النائب داوود أبو سير: فلسطين تعيش أرخص احتلال على الأرض بسبب اتفاقية باريس
قال النائب العضو في اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي الفلسطيني الاستاذ داوود أبو سير، إن فياض حوَّل الضفة الى سوق حرة، وقضى على الإقتصاد الفلسطيني المهني والحرفي.
وأضاف في حديث خاص لـ "المركز الفلسطيني للإعلام" : "إن قبول فياض تسييس المنح الدولية، خاصة في المشاريع، وخضوعه لشروط الدول المانحة في استعمال هذه الأموال، ساهم كثيراً في تفاقم الأزمة المالية"، معتبراً أن زيادة حجم النفقات التشغيلية لدى السلطة، هي المشكلة الأساسية، وليست الرواتب"، وأضاف: " أن السلطة عملت خلال ثمان سنوات على مضاعفت عدد الموظفين 9 مرات ليصل حتى 180 ألف موظف بعد أن كان 22 ألف موظف عند توقيع (اتفاقية أوسلو".
وفي معرض حديثه عن أثر السياسات الخاطئة على الاقتصاد الفلسطيني أكد: " أن عشوائية الاستيراد التي شجعها فياض للاستفادة من المقاصة، أضرَّ بـ70% من الحرفيين الفلسطينيين، وأصبح لدينا جيشٌ من العاطلين عن العمل والمتسولين، اضافة الى عدم إعطاء الزراعة الأولوية الخاصة"، واعتبر: "أن (اتفاقية باريس) كانت سبباً رئيساً بما وصل إليه حال المواطن اليوم وقال: "أصبحنا بسبب (اتفاقية باريس) نعيش أرخص احتلال على وجع الأرض، ونعفي الاحتلال من ثمن احتلاله لأرضنا ومقدساتنا"، مضيفاً: " أن الاتفاقية خلقت منا شركاء للجانب الصهيوني، وأعداءً للدول العربية والاسلامية "، أما عن الحلول الخروج من هذه الأزمة فقال: "لابد من تقوية العلاقة مع بُعدنا العربي والاسلامي، لتتحمل الأمة مسؤولياتها التاريخية والاسلامية، بالإعلان أن فلسطين ومسؤوليتها تتعلق بمليار ونصف مسلم"، وفي معرض تعليقه على المؤتمر الصحفي الذي عقده فياض في (11/9) قال: " كنا نود سماع قرار برفع رواتب الفئة صاحبة الرواتب الدنيا، حتى يشعر الموظف بنوع من التوازن يتناسب مع جدول غلاء المعيشة"، واعتبر: "سماح السلطة لقضاء اجازة العيد في المناطق المحتلة عام 48، قد أضر كثيراً بالاقتصاد الفلسطيني"، وقال : " إن رئيس غرفة تجارة وصناعة حيفا المحتلة، قدم شكراً لوزير الحرب الصهيوني "أيهود باراك"، لأن مدينة حيفا خلال 3 أيام من العيد، ربحت (40 مليون شيكل/ 10 مليون دولار)"،
أما عن السبب الذي مكن اقتصاد غزة من الصمود رغم الحصار وفشل اقتصاد الضفة في هذا قال: " إن غزة لا تطبَّق "اتفاقية باريس"، كما أن الحصار لم يسمح بادخال أي بضاعة أجنبية، وفي المقابل يوجد في غزة منتج وطني"، واعتبر : " أنه من حق المواطن التعبير عن رأيه بالطرق السلمية والحضارية، ونقف ضد أي شكل من أشكال التخريب في الممتلكات العامة والخاصة".
وفيما يلي تفاصيل المقابلة:
-لقد دفعت الدول المانحة عباس لتعيين (حكومة) فياض، لتعمل في بعض أهدافها، على تحقيق نجاحات اقتصادية، الى أي مدى ترى أنها حققت نجاحات في هذا الجانب؟
لقد حقق سلام فياض بعض الإنجازات على مستوى العلاقة الفلسطينية بالمجتمع الدولي، لكنه أخفق في إنتاج اقتصاد وطني قوي للشعب الفلسطيني، وقد ساعدت سياسته الاقتصادية الخاطئة، في نشوء هذه الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وذلك من خلال تبنيه لـ " اتفاقية باريس" الاقتصادية بشكل كامل، واعتماده بالجزء الأكبر من ميزانيته على "المقاصة" التي يجبيها الاحتلال من المستوردات الفلسطينية، وعمل على زيادة المقاصة بفتح باب الاستيراد على مصراعيه، وما ترتب عليه من عشوائية في الاستيراد، الأمر الذي حوَّل الضفة الى سوق حرة، مما قضى على الإقتصاد الفلسطيني المهني والحرفي، والذي يتعلق بما نسبته 70% من الشعب الفلسطيني.
-ما هي أبرز جوانب الفشل الاقتصادي التي ارتكبها سلام فياض، وأوصلت الاقتصاد الفلسطيني الى هذا المآل؟
إن قبول فياض تسييس المنح الدولية، خاصة في المشاريع، وخضوعه لشروط الدول المانحة في استعمال هذه الأموال، في مرافق غير أساسية: كإنشاء الحدائق والمنتزهات، ومنظمات المجتمع المدني الغير فاعلة، وعدم توظيفها في البنى التحتية، والمصانع والزراعة، ودعم المواد الأسياسية، وتخفيض نسب البطالة من خلال ترشيد الاستيراد، ساهم كثيراً في تفاقم الأزمة المالية.
كما أن زيادة حجم النفقات التشغيلية لدى السلطة، هي المشكلة الأساسية، وليست الرواتب، مع ان الحجم الوظيفي، أكبر مما يتناسب مع موازنة السلطة، الا أن النفقات الإدارية والتشغيلية لوزارات ودوائر السلطة، تستحوذ على القسم الأكبر من الميزانية، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار، أن السلطة ورثت من الإحتلال عام 1994، كماً وظيفياً بـ 22 ألف موظف، وبعد ثمان سنوات ضاعفت السلطة عدد الموظفين 9 مرات ليصل حتى 180 ألف موظف، دون إيجاد ميزانية كافية لهم.
-برأيك من المسؤول عما وصلت اليه أحوال المواطنين الاقتصادية، هل يتحمل فياض وحده مسؤوليتها؟
الموضوع متعلق بسياسات أكثر من تعلُّقه بالأشخاص، لابد من اعادة النظر بـ "اتفاقية باريس" المجحفة، التي ربطت الاقتصاد الفلسطيني بالصهيوني، وأهم بند فيها يتوجب إعادة النظر فيه، هو موضوع ترشيد الاستيراد، وليس منعه، بمعنى أننا نفهم افتقارنا للمواد الخاصة التشغيلية والتصنيعية، مثل: الأخشاب والحديد بأنواعه، والجلود، والأقمشة، وغير ذلك، للمساح باستيرادها، لكن لا نفهم لماذا نسمح باستيراد: غرف النوم، وغرف الجلوس، الأحذية، والملابس، والمنتجات التي تصنع محلياً؟!!، فهذا الأمر الذي أضر بـ70% من الحرفيين الفلسطينيين، وأصبح لدينا جيشٌ من العاطلين عن العمل والمتسولين، واضافة الى عدم إعطاء الزراعة الأولوية الخاصة.
-ما أثر هذه الفشل الاقتصادي على القرار السياسي الفلسطيني؟
إن رضي الطرف الفلسطيني ربط قيمة الضرائب، مع الجانب الصهيوني - مع الفارق الشاسع لمستويات الدخل-، والإحتكام لمصادر الطاقة كالكهرباء والمحروقات، من الجانب الصهيوني، كل هذا وضع الاقتصاد الفلسطيني تحت رحمة القرار السياسي الصهيوني، وأصبحنا جراء هذه الإتفاقية، لا نأكل مما نزرع، ولا نلبس مما نصنع، ومن فقد قراره الاقتصادي، فقد قراره السياسي.
-ما الفائدة التي جناها الشعب الفلسطيني من اتفاقية باريس، وما الذي أغرى المفاوض الفلسطيني على توقيعها؟
عندما وُقعت "اتفاقية باريس"، وهي جزء من "اتفاقية أوسلو"، وَقَعَ الفلسطينيون في شراك الجانب الصهيوني، من أن "أوسلو" ستجعل من فلسطين "سنغافورة ثانية"، تحت زيف وعود الدول المانحة، ببناء دولة فلسطينية، وعندما تخلى العالم عن مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني، وتخلَّت السلطة عن الاعتماد على الاقتصاد الوطني، أصبحنا نعيش أرخص احتلال على وجع الأرض، ونعفي الاحتلال من ثمن احتلاله لأرضنا ومقدساتنا، على اعتبار أن اتفاقية جنيف تلزم الدولة المحتلة بتقديم خدمات الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي، للدولة المحتلة، ونحن بـ "اتفاقيتي أوسلو" و"باريس" أعفينا الاحتلال من واجبه، وأذكر هنا، أن الاحتلال مازال يأخذ المعونات من الجانب الألماني من جراء تبعات الخلاف بينهما.
-برأيك كيف السبيل للخروج من هذه الأزمة المتفاقمة التي يعيشها الشعب الفلسطيني؟
لا شك أن جزءً من المسؤولية يقع على أبناء الشعب الفلسطيني وجميع قواه الفاعلة على الساحة، هي مسؤولية مشتركة، تتمثل في إعادة اللحمة أولاً وإنهاء الانقسام، وثانياً العمل على إعادة المؤسسات الوطنية الى عملها بشكل حقيقي، وعلى رأسها المجلس التشريعي الفلسطيني، ليقوم بدوره الرقابي، وسنِّ التشريعات الى من شأنها معالجة القضايا الفلسطينية بشكل عام، والتي من ضمنها الاقتصاد، وأيضاُ المطلوب إعادة النظر في سياسات السلطة و "اتفاقية أوسلو" وعلى رأسها "اتفاقية باريس"، كما لابد من تقوية العلاقة مع بعدنا العربي والاسلامي، لتتحمل الأمة مسؤولياتها التاريخية والاسلامية، بالإعلان أن فلسطين ومسؤوليتها، تتعلق بمليار ونصف مسلم، حتى يأخذوا دورهم تجاه هذه القضية المشتركة من الناحية القومية والاسلامية.
-ما الذي أخلى الساحة لفياض ليتحكم بالاسعار وأقوات العباد؟
أهم هذه الأسباب الانقسام وغياب المجلس التشريعي الفلسطيني، والمصالح الفئوية التي يقدمها أصحابها على مصلحة الوطن، بغض النظر عن الجغرافيا.
-ما رأيك بالمؤتمر الصحفي الأخير الذي عقده فياض في محاولة لامتصاص غضب الشارع الفلسطيني؟
لم يرقَ خطاب فياض الى المستوى المطلوب والمسؤول، إنني كنائب في المجلس التشريعي، أرحب بخطوة التي من شأنها اقتطاع 10% من فئة أصحاب الرواتب العليا، ولكن كنا نود سماع قرار برفع رواتب الفئة صاحبة الرواتب الدنيا، حتى يشعر الموظف بنوع من التوازن يتناسب مع جدول غلاء المعيشة.
-شهدت أجواء عيد الفطر حصول آلاف الفلسطينيين على تصاريح للدخول الى المناطق المحتلة عام 48، ما هي انعكاسات هذه الخطوة على الاقتصاد الفلسطيني؟
إن السماح للغرف التجاري والصناعية، المخوَّلة باستصدار تصاريخ للآلآف من أبناء شعبنا فترة عيد الفطر الماضي، أهدر مبالغ طائلة من اموال المواطنين، على حساب الاقتصاد الفلسطيني المتعثر، وقد ذكرت صحيفة "معاريف" الصهيونية: أن رئيس غرفة تجارة وصناعة حيفا، قدم شكراً لوزير الحرب الصهيوني "أيهود باراك"، لأن مدينة حيفا خلال 3 أيام من العيد، ربحت (40 مليون شيكل/ 10 مليون دولار)، مما يساعد في شل الاقتصاد الوطني، واهدار مقدرات الشعب الفلسطيني، وانشاء حالة لا تتناسب مع الثوابت الفلسطينية.
-هل ترى أن سبب الأزمة الاقتصادية يكمن فقط في قلة المعونات أو تذبذبها من الدول المانحة، أم أن هناك أسباب أخرى؟
"اتفاقية باريس" أهم هذه الأسباب، فقد خلقت منا شركاء للجانب الصهيوني، وأعداءً للدول العربية والاسلامية، والعكس هو الأصل، وجعلتنا نحوِّل اعتمادات مالية كبيرة للصين، بسبب الاستيراد الفوضوي، وعلماً أنالمستفيد منها، هي فئة لا تزيد عن 10% من أبناء الشعب، وهم من يتولون الاستيراد، فيما 90% من المواطنين هم دون خط الفقر، حيث تحول مجتمعنا الى مجتمع اقطاعي، ولم تعد لدينا طبقة وسطى.
-بالرغم من أن قطاع غزة يعيش حالة حصار منذ سنوات، إلا أننا لم نرَ مظاهر الاحتجاجا الواسعة التي رأيناها في الضفة، ومظاهر الغلاء والفشل الاقتصادي، ما هو السبب برأيك؟
في غزة لا تطبَّق "اتفاقية باريس"، كما أن الحصار لم يسمح بادخال أي بضاعة أجنبية، وبالمقابل يوجد في غزة منتج وطني، كما أن الزراعة في غزة حققت اكتفاءً ذاتياً، كما عملت غزة على تمتين علاقتها مع بعدها العربي والاسلامي، الأمر الذي أتاح فرصة أكبر للصمود رغم الحصار، من اقتصاد الضفة، الذي يعتمد على الاقتصاد الصهيوني، فجرَّة الغاز المصري على سبيل المثال في غزة، يبلغ ثمنها (36 شيكلاً/ 9ونصف دولار)، فيما هي بضعف هذا السعر في للغاز الصهيوني في الضفة، كما أن المواد الأساسية مدعومة في غزة، وهو الأمرُ المفقود هنا في الضفة.
-ما هو تعليقك على الفعاليات الإحتجاجية، التي خرج المواطنون بها الى الشارع للتعبير عن السياسة الإقتصادية؟
بالنسبة للفعاليات الاحتجاجية المتواصلة على الشارع الفلسطيني في الضفة، نريد أن نؤكد، أنه من حق المواطن التعبير عن رأيه بالطرق السلمية والحضارية، ونقف ضد أي شكل من أشكال التخريب في الممتلكات العامة والخاصة، ونعلم علم اليقين، أن هذه المؤسسات والأملاك العامة، ليست ملكاً لفصيل بعينه، وإنما هي ملك عام لكل أبناء الشعب الفلسطيني، بناءً على ذلك، فالحفاظ عليها واجب ديني ووطني.
-كيف ترى السبيل للخروج من هذه الأزمة؟
للخروج من هذه الأزمة يتوجب قبل كل شيء، العمل على دعم المواد الأساسية للمواطن الفلسطيني، وربط الرواتب المتدنية بشكل خاص بجدول غلاء المعيشة، وإعادة النظر بـ "اتفاقية باريس" الاقتصادية، وفتح خطوط ومسارات للاقتصاد الفلسطيني مع بعمقه العربي والاسلامي، ووالعمل على ترشيد الاستيراد العشوائي، والا فالإنتاج الوطني المتعثر سيزداد تعثراً، والأمر سيزداد سوءاً وتعقيداً، وستتخلى عنا المجتمع الدولي، وسيواصل الاحتلال ابتزاز المواقف السياسية منا.
عن المركز الفلسطيني للإعلام
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية