النكبة 62 .. حديث الوعي ... بقلم : أ.د يوسف رزقة

النكبة 62 .. حديث الوعي ... بقلم : أ.د يوسف رزقة

الأحد 16 مايو 2010

النكبة 62 .. حديث الوعي

أ.د يوسف رزقة



ليس من عادة الشعوب أن تحتفل بآلامها وأوجاعها ، فالشعوب تحتفل عادة بأفراحها وأعيادها ، غير أن للواقع الفلسطيني مع النكبة وآلامها وأوجاعها خصوصية توجب الاحتفال السنوي ، بل واليومي أيضاً ، لأننا حين نتذكر الألم نخرج إلى العافية ، وحين نتوجع نبحث عن الخلاص . (نحتفل ، ونتذكر ، ونتألم) لنحطم أسطورة النسيان التي أقام الصهاينة على أساسها دولتهم في فلسطين المحتلة .


الاحتفال بالمؤلم الموجع ليس خطابة وإن كانت الخطابة بعض أدواته ، وإنما الاحتفال بالنكبة وتداعياتها المؤلمة هو محاولة جادة لاستعادة الوعي الفلسطيني الراشد ، من ناحية ، وكي الوعي الصهيوني الغاشم ، من ناحية أخرى . فمن احتفالات النكبة خرج الأبطال والشهداء ، ومن النكبة خرجت المقاومة والفصائل ، ومن النكبة كان التاريخ وكانت الجغرافيا .


في الذكرى الثانية والستين للنكبة أحسب أن شعبنا يعيش وعياً أفضل بقضيته ، ويتقدم نحو الأمام باتجاه التحرير وتقرير المصير ، وأحسب أن المحتل يعيش واقعاً أسوأ في وعيه ، حيث لم تمنحه سنون النكبة استقلالاً أو استقراراً ، ومازال يبحث عن الأمن الوجودي والأمن الشخصي ، والهدوء النفسي المفقود.


اثنان وستون عاماً قرأها الشعب الفلسطيني قراءة دم وفداء ، منحته عبراً ودروساً افتقر إليها يوم حدثت النكبة ، غير أنه ما يزال يعاني من ضعف القيادة ، وانفصالها عن إرادة شعبها ، واستقوائها بالأجنبي للبقاء في الزعامة .


(شعب عظيم ، وقيادة فاسدة ) ، معادلة صعبة ، تستهلك جهود المخلصين في المدافعة الخيرة نحو الخلاص . شعب عظيم وقيادة تنسق مع الاحتلال مؤامراتها ضد المقاومة معادلة معقدة . شعب عظيم وقيادة تفاوض المحتل مع بقاء الاستيطان في القدس ، معادلة تشرّع الاستيطان وتنعى القدس . شعب عظيم وقيادة تفتح السجون للمقاومين والسياسيين معادلة غير مفهومة في ظل التحرير . شعب عظيم وقيادة مغتصبة لكرسي القيادة تحاصر غزة وتدعى وصلاً بليلى (وبها) ، معادلة تدعو إلى الانتفاضة وتنظيف النفس من عيوبها .


الشعب يحتفل بالنكبة سنوياً ليراجع ملف معادلاته ويصحح المنحرف المعوج منها ، ومن هذا المعوج غير ما تقدم ( مشروع التوطين ) و ( مشروع الوطن البديل ) و ( حل مشكلة اللاجئين بالتوافق) و( مشروع اختزال فلسطين ) بأجزاء من الضفة وغزة ، و ( مشروع اختزال القدس) بأبي ديس والشيخ جراح ، و ( مشروع اختزال تقرير المصير ) بدولة بدون سيادة ، واختزال الحرية بمعابر وتسهيلات للشخصيات المهمة ؟!


في الذكرى الثانية والستين نتفاءل بالقادم لأن حركة التصحيح تعمل في الوعي الفلسطيني كما يعمل مبضع الجراح في إزالة الورم الخبيث ، إذ لا عافية ولا شفاء إلا باستئصال الفساد من جذوره ، لنلقى عدونا ونحن بعافية ثمينة صهرتها الآلام والأوجاع ومنحتها المناعة ضد الانكسار والانحناء ، وعندها يكون النصر قريباً .
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية