المخرج المشهراوي: الأعمال الوثائقية "رسول" غزة للعالم

الأحد 14 يونيو 2015

المخرج المشهراوي: الأعمال الوثائقية "رسول" غزة للعالم


صاحب "غزة تعيش"، و"معركة الأمعاء الخاوية"، و"العبودية في اليمن"، استشهد شقيقه الأصغر في حرب (2008-2009) ورغم صعوبة الأمر، أصر أن يفضح الاحتلال ويكمل رسالته الإعلامية.
 
يقول: "غزة مدرسة غنية جداً بالقصص الإنسانية، خاصة أنها تمثل كل أرجاء فلسطين"، كلمات اختزل فيها مدير شركة "ميديا تاون" المخرج أشرف المشهراوي واقع العمل الفني في غزة.

ينتظر حلول الذكرى السنوية الأولى لمعركة "العصف المأكول"، حيث موعد عرض فيلمي "الدروع البشرية"، و"الشفاء"، ويوضح المشهراوي شيئا من أبجديات عمله، قائلا: "بالرغم من أن الفيلم لا تزيد مدته عن 90 دقيقة، إلا أن ذلك يتطلب قراءة أكثر من عشرة آلاف صفحة تحمل بعدا تحليليا ومتابعة دقيقة". 

"المركز الفلسطيني للإعلام" قضى يوما برفقة المخرج أشرف المشهراوي، تعرف على كواليس ومغامرات إخراج الأفلام الوثائقية.

غزة مختلفة

يقول المخرج المشهراوي: "غزة أعطت الأفلام الوثائقية تنوعا، خاصة أن الظروف الاستثنائية والضغط جعلنا نتميز بأن نصنع من لا شيء أشياء، ما جعلنا نتقدم على نظرائنا في ذات المجال في أنحاء العالم".

ويشير إلى أن المخرج الذي يسكن قطاع غزة ويمارس عمله فيها، مختلف تماماً عن نظرائه في أي مكان آخر، لصعوبة الحركة والتنقل، ويتابع: "فالمنتج بحاجة لأن يكون حر الحركة؛ لأنه يتنقل في أماكن مختلفة، ويختار شهودا مختلفين، ويقوم بعملية التوثيق، وهذا أمر بالغ الصعوبة".

ويضيف: "أحياناً الفيلم الوثائقي يحتاج أسابيع أو شهر، ولكن في غزة الأمر مختلف تماما، فالفيلم قد يصل إعداده لسنة أو سنتين؛ فعقبات التنقل تكون محسوبة بشكل دقيق، خاصة أنه في حال السفر قد يحجز المرء لشهور بسبب إغلاق المعبر".

وبين أنه في حال إنتاج أي فيلم يحتاج الأمر لتصوير مشاهد في الخارج، وعند العودة لعملية المونتاج في غزة قد نضطر لإضافة لقطة، وهنا تكمن صعوبة الرجوع للمربع الأول والسفر من جديد.

احترام المشاهد

وذكر أن ما يميز أفلام فريق عمله، الإعداد المسبق، فكل فيلم يعتبره قضية منفصلة تحتاج لدراسة، أقرب ما تكون لتحضير رسالة ماجستير أو دكتوراه، ففي بعض الأفلام تتجاوز قراءة أكثر من عشرة آلاف صفحة للموضوع.

وأكد أنه يجب إعطاء المشاهد معلومة دقيقة، وليس مجرد تصوير، فهي عملية شاقة جداً من البحث قبل التصوير، واستكمل حديثه: "احترامنا للمشاهد، والأمانة، واستشعارنا بالمسؤولية، يحتم علينا الاهتمام بمشاهدنا وتقديم ما يليق بذائقته الفنية".

ولفت بالقول: "الفيلم هو عبارة عن وثيقة وليس مجرد خبر وينتهي الأمر، فالوثيقة تحتاج جهدا مضاعفا نوثق فيه معلوماتنا، بحيث تكون مرجعا لأي باحث ومهتم في القضية التي يتحدث عنها الفيلم، ويكون مرجعا غنيا جداً ويستحق أن يشاهد مرة ومرتين وثلاثة".

وعن حضور العنصر الإنساني في جميع أعماله، يرجع المشهراوي السبب، قائلاً: "قناعتي بأنه كل شيء ننتجه يجب أن يخدم الإنسان؛ لأنه العنصر الأهم في نهضة المجتمعات".

معركة الأمعاء الخاوية

ومن الأفلام التي كانت لها بصمة مميزة، وحصلت على الجائزة البلاتينية في مهرجان الأفلام الوثائقية الدولي في جاكرتا "معركة الأمعاء الخاوية"، وترتكز فكرته على معاناة الأسرى، وخاصة المضربين عن الطعام، فتم تحويل المعلومة بمشاهد حقيقية بصرية.

وعن إنتاج الفيلم، يضيف المشهراوي: "الأمر صعب لعدم وجود مادة كافية، نظراً لوجود الاحتلال، وعدم القدرة على التصوير داخل السجون، فحرصنا على صناعة شيء مختلف يوثق بشكل دقيق من خلال التوثيق البصري".

وتابع: "هذا الأمر كلفنا جهدا كبيرا حتى نعطي معلومة بصرية دقيقة، فعملنا على إعادة الواقع بصرياً باستخدام أدوات حقيقية، حيث تم استخدام "سجن السرايا" الذي استخدمه الاحتلال سابقاً، والأسير المحرر أيمن الشراونة، الذي خاض معركة الإضراب عن الطعام، فكانت الأدوات حقيقية وثقت بشكل حقيقي، فأعطت الفيلم قيمة كبيرة".

العمل رغم الوجع

ومن المواقف الصعبة التي كانت تتطلب موقفا أكثر قوة وإرادة من أجل فضح جرائم الاحتلال خاصة في قتله للأطفال، حينما استشهد شقيقه الأصغر في حرب (2008-2009) ورغم صعوبة الأمر، لكن كان لا بد أن يكمل رسالته الإعلامية في فضح الاحتلال.

وعن الذي انتابه لحظتها، يقول: "استشهاد الطفلين أخي وابن خالتي لم يكن أمراً سهلاً، وأشعل في داخلي تحد بين الاستمرار بعملي أو الاستسلام، ولكن صوت الحياة كان الأقوى، فتغلبت على عواطفي لصالح أطفال غزة، وقررت أن أكمل مسيرتي، بالرغم من حجم الوجع الذي شعرت به".

الشفاء والدروع البشرية

وحول الأفلام الجديدة التي لا زال يضع بصمات العمل عليها، كشف أنه يتم العمل على تقديم (3) أفلام حول الحرب على غزة (2014)، ستعرض في الذكرى السنوية الأولى، تناقش استخدام الاحتلال الدروع البشرية، وفيلم "الشفاء" وثق فيه العمل في مستشفى الشفاء، وفيه شهادات مؤلمة جداً، إضافة إلى فيلم ثالث لم يتم الانتهاء منه.

وأشار إلى أنه بصدد إنتاج فيلم سينمائي، تنقل الأفلام بطريقة مختلفة تماماً عن الفيلم الوثائقي، بروح الكوميدية وبملامح فلسطينية وواقع فلسطيني يحمل الفكاهة والألم بالوقت ذاته.

غزة تعيش

"ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع غزة إلا أن فيلم (غزة تعيش) حمل معنى الحياة، بالرغم من حجم الألم، فبريق الأمل وحب الحياة يشع من قلب غزة؛ بحسب الفيلم "لتتحول نظرة الآخرين وخاصة خارج القطاع إلى الاحترام والتقدير بدلا عن الشفقة".

وبحسب المشهراوي، فإن غزة لا تحتاج إلى إغاثة، وإنما تحتاج إلى فتح الأبواب وليس الخنق، فهي قادرة على العمل والإنجاز خاصة أنها تعج بالمتعلمين والمثقفين في شتى الميادين.

وعبر بابتسامة رضا ومحبة لغزة قائلاً: "لقد عرض علينا أن ننقل أعمالنا وشركتنا إلى الخارج، فالعروض ضخمة جداً ومجزية، ومع ذلك رفضنا أن ننتقل للخارج".

مرجعا السبب: "الشجرة طالما تجذرت في الأرض، فذلك يزيد من ثباتها، ويعد أساس الحياة لها"، ويضيف: "انتقالنا إلى الخارج ممكن أن يعطينا خضرة مؤقتة، لكن أوراقها ستصفر سريعاً وتسقط، أما في غزة فنحن شجرة راسخة  نقدم كل شيء مفيد لقضيتنا وشعبنا".
 
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية