا من بيوتهم في القدس ويحتلونها بالتزامن مع الحديث عن عودة المفاوضات؟، وماذا عن إبعاد الشخصيات الاعتبارية والنواب عن القدس والأقصى وتشريد المقدسيين وهدم منازلهم ومصادرة عقاراتهم والتضييق عليهم؟!.

لقد آن الأوان للاعتذار لشعبنا الفلسطيني على المآسي التي لحقت بالقضية الفلسطينية من وراء المفاوضات التي لم نجنِ منها شيئا سوى الخسران على مدار العقدين الماضيين!، على الجميع أن يسلك مسلكا آخر غير مسلك المفاوضات، لأن المفاوضات فشلت بامتياز في تحقيق أدنى حلم من أحلامنا نحن أبناء الشعب الفلسطيني، وبالتالي فإننا سئمنا منها إلى أبعد ما تتصورون.

إننا على يقين بأن الاحتلال (الإسرائيلي) لا يعمل إلا من أجل تكبيدنا المزيد من الخسائر المتلاحقة، وإننا يجب أن لا نكون نرجسيين في أحلامنا، حتى لو أننا فكرنا بأن يعطينا مسئول في كيان الاحتلال في يوم من الأيام شيئا ولو بسيطا؛ فإن ذلك سيكون لعنة عليه من شعبه (المارق) الذي سيطالب بإسقاطه من الحكومة، وحينها سيطرد وستأتي من بعده شخصية احتلالية أخرى تواصل مسيرة الاستيطان والتهويد والعربدة وفي ذات الوقت سيتفق (معنا) على العودة إلى نقطة الصفر في المفاوضات من جديد!! أي منطق هذا؟.

كلنا مع الوحدة ورص الصفوف والتمترس خلف أحلام الشعب الفلسطيني وحقوقه وثوابته حتى النصر بإذن الله عز وجل، والله المستعان.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية