شعبان عبدالرحمن
وعملية القصف الطائش تواصلها اليوم نفس الفرقة التي تعوَّد معظم رجالها الردح والرقص لنظام «مبارك»، أو من المنتفعين من عهده بصورة مباشرة وغير مباشرة، أو من أصحاب الفكر والرأي من النخبة المحترمة التي تكره سماع كلمة الإسلام كما تكره الموت.. هي هي نفس الفرقة التي جنَّدت نفسها ومازالت لتشويه الحركة الإسلامية منذ أمد بعيد، وتأبى اليوم إلا أن تواصل مهمتها غير المحترمة حتى آخر قطرة قلم.
ينطلق القصف من مواقع متعددة؛ حيث أوكار الحملة التي تعمل بشكل منفرد، لكن خيوط التنسيق والترتيب بينها - فيما يبدو - قوية، وتقودها شبكة الإعلام الأصفر الذي تحلل من قيم المهنة وضميرها وحرفيتها، وأسلم نفسه للافتراء.. هكذا شقَّ الأستاذ «مجدي الجلاد»، رئيس تحرير صحيفة «الوطن»، و«المصري اليوم» من قبل، شقَّ طريقه في عالم الصحافة عبر التلفيق، وكان مشروعه الصحفي الأكبر هو استهداف جماعة الإخوان المسلمين، فالرجل لا يستحيي ولا يخجل من نفسه وهو يؤلف من خياله خبر اصطحاب «أحمد»، أكبر أبناء الرئيس، للزعيم التونسي راشد الغنوشي لوداعه في مطار القاهرة، ومنحه قلادة على سبيل الهدية.. وقد سارعت صحيفة «الوفد» بالتقاط الخبر ووضعته - «عميانياً» ودون توثيق - على صدر صفحتها الأولى، وكذلك فعلت صحيفة «الأخبار» التي تُعتبر صحيفة قومية من المفترض أن تكون أكثر تدقيقاً فيما يصلها من أخبار عن رئيس الدولة.. وقد ثبت أن الخبر تم نسجه من خيال «مجدي الجلاد»، فقد نفاه متحدث باسم الرئاسة، ونفاه الشيخ راشد الغنوشي في بيان رسمي، كما نفاه «أسامة» شقيق «أحمد» على إحدى القنوات الفضائية، وثبت أن «أحمد» مازال موجوداً في السعودية، حيث يعمل طبيباً بأحد المستشفيات، لكن «مجدي الجلاد» أحضره للقاهرة ولمطارها ليودع الشيخ راشد الغنوشي!! وكان ينبغي أمام هذا النفي المؤكد من أطراف الخبر المزعوم أن يستحيي «مجدي الجلاد» ورئيسا تحرير «الوفد» و«الأخبار» بالاعتذار عن هذه الكذبة؛ احتراماً لأمانة المهنة، وليس اعتذاراً للرئيس، لكن عدم الاعتذار ينقص من قدر صاحبه ومصداقيته، ويزيد من قدر المفترى عليه.
وقصة «مجدي الجلاد» في فبركة الأخبار ضد جماعة الإخوان طويلة قبل ثورة 25 يناير وبعدها، والرجل يتقاضى على ذلك رواتب خيالية كرئيس للتحرير، لكنه يتقاضى في نفس الوقت جلداً لمهنته وضميره إن كان يعترف بالمهنة وأصولها أو يشعر أن له ضميراً، والأمر نفسه للسيد «سليمان جودة»، رئيس تحرير «الوفد»، صاحب «موقعة السخرية» من دعاء السفر الوارد عن النبي [ على طائرات شركة «مصر للطيران»، فقط الذي تحرك هو رئيس حزب «الوفد» بعد أن أدرك أن صحيفته تهوي بسمعة الحزب عبر ترويج الأخبار الكاذبة؛ فوجَّه خطاباً لرئيس مجلس إدارة الجريدة، مشيراً إلى معالجة الجريدة بعض الموضوعات التي أضرت بالحزب كثيراً، ومنها الخبر الذي نحن بصدده.
وعلى منوال هذا الخبر، تدير شبكة الإعلام الأصفر - عبر الصحافة والفضائيات - حملتها، وإن كان في المسألة لغز، فإن اللواء السابق شريف عاصم قد حلَّه بتصريحه أن هناك مجموعة من الإعلاميين يعملون طبقاً لأجندة أمنية ينفذونها جبراً، بعد تورطهم في ملفات غير أخلاقية يستعملها الأمن ويحركهم؛ لتخويف المواطنين وتخريب الدولة وزعزعة استقرارها. موقع آخر للقصف يبرز من داخل المحكمة الدستورية العليا، حيث تُرابِطُ المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة، وهي بالمناسبة الوحيدة - تقريباً - من المحكمة الدستورية التي تدلي بدلوها في الأمور السياسية، مشاركةً في الحملة الكثيفة ضد التيار الإسلامي، وآخر ما تفضلت به إعلانها بأن الرئيس الجديد ليس له خبرة في إدارة الدولة، ولم تقل لنا: ماذا فعل بمصر ولمصر «أبو» خبرة ثلاثين سنة غير الخراب؟! وإن كانت السيدة تهاني الجبالي تتحدث بكل حرية مفصحة عن عدائها للتيار الإسلامي بهذا الشكل، كيف يمكن أن يُرتجى العدل عندها إذا قُدِّر لها الحكم في قضية هم طرف فيها؟! وسؤالي لها كقاضية: هل صحيح أنك تنتمين إلى نادي «روتاري القاهرة»، ومعروف أن «سوزان مبارك» هي الرئيس لتلك النوادي التي تُعدُّ التنظيم السري للماسونية العالمية ذات الجذور الصهيونية؟ وماذا عن صداقتك لـ«سوزان مبارك»؟ إنها معركة حياة أو موت، تخوضها دولة النظام البائد العميقة من جانب بقيادة «عمر سليمان» و«أحمد شفيق»، ويساندها التيار العلماني المتطرف من جانب آخر، لمحاولة إعادة مصر إلى المربع الأول.. المربع الأسود.. ولكن هيهات!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية