القدس.. ضيف شرف المؤتمر الإسلامي ... بقلم : د. أيمن أبو ناهية

الأحد 10 فبراير 2013

القدس.. ضيف شرف المؤتمر الإسلامي

د. أيمن أبو ناهية

مر على احتلال مدينة القدس أربعة عقود ونصف العقد وهي تئن وتشكو من التهويد والاستيطان ولا تجد من ينصرها ويرفع ظلم الاحتلال عنها، وكأنها لا تهم العرب والمسلمين والمسيحيين. فالقدس أصبحت شبه مهودة بل وقد تغيرت معالمها تماما ولا يبقى فيها إلا القليل القليل من ذكرياتها الأصيلة، حيث تتعدد وسائل وفنون وأدوات الاحتلال الإسرائيلي في إضفاء الطابع اليهودي على كافة المعالم والمقدسات والرموز الإسلامية في القدس المحتلة، من خلال تهويد معالمها ومسمياتها التاريخية وتزوير ماضيها وحاضرها كإنشاء حدائق ومراكز توراتية تلمودية يهودية، وزرع قبور يهودية وهمية، وتغيير أسماء الشوارع والبلدات من العربية إلى اليهودية، وحفر الأنفاق أسفل المسجد الأقصى المبارك وسرقة الآثار والأحجار ونسبها إلى اليهودية، وبناء جدار الفصل العنصري وطرد المقدسيين وتهجيرهم من المدينة بعد الاستيلاء على ممتلكاتهم.

وفي سبيل تذويب الوجود الفلسطيني وتغيير زيه العربي والإسلامي من المدينة المقدسة، وجعلها مدينة يهودية بحتة، فقد عملت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تنفيذ توصية اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون القدس لعام 1973 برئاسة غولدا مائير والتي تقضي بأن لا يتجاوز عدد السكان الفلسطينيين في القدس 22% من المجوع العام للسكان، وذلك لإحداث خلخلة في الميزان الديمغرافي في المدينة، لذلك فقد لجأت سلطات الاحتلال إلى استخدام الكثير من الأساليب لتنفيذ هذه الوصية كفرض الضرائب الباهظة ومنع ترخيص البناء والإهمال الصحي والتعليمي وسحب الهويات من السكان العرب في القدس، حيث سحبت سلطات الاحتلال الهويات من أكثر من خمسة آلاف عائلة مقدسية.

هذا الواقع الذي يحاول الاحتلال فرضه وتثبيته على أرض الواقع في مدينة القدس، لا يترك خيارا عمليا لقيام الدولة الفلسطينية، ولاسيما مع استمرار الانقسام وحرص الاحتلال على تعميق شرخه وإبقائه على حاله ومحاصرة غزة وقطع أي اتصال لها مع الضفة جغرافيا وحتى بشريا لإفشال جهود المصالحة.

ومن المعروف أن الأطماع والمخططات الصهيونية لا تأتي من فراغ بالنسبة لهم، وإنما تنطلق من تفكير توسعي يستهدف ضم أوسع مساحة من الأرض والتخلص من أكبر عدد من الفلسطينيين، وأن المخططات الإسرائيلية لم تحد عن فلسطين كل فلسطين لتجعلها دولة يهودية صرفة خالية من الجنس العربي، وكان أول هذه المخططات ضم مدينة القدس وجعلها عاصمتها الأبدية.

لكنها لم توفق بتسويق هذه الفكرة ومن يستمع إليها رغم ما لديها من نفوذ وتأثير في دوائر صنع القرار دوليا، ولاسيما في الغرب، فقد رفضت جميع دول العالم الاعتراف بالقدس كعاصمة "لإسرائيل" كما رفضت الاقتراح الإسرائيلي بنقل سفارتها من "تل أبيب" إلى القدس، وقد سبقهم مجلس الأمن والجمعية العمومية واليونسكو برفض قرار الكنيست الإسرائيلي في عام 1980 بزعمه ضم مدينة القدس وجعلها عاصمتها.

فمدينة القدس تستحق من الجميع عربا ومسلمين اهتماما كبيرا وأفعالا لا أقوالا، والسعي بكل ما تمتلك من جهود وطاقات لإيقاف سياسة التهويد التي تشنها حكومة نتنياهو الأكثر تطرفا عليها بكل شراسة والتي تسارع الزمن من أجل تهويد مدينة القدس، حيث أعلن نتنياهو أن القدس ستظل عاصمة "إسرائيل" الأبدية، وسيتم ضم المستوطنات الكبيرة وتحديدا غوش عتصيون واريئيل وما يحيط بالقدس من مستوطنات عديدة واسعة مثل "معاليه ادوميم" و"بسجات زئيف" و"أي وان".

إن نصيب الاهتمام بمدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك من المؤتمر الإسلامي الذي عقد في القاهرة بمشاركة جميع رؤساء الدول العربية والإسلامية جاء للأسف كالعادة ضئيل جدا ولم يرق إلى المستوى المطلوب، مثل كل المؤتمرات الإسلامية السابقة، التي لم تحرك في الواقع شيئا ولم تجد نفعا، وكنا نأمل أن تأخذ قرارات المؤتمر بالنسبة للقدس نصيب الأسد وأن تكون هذه المرة أكثر حزما وجزما من المؤتمرات السابقة، قياسا بنجاح المؤتمر وانعقاده في مصر البلد المجاور لفلسطين وهي تحظى برئاسة جديدة وليدة ثورات الربيع العربي.

فدعم الشعب الفلسطيني سمعناه منذ زمن طويل من الأطراف العربية والإسلامية، وكلها وعود رمادية سرعان ما تتبخر طالما أنها لم ترق إلى مستوى الالتزام بالمسؤولية والإحساس بالواجب الأخلاقي قبل أن يكون واجبا دينيا، فالشعب الفلسطيني خط الدفاع الأول عن العرب والمسلمين في حماية مقدساته والدفاع عنها بالغالي والنفيس، على أمل أن يجد من يؤازره ويقف معه من أمته في معركته مع الاحتلال
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية