جورج سمعان
كان متوقعاً أن تبوء بالفشل كل المساعي لمنع توجه السلطة الفلسطينية إلى المنظمة الدولية لإعلان الدولة. رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يطرق أبواب أوروبا وغيرها بعد أبواب الولايات المتحدة لإحباط هذه الخطوة ظل على موقفه. يريد مفاوضات ولكن «من دون شروط». هو الموقف ذاته الذي جمّد المفاوضات منذ أكثر من سنة. هو الموقف ذاته الذي أحبط كل المساعي الأميركية لتحريك التسوية من أجل الوصول إلى قيام الدولة الفلسطينية الموعودة.
كان متوقعاً هذا الفشل لأن مبعوثي الرئيس باراك أوباما إلى المنطقة، دنيس روس ودافيد هيل (ومعهما وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون)، لم يقدما شيئاً يمكن أن يثني السلطة عن قرارها، أو يقدم لها ضمانات أو إغراءات. ولأن الجميع يعرفون أن الإدارة التي عجزت عن فرض وجهة نظرها على حكومة «ليكود» منذ سنتين وهي في عز قوّتها لا يمكنها اليوم، قبل سنة على انتخابات الرئاسة، وفي ظل انشغالها بالأزمة المالية المتفاقمة ومتاعب تداعيات «الحروب الاستباقية» والتبدلات التي تعصف بالعالم، خصوصاً في الشرق الأوسط، أن تغيظ حليفها الاستراتيجي.
لم يكن أمام «أبو مازن» سوى هذا الخيار. لا يمكنه التراجع في اللحظة الأخيرة فيجازف بالبقية الباقية من صدقية السلطة التي تخوض منذ سنة معركة ديبلوماسية واسعة في كل القارات لتوفير الأصوات اللازمة لدعم قراره بالتوجه إلى الأمم المتحدة لنيل عضوية الدولة في المنظمة الدولية. ويدرك سلفاً رد الفعل الأميركي، المعلن أصلاً. لم ينس يوم توجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار يدين بناء المستوطنات كيف أنهى أوباما مهاتفته بعد نحو نصف ساعة من النقاش بالقول له إن الإصرار على التوجه إلى المجلس عمل عدائي حيال واشنطن! ماذا سيقول الرئيس الأميركي بعد التوجه الحالي إلى المنظمة الدولية؟
الرئيس جورج بوش الابن نادى بحل الدولتين، وذهب ولم يفعل. خلفه أوباما توقع في أيلول (سبتمبر) الماضي أن يرى الدولة الفلسطينية في «أيلول المقبل»، أي هذه الأيام. ومثله فعلت ووعدت «اللجنة الرباعية» التي تضم الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. كل هذه القوى عجزت عن إقناع "إسرائيل" بوجوب تقديم ما يجب تقديمه لإنجاز التسوية. علماً أن معظم رؤساء الحكومات الإسرائيلية في السنوات العشرين الماضية أعلن قبوله الدولة والتفاوض من أجل قيامها.
لم تفعل حكومة نتانياهو شيئاً طوال الأشهر الماضية منذ توقف المفاوضات، عندما أعلن أبو مازن أن أحد الخيارات هو التوجه إلى الأمم المتحدة. ومثلها لم تفعل واشنطن شيئاً. والآن قبل أيام من توجه السلطة إلى مجلس الأمن تقيمان الدنيا ولا تقعدانها تهديداً ووعيداً. ويبدي نتانياهو استعداداً للتفاوض، ولكن «من دون شروط»... وإلا فلن تكون هناك مفاوضات بعد ستين سنة. الفلسطينيون ينتظرون منذ سبعين سنة ولم ينالوا سوى مزيد من الخسائر. الفلسطينيون صبروا عشرين سنة من المفاوضات بعد مؤتمر مدريد واتفاق أوسلو ولم يحصلوا على شيء... في حين تتوسع المستوطنات في الضفة وتبتلع مزيداً من الأرض.
من المبكر القول إن الخطوة الفلسطينية ستأتي بالدولة، لأن الرفض في مجلس الأمن يكاد يكون مضموناً. ولكن يبقى على أوباما أن يوجه رسالة إلى العالم العربي والعالم الإسلامي، كما فعل يوم تقلد السلطة محاولاً التصالح مع هذين العالمين. كيف سيشرح ويبرر ويقنع؟ لماذا تقف إدارته من دون قرار أممي بقيام دولة فلسطين؟ ألم يعد العالم بأنه يريد أن يرى في نهاية هذه السنة دولة فلسطينية؟ والأميركيون هل سيسألون بعد اليوم العرب والمسلمين لماذا تكرهوننا؟ يجب أن يسألوا الكونغرس الذي يتوعد بوقف المساعدات المالية للسلطة (نحو 600 مليون دولار سنوياً). إنها مفارقة أن تغضب واشنطن من موسكو لأنها تهدد بـ «فيتو» إذا قرر مجلس الأمن فرض مزيد من العقوبات على نظام الرئيس بشار الأسد، لكنها لا تسأل نفسها لماذا يحق لها أن تلجأ إلى فيتو لمنع الاعتراف بقيام دولة نص عليها قرار أممي هو قرار التقسيم 181 لعام 1947 الذي قامت على أساسه الدولة العبرية!
القرار الفلسطيني سيحرج واشنطن ويغضبها بالتأكيد، وإن لم تحقق السلطة ما تنشده في مجلس الأمن. والسلطة أصلاً لم تتخل عن المطالبة بالمفاوضات، لأنها تعرف أن لا مفعول عملياً على الأرض ما لم تعترف إسرائيل بالدولة. صحيح أن الاعتراف إذا تحقق في الجمعية العامة سيحسّن شروط الفلسطينيين في أي مفاوضات وسيعزز مواقعهم في ظل شرعية دولية لم تكن متوافرة لهم. وقيل الكثير عن المكتسبات، مثل اعتبار الأرض محتلة وليس متنازعاً عليها، والمعتقلون والسجناء الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية سجناء حرب، والمرجعية لأي محادثات باتت واضحة أكثر وهي حدود 1967، والعضوية في هيئات ومنظمات دولية وأهمها محكمة الجنايات التي تتيح للسلطة أن تتوجه إليها لمقاضاة «مجرمي الحرب» الإسرائيليين والاستيطان... وغير ذلك.
السلطة كانت تسعى إلى ملء الفراغ الذي خلّفه توقف المفاوضات قبل نحو سنة. كانت تراقب تداعيات الربيع العربي على القضية وعلى الشارع الفلسطيني نفسه. لذلك سارعت باكراً، هي وحركة «حماس» إلى استئناف محادثاتهما لإعادة توحيد الصف الفلسطيني. وأدركت السلطة ما لا تريد حكومة نتانياهو الاعتراف به حتى الآن. وهو أن الربيع العربي بدل ويبدل قواعد اللعبة القديمة في المنطقة كلها، ما يترك آثاره في كل الأقاليم. فضلاً عما تمر به القوى الكبرى من أزمات. العالم يتبدل: أميركا تتراجع مكانتها في المنطقة بعد مغامرتين عسكريتين فاشلتين في كل من أفغانستان والعراق... وقوتها الاقتصادية إلى تراجع. ومثلها أوروبا التي تواجه تحدياً كبيراً يتمثل في إمكان انفراط الاتحاد وليس إفلاس اليونان فحسب.
هدفت السلطة من تحركها الديبلوماسي ومن قرارها التوجه إلى المنظمة الدولية الضغط لاستئناف المفاوضات. لا بديل من المفاوضات. هذا ما يكرره بلا كلل الرئيس الفلسطيني. لم يقصد بالتأكيد إحراج واشنطن وبعض العواصم الأوروبية. لكنه قصد الخروج من الجمود القاتل فيما العالم تهتز الأرض تحت أقدامه، من طرابلس إلى تونس فدمشق مروراً بالقاهرة و... غزة والضفة حيث استكمل بناء المؤسسات التي ستدير الدولة. أي جمود سيدفع ثمنه من صدقية السلطة، في الشارع الفلسطيني أولاً، وفي مواجهة «حماس» التي عبرت عن اعتراضها على هذه الخطوة. فالحركة تخشى أن يؤدي الاعتراف بقيام الدولة إلى ضياع حق العودة، وإلى حل منظمة التحرير فيصبح أهل الشتات بلا مرجعية. وتخشى فقدان ورقة عدم اعترافها بالدولة العبرية. فقيام الدولة ترجمة لقرار التقسيم، في حين أنها تنادي باستعادة فلسطين، كل فلسطين.
هدفت السلطة إحراج نتانياهو قبل أوباما وإدارته. وهدفت تشديد العزلة على إسرائيل. فهل يعقل أن يكون رئيس الوزراء التركي فلسطينياً أكثر من الفلسطينيين، أو بالأحرى أكثر من السلطة؟ طرد السفير الإسرائيلي من أنقرة وأوقف العمل بكل اتفاقات التعاون وهدد ويهدد بزج أسطوله البحري في مياه المتوسط لحماية المساعدات إلى قطاع غزة. ويستعد لمعركة قانونية وسياسية دولية لفكّ الحصار عن هذا القطاع. هل يمكن أن يكون المصريون فلسطينيين أكثر من السلطة، وهم يحاكمون أركان نظامهم في تهم بينها التهاون في عقود الغاز مع تل أبيب، ويملأون الساحات والميادين مطالبين بإعادة النظر في اتفاقات كامب ديفيد وإقفال السفارة الإسرائيلية بعد اقتحامها؟ وهل يمكن أن يكون الأردنيون فلسطينيين أكثر من السلطة في المطالبة بطرد السفير الإسرائيلي من عمان؟
السلطة تعرف أنه لم يعد في إمكان السلطات العربية أن تتهاون مع إسرائيل أو أن تراعيها كما كانت تفعل في الماضي القريب. وتعرف أن منظومة الردع الإسرائيلية لم تعد صالحة لمواجهة شبكات الصواريخ المنتشرة من حدود لبنان إلى حدود القطاع. فضلاً عن صواريخ إيران. إضافة إلى تفاقم العزلة الدولية التي تواجهها. فلماذا توانى أبو مازن عن هذه المعركة الديبلوماسية ما دام لا يؤيد أي انتفاضة جديدة ولا يؤمن بأي عمل مسلح؟ لم يبق له غير هذا السلاح.
السلطة تعرف أن اتفاقات أوسلو وما تفرع عنها لم تقدم شيئاً، لذلك يجب طي صفحة هذه الاتفاقات... والعودة إلى مرجعية أعلى وأشمل هي المنظمة الدولية. يجب أن تعود القضية إلى حضن المجتمع الدولي ومؤسساته وقراراته وقوانينه التي تظل فوق كل القوانين والاتفاقات. هنا التحدي الأكبر أمام السلطة، فهل تنجح في الخروج من مأزق أوسلو إلى رحاب نيويورك؟
كان متوقعاً هذا الفشل لأن مبعوثي الرئيس باراك أوباما إلى المنطقة، دنيس روس ودافيد هيل (ومعهما وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون)، لم يقدما شيئاً يمكن أن يثني السلطة عن قرارها، أو يقدم لها ضمانات أو إغراءات. ولأن الجميع يعرفون أن الإدارة التي عجزت عن فرض وجهة نظرها على حكومة «ليكود» منذ سنتين وهي في عز قوّتها لا يمكنها اليوم، قبل سنة على انتخابات الرئاسة، وفي ظل انشغالها بالأزمة المالية المتفاقمة ومتاعب تداعيات «الحروب الاستباقية» والتبدلات التي تعصف بالعالم، خصوصاً في الشرق الأوسط، أن تغيظ حليفها الاستراتيجي.
لم يكن أمام «أبو مازن» سوى هذا الخيار. لا يمكنه التراجع في اللحظة الأخيرة فيجازف بالبقية الباقية من صدقية السلطة التي تخوض منذ سنة معركة ديبلوماسية واسعة في كل القارات لتوفير الأصوات اللازمة لدعم قراره بالتوجه إلى الأمم المتحدة لنيل عضوية الدولة في المنظمة الدولية. ويدرك سلفاً رد الفعل الأميركي، المعلن أصلاً. لم ينس يوم توجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار يدين بناء المستوطنات كيف أنهى أوباما مهاتفته بعد نحو نصف ساعة من النقاش بالقول له إن الإصرار على التوجه إلى المجلس عمل عدائي حيال واشنطن! ماذا سيقول الرئيس الأميركي بعد التوجه الحالي إلى المنظمة الدولية؟
الرئيس جورج بوش الابن نادى بحل الدولتين، وذهب ولم يفعل. خلفه أوباما توقع في أيلول (سبتمبر) الماضي أن يرى الدولة الفلسطينية في «أيلول المقبل»، أي هذه الأيام. ومثله فعلت ووعدت «اللجنة الرباعية» التي تضم الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. كل هذه القوى عجزت عن إقناع "إسرائيل" بوجوب تقديم ما يجب تقديمه لإنجاز التسوية. علماً أن معظم رؤساء الحكومات الإسرائيلية في السنوات العشرين الماضية أعلن قبوله الدولة والتفاوض من أجل قيامها.
لم تفعل حكومة نتانياهو شيئاً طوال الأشهر الماضية منذ توقف المفاوضات، عندما أعلن أبو مازن أن أحد الخيارات هو التوجه إلى الأمم المتحدة. ومثلها لم تفعل واشنطن شيئاً. والآن قبل أيام من توجه السلطة إلى مجلس الأمن تقيمان الدنيا ولا تقعدانها تهديداً ووعيداً. ويبدي نتانياهو استعداداً للتفاوض، ولكن «من دون شروط»... وإلا فلن تكون هناك مفاوضات بعد ستين سنة. الفلسطينيون ينتظرون منذ سبعين سنة ولم ينالوا سوى مزيد من الخسائر. الفلسطينيون صبروا عشرين سنة من المفاوضات بعد مؤتمر مدريد واتفاق أوسلو ولم يحصلوا على شيء... في حين تتوسع المستوطنات في الضفة وتبتلع مزيداً من الأرض.
من المبكر القول إن الخطوة الفلسطينية ستأتي بالدولة، لأن الرفض في مجلس الأمن يكاد يكون مضموناً. ولكن يبقى على أوباما أن يوجه رسالة إلى العالم العربي والعالم الإسلامي، كما فعل يوم تقلد السلطة محاولاً التصالح مع هذين العالمين. كيف سيشرح ويبرر ويقنع؟ لماذا تقف إدارته من دون قرار أممي بقيام دولة فلسطين؟ ألم يعد العالم بأنه يريد أن يرى في نهاية هذه السنة دولة فلسطينية؟ والأميركيون هل سيسألون بعد اليوم العرب والمسلمين لماذا تكرهوننا؟ يجب أن يسألوا الكونغرس الذي يتوعد بوقف المساعدات المالية للسلطة (نحو 600 مليون دولار سنوياً). إنها مفارقة أن تغضب واشنطن من موسكو لأنها تهدد بـ «فيتو» إذا قرر مجلس الأمن فرض مزيد من العقوبات على نظام الرئيس بشار الأسد، لكنها لا تسأل نفسها لماذا يحق لها أن تلجأ إلى فيتو لمنع الاعتراف بقيام دولة نص عليها قرار أممي هو قرار التقسيم 181 لعام 1947 الذي قامت على أساسه الدولة العبرية!
القرار الفلسطيني سيحرج واشنطن ويغضبها بالتأكيد، وإن لم تحقق السلطة ما تنشده في مجلس الأمن. والسلطة أصلاً لم تتخل عن المطالبة بالمفاوضات، لأنها تعرف أن لا مفعول عملياً على الأرض ما لم تعترف إسرائيل بالدولة. صحيح أن الاعتراف إذا تحقق في الجمعية العامة سيحسّن شروط الفلسطينيين في أي مفاوضات وسيعزز مواقعهم في ظل شرعية دولية لم تكن متوافرة لهم. وقيل الكثير عن المكتسبات، مثل اعتبار الأرض محتلة وليس متنازعاً عليها، والمعتقلون والسجناء الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية سجناء حرب، والمرجعية لأي محادثات باتت واضحة أكثر وهي حدود 1967، والعضوية في هيئات ومنظمات دولية وأهمها محكمة الجنايات التي تتيح للسلطة أن تتوجه إليها لمقاضاة «مجرمي الحرب» الإسرائيليين والاستيطان... وغير ذلك.
السلطة كانت تسعى إلى ملء الفراغ الذي خلّفه توقف المفاوضات قبل نحو سنة. كانت تراقب تداعيات الربيع العربي على القضية وعلى الشارع الفلسطيني نفسه. لذلك سارعت باكراً، هي وحركة «حماس» إلى استئناف محادثاتهما لإعادة توحيد الصف الفلسطيني. وأدركت السلطة ما لا تريد حكومة نتانياهو الاعتراف به حتى الآن. وهو أن الربيع العربي بدل ويبدل قواعد اللعبة القديمة في المنطقة كلها، ما يترك آثاره في كل الأقاليم. فضلاً عما تمر به القوى الكبرى من أزمات. العالم يتبدل: أميركا تتراجع مكانتها في المنطقة بعد مغامرتين عسكريتين فاشلتين في كل من أفغانستان والعراق... وقوتها الاقتصادية إلى تراجع. ومثلها أوروبا التي تواجه تحدياً كبيراً يتمثل في إمكان انفراط الاتحاد وليس إفلاس اليونان فحسب.
هدفت السلطة من تحركها الديبلوماسي ومن قرارها التوجه إلى المنظمة الدولية الضغط لاستئناف المفاوضات. لا بديل من المفاوضات. هذا ما يكرره بلا كلل الرئيس الفلسطيني. لم يقصد بالتأكيد إحراج واشنطن وبعض العواصم الأوروبية. لكنه قصد الخروج من الجمود القاتل فيما العالم تهتز الأرض تحت أقدامه، من طرابلس إلى تونس فدمشق مروراً بالقاهرة و... غزة والضفة حيث استكمل بناء المؤسسات التي ستدير الدولة. أي جمود سيدفع ثمنه من صدقية السلطة، في الشارع الفلسطيني أولاً، وفي مواجهة «حماس» التي عبرت عن اعتراضها على هذه الخطوة. فالحركة تخشى أن يؤدي الاعتراف بقيام الدولة إلى ضياع حق العودة، وإلى حل منظمة التحرير فيصبح أهل الشتات بلا مرجعية. وتخشى فقدان ورقة عدم اعترافها بالدولة العبرية. فقيام الدولة ترجمة لقرار التقسيم، في حين أنها تنادي باستعادة فلسطين، كل فلسطين.
هدفت السلطة إحراج نتانياهو قبل أوباما وإدارته. وهدفت تشديد العزلة على إسرائيل. فهل يعقل أن يكون رئيس الوزراء التركي فلسطينياً أكثر من الفلسطينيين، أو بالأحرى أكثر من السلطة؟ طرد السفير الإسرائيلي من أنقرة وأوقف العمل بكل اتفاقات التعاون وهدد ويهدد بزج أسطوله البحري في مياه المتوسط لحماية المساعدات إلى قطاع غزة. ويستعد لمعركة قانونية وسياسية دولية لفكّ الحصار عن هذا القطاع. هل يمكن أن يكون المصريون فلسطينيين أكثر من السلطة، وهم يحاكمون أركان نظامهم في تهم بينها التهاون في عقود الغاز مع تل أبيب، ويملأون الساحات والميادين مطالبين بإعادة النظر في اتفاقات كامب ديفيد وإقفال السفارة الإسرائيلية بعد اقتحامها؟ وهل يمكن أن يكون الأردنيون فلسطينيين أكثر من السلطة في المطالبة بطرد السفير الإسرائيلي من عمان؟
السلطة تعرف أنه لم يعد في إمكان السلطات العربية أن تتهاون مع إسرائيل أو أن تراعيها كما كانت تفعل في الماضي القريب. وتعرف أن منظومة الردع الإسرائيلية لم تعد صالحة لمواجهة شبكات الصواريخ المنتشرة من حدود لبنان إلى حدود القطاع. فضلاً عن صواريخ إيران. إضافة إلى تفاقم العزلة الدولية التي تواجهها. فلماذا توانى أبو مازن عن هذه المعركة الديبلوماسية ما دام لا يؤيد أي انتفاضة جديدة ولا يؤمن بأي عمل مسلح؟ لم يبق له غير هذا السلاح.
السلطة تعرف أن اتفاقات أوسلو وما تفرع عنها لم تقدم شيئاً، لذلك يجب طي صفحة هذه الاتفاقات... والعودة إلى مرجعية أعلى وأشمل هي المنظمة الدولية. يجب أن تعود القضية إلى حضن المجتمع الدولي ومؤسساته وقراراته وقوانينه التي تظل فوق كل القوانين والاتفاقات. هنا التحدي الأكبر أمام السلطة، فهل تنجح في الخروج من مأزق أوسلو إلى رحاب نيويورك؟
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية