(الممانعة) في مواجهة المقاومة!
لمى خاطر
لم يكن الشهيد عصام خزاعي الذي اغتالته عناصر من جيش النظام السوري جنوب دمشق قبل يومين أول كادر حمساوي يتم تصفيته في سوريا، فخلال العام الأخير قضى عدة شهداء محسوبين على حركة حماس في سوريا، بعضهم باغتيالات على حواجز الجيش السوري، وبعضهم قضى في ظروف غامضة، كما حدث مع الشهيد كمال غناجة الذي وجد مقتولاً في بيته في إحدى ضواحي دمشق قبل أشهر!
وفي كل هذه الحوادث لم يكلّف النظام السوري نفسه التعليق عليها، أو نفيها مدعياً بأن عصابات مسلحة هي من تقف وراء الاغتيالات، كما دأب في تبريره للمجازر التي ترتكبها عصاباته بحقّ المدنيين السوريين، بل إن النظام يبدو معنياً بإظهار عدائه لحركة حماس، منذ أن شنّ إعلامه هجوماً شرساً ومعيباً على الأستاذ خالد مشعل، ثم أغلق مكاتب الحركة في سوريا واستولى على أملاكها.
وفي خطابه الأخير؛ غمز بشار الأسد من قناة حماس وهاجم مواقفها بشكل غير مباشر (أي دون أن يذكرها بالاسم) حين أجرى تصنيفاً مايز خلاله بين (الفلسطيني الشريف) المنحاز لمواقف النظام، وبين الفلسطيني (الناكر للجميل) الذي لم يقصد سوريا إلا للاستجمام، ثم غادرها حين اشتدّت الظروف، على حد تعبير الأسد!
أن يعطي النظام السوري نفسه الحق في تصنيف الفلسطينيين، وفي خلع صفات الشرف على مؤيديه منهم، ونزعها عمّن سجّلوا مواقف أخلاقية ترفض سفك الدم وتنحاز لمطالب الشعب المظلوم؛ فهذا يعني أن النظام لم يقدّم خدمة للفلسطينيين أو للمقاومة سابقاً إلا لكي يقبض الثمن منهم لاحقاً ولكي يضمن ولاءهم الأعمى له، ومناصرته على الحقّ والباطل، والانحياز إلى جانبه ضد مطالب شعبه، أي لكي يستخدم ورقة المقاومة كقناع وعامل مساعد على الاستمرار في قهر إرادة شعبه باسمها وبذريعة الدفاع عنها!
ولكن؛ مع حماس تحديدا، أخطأ النظام السوري حين ظنّ أن مواقفها قابلة للبيع، أو أنها يمكن أن تتنكّر لأخلاقها ومبادئها، وهو يخطئ اليوم حين يظن أن الحركة ستخرج من محور الممانعة لمجرد مهاجمته إياها، أو أنّ هناك من سيصدق وضاعة الاتهامات الموجهة إليها. فحماس هي الركن الأصيل في هذا المحور، وهي من تقدّم خدمة جليلة لكلّ راغب في دعمها أو احتضانها أو مؤازرتها، لأن اكتساب صفات الشرف والممانعة يُؤخذ من مناصرة المقاومين ودعمهم، لا من محاولة التغوّل عليهم أو جباية ثمن تأييدهم!
مع مرور الأيام، يزداد تجرّد النظام السوري من أخلاقيات الممانع أو داعم المقاومة، وتتجلّى صورته عارياً من كل قيمة إيجابية في مرآة الدم والدمار والإجرام غير المحدود، وإن ظنّ أن إعلانه الحرب على كوادر حماس في سوريا سيشفي غليل انتقامه من مواقف الحركة، فإنه بهذا يكون كمن أطلق النار على نفسه، لأنه إنما يغتال أكذوبة الممانع، وفرية حاضن المقاومين والمطرودين من ديارهم. وهنا يتبيّن أيضاً كم كانت حماس محقّة حين عجّلت بالخروج من سوريا، لأنه ما كان ممكناً الجمع بين المبادئ والسلامة تحت جناح نظام فاجر لا يقيم وزناً لخلق، ولا يرى أحداً جديراً بالحياة إلا أولئك المسبحين بحمد جنونه، ولو أن حماس –لا قدّر الله- اختارت إبقاء قياداتها هناك، لكانت فجيعتها بهم تتفوّق على فجيعتها بكلّ من اغتالتهم إسرائيل من رموز الحركة منذ تأسيسها.. فلا مجال أبداً للمراهنة على مبادئ مصاصي الدماء، ومن اتخذوا الإجرام والترهيب وسيلة للحكم والتمكين منذ نشأة نظامهم البغيض
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية