المشهد المصري بعيون إسرائيلية
الأسير أحمد الزعتري
هو الميدان نفسه إنه ميدان التحرير وسط العاصمة المصرية القاهرة، والحدث نفسه، إنها انتفاضة الشباب المصري ضد النظام الحاكم الذي فرض سطوته إلى أكثر من 30 عاماً من الظلم، والقمع والاستبداد حتى وصل الحال إلى ما هو عليه الآن فانفجر الشارع المصري غير آبه بكل أدوات القمع والبطش والتنكيل معلناً تحدياً منقطع النظير في حالة لم يشهدها المشهد المصري من قبل، وبعظم هذا الحدث وما له من تأثيرات هامة واستراتيجية على المنطقة كانت الأبصار ترقب وتترقب هذا المشهد بكل تفاصيله من الفرح أحياناً والقلق أحياناً أخرى، فلقد تعددت عيون الناظرين والمراقبين وإن اختلفت توجهاتهم ومصالحهم وراحت كل جهة تقرأ هذا المشهد بما ستسفر نتائجه سلباً وإيجاباً على مصالحها في المنطقة.
فالبيت الأبيض وباريس ولندن وبرلين لا تكاد تمر ساعة و أكثر إلا ويصدر تصريح أو إعلان أو ما شابه من هذه الدول وغيرها لما يجري في الشارع المصري، وكأن الشأن المصري تحت وصاية ورعاية هذه الدول إلا أن الذي فاق اهتمامه كل هذه الدول وانشغلت وسائل إعلامه ودعايته وأفردت حكومته وقتاً طويلاً من اجتماعاتها حول المشهد المصري حتى وصل الأمر إلى أن يقوم رئيس وزاراتها والمقصود هنا بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يطلب من جميع أعضاء حكومته إلى عدم إطلاق أي تصريح أو تعليق على ما يحدث في مصر حتى تتضح صورة الوضع هناك وبرغم هذا الإجراء إلا أن الطرف الإسرائيلي حاول ويحاول جاهداً طوال الوقت إلى محاولة التأثير على مجرى الأحداث في الشارع المصري بصور عدة وطرق شتى , فوسائل إعلامه المختلفة خصصت ساعات طوال للنقاش والتحليل واستدعت مراسلين و محللين سياسيين ورجال سياسة إسرائيليين لمتابعة ما يجري أولاً بأول في مصر وكذلك الحكومة الإسرائيلية لم تخف تحركاتها السياسية والدبلوماسية المتواصلة والضغط على الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الغربية لتتخذ الخطوات التي قد تخدم مصالحها وتعمل على الحفاظ على أمنها واتفاقاتها التي كانت موقعة و مبرمة مع النظام المصري الذي أصبح الآن في حكم المنتهي، فكان مجمل ما يطرحه الإعلام الإسرائيلي بما يحمله من رسائل سياسية يصب في عدة محاور.
1-السؤال المتكرر والخوف الدائم على مصير اتفاقية السلام في مصر وإسرائيل وما ستؤول إليه الأمور وما هو مصير العلاقة بين الطرفين حال التغيير السياسي المرتقب للنظام الحالي في مصر وكيف ستكون طبيعة النظام الجديد وكيف سيتم التعامل مع أي تغير على هذا الاتفاق
2-الأمر الثاني وهو التحريض المتواصل على بعض فئات الشعب المصري وبث بذور الفتنة بين مكونات الشعب المصري وتخويف طرف من طرف آخر والعمل على إيجاد شقاق وشرخ بين مكونات الشعب المصري المختلفة.
3-ثالثاً وهو الأهم وهو التحريض المستمر سراً وعلانية على التغير المتوقع والمفترض للنظام السياسي المصري على المستوى الدولي والإقليمي وإظهار أن هذا التغير سيلقي بظلاله على المنظومة الدولية القائمة وسيحدث تغييراً في موازين القوى القائمة وخاصة التي تصنف في إطار محور الاعتدال كما تحب أن تسمي نفسها.
من هذا العرض الموجز نستطيع أن ندرك مدى وأهمية الدور الذي كانت أو لا زالت تؤديه بعض الأنظمة القائمة في المنطقة من مواقف وأدوار لم تكن يوماً نزيهة أو وطنية وبالتالي فإن هذا التحول السريع والمفاجئ في بعض أجزاء النظام الرسمي العربي (وإن كان قد بدأ بالجزء الأهم ) وبغض النظر عن نسبة هذا التحول والتغير فإنه يكشف الكثير عن الحقيقية التي كانت تدار بها المنطقة وعن شبكة المصالح التي كانت قائمة بين منظومة كانت تجمع ما بين الاحتلال والظلم والفساد وأما الشعوب فهي مسلوبة الحرية والكرامة وبالتالي فإن على هذه الشعوب التي بدأت تتذوق طعم الحرية والكرامة أو التي بدأت تتهيأ لذلك أن تدرك من هم أعداء الحرية وأعداء الإنسانية ومن هم الذين يعطونهم الغطاء لذلك.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية