المصالحة الفلسطينية بين الحلم والواقع
بقلم: وئام مطر
بالأمس نشرت الصحف العبرية ما نصه أن السلطة الفلسطينية مارست ضغوطاً على إسرائيل للاستمرار في حربها الأخيرة على غزة بهدف القضاء على حماس , ولذلك يجب على السلطة إسقاط الدعوى في محكمة لاهاي , واليوم تنشر صحيفة هآرتس العبرية ما نصه أن السلطة الفلسطينية قررت سحب مشروع قرار يدعم تقرير لجنة غولدستون الأممية حيث كان من المقرر التصويت عليه يوم الجمعة الموافق 2009-10-02 , في مقر هيئة لجنة حقوق الإنسان في جنيف ,حيث أكد السفير إبراهيم خريشة لقناة الجزيرة القطرية سعى السلطة لسحب مشروع دعم تقرير غولدستون و ذكرت قناة الجزيرة أن السلطة طالبت باكستان بسحب مصادقتها على التقرير
.يبدو أن السلطة في رام الله تعرضت لضغوط كبيرة , من قبل الولايات المتحدة , وإسرائيل , وأطراف أخرى , توجت هذه الضغوط بالخضوع لطالما أن السلطة قد جعلت من خيار السلام الخيار الأوحد والإستراتيجي , وليس أدل على ذلك من تهديد نتنياهو للرئيس عباس بضرورة قيام السلطة بالتراجع عن الدعوى المتعلقة بجرائم الحرب التي ارتكبت في غزة وأن الاستمرار بهذه الدعوى من شأنه أن ينسف عملية السلام والمسار التفاوضي برمته , وأمام هذا التهديد , وهذه الضغوطات ليس للسلطة الفلسطينية إلا الخضوع لطالما تمسكت بخيار السلام وتخلت عن باقي الخيارات الأخرى بما فيها خيار المقاومة المسلحة
.إسرائيل من جانبها تستغل قرار السلطة بسحب مشروعها لتعلن أنها كانت محقة تماماً في عدم تعاونها مع اللجنة , وكذلك محقة فيما صدر عنها من تعليقات إزاء تقرير اللجنة , وهذا يساعد في إهمال التقرير ومن ثم إفلات قادة العدو من المحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة
.إن المتتبع لجملة التصريحات الصادرة عن زعامات العدو , وقيادات حركة فتح والسلطة , يتوقع تماماً أن تقدم السلطة الفلسطينية على هذه الخطوة , خاصة بعدما قبل الرئيس عباس لقاء نتنياهو , وبعدما تخلى عن شرطه بضرورة تجميد الإستيطان قبل أي لقاء , ثم ما سربته صحف عبرية بأنه قد تخلى أيضاً عن هذا الشرط مقابل استئناف بالمفاوضات
.من يحكم في إسرائيل اليمين الإسرائيلي المتطرف , وأنه على الأقل لن يقبل بتقسيم القدس , ولا بعودة اللاجئين , لذلك يضرب نتنياهو بعرض الحائط جميع الدعوات التي تطالبه بوقف الاستيطان سواء كانت هذه الدعوات صادرة عن أميركا , أو أوروبا أو أية أطراف أخرى , ونجح في إجبار اوباما على التراجع عن مطالبته إياه بوقف الاستيطان , ويبدو أن نتنياهو من خلال الاستيطان , وطرد المقدسيين , وتغيير معالم الأقصى , واستمرار الحفريات لإزالته , يسعى لاستبعاد القدس عن أي مفاوضات ليحتفظ بها عاصمة موحدة لإسرائيل
.أما عن جملة التصريحات الصادرة عن قيادات حركة فتح والسلطة , حيث كان من أبرزها
:ما صدر عن صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات بمنظمة التحرير خلال المناظرة التلفزيونية التي أجرتها شبكة أل
CNN الأميركية بينه وبين وزير الاستخبارات الإسرائيلي دان مريدور حيث قال فيها أن الاتفاق بين الجانب الفلسطيني والجانب الإسرائيلي على حل الدولتين سيعني اختفاء حماس , وأن عدم الاتفاق يعني اختفاء فتح ومنظمة التحرير .تحاول السلطة وحركة فتح البقاء والتقرب من المجتمع الدولي , ودولة الكيان عبر ما يلي
:أولاً : التمسك بخيار المفاوضات حتى وإن كانت من أجل المفاوضات , والتفريط بالخيارات الأخرى المتاحة كالمقاومة المسلحة
.ثانياً : استعداء حركتي حماس والجهاد وباقي فصائل المقاومة , والتعامل معها باعتبارها مليشيات مسلحة تسعى للتخريب ولا علاقة لها بالمقاومة
.ثالثاً : العمل على التنسيق الأمني العالي مع الاحتلال , واعتباره عملاً وطنياً خالصاً يهدف لبسط الأمن وفرض النظام في المجتمع الفلسطيني
.رابعاً : إدارة شئون الفلسطينيين من خلال حكومة اقتصادية بالدرجة الأولى , كحكومة فياض بالضفة , على أن تحذو حذو الأنظمة العربية في التعامل مع مواطنيها
.خامساً : القبول بالشروط الدولية الإسرائيلية المتمثلة في الاعتراف بشرعية الاحتلال ونزع سلاح الفصائل , والاعتراف بالاتفاقات الموقعة مع منظمة التحرير , وتطبيق هذه الشروط واقعاً , حيث قامت حكومة فياض بتطبيق هذه الشروط في الضفة المحتلة , فحوربت الفصائل ونزع سلاحها , وتم الاعتراف بإسرائيل والاتفاقات
.سادساً : المطالبة في جولات الحوار الفلسطينية بشروط الرباعية عبر مطالبة حماس القبول بتشكيل حكومة ترفع الحصار , وبالوضع الكائن بالضفة وعلى الأخص الأجهزة الأمنية وطبيعة الدور المنوط بها , وتطبيق تجربة الضفة في قطاع غزة
.يعتقد البعض بأن هناك مبالغة في التفاؤل بشأن الحوار الفلسطيني , وإنهاء الانقسام , خاصة بعد التصريحات الايجابية من كلا الطرفين ( فتح وحماس ) , لأن ما يحدث على الأرض يتنافى تماماً مع تلك التصريحات
.اليوم تم الإفراج عن عشرين أسيرة مقابل شريط يحدد حالة شاليط الصحية , في غزة أقيمت حفلات الاستقبال لأسيرة واحدة من قطاع غزة , شارك فيها رئيس الحكومة إسماعيل هنية , ونظمت المسيرات احتفاء بتحريرهن , أما في الضفة , فكان الأمر مختلف تماماً , حيث استقبل وفد من السلطة الأسيرات المحررات وعددهن 18 أسيرة , حيث يرى مراقبون أن حكومة غزة بذلك ما زالت ترى بالمقاومة المسلحة خياراً لاسترداد الحقوق , خلافاً لحكومة الضفة التي أسقطت كل الخيارات مبقية على خيار واحد ألا وهو خيار المفاوضات , صحيفة عبرية ذكرت عن مصدر مسئول في السلطة الفلسطينية قوله : ( ليس لدينا ما نفرح لأجله , فالإفراج عن الأسيرات يزيد من شعبية حماس بالضفة
) .ومع توقع عدوان إسرائيلي جديد على قطاع غزة خاصة في ظل التهديدات الإسرائيلية المستمرة , يبدو أن المنطقة تشهد مزيداً من المتغيرات والتطورات على الساحة الفلسطينية , يستمر معها التعنت الإسرائيلي تجاه القضايا الرئيسية , يقابله موقفين مختلفين من الفلسطينيين , موقف تمثله السلطة وحركة فتح وهو الاستمرار بمطالبة المجتمع الدولي نحو إجبار إسرائيل بالعدول عن موقفها واستئناف المفاوضات من حيث انتهت , وموقف آخر تمثله حركة حماس وباقي القوى والفصائل المقاومة وهو الاستمرار بالمقاومة بشتى الطرق , حتى انتزاع الحقوق خاصة بعد النصر الذي حققته بإخراج الأسيرات , والتشبث أكثر للمضي نحو صفقة الأسرى وعقدها بشروط المقاومة
.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية