اليمين الإسرائيلي وإحياء حل الدولة الواحدة
هشام منور
لم يتخلّ اليمين الإسرائيلي يومًا _وخاصة ما يُعرف بـ"اليمين العقدي" (أي أتباع جابوتينسكي)_ عن فكرة "أرض إسرائيل الكاملة"، ويمكن رؤية ذلك في العديد من الأدبيات السياسية، فقبل نحو عشرين عامًا وضعت بلدية عكا في المتنزه البحري بالمدينة تمثالًا ضخمًا تضمن خريطة لما أسمته "أرض إسرائيل"، تشمل فلسطين التاريخية وشرق الأردن.
ورغم توقيع حكومة الاحتلال مع منظمة التحرير اتفاقيات (أوسلو)، وإظهار استطلاعات الرأي أن أغلبية الإسرائيليين تؤيد "حل الدولتين"؛ عاد "اليمين العقدي" الإسرائيلي في السنوات الأخيرة إلى طرح "حل الدولة الواحدة الثنائية القومية"، ويتحدث هؤلاء عن فرض القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية، مثلما فرض على شرقي القدس وهضبة الجولان، وهي خطوة تتنافى مع القانون والمواثيق الدولية، ومنح "الجنسية الإسرائيلية" للفلسطينيين، بشروط وتدريجًا.
يعد أوري إليتسور أحد الأشخاص البارزين في معسكر اليمين الاستيطاني، وهو الرئيس الأسبق لمجلس المستوطنات، وكان إليتسور قدم محاضرة خلال ندوة عقدتها "مبادرة جنيف" عام 2009م، وقال فيها: "الحل الأسوأ هو _على ما يبدو_ الحل الصحيح: دولة ثنائية القومية، على أساس ضم كامل للضفة الغربية، وجعل الفلسطينيين مواطنين كاملين"، وفي حين عبر نشطاء "مبادرة جنيف" عن دهشتهم من هذه الأقوال تبين أنها ليست مفاجئة لنشطاء حركة (غوش إيمونيم) الاستيطانية.
وقال إليتسور في مقابلة أجرتها معه صحيفة (هآرتس) في حينه: "إن الوضع القائم هو طريق مسدود، ولا يمكنه أن يستمر إلى الأبد، والمشاكل التي تواجهها (إسرائيل) في السنوات الخمس الأخيرة سببها أن العالم سئمنا، وهو يقول لنا: "أنتم قلتم لنا: إن هذا الاحتلال هو حالة مؤقتة، وها هي أربعون عامًا قد مرّت على الحالة المؤقتة، ونحن مستعدون لأن نوافق على عشر سنوات أخرى، لكننا نريد أن نعرف كيف ستتطور الأمور".
وأكمل إليتسور: "ثمة من يقترح أن يحيا السكان الفلسطينيون تحت حكم (إسرائيل)، ولكن أن يصوتوا للبرلمان الأردني، وهناك اقتراحات بحكم ذاتي، و(كانتونات)، وإدارة ذاتية خالية من الصلاحيات".
عضو (الكنيست) السابق حنان بورات الذي كان زعيم المستوطنين قال: "في حال إقامة الدولة الثنائية القومية سنكون أمام ثلاثة أصناف من العرب: الأول من يريد دولة عربية ومستعد لتطبيق ذلك بالإرهاب والنضال ضد الدولة، وهذا الصنف لا مكان له في أرض (إسرائيل)، والثاني من يوافق على مكانته وعلى السيادة اليهودية، لكنه لا يريد المساهمة في حياة الدولة وتنفيذ واجباته، وهذا بإمكانه أن يكون مقيمًا، وسيحظى بحقوق إنسان كاملة، لكنه لن يحظى بتمثيل سياسي في مؤسسات الدولة، وواجباته مثل الخدمة العسكرية أو الوطنية لن تكون كاملة، أما الصنف الثالث فهو الفرد الذي يقول إنه مخلص للدولة وقوانينها، ومستعد لأن ينفذ واجباته وأداء قسم الولاء لها، وهذا بإمكانه أن يحصل على مواطنة كاملة".
وتابع: "هذا مبدأ أخلاقي، وهو ألا نفرض المواطنة ولا نمنح الجنسية بشكل عشوائي، فقد حاولوا القيام بذلك في شرقي القدس، والحقيقة هي أن هذه المحاولة فشلت".
حتى رئيس (الكنيست) السابق عضو الكنيست عن (ليكود) رؤوفين ريفلين يعبر باستمرار عن رفضه المطلق لـ"حل الدولتين"، إذ يقول: "إنني أفضل أن يكون الفلسطينيون مواطنين في هذه الدولة على تقسيم البلاد"، لكن ريفلين يرفض في الوقت نفسه فكرة "دولة جميع مواطنيها"، وحل "الدولة الثنائية القومية"، ويتحدث عما أسماه "ترتيبات سيادية مشتركة لـ(إسرائيل) والفلسطينيين في الضفة الغربية في ظل الدولة اليهودية"، وعن وجود برلمانين: يهودي وعربي.
تشير آخر الإحصائيات إلى أنه يعيش بين النهر والبحر قرابة ستة ملايين يهودي ونحو 5.6 مليون فلسطيني، لكن خبراء (الديمغرافيا) الإسرائيليين _ومنهم (البروفيسور) أرنون سوفير و(البروفيسور) سيرجيو ديلا فيرغولا_ يرون أن الأرقام الحقيقية أقل من ذلك بقليل، وأن عدد الفلسطينيين في الضفة ليس أكثر من مليوني نسمة.
ويدعي ما يسمى "الطاقم الأميركي - الإسرائيلي للأبحاث الديمغرافية" برئاسة يورام أتينغر أن عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية هو 1.5 مليون نسمة، وأن الفلسطينيين ضخموا الأرقام لأسباب سياسية، وتوقع هذا الطاقم أنه بحلول عام 2025م ستكون نسبة اليهود بين النهر والبحر 63%، ونسبة الفلسطينيين 37%.
وإذ يرى فريق من الإسرائيليين أنه لم تعد هناك إمكانية لتطبيق "حل الدولتين"، أي إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب ما يسمى (إسرائيل)؛ يدعو إلى تطبيق حل "الدولة الواحدة بين النهر والبحر"، ما يعرف أيضًا باسم "الدولة الثنائية القومية: العربية واليهودية"، وتنتمي الأغلبية العظمى في هذا الفريق إلى معسكر "أرض إسرائيل الكاملة"، وهناك أقلية صغيرة فيه تنتمي إلى معسكر "اليسار الراديكالي"، وهو معسكر صغير وليس ممثلًا في (الكنيست)، والأب الروحي لهذا المعسكر هو زئيف جابوتينسكي زعيم ومؤسس "الحركة الإصلاحية الصهيونية"، ووفقًا لما يرى هذا المعسكر "إن اليهود والفلسطينيين يجب أن يعيشوا في هذه "الدولة الواحدة" وتحت سيادة يهودية".
جابونتسكي هو الأب الروحي لحزب (ليكود)، ومصدر إلهام كثير من قادته السياسيين، فهل تقود حكومة نتنياهو الحالية ملف التسوية باتجاه تقويض ما تبقى من السلطة الفلسطينية، وترسيخ "حل الدولة الواحدة الثنائية القومية"، كما يرغب في ذلك كثير من صقور (ليكود) واليمين الإسرائيلي، لاسيما منه اليمين المتطرف الاستيطاني؟!.
هشام منور
لم يتخلّ اليمين الإسرائيلي يومًا _وخاصة ما يُعرف بـ"اليمين العقدي" (أي أتباع جابوتينسكي)_ عن فكرة "أرض إسرائيل الكاملة"، ويمكن رؤية ذلك في العديد من الأدبيات السياسية، فقبل نحو عشرين عامًا وضعت بلدية عكا في المتنزه البحري بالمدينة تمثالًا ضخمًا تضمن خريطة لما أسمته "أرض إسرائيل"، تشمل فلسطين التاريخية وشرق الأردن.
ورغم توقيع حكومة الاحتلال مع منظمة التحرير اتفاقيات (أوسلو)، وإظهار استطلاعات الرأي أن أغلبية الإسرائيليين تؤيد "حل الدولتين"؛ عاد "اليمين العقدي" الإسرائيلي في السنوات الأخيرة إلى طرح "حل الدولة الواحدة الثنائية القومية"، ويتحدث هؤلاء عن فرض القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية، مثلما فرض على شرقي القدس وهضبة الجولان، وهي خطوة تتنافى مع القانون والمواثيق الدولية، ومنح "الجنسية الإسرائيلية" للفلسطينيين، بشروط وتدريجًا.
يعد أوري إليتسور أحد الأشخاص البارزين في معسكر اليمين الاستيطاني، وهو الرئيس الأسبق لمجلس المستوطنات، وكان إليتسور قدم محاضرة خلال ندوة عقدتها "مبادرة جنيف" عام 2009م، وقال فيها: "الحل الأسوأ هو _على ما يبدو_ الحل الصحيح: دولة ثنائية القومية، على أساس ضم كامل للضفة الغربية، وجعل الفلسطينيين مواطنين كاملين"، وفي حين عبر نشطاء "مبادرة جنيف" عن دهشتهم من هذه الأقوال تبين أنها ليست مفاجئة لنشطاء حركة (غوش إيمونيم) الاستيطانية.
وقال إليتسور في مقابلة أجرتها معه صحيفة (هآرتس) في حينه: "إن الوضع القائم هو طريق مسدود، ولا يمكنه أن يستمر إلى الأبد، والمشاكل التي تواجهها (إسرائيل) في السنوات الخمس الأخيرة سببها أن العالم سئمنا، وهو يقول لنا: "أنتم قلتم لنا: إن هذا الاحتلال هو حالة مؤقتة، وها هي أربعون عامًا قد مرّت على الحالة المؤقتة، ونحن مستعدون لأن نوافق على عشر سنوات أخرى، لكننا نريد أن نعرف كيف ستتطور الأمور".
وأكمل إليتسور: "ثمة من يقترح أن يحيا السكان الفلسطينيون تحت حكم (إسرائيل)، ولكن أن يصوتوا للبرلمان الأردني، وهناك اقتراحات بحكم ذاتي، و(كانتونات)، وإدارة ذاتية خالية من الصلاحيات".
عضو (الكنيست) السابق حنان بورات الذي كان زعيم المستوطنين قال: "في حال إقامة الدولة الثنائية القومية سنكون أمام ثلاثة أصناف من العرب: الأول من يريد دولة عربية ومستعد لتطبيق ذلك بالإرهاب والنضال ضد الدولة، وهذا الصنف لا مكان له في أرض (إسرائيل)، والثاني من يوافق على مكانته وعلى السيادة اليهودية، لكنه لا يريد المساهمة في حياة الدولة وتنفيذ واجباته، وهذا بإمكانه أن يكون مقيمًا، وسيحظى بحقوق إنسان كاملة، لكنه لن يحظى بتمثيل سياسي في مؤسسات الدولة، وواجباته مثل الخدمة العسكرية أو الوطنية لن تكون كاملة، أما الصنف الثالث فهو الفرد الذي يقول إنه مخلص للدولة وقوانينها، ومستعد لأن ينفذ واجباته وأداء قسم الولاء لها، وهذا بإمكانه أن يحصل على مواطنة كاملة".
وتابع: "هذا مبدأ أخلاقي، وهو ألا نفرض المواطنة ولا نمنح الجنسية بشكل عشوائي، فقد حاولوا القيام بذلك في شرقي القدس، والحقيقة هي أن هذه المحاولة فشلت".
حتى رئيس (الكنيست) السابق عضو الكنيست عن (ليكود) رؤوفين ريفلين يعبر باستمرار عن رفضه المطلق لـ"حل الدولتين"، إذ يقول: "إنني أفضل أن يكون الفلسطينيون مواطنين في هذه الدولة على تقسيم البلاد"، لكن ريفلين يرفض في الوقت نفسه فكرة "دولة جميع مواطنيها"، وحل "الدولة الثنائية القومية"، ويتحدث عما أسماه "ترتيبات سيادية مشتركة لـ(إسرائيل) والفلسطينيين في الضفة الغربية في ظل الدولة اليهودية"، وعن وجود برلمانين: يهودي وعربي.
تشير آخر الإحصائيات إلى أنه يعيش بين النهر والبحر قرابة ستة ملايين يهودي ونحو 5.6 مليون فلسطيني، لكن خبراء (الديمغرافيا) الإسرائيليين _ومنهم (البروفيسور) أرنون سوفير و(البروفيسور) سيرجيو ديلا فيرغولا_ يرون أن الأرقام الحقيقية أقل من ذلك بقليل، وأن عدد الفلسطينيين في الضفة ليس أكثر من مليوني نسمة.
ويدعي ما يسمى "الطاقم الأميركي - الإسرائيلي للأبحاث الديمغرافية" برئاسة يورام أتينغر أن عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية هو 1.5 مليون نسمة، وأن الفلسطينيين ضخموا الأرقام لأسباب سياسية، وتوقع هذا الطاقم أنه بحلول عام 2025م ستكون نسبة اليهود بين النهر والبحر 63%، ونسبة الفلسطينيين 37%.
وإذ يرى فريق من الإسرائيليين أنه لم تعد هناك إمكانية لتطبيق "حل الدولتين"، أي إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب ما يسمى (إسرائيل)؛ يدعو إلى تطبيق حل "الدولة الواحدة بين النهر والبحر"، ما يعرف أيضًا باسم "الدولة الثنائية القومية: العربية واليهودية"، وتنتمي الأغلبية العظمى في هذا الفريق إلى معسكر "أرض إسرائيل الكاملة"، وهناك أقلية صغيرة فيه تنتمي إلى معسكر "اليسار الراديكالي"، وهو معسكر صغير وليس ممثلًا في (الكنيست)، والأب الروحي لهذا المعسكر هو زئيف جابوتينسكي زعيم ومؤسس "الحركة الإصلاحية الصهيونية"، ووفقًا لما يرى هذا المعسكر "إن اليهود والفلسطينيين يجب أن يعيشوا في هذه "الدولة الواحدة" وتحت سيادة يهودية".
جابونتسكي هو الأب الروحي لحزب (ليكود)، ومصدر إلهام كثير من قادته السياسيين، فهل تقود حكومة نتنياهو الحالية ملف التسوية باتجاه تقويض ما تبقى من السلطة الفلسطينية، وترسيخ "حل الدولة الواحدة الثنائية القومية"، كما يرغب في ذلك كثير من صقور (ليكود) واليمين الإسرائيلي، لاسيما منه اليمين المتطرف الاستيطاني؟!.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية