باب الشمس والأغوار شوكة في حلق الاحتلال
د. أيمن أبو ناهية
إن الحملة الاستيطانية المسعورة التي يشنها الآن نتنياهو في الأراضي الفلسطينية، تؤكد على نفاد ذخيرته كما تدل على حالة الفراغ السياسي الذي حوله إلى حاله أشبه بالباطل عن العمل، وأصبحت حكومته بل دولته تعاني من العزلة الدولية ولم يجد لها مكانا تحت الشمس" على عكس وصفه في كتابه، وهذا ما صرح به الرئيس الأمريكي أوباما "أن نتنياهو يقود دولته إلى العزلة الدولية"، بسبب تمرده على المجتمع الدولي وعدم اعترافه بقرارات الأمم المتحدة بشأن سياسة الاستيطان، وازديادا في العنجهية والكبرياء والعربدة لم يستجب لكل الاحتجاجات الدولية وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي بوقف سياسة الاستيطان، فعشية الانتخابات استولت قواته بالقوة على منطقة "باب الشمس" (31 كيلو متر مربع)، بحجة ضمها لمستوطنة "أي وان" وبناء 200 وحدة سكنية عليها، التي تفصل شمال الضفة عن جنوبها، كذلك الحال بالنسبة لقرية "باب الكرامة"، وباب العمود وباب المغاربة في القدس.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أقرت حكومته قرارا بسرقة 5000 دونم بعمق 15 كم من "الأغوار" والمرتفعات الشرقية الواقعة على نهر الأردن لحدود الضفة الغربية المحتلة في محافظة طوباس، بعد طرد سكانها وإخلائها تماما من الوجود الفلسطيني وجعلها منطقة عسكرية مغلقة، بحجة تدريبات عسكرية، تمهيدا للاستيلاء عليها وإقامة المستوطنات، ومن ثم ضمها لشبكة الاستيطان السرطاني الذي يلف الضفة، الذي يحرص على سرقة الأراضي ذات المواقع الاستراتيجية والحيوية والخصبة والغنية بالموارد المائية وصالحة للزراعة. فقد أعدت منظمة "عير عميم" الإسرائيلية المناهضة للاستيطان تقريراً مفاده بناء 2400 مسكن لليهود في القدس الشرقية منذ مؤتمر أنابوليس 2007م. كما تجري أشغال لبناء ستين مسكناً يهوديا في حي عرب السواحرة في القدس الشرقية بما يسمى إنشاء "حزام الأحياء اليهودية" الذي يلف القسم الشرقي العربي من القدس. رغم تسريب تقرير عن وجود قاعدة معلومات سرية عن النشاطات الاستيطانية جمعته وزارة الجيش الإسرائيلية، ويقدّم التقرير تفاصيل عن عدم قانونية البناء الاستيطاني حتى بموجب القانون الإسرائيلي، لأنه تمّ من دون الحصول على تصريح بذلك أو لأنه أقيم على أراض فلسطينية ذات ملكية خاصة.
فقد سيطرت هذه المستوطنات على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية بازدياد متواصل بنسبة 100% - حتى وصل عدد المستوطنات والبؤر الاستيطانية إلى أكثر من 400 والتي تشكل حوالي 5% من مساحة الضفة الغربية، بينما تشكل حوالي 15% من مساحة القدس - بعد نزع ملكيتها من أصحابها الشرعيين وبطرق مختلفة مثل المصادرة والطرد، ضاربا بعرض الحائط جميع القرارات الأممية لعدم شرعية الاستيطان على رأسها القراران رقم 452 - 446 لعام 1979م والقرار رقم 465 لعام 1980م.
لكن في اعتقادي أن السبب الذي ساعد نتنياهو في التوسع الاستيطاني والذي استغله استغلالا جيدا في تحقيق أهدافه هو الانقسام الفلسطيني الذي استمر لأكثر من 5 أعوام، وهو ما أكده تقرير للبنك الدولي، بأن عطاءات البناء في المستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية تضاعفت منذ بدء الانقسام بثماني مرات.
فلعل صرخة "باب الشمس" و"باب الكرامة" و"الأغوار" ستبقى شوكة في حلق الاحتلال وتصبح وقود الانتفاضة القادمة التي بدأها أبطالها المتضامنون، على غرار انتفاضة الأقصى عندما تصدى المصلون لتحدي الأحمق شارون وجنوده.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية