الفتوة.. ترسم خارطة الوطن
أيمن تيسير دلول
أطلقت وزارتا التربية والتعليم والداخلية والأمن الوطني في غزة للعام الثاني على التوالي مخيمات الفتوة “طلائع التحرير”، وهذه المخيمات تُقام خلال إجازة نصف العام وبمشاركة واسعة من طلبة المدارس الثانوية، وبكل تأكيد ما كان تكرار هذه المخيمات لولا النجاح الذي حققته مع انطلاقتها في العام الماضي.
البداية كان في العام الماضي وشارك حينها خمسة آلاف طالب، فتقبل المجتمع الفلسطيني الفكرة بترحيب كبير وقرر من تردد بإلحاق أبنائه العام الماضي الإسراع للدفع بهم نحو المشاركة في مخيمات العام الحالي، وبذلك ارتفعت الأعداد من خمسة آلاف في العام الأول لأكثر من ثلاثة عشر ألفا في العام الحالي.
بمجرد البدء بهذه المخيمات العام الماضي بدأ العدو الصهيوني ومن دار في فلكه بالبكاء والعويل كالعادة وقذف القائمين على هذه المخيمات بتهم من قبيل تنمية ورعاية “الإرهاب” وغيرها من التهم التي يفصلونها بمقاسهم الخاص، ونسي أو تناسى كل الرافضين لهذه المخيمات أن فلسطين لا تزال ترزح تحت حراب المحتل الصهيوني.
حضرت حفل الافتتاح للعام الثاني على التوالي، استمعت لكلمة وزير الداخلية فتحي حماد، فخاطب الطلاب المشاركين بمصطلح “الأبطال” وطلب منهم الإعداد وعدم إضاعة الوقت في قضايا هامشية وغير مفيدة، بل ودعاهم لإعداد خطط مختلفة للمرحلة المقبلة يكون عنوانها تحرير يافا وعكا والقسطينة وغيرها من المدن والبلدات الفلسطينية وصولا إلى القدس.
وخلال الاحتفال سألت وزير التربية والتعليم الدكتور أسامة المزيني: ألا تخشون أن يتهمكم الآخرون برعاية “الإرهاب”؟، فأجابني قائلا: إن بلدنا ووطننا محتل، وكل الشرائع والقوانين كفلت للشعوب المحتلة مواجهة الاحتلال، ونحن سنفعل كل شيء لإنهاء الاحتلال مهما كلف ذلك من ثمن. ليقولوا ما يشاءون.
أعجبتني كلماته، وأدركت بأننا نسير في الاتجاه الصحيح نحو الوطن التاريخي بعدما انحرفت بوصلتنا لعقود من الزمن، وفشلنا في اختيار الأدوات المناسبة لمواجهة الاحتلال.
لقد استذكرت جيدا وأنا أشاهد المئات من طلابنا يقضون أوقات إجازتهم في كل نافع ومفيد بدلا من التسكع في الشوارع وحرف “طاقة الشباب” في اتجاهات تذهب بفلسطين الوطن والقضية نحو الهاوية.
إن القائمين على هذه المخيمات يستحقون كل التقدير والاحترام والمؤازرة والتشجيع، فقول ربنا جل جلاله: “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ” يجب أن يرى النور من خلال تخطيط وتدريب وإعداد، كما أن ما نسمعه في خُطب الجمعة ويتم تكراره “علموا أبناءكم الرماية والسباحة وركوب الخيل”، بحاجة إلى إشراف وإعداد وتربية وتخطيط كذلك، وليس ترك شبابنا يتيه عن جادة الطريق.
إن مخيمات الفتوة التي يتلقى فيها شبابنا وطلابنا محاضرات أمنية تحصنهم من السقوط في أوحال العمالة، وعسكرية تمكنهم من الاستعداد لأي مواجهة مع العدو، وإيمانية ترتقي بروحهم وأنفسهم نحو القمة؛ هي مخيمات تصنع لنا شبابا لا يخشون الموت في سبيل الله دفاعا عن وطنهم وقضيتهم.
وفي المقابل، فإن “أبطال الفتوة” يختارون الطريق الصحيح لتفريغ انفعالاتهم، وتقويم سلوكهم، فالعسكرية انضباط والتزام، وهي صفات من خلالها نتغلب على ظواهر سلبية باتت تغزو الشباب الفلسطيني وتهدد ثقافته وأخلاقه من قبيل شعر واقف وبنطال ساحل، وسيجارة وسهرة شيشة، ورفاق سوء، هبوطا بكل تأكيد نحو هاوية لن نرسم من خلالها خارطة فلسطين الحقيقية التاريخية التي نستعيد من خلالها وطننا السليب من بين أنياب الأعداء.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية