المصالحة والمفاوضات لا يلتقيان
مصطفى الصواف
واضح أن حركة فتح ترجئ الانتخابات في انتظار العودة إلى طاولة المفاوضات التي تعتقد أن المبادرة العربية التي يعتقد أنها ستطلق بعد الانتخابات الإسرائيلية وهذه المبادرة التي تشير إلى وقف الاستيطان خلال فترة المفاوضات التي تطرحها المبادرة العربية التي تتحدث عنها حركة فتح وأن عددا من الدول العربية ستحمل هذه المبادرة إلى الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والصين كما يدعي عزام الأحمد في تصريح له لصحيفة الحياة اللندنية الجمعة الماضي.
وأمام هذه الحقائق الدامغة المؤكدة أن المصالحة بعيدة المنال في ظل الرهان على مبادرة عربية فاشلة كما كانت مبادرة 2002 التي رفضها شارون ووصفها أنها لا تساوي الورق الذي كتبت عليه، ولم تعرها بعد ذلك الأحزاب الصهيونية خلال السنوات العشر الماضية ولن تلتفت إليها في السنوات القادمة، وهذه المبادرة التي تنتظرها فتح ستلقى نفس المصير الذي كانت عليه المبادرة السابقة.
وسندخل في جدلية هل القدس ضمن المناطق التي سيتجمد فيها بناء الاستيطان المؤقت، وهل القرار سيطبق على المستوطنات قيد الإنشاء أو وقف قرارات بناء المستوطنات وستنقضي المدة الأولى لندخل في مدة ثانية وهكذا ستكون المسالة وعلى ذلك سيكون حالة المصالحة مرهونا بالمفاوضات المحكومة بالفشل لسبب بسيط هو أن الاحتلال يدرك أن السلطة متهافتة وتهلك نفسها في العودة لطاولة المفاوضات وهي بحاجة إلى سلم هبوط للعودة للمفاوضات من جديد.
واضح أن المصالحة والمفاوضات لن يلتقيا، أولا لرفض الشعب الفلسطيني الاستمرار في مهزلة المفاوضات من جديد والتي تعطي مساحة كبيرة من الوقت للاحتلال لتنفيذ سياسته ومشاريعه الاستيطانية والتهويدية، وفي نفس الوقت لن تقبل (إسرائيل) أن يكون هناك مصالحة بين فتح المعترفة بإسرائيل وحماس الرافضة للاعتراف بإسرائيل، وعليه سندخل في سجال التعطيل للمصالحة المتعمد تحت ذرائع وحجج من قبل حركة فتح.
في نفس المقابلة يقول الأحمد أن فترة المفاوضات المبنية على المبادرة العربية تكون حماس قد انتهت من ترتيب أوضاعها الداخلية ويقصد بذلك انتخابات رئيس المكتب السياسي لحماس وهو لا يدري أن حماس قد تكون انتهت من فترة من اختيار رئيس لمكتبها دون أن تعلن عن ذلك لأنها وحدها من يقدر الأمر، وحتى لو لم يتم الأمر فهذا لن يؤثر على قرار حماس المتخذ والمعلن والقاضي في المضي بالمصالحة وهو قرار مؤسسي ليس له علاقة بالأشخاص أو بالانتخابات والتي لن تغير من قرار حماس، أو تعيد النظر في موقفها المقر والواضح، وما يدعيه الأحمد هو محاولة للهروب من استحقاق المصالحة وتحمل حماس وانتخاباتها التعطيل وهذا كلام يعلمه الأحمد قبل أن يعلمه من هم دون الأحمد.
الأحمد يتحدث عن مسلسل قديم جديد انتخابات أمريكية وترتيب أوضاع الإدارة بعد الانتخابات، ثم انتخابات إسرائيلية وترتيب أوراق الحكومة الجديدة، ثم طرا جديد وهو الوضع في مصر والاستقرار فيه وما تحدثنا عنه من انتخابات حماس، وهذه المسلسل بحاجة إلى شهور وربما إلى سنوات دون أن تتم ونعيد الكًرةُ مرة أخرى بانتظار الانتخابات الإسرائيلية فالأمريكية ثم تأتي انتخابات حماس ومصر وحركة فتح، في ظل هذا السيناريو هل تتوقعون أن تكون المصالحة قريبة.
ما يجري على الأرض من سماح لحماس بتنظيم احتفالات في انطلاقتها في الضفة الغربية منذ ستة سنوات وكذلك السماح لفتح بإقامة مهرجانها وهذه التسهيلات على الأرض رغم ايجابيتها فيها محاولة لاستثمار الظرف الراهن لتعزيز مواقف خاصة وحزبية أكثر منها تحقيق مصالح وطنية عليا وهذا ما ستكشفه الأيام القادمة والتي ظهرت ملامحه في الخطاب الإعلامي المتصاعد بين فتح وحماس والذي يعبر عن حقيقة المواقف غير الايجابية والتي من المتوقع أن تتصاعد وتيرتها في الأيام القادمة لنعود إلى نفس الحلقة التي كانت عليها الأمور في الفترة السابقة.
لا نعتقد أن المصالحة قريبة المنال رغم حرص حماس عليها ولهروب فتح ورهانها من جديد على المفاوضات وأمريكا والمبادرات العربية الفاشلة والضارة لمصالح الشعب الفلسطيني، المصالحة التي تتجاوز الحقوق الفلسطينية ليس هي المصالحة المطلوبة والتي تحقق وحدة الصف الفلسطيني، بل ما يجري هو تسكين للألم وليس علاجا؛ لأن المواقف على حالها ولن تتغير إلا بتغير القناعات والظروف والأحوال التي تؤكد حرص الجميع على مصلحة الشعب الفلسطيني والانطلاق في المصالحة على قاعدة الثوابت الفلسطينية من تحرير للأرض و طرد المحتل باستخدام كل الأدوات وعلى رأسها المقاومة والمقاومة بحاجة إلى وحدة شعب حتى تنطلق في المسار الصحيح ليتحمل الجميع المسئولية المشتركة الواجب تحملها.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية