القدس مذكورة في القرآن .. رغم أنف نتنياهو
أ. خالد أبو عرفة
أ. خالد أبو عرفة
الذين ادعوا أن القدس ليست مذكورة في القرآن ..
ذكر الله إفسادهم في ذات السورة التي ذكرت القدس بأحب أسمائها إلى الله .
" القدس لم تذكر في القرآن " !! .. كلمة لو قالها رئيس الكيان الغاصب قبل وعشر سنين أو عشرين سنة!.. لقلنا إنه يشعر بالثقة والعنفوان ، ولربما كان الفلسطينيون يومئذ أقل ايماناً بحتمية النصر وقرب الانتصار ، لكن ما قاله رئيس الكيان عبر عن غيظه وحنقه ، اللذين جاءا متأخرين كثيراً .. وواضح أن ادعاءه هذا سببه ، ما يراه من أن الكيان ما عاد تلك الدولة التي تأمر وتنهى في طول الكرة الأرضية وعرضها ، وأن الأمر بات يتفلت من يدها ، وأن "هواة " تسلموا زمامها بقيادته ، يتقاذفون مصيرها كما يلوح الطفل الصغير بشيء ثمين بين يديه ، لا يدرك ما هو فاعل به .
نتنياهو يعلم علم اليقين ، أن الفلسطينيين اليوم .. قد التقفوا الكرة ، وأن الخطوة التالية هي لهم بلا شك ، وأن أحد أهم أسباب ثباتهم وصمودهم : أنهم انتبهوا أكثر من ذي قبل .. أن القدس فعلاً آية في القرآن .. بل هي في "وسط " القرآن .. وأنها تصدرت سورة الإسراء .. وأنها قد شرفها الله فسماها "مسجداً "في وقت لم يكن فيها بناء لمسجد .. غير كهف تعلوه صخرة مشرفة ، تدنست بفعل الإهمال والتقصير في حق قدسيتها .. إلى أن أسري إليها رسول العالمين صلـى الله عليه وسلم فزادها تشريفاً .. ثم تلاه عمر رضي الله عنه ليرفع عنها الأوساخ بثوبه الطاهر.
لقد شرف الله القدس وسماها " المسجد الأقصى " في حادثة الإسراء ، قبل الهجرة إلى المدينة بعام واحد ، وحيث لم يكن معروفاً للمسلمين سوى المسجد الحرام .. وكأن كلمة " الأقصى " والتي معناها " الأبعد" ، تشي بأن هناك مسجداً سيكون دون ذلك .. قصي .. وذاك الأقصى ، وتحققت النبوءة بعد الإسراء بسنة واحدة ، حيث هاجر رسول الله صلـى الله عليه وسلم إلى المدينة وبنى فيها مسجده الشريف . ويشهد بهذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال : قال رسول الله صلـى الله عليه وسلم: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا "، وفيه ذكر المسجد الأقصى قبل المسجد النبوي .
لكن حنق اليهود وحقدهم تعاظم ، بعدما ورث العرب والمسلمون النبوات .. فختمها محمد بن عبد الله من ولد إسماعيل ، وليس من بني إسرائيل كما تمنوا اليهود ومكروا . ثم جعل الله من المسلمين خير أمة أخرجت للناس ، وأورثهم الأرض المباركة " القدس" .. التي أبى اليهود أن يدخلوها لما أمرهم بذلك رسول الله موسى عليه السلام ، فقالوا :" يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها ، فاذهب أنت وربك فقاتلا ، إنا هاهنا قاعدون !! " ، بينما دخلوها لما دخلوها في العام 1967 ، عاصين لله ظالمين لعباده .. فاحتلوا وبطشوا وأفسدوا .. وذكر الله إفسادهم في ذات السورة التي شرف الله فيها "القدس" وأسماها بأحب أسماء المواقع اليه :" بيوت الله ".. التي أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه .. ونزل فيهم قوله تبارك وتعالى : "وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً ..".
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى القدس وأكنافها بأسماء وأوصاف أخرى .. ففي معرض بيان دفاعه عن نبييه إبراهيم ولوط عليهما السلام ، قال سبحانه وتعالى :" وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين ، ونجيناه ولوطاً الى الأرض التي باركنا فيها للعالمين "الأنبياء 70/71
وفي معرض بيان نعمته على نبيه سليمان - الذي أنكر اليهود عليه الرسالة والنبوة - قال سبحانه :"ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين" الأنبياء 81
وعرفها العرب دوما بالشام وأسموها إيلياء .. فمن حديث زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلـى الله عليه وسلم يقول :" يا طوبى للشام يا طوبى للشام " ، قالوا يا رسول الله : وبم ذاك ؟ قال :" تلك ملائكة الله باسطو أجنحتها على الشام " .
وفي الشام تمام أمر الدين وظهوره .. فكما أن مكة مبدأ الخلق وأول الأمر، فكذا بيت المقدس والشام منتهى الخلق .. ففيها يجتمع الأمر للمهدي المنتظر ، وفيها يحشر الناس يوم القيامة ، ومن حديث عبد الله بن حوالة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلـى الله عليه وسلم : " رأيت ليلة أسري بي عموداً أبيض كأنه لؤلؤة تحمله الملائكة ، فقلت ما تحملون ؟ فقالوا عمود الإسلام أمرنا أن نضعه بالشام ، وبينما أنا نائم رأيت عمود الكتاب اختلص من تحت رأسي ، فظننت أن الله تعالى قد تخلى عن أهل الأرض ، فأتبعته بصري ، وإذا هو نورٌ ساطع بين يدي حتى وضع بالشام "
ومن حديث معاوية بن قرة عن أبيه رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلـى الله عليه وسلم : " اذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم ، ولا تزال طائفة من أمتي منصورين ، لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة " .
وأما حديثنا في السياسة - نحن المقدسيون ومن خلفنا العرب والمسلمون - فهو ما رواه أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال : تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلـى الله عليه وسلم أيهما أفضل : أمسجد رسول الله أم بيت المقدس ؟ فقال رسول الله صلـى الله عليه وسلم : " صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ، ولنعم المصلى هو .. وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعا " . وهو حال الصراع اليوم بين المقدسيين المستضعفين العزل من جهة .. وبين آلة الدمار والاحتلال الصهيوني من جهة أخرى .
فالمقدسيون يحرصون أن يكون لهم مسكن يرون منه المسجد الأقصى ، ولو بمساحة حبل الفرس ، فيسكنون الغرفة الواحدة والمخزن الصغير والمغارة النائية ، بشرط أن يظل الأقصى في مرمى نظرهم .. بينما هم الاحتلال الأول تفريغ القدس والمسجد الأقصى من أهلها وسكانها والمرابطين فيها .
{ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ، إن الله قوي عزيز }
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية