القيادي موسى دودين: جرائم الاحتلال بالسجون تفوق غوانتنامو
دعا مسؤول ملف الأسرى في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" موسى دودين، الفصائل الفلسطينية إلى الاتفاق على برنامج وطني شامل للعمل على إطلاق سراح الأسرى بكافة الوسائل.
وقال دودين في مقابلة خاصة مع "المركز الفلسطيني للإعلام"، : إن وعد حماس بإطلاق سراح الأسرى، هو "التزام طبيعي ومشروع"، وأن حركته، "قالت في الماضي وفعلت، وستفعل إن شاء الله في المستقبل".
وشدد القيادي المحرر– الذي أمضى حوالي 19 عاما بسجون الاحتلال -على ضرورة زيادة حضور قضية الأسرى في أذهان الناس والرأي العام الدولي ونقل هذه القضية للمحاكم الدولية لملاحقة الجناة مجرمي الحرب ووضعهم تحت طائلة القصاص.
وكشف دودين عن جهود كبيرة تقوم بها منظمات في أوروبا من أجل ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة. كما استعرض واقع معاناة الأسرى في سجون الاحتلال، لافتاً إلى أن مليون فلسطيني خاضوا تجربة الاعتقال في تاريخ الاحتلال.
وأكد ضرورة إيجاد آليات لتوثيق جرائم الاحتلال في السجون، مشدداً على أن هذه الجرائم لم توثق حتى الآن وهي تفوق ما جرى الكشف عنه من جرائم في سجون "أبو غريب" و"غوانتنامو". مستشهدا على ذلك بما جرى عام 2007 في سجن "جلبوع" من تعرية 15 أسيراً بشكل كامل، ووضعهم في غرفة واحدة، أمام بعضهم ليوم كامل.
وطالب القيادي الفلسطيني السلطة برفض أي ابتزاز سياسي، كما انتقد اعتقالات السلطة للأسرى المحررين، وطالبها بكف يدها عن المقاومة، وترك الشعب الفلسطيني يمارس خياراته الوطنية.
وبدا القيادي دودين واثقاً، وهو يوجه رسالته للأسرى في سجون الاحتلال، قائلاً: "إن لحظة الحرية آتية لا محالة، أحسنوا الظن بالله، وتوكلوا عليه، ثم أحسنوا الظن بإخوانكم".
يذكر أن القيادي دودين اعتقل عام 1992 بتهمة قيادته خلايا تابعة لكتائب الشهيد عز الدين القسام في الخليل، بالتعاون مع الشهيد القائد عماد عقل، وأمضى 19 عاماً في سجون الاحتلال منها 12 عاماً في العزل، قبل أن يحرر ضمن صفقة وفاء الأحرار.
وفيما يلي نص المقابلة:
في يوم الأسير الفلسطيني، كيف تقرأ حرص "حماس" على تجديد الوعد بالعمل على إطلاق سراح الأسرى بكافة الوسائل؟
يوم الأسير الفلسطيني، هو يوم التأكيد على حرية الأسرى، وجاء هذا اليوم في 17 من نيسان عام 1974، في ذكرى تحرر أول أسير فلسطيني، محمود بكر حجازي؛ وبالتالي هو يدل على التأكيد على المعنى الوطني والشرعي والأخلاقي تجاه الالتزام بقضية الأسرى.
في هذا اليوم لا يمكن لأي فصيل فلسطيني، وعلى رأس هذه الفصائل حركة حماس؛ إلا التأكيد على حرية الأسرى بكل الوسائل؛ لأن هذا هو الأمر الطبيعي لهؤلاء المقاتلين من أجل الحرية؛ الذين صنعوا التاريخ المعاصر للقضية الفلسطينية، وبذلوا كل ما يستطيعون من أجل إعلاء القضية والثوابت.
هذا التزام طبيعي ومشروع، وكما قالت حماس في الماضي وفعلت، ستفعل في المستقبل إن شاء الله، والوسيلة معروفة ومجربة مع الاحتلال.
قضيت حوالي 19 عاما بسجون الاحتلال.. ما أهم المعطيات المتوفرة لديك عن واقع ومعاناة الأسرى؟
في يوم الأسير علينا أن نتذكر مأساة نصف قرن من المعاناة.. أكثر من مليون فلسطيني في هذا التاريخ نتذكر أنهم دخلوا سجون الاحتلال الصهيوني.
في هذا التاريخ ندرك أن هؤلاء الـ5100 أسير المعتقلين حالياً ليسوا هم الجسم الوحيد للأسرى، فهناك كل يوم أسرى يعتقلون وآخرون يفرج عنهم. هذا العدد المهول تعرض للتعذيب والتفتيش العاري وامتهان الكرامة والضرب.
في السجون الصهيونية تُنتقص وتُنتهك الحقوق الإنسانية كل يوم، ولكن لا يوجد من يوثق هذه الجرائم.
حينما أقول هناك 5100 أسير حالياً في سجون الاحتلال، فهؤلاء منهم 410 أسرى من قطاع غزة، 4400 من الضفة الغربية، و240 من القدس وفلسطيني الأراضي المحتلة منذ عام 1948، و210 أطفال، و20 أسيرة، و11 نائباً، 1200 أسير مريض. هذه الأعداد يجب أن توثق، ومآسيها وما تعانيه يجب أن يوثق.
كيف تقييم التفاعل الرسمي والشعبي والعربي مع قضية الأسرى؟ وما هو المطلوب لنصرة هذه القضية؟
في الحقيقة أنا مسرور؛ لأنه هناك اليوم الحملة الدولية للدفاع عن الأسرى، أرى كثير من المنظمات العربية والإسلامية تتفاعل مع هذه القضية، في تونس ونيجريا والصومال قضية الأسرى بدأت تقتحم وعي الناس والجماهير.
لابد من زيادة هذا الضغط وزيادة تفعيل حضور هذه القضية في أذهان الناس والرأي العام الدولي ولابد من نقل هذه القضية للمحاكم الدولية لملاحقة الجناة مجرمي الحرب ووضعهم تحت طائلة القصاص.
من جهة أخرى، مطلوب أن تكون انتفاضة حقيقية؛ الصهاينة لا يخافون إلا من تردي الوضع الأمني.
فعندما يخرج الناس من أجل قضية الأسرى، ويكون هناك جهد مركز من الفصائل للعمل لصالح قضية الأسرى ونيل حريته، عندما تصبح قضية الأسرى قضية فلسطينية وعربية ودولية، أنا أؤكد أن قضية الأسرى ستغلق خلال أقل من عام.
وعلى كل حال، لدينا مأساة كبيرة في سجون الاحتلال علينا أن نتذكر هذه المأساة.. على شعبنا أن يتذكر هذه الحقائق كل يوم. وعلى الفصائل الفلسطينية أن تعقد مؤتمراً على مستوى قادتها، لنقاش قضية الأسرى وأن تتفق على برنامج وطني للعمل على إطلاق سراح الأسرى.
كثر في الآونة الحديث عن برنامج وطني لإطلاق سراح الأسرى، ما هي ملامح هذا البرنامج برأيك؟
أقول للأسف، يقولون إن المفاوضات أفرجت عن أسرى، لست ضد الإفراج عن أي أسير؛ بل نحن نُسر لأي إفراج، فالإخوة الذين أفرج عنهم؛ نسيتهم أوسلو لمدة عشرين عاماً.
كما أن المفاوض الذي نسيهم عشرين عاماً، أفرج عن بعضهم ونسي البعض، وها هو العدو تنكر لإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى. لا يعني هذا القول أننا لا نفرح لإطلاق سراح الأسرى، على العكس نحن مسرورون للإفراج عن أي أسير وبأي وسيلة.
لكن لننظر في صفقة وفاء الأحرار، تم الإفراج عن أكثر من ألف أسير وكلهم من الأحكام العالية؛ لذلك على الفصائل أن تتفق وتذهب إلى برنامج وطني شامل، الطريق معروف، هو أسر الجنود ونيل حرية هؤلاء الأسرى، أما أن يبتزنا الاحتلال ويحدد هذا الاسم ويرفض ذاك فهذا غير مجدي.
تحدثت مراراً عن أهمية توثيق الجرائم بحق الأسرى في سجون الاحتلال، فما الطريق لإيجاد آليات لذلك؟
أولاً نحن لدينا عبر تاريخ طويل أكثر من 205 شهداء، سقطوا في سجون الاحتلال، هؤلاء لم يسقطوا لأنهم كانوا في رحلة استجمام وسقط أحدهم عن جبل، أو حادث سيارة، هؤلاء قتلهم الاحتلال، صفّاهم بدم بارد. منهم من قتل تحت التعذيب من مسافة صفر. لدي أسماء أسرى أُطْلقت عليهم النار من مسافة صفر. هذه الجرائم لم توثق... من الذي وثق هذه الجرائم؟
كانوا يقولون هناك انتهاكات وجرائم في سجن أبو غريب وغوانتنامو، تم نشر وتوثيق ذلك بالصور، ولكن في سجون الاحتلال لا يوجد توثيق للجرائم التي تقترف بشكل يومي، ونحن بحاجة لذلك.
لابد من عولمة هذه القضية ولابد أن يتفاعل العالم مع هذه القضية وتأخذ جواز سفر ليرى العالم حقيقة ما تقترفه قوات الاحتلال بحق أسرانا. فجرائم الاحتلال اليومية يتم الطمس عليها، نحن بحاجة لفضح "إسرائيل" في المحافل الدولية.
تحدثت عن المحاكم الدولية والتوثيق، هل تقومون بجهد في هذا الإطار من خلال تواجدكم بالخارج؟
هناك جهود كبيرة تبذل، حتى في أوروبا هناك منظمات تعمل، وتوجد هناك حركة نشطة في دراسة السبل الكفيلة في ملاحقة الجناة في سجون الاحتلال الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية، هناك شهادات من أسرى كانوا شهوداً على جرائم بشعة للاحتلال في السجون.
أضرب لك مثلاً واحداً في سجن جلبوع عام 2007، تم تعرية 15 أسيراً بشكل كامل، ووضعهم في غرفة واحدة، أمام بعضهم ليوم كامل. هذه جريمة لم توثق نحن بحاجة لتوثيق ذلك.
بعد ثلاث سنوات من صفقة وفاء الأحرار، ما هو تقييمك للصفقة، وهل ممكن أن تتكرر في المنظور القريب؟
من الممكن أن يختلف بعض الناس في التقييمات، لكن لا يمكن الاختلاف أن صفقة وفاء الأحرار كانت إنجازاً تاريخياً، فهذه أول مرة منذ بدأ الاحتلال الصهيوني إلى يوم الصفقة، يستطيع فصيل فلسطيني أسر جندي صهيوني في داخل فلسطين، ويستطيع الاحتفاظ به لمدة 5 سنوات، ويكسر كل المعايير، من ثم ينجز صفقة تبادل بهذا الحجم، وهذا العدد وهذا لم يحدث أبدًا من قبل.
هي صفقة تاريخية وإنجاز كبير، ربما هناك بعض الأسماء قد حدث إخفاق في أن تشملها الصفقة؛ لكن بما أن الصفقة حدثت فقد نجحت في كسر معايير الاحتلال، وسجلت إنجازاً تاريخياً، كما أنها هيأت الظروف لإنجاز أي صفقة في المستقبل على قاعدة كسر المعايير.
كيف تقرأ رضوخ مصلحة السجون الصهيونية لمطالب الأسرى بإخراج القائد إبراهيم حامد وضرار أبو سيسي من العزل؟
المعركة مع مصلحة السجون معقدة وتحتاج دائماً لدراسة، ومن البداية كنت واثقاً، حينما تختار الوقت الحقيقي تستطيع أن تفرض على عدوك نتائج المعركة سلفاً، وتحقق ما تريد.
العدو مأزوم؛ لأن المفاوضات متعثرة، وهو تراجع عن إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى، وبالتالي الجو كان متهيئاً تماما في حال حدوث تصعيد في السجون؛ لاشتعال انتفاضة في الضفة، وأن يشتعل في غزة، وأكثر من ساحة، وبالتالي العدو كان متحسباً لكل ذلك.
وبمجرد قيام الإخوة بحساب جيد لهذه الخطوة والإعداد لها، والتكاتف الوطني والفصائلي كان هذا النجاح، وكان هذا الرضوخ من الاحتلال؛ وهذا يدل على الإرادة الصلبة لإخواننا داخل السجون، والقيادة الحكيمة التي تقدر وقت الخطوة وكيفية التعامل مع مصلحة السجون في الوقت المناسب.
ما دلالات تراجع الاحتلال عن إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى؟
حكومة الاحتلال تخضع لابتزازالمستوطنين، أيضا الاحتلال يحاول ابتزاز المفاوض لفرض المزيد من التنازلات، إضافة إلى أن"الليكود" لديه قرار استراتيجي بعدم إعطاء تنازلات سياسية في هذه المرحلة التي يمر فيها الإقليم.
نحن نعرف الصهاينة ونعرف كيف يتصرفون، وبالتالي هم يبحثون عن أي مبرر جديد لتفجير المفاوضات، ومحاولة التملص من أي التزام، وهم يحاولون أيضا إرغام قيادة السلطة على التنازل من خلال قولهم خذوا بعض الأسماء وليس كل الأسماء من الدفعة الرابعة.
وبالتالي المطلوب من السلطة أن تقف موقفاً تاريخياً برفض أي ابتزاز سياسي، وطريق تحرير الأسرى معروف، وفي تقديري التجربة تثبت ذلك.
ما رسالتك للسلطة وأجهزتها الأمنية التي تعتقل أسرى محررين بالضفة الغربية؟
مطلوب من السلطة أن تكف يدها عن مقاومة شعبنا، لا أحد يطلب منهم إطلاق النار تجاه الصهاينة، ولا أحد يطلب منهم أن يشنوا حربا. لكن نقول لهم اتركوا الحرية لهذا الشعب بأن يمارس خياراته، ليس أكثر من ذلك.
هل يوجد فعاليات خاصة ستقومون بها بالمناسبة في الخارج؟
هناك الحملة الدولية للدفاع عن الأسرى، وهي حملة في دول كثيرة عربية وإفريقية وأوروبية، وهي حملة ترعاها عشرات المنظمات، وهناك فعاليات في لبنان وتونس والأردن، وفي قطر سيكون الخميس (17-4) فعالية كبيرة تحضرها قيادات الحركة وشخصيات كبيرة من الوجوه المعروفة بالبلد.
أنا مستبشر خيراً، في كل أرجاء الوطن سيكون هناك فعاليات كبيرة، الكل يتفاعل مع قضية الأسرى بشكل حقيقي وجاد وهذا يبشر بالخير.
في يوم الأسير الفلسطيني.. ما رسالتكم للأسرى الفلسطينيين بسجون الاحتلال؟
أقول لهم نحن لا نذكركم في يوم واحد نذكركم في كل الأيام، لا أريد أن أخوض في الكثير من التفاصيل. أعتقد شيئاً واحداً، وأعيش يقيناً، أن لحظة الحرية آتية لا محالة، أحسنوا الظن بالله، وتوكلوا عليه، ثم أحسنوا الظن بإخوانكم.
دعا مسؤول ملف الأسرى في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" موسى دودين، الفصائل الفلسطينية إلى الاتفاق على برنامج وطني شامل للعمل على إطلاق سراح الأسرى بكافة الوسائل.
وقال دودين في مقابلة خاصة مع "المركز الفلسطيني للإعلام"، : إن وعد حماس بإطلاق سراح الأسرى، هو "التزام طبيعي ومشروع"، وأن حركته، "قالت في الماضي وفعلت، وستفعل إن شاء الله في المستقبل".
وشدد القيادي المحرر– الذي أمضى حوالي 19 عاما بسجون الاحتلال -على ضرورة زيادة حضور قضية الأسرى في أذهان الناس والرأي العام الدولي ونقل هذه القضية للمحاكم الدولية لملاحقة الجناة مجرمي الحرب ووضعهم تحت طائلة القصاص.
وكشف دودين عن جهود كبيرة تقوم بها منظمات في أوروبا من أجل ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة. كما استعرض واقع معاناة الأسرى في سجون الاحتلال، لافتاً إلى أن مليون فلسطيني خاضوا تجربة الاعتقال في تاريخ الاحتلال.
وأكد ضرورة إيجاد آليات لتوثيق جرائم الاحتلال في السجون، مشدداً على أن هذه الجرائم لم توثق حتى الآن وهي تفوق ما جرى الكشف عنه من جرائم في سجون "أبو غريب" و"غوانتنامو". مستشهدا على ذلك بما جرى عام 2007 في سجن "جلبوع" من تعرية 15 أسيراً بشكل كامل، ووضعهم في غرفة واحدة، أمام بعضهم ليوم كامل.
وطالب القيادي الفلسطيني السلطة برفض أي ابتزاز سياسي، كما انتقد اعتقالات السلطة للأسرى المحررين، وطالبها بكف يدها عن المقاومة، وترك الشعب الفلسطيني يمارس خياراته الوطنية.
وبدا القيادي دودين واثقاً، وهو يوجه رسالته للأسرى في سجون الاحتلال، قائلاً: "إن لحظة الحرية آتية لا محالة، أحسنوا الظن بالله، وتوكلوا عليه، ثم أحسنوا الظن بإخوانكم".
يذكر أن القيادي دودين اعتقل عام 1992 بتهمة قيادته خلايا تابعة لكتائب الشهيد عز الدين القسام في الخليل، بالتعاون مع الشهيد القائد عماد عقل، وأمضى 19 عاماً في سجون الاحتلال منها 12 عاماً في العزل، قبل أن يحرر ضمن صفقة وفاء الأحرار.
وفيما يلي نص المقابلة:
في يوم الأسير الفلسطيني، كيف تقرأ حرص "حماس" على تجديد الوعد بالعمل على إطلاق سراح الأسرى بكافة الوسائل؟
يوم الأسير الفلسطيني، هو يوم التأكيد على حرية الأسرى، وجاء هذا اليوم في 17 من نيسان عام 1974، في ذكرى تحرر أول أسير فلسطيني، محمود بكر حجازي؛ وبالتالي هو يدل على التأكيد على المعنى الوطني والشرعي والأخلاقي تجاه الالتزام بقضية الأسرى.
في هذا اليوم لا يمكن لأي فصيل فلسطيني، وعلى رأس هذه الفصائل حركة حماس؛ إلا التأكيد على حرية الأسرى بكل الوسائل؛ لأن هذا هو الأمر الطبيعي لهؤلاء المقاتلين من أجل الحرية؛ الذين صنعوا التاريخ المعاصر للقضية الفلسطينية، وبذلوا كل ما يستطيعون من أجل إعلاء القضية والثوابت.
هذا التزام طبيعي ومشروع، وكما قالت حماس في الماضي وفعلت، ستفعل في المستقبل إن شاء الله، والوسيلة معروفة ومجربة مع الاحتلال.
قضيت حوالي 19 عاما بسجون الاحتلال.. ما أهم المعطيات المتوفرة لديك عن واقع ومعاناة الأسرى؟
في يوم الأسير علينا أن نتذكر مأساة نصف قرن من المعاناة.. أكثر من مليون فلسطيني في هذا التاريخ نتذكر أنهم دخلوا سجون الاحتلال الصهيوني.
في هذا التاريخ ندرك أن هؤلاء الـ5100 أسير المعتقلين حالياً ليسوا هم الجسم الوحيد للأسرى، فهناك كل يوم أسرى يعتقلون وآخرون يفرج عنهم. هذا العدد المهول تعرض للتعذيب والتفتيش العاري وامتهان الكرامة والضرب.
في السجون الصهيونية تُنتقص وتُنتهك الحقوق الإنسانية كل يوم، ولكن لا يوجد من يوثق هذه الجرائم.
حينما أقول هناك 5100 أسير حالياً في سجون الاحتلال، فهؤلاء منهم 410 أسرى من قطاع غزة، 4400 من الضفة الغربية، و240 من القدس وفلسطيني الأراضي المحتلة منذ عام 1948، و210 أطفال، و20 أسيرة، و11 نائباً، 1200 أسير مريض. هذه الأعداد يجب أن توثق، ومآسيها وما تعانيه يجب أن يوثق.
كيف تقييم التفاعل الرسمي والشعبي والعربي مع قضية الأسرى؟ وما هو المطلوب لنصرة هذه القضية؟
في الحقيقة أنا مسرور؛ لأنه هناك اليوم الحملة الدولية للدفاع عن الأسرى، أرى كثير من المنظمات العربية والإسلامية تتفاعل مع هذه القضية، في تونس ونيجريا والصومال قضية الأسرى بدأت تقتحم وعي الناس والجماهير.
لابد من زيادة هذا الضغط وزيادة تفعيل حضور هذه القضية في أذهان الناس والرأي العام الدولي ولابد من نقل هذه القضية للمحاكم الدولية لملاحقة الجناة مجرمي الحرب ووضعهم تحت طائلة القصاص.
من جهة أخرى، مطلوب أن تكون انتفاضة حقيقية؛ الصهاينة لا يخافون إلا من تردي الوضع الأمني.
فعندما يخرج الناس من أجل قضية الأسرى، ويكون هناك جهد مركز من الفصائل للعمل لصالح قضية الأسرى ونيل حريته، عندما تصبح قضية الأسرى قضية فلسطينية وعربية ودولية، أنا أؤكد أن قضية الأسرى ستغلق خلال أقل من عام.
وعلى كل حال، لدينا مأساة كبيرة في سجون الاحتلال علينا أن نتذكر هذه المأساة.. على شعبنا أن يتذكر هذه الحقائق كل يوم. وعلى الفصائل الفلسطينية أن تعقد مؤتمراً على مستوى قادتها، لنقاش قضية الأسرى وأن تتفق على برنامج وطني للعمل على إطلاق سراح الأسرى.
كثر في الآونة الحديث عن برنامج وطني لإطلاق سراح الأسرى، ما هي ملامح هذا البرنامج برأيك؟
أقول للأسف، يقولون إن المفاوضات أفرجت عن أسرى، لست ضد الإفراج عن أي أسير؛ بل نحن نُسر لأي إفراج، فالإخوة الذين أفرج عنهم؛ نسيتهم أوسلو لمدة عشرين عاماً.
كما أن المفاوض الذي نسيهم عشرين عاماً، أفرج عن بعضهم ونسي البعض، وها هو العدو تنكر لإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى. لا يعني هذا القول أننا لا نفرح لإطلاق سراح الأسرى، على العكس نحن مسرورون للإفراج عن أي أسير وبأي وسيلة.
لكن لننظر في صفقة وفاء الأحرار، تم الإفراج عن أكثر من ألف أسير وكلهم من الأحكام العالية؛ لذلك على الفصائل أن تتفق وتذهب إلى برنامج وطني شامل، الطريق معروف، هو أسر الجنود ونيل حرية هؤلاء الأسرى، أما أن يبتزنا الاحتلال ويحدد هذا الاسم ويرفض ذاك فهذا غير مجدي.
تحدثت مراراً عن أهمية توثيق الجرائم بحق الأسرى في سجون الاحتلال، فما الطريق لإيجاد آليات لذلك؟
أولاً نحن لدينا عبر تاريخ طويل أكثر من 205 شهداء، سقطوا في سجون الاحتلال، هؤلاء لم يسقطوا لأنهم كانوا في رحلة استجمام وسقط أحدهم عن جبل، أو حادث سيارة، هؤلاء قتلهم الاحتلال، صفّاهم بدم بارد. منهم من قتل تحت التعذيب من مسافة صفر. لدي أسماء أسرى أُطْلقت عليهم النار من مسافة صفر. هذه الجرائم لم توثق... من الذي وثق هذه الجرائم؟
كانوا يقولون هناك انتهاكات وجرائم في سجن أبو غريب وغوانتنامو، تم نشر وتوثيق ذلك بالصور، ولكن في سجون الاحتلال لا يوجد توثيق للجرائم التي تقترف بشكل يومي، ونحن بحاجة لذلك.
لابد من عولمة هذه القضية ولابد أن يتفاعل العالم مع هذه القضية وتأخذ جواز سفر ليرى العالم حقيقة ما تقترفه قوات الاحتلال بحق أسرانا. فجرائم الاحتلال اليومية يتم الطمس عليها، نحن بحاجة لفضح "إسرائيل" في المحافل الدولية.
تحدثت عن المحاكم الدولية والتوثيق، هل تقومون بجهد في هذا الإطار من خلال تواجدكم بالخارج؟
هناك جهود كبيرة تبذل، حتى في أوروبا هناك منظمات تعمل، وتوجد هناك حركة نشطة في دراسة السبل الكفيلة في ملاحقة الجناة في سجون الاحتلال الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية، هناك شهادات من أسرى كانوا شهوداً على جرائم بشعة للاحتلال في السجون.
أضرب لك مثلاً واحداً في سجن جلبوع عام 2007، تم تعرية 15 أسيراً بشكل كامل، ووضعهم في غرفة واحدة، أمام بعضهم ليوم كامل. هذه جريمة لم توثق نحن بحاجة لتوثيق ذلك.
بعد ثلاث سنوات من صفقة وفاء الأحرار، ما هو تقييمك للصفقة، وهل ممكن أن تتكرر في المنظور القريب؟
من الممكن أن يختلف بعض الناس في التقييمات، لكن لا يمكن الاختلاف أن صفقة وفاء الأحرار كانت إنجازاً تاريخياً، فهذه أول مرة منذ بدأ الاحتلال الصهيوني إلى يوم الصفقة، يستطيع فصيل فلسطيني أسر جندي صهيوني في داخل فلسطين، ويستطيع الاحتفاظ به لمدة 5 سنوات، ويكسر كل المعايير، من ثم ينجز صفقة تبادل بهذا الحجم، وهذا العدد وهذا لم يحدث أبدًا من قبل.
هي صفقة تاريخية وإنجاز كبير، ربما هناك بعض الأسماء قد حدث إخفاق في أن تشملها الصفقة؛ لكن بما أن الصفقة حدثت فقد نجحت في كسر معايير الاحتلال، وسجلت إنجازاً تاريخياً، كما أنها هيأت الظروف لإنجاز أي صفقة في المستقبل على قاعدة كسر المعايير.
كيف تقرأ رضوخ مصلحة السجون الصهيونية لمطالب الأسرى بإخراج القائد إبراهيم حامد وضرار أبو سيسي من العزل؟
المعركة مع مصلحة السجون معقدة وتحتاج دائماً لدراسة، ومن البداية كنت واثقاً، حينما تختار الوقت الحقيقي تستطيع أن تفرض على عدوك نتائج المعركة سلفاً، وتحقق ما تريد.
العدو مأزوم؛ لأن المفاوضات متعثرة، وهو تراجع عن إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى، وبالتالي الجو كان متهيئاً تماما في حال حدوث تصعيد في السجون؛ لاشتعال انتفاضة في الضفة، وأن يشتعل في غزة، وأكثر من ساحة، وبالتالي العدو كان متحسباً لكل ذلك.
وبمجرد قيام الإخوة بحساب جيد لهذه الخطوة والإعداد لها، والتكاتف الوطني والفصائلي كان هذا النجاح، وكان هذا الرضوخ من الاحتلال؛ وهذا يدل على الإرادة الصلبة لإخواننا داخل السجون، والقيادة الحكيمة التي تقدر وقت الخطوة وكيفية التعامل مع مصلحة السجون في الوقت المناسب.
ما دلالات تراجع الاحتلال عن إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى؟
حكومة الاحتلال تخضع لابتزازالمستوطنين، أيضا الاحتلال يحاول ابتزاز المفاوض لفرض المزيد من التنازلات، إضافة إلى أن"الليكود" لديه قرار استراتيجي بعدم إعطاء تنازلات سياسية في هذه المرحلة التي يمر فيها الإقليم.
نحن نعرف الصهاينة ونعرف كيف يتصرفون، وبالتالي هم يبحثون عن أي مبرر جديد لتفجير المفاوضات، ومحاولة التملص من أي التزام، وهم يحاولون أيضا إرغام قيادة السلطة على التنازل من خلال قولهم خذوا بعض الأسماء وليس كل الأسماء من الدفعة الرابعة.
وبالتالي المطلوب من السلطة أن تقف موقفاً تاريخياً برفض أي ابتزاز سياسي، وطريق تحرير الأسرى معروف، وفي تقديري التجربة تثبت ذلك.
ما رسالتك للسلطة وأجهزتها الأمنية التي تعتقل أسرى محررين بالضفة الغربية؟
مطلوب من السلطة أن تكف يدها عن مقاومة شعبنا، لا أحد يطلب منهم إطلاق النار تجاه الصهاينة، ولا أحد يطلب منهم أن يشنوا حربا. لكن نقول لهم اتركوا الحرية لهذا الشعب بأن يمارس خياراته، ليس أكثر من ذلك.
هل يوجد فعاليات خاصة ستقومون بها بالمناسبة في الخارج؟
هناك الحملة الدولية للدفاع عن الأسرى، وهي حملة في دول كثيرة عربية وإفريقية وأوروبية، وهي حملة ترعاها عشرات المنظمات، وهناك فعاليات في لبنان وتونس والأردن، وفي قطر سيكون الخميس (17-4) فعالية كبيرة تحضرها قيادات الحركة وشخصيات كبيرة من الوجوه المعروفة بالبلد.
أنا مستبشر خيراً، في كل أرجاء الوطن سيكون هناك فعاليات كبيرة، الكل يتفاعل مع قضية الأسرى بشكل حقيقي وجاد وهذا يبشر بالخير.
في يوم الأسير الفلسطيني.. ما رسالتكم للأسرى الفلسطينيين بسجون الاحتلال؟
أقول لهم نحن لا نذكركم في يوم واحد نذكركم في كل الأيام، لا أريد أن أخوض في الكثير من التفاصيل. أعتقد شيئاً واحداً، وأعيش يقيناً، أن لحظة الحرية آتية لا محالة، أحسنوا الظن بالله، وتوكلوا عليه، ثم أحسنوا الظن بإخوانكم.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية