الله لا يردك يا عباس ... بقلم : صلاح المومني
أعلن الرئيس المنتهية صلاحيته محمود عبّاس أبو مازن أنه لن يرشح نفسه لولاية ثانية، وذكرت الأخبار أن بعض الزعماء السياسيين قد تكبدوا عناء رفع سمّاعات هواتفهم ليقولوا لعباس "ارجع كما أنت" وقاموا بالغناء له وبصوت واحد " دحنا من غيرك ولا حاجه ونائصنا كان مليون حاجة"، أما أنا العبد الفقير فأضم صوتي إلى أصوات كل شرفاء فلسطين، وأرفع صوتي عالياً بالقول: "لقد ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمار" كما أقول له، "الله لا يردك يا عباس" كان لازم تترك الرئاسة من أول لحظة تآمرت فيها على الشعب الفلسطيني وخصوصاً ما كان من موقفك في غزة، كما أود القول، مخطئ من ظن أن عباس يتنازل عن السلطة لأن إسرائيل تضع العراقيل كما أدعى، أو لأنها لم تعد شريكاً حقيقياً في ما يسميه بعملية السلام.
فالحقيقة غير ذلك، ألخصها بما يلي:
أولاً: عباس انتهت صلاحيته منذ زمن ولا يعتبر رئيساً شرعياً لفلسطين.
ثانياً: عباس الذي دعا إلى انتخابات لحل مشكلة الانقسام الفلسطيني يعرف تماماً أن المشكلة لا تحل بإعادة الانتخابات، وهو يعرف بحكم المنصب والمعلومات المتوفرة لديه لا بحكم الذكاء والحذق أن غزة استعصت عليه وعلى سلطته إلى الأبد ، أو لأكن أكثر دقة حتى تعود الجبهة الفلسطينية موحدة باتجاه المحتل ، أي أن غزة انتصرت انتصارين، الأول ردع الغازي ودحره وإحباط خطة عباس دحلان أولمرت بالقضاء على المقاومة، والنصر الثاني كان بتوليد حالة إحباط عند عباس وجماعته من الأوسلويين فهاهو عباس يعلن أنه لن يترشح ثم انتهى دحلان إلى موائد هنا وهناك يأكل مع المحاشي أصابعه قهراً وإحساساً بالهزيمة، ولعل هذه هي أهم أسباب إعلان عباس وليس ما يدعيه.
هل عباس يناور بإعلانه عدم الترشح؟
أكاد أقسم أن الأمر ليس مناورة، فعباس يعلم أنه لن يجد من الفلسطينيين من يبكيه، إذ كل فلسطيني مخلص ومؤمن بقضيته يعلم دور عباس في الحرب على غزة، ويعلم دوره بتعطيل تقرير جولدستون، وبالتالي هو يريد أن يرتاح من هذا العبء ويخرج من الحلبة بعد أن تكشفت أوراقه وبانت سوأته.
ربما انسحاب عباس بهذه الطريقة هي صورة من صور التعبير عن الهزيمة أمام إلحاح وصمود المقاومة وثبات الفلسطينيين على مبادئهم في التعامل مع الاحتلال، وعودة عباس استجابة للضغوط الأمريكية الإسرائيلية والعربية ستجعل موقفه أضعف مما كان قبل الإعلان عن عدم نيته الترشح للرئاسة وبالتالي حتى لو عاد فسيكون خارج اللعبة ، لأن فتح نفسها التي لازالت تسير على منهج رفض الاحتلال سترفضه ناهيك عن باقي الفصائل وبقية الشعب الفلسطيني ، وبالتالي سيتقوقع الرئيس داخل مجلسه الرئاسي وضمن حلبة السلطة "عفن أوسلو" التي هي في حقيقتها الآن ليست أكثر من الأجهزة الأمنية في الضفة، وبعض الدوائر التابعة للسلطة أو التي تنفق عليها السلطة، يعني أن عباس ليس أكثر من رئيس أو مدير شركة تكاد تعلن إفلاسها بعد أن استنفذت كل وسائل الإنقاذ.
مهما يكن موقف عباس اليوم أو ما يدعيه، نظل نذعن للحقيقة التي مثلتها مواقفه على مدار فترة رئاسته، وهي مواقف مخزية على الصعيد الفلسطيني، ولم نجد ما يرتجى منه كرئيس للسلطة الفلسطينية، ثم وبدون أدنى شك تكشفت أوراقه أثناء الحرب على غزة، وبانت حقيقته أكثر حينما قدم غزة بمصيبتها وحرائقها قرباناً للحكومة الإسرائيلية، لهذا وبكل صراحة ودون تردد نقول له: "الله لا يردك يا عباس" كما نستذكر مع رحيله مقولة الشاعر:
ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمار.
كما نظل نستحلفه: بالله لا تستمع للذين يطالبونك بالعودة عن قرارك، فهم مصرون على حرقك حتى آخر لحظة من عمرك، ومهما يكن من أمر خروجك اليوم ، فإن فلسطين لها أهلها ومحبوها، وكلهم يحملون الراية، كلهم يرون خروجك في مصلحة فلسطين، فيكفيك ما اقترفت يداك من آثام ، وقد طفح سجلك الوطني بها وفاض على فياض ومن معه، ونظل نكرر على مسامع الدنيا.. فلا رجعتْ ولا رجع الحمار..
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية