بدء حملة مقاطعة المستوطنات من أوروبا
د. أيمن أبو ناهية
تأتي مطالبة الفصائل الفلسطينية لرفع جريمة الاستيطان إلى مجلس الأمن الدولي ومحكمة الجنايات الدولية لمقاضاة الاحتلال على سياسة الاستيطان التي ازدادت في الآونة الاخيرة بنسبة 200%، متزامنة مع نداءات غربية خاصة من قلب أوروبا لمقاطعة المستوطنات المقامة على الاراضي الفلسطينية المحتلة، على اعتبار أن الاتحاد الأوروبي يعتبر المستوطنات "غير شرعية وغير قانونية وتشكل عقبة أمام تحقيق (السلام)".
ومع ازدياد التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة وعدم مقدرة الاوروبيين على استخدام أي وسيلة ضاغطة على حكومة الاحتلال، فقد وجه 13 بلداً أوروبياً رسائل الى مفوضية الاتحاد الأوروبي العام الماضي لتفعيل قانون يفرض وضع إشارة واضحة على المنتجات المستوردة من المستوطنات الإسرائيلية توضح مصدرها بدقة بدل الاكتفاء بإشارة "صنع في الضفة الغربية "أو "صنع في (إسرائيل)"، ولا شك ان هذا امر متعمد حيال المستهلك الأوروبي الذي من حقه معرفة مصدر البضاعة التي يشتريها، وهو حق يكفله القانون الأوروبي لحماية المستهلكين، لكن هذا للأسف لم يغير في الواقع شيئا ولم يتم العمل به، ففي العام الماضي على سبيل المثال، استورد منها بضائع بقيمة 400 مليار يورو تقريبا، مقابل 15 ملياراً من الأراضي الفلسطينية، مما يدلل على الازدواجية في القرار الاوروبي وخلل كبير في سياساته الخارجية، إذ إن المستوطنات أراض محتلة بحسب القانون الدولي والأمم المتحدة وقانون الاتحاد الأوروبي نفسه، واتفاقيات جنيف تمنع التعامل التجاري معها.
هذه الازدواجية الاوروبية تتناقض مع تهديداتهم (لإسرائيل) بالتلويح بإمكانية فرض عقوبات اقتصادية اذا ما استمرت في الاستيطان الامر الذي جعلها حبراً على ورق، بدليل ان القضاء الفرنسي في عام 2010م اصدر احكاما صارمة على ثلاثة ناشطين فرنسيين قاموا بحملة لمقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية. وقد صدر تعميم من المفوضية الأوروبية يعتبر أن الاتفاق الذي يمنح (إسرائيل) تعريفات جمركية مخفضة لا يسري على الأراضي المحتلة عام 1967م، وحتى بلدية نيويورك ألغت قانوناً كان يعاقب على مقاطعة المنتجات الإسرائيلية باعتباره عملاً معادياً للسامية. وهناك فنانون وممثلون وعلماء وجامعيون غربيون كبار ألغوا رحلات إلى (إسرائيل) كانوا قد خططوا لها.
وفي الآونة الاخيرة علت أصوات في المجتمع المدني الأوروبي لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية وانضمت إليها بعض الحكومات بشكل رسمي على خلفية استمرار التعنت الإسرائيلي في المفاوضات، وكان هذا الامر اكثر وضوحا في قضية "صوداستريم" وهي ماركة شركة إسرائيلية مقرها في مستوطنة "معاليه أدوميم" انضمت إلى ممولي مهرجان للرسوم والفنون في مدينة "انغولام" الفرنسية واستعدت للقيام بحملة دعائية واسعة خلاله، قبل أن تفاجأ بقرار عشرات المنظمات غير الحكومية والفنانين بمقاطعة المهرجان إذا شاركت فيه. ومن أبرز هذه المنظمات "أوكسفام" التي تخلت عن سفيرتها الممثلة الأمريكية المعروفة سكارليت جوهانسون لأنها شاركت في الدعاية لـ "صوداستريم".
لكن رغم الازدواجية الاوروبية في التعامل مع المستوطنات ومنتجاتها الا ان الحملات الاوروبية لمقاطعتها في تزايد مستمر، ففي عام 2005م تصاعد الحراك لمقاطعة بضائع المستوطنات الإسرائيلية بما عرف بحملة "عدم استثمار" من قبل حوالي 170 منظمة غير حكومية فلسطينية مدعومة من المجتمع المدني في أوروبا، وإذا كانت هذه الحملة قد بقيت دون فعالية تذكر إلا أنه مؤخراً بدأت دول عديدة تتجاوب معها وعملت على مقاطعة شركات إسرائيلية تقيم في المستوطنات، من هذه الدول النرويج والدنمارك وبريطانيا وهولندا وهنغاريا وفرنسا.
واليوم وعلى مستوى الانترنت وهو اسرع اداة في الانتشار، فقد أطلقت منظمة "آفاز" العالمية حملة لمطالبة موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بوقف نشر إعلانات لبيع وحدات في المستوطنات الإسرائيلية.
وقالت المنظمة -التي تمثل شبكة للناشطين على الإنترنت في أنحاء العالم: إن هذه الإعلانات مخالفة للقانون وتسبب انتهاكات لحقوق الإنسان. وقالت في عريضة تخاطب الرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك" مارك زوكربيرغ موقعة من مائة ألف توقيع ودعت الناشطين للتوقيع عليها، جملة تقدر بميزان من دهب للحق والعدل مفادها: "صعقنا من الإعلانات التي ظهرت على فيسبوك لبيع بيوت في المستوطنات. الاستيطان جريمة حرب، والمستوطنات بؤر للعنف والتمييز العنصري..قوانين فيسبوك تمنع نشر إعلانات مخالفة للقانون وتسبب انتهاكات لحقوق الإنسان. لذلك نطالبكم بوضع حظر شامل على جميع الإعلانات التي تهدف إلى بيع بيوت في المستوطنات على موقعكم الآن!".
وقد لقيت الحملة تجاوبا كبيرا من فيسبوك التي اخذت تحظر الإعلان عن منتجات مخالفة للقانون، "والمستوطنات ليست مخالفة للقانون فحسب، وإنما تعتبرها جرائم حرب". بل تعتبرها هي السبب الرئيس للعنف والتمييز في المنطقة لما يجري بسببها من تهجير قسري لأصحاب الأرض الأصليين الفلسطينيين.
د. أيمن أبو ناهية
تأتي مطالبة الفصائل الفلسطينية لرفع جريمة الاستيطان إلى مجلس الأمن الدولي ومحكمة الجنايات الدولية لمقاضاة الاحتلال على سياسة الاستيطان التي ازدادت في الآونة الاخيرة بنسبة 200%، متزامنة مع نداءات غربية خاصة من قلب أوروبا لمقاطعة المستوطنات المقامة على الاراضي الفلسطينية المحتلة، على اعتبار أن الاتحاد الأوروبي يعتبر المستوطنات "غير شرعية وغير قانونية وتشكل عقبة أمام تحقيق (السلام)".
ومع ازدياد التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة وعدم مقدرة الاوروبيين على استخدام أي وسيلة ضاغطة على حكومة الاحتلال، فقد وجه 13 بلداً أوروبياً رسائل الى مفوضية الاتحاد الأوروبي العام الماضي لتفعيل قانون يفرض وضع إشارة واضحة على المنتجات المستوردة من المستوطنات الإسرائيلية توضح مصدرها بدقة بدل الاكتفاء بإشارة "صنع في الضفة الغربية "أو "صنع في (إسرائيل)"، ولا شك ان هذا امر متعمد حيال المستهلك الأوروبي الذي من حقه معرفة مصدر البضاعة التي يشتريها، وهو حق يكفله القانون الأوروبي لحماية المستهلكين، لكن هذا للأسف لم يغير في الواقع شيئا ولم يتم العمل به، ففي العام الماضي على سبيل المثال، استورد منها بضائع بقيمة 400 مليار يورو تقريبا، مقابل 15 ملياراً من الأراضي الفلسطينية، مما يدلل على الازدواجية في القرار الاوروبي وخلل كبير في سياساته الخارجية، إذ إن المستوطنات أراض محتلة بحسب القانون الدولي والأمم المتحدة وقانون الاتحاد الأوروبي نفسه، واتفاقيات جنيف تمنع التعامل التجاري معها.
هذه الازدواجية الاوروبية تتناقض مع تهديداتهم (لإسرائيل) بالتلويح بإمكانية فرض عقوبات اقتصادية اذا ما استمرت في الاستيطان الامر الذي جعلها حبراً على ورق، بدليل ان القضاء الفرنسي في عام 2010م اصدر احكاما صارمة على ثلاثة ناشطين فرنسيين قاموا بحملة لمقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية. وقد صدر تعميم من المفوضية الأوروبية يعتبر أن الاتفاق الذي يمنح (إسرائيل) تعريفات جمركية مخفضة لا يسري على الأراضي المحتلة عام 1967م، وحتى بلدية نيويورك ألغت قانوناً كان يعاقب على مقاطعة المنتجات الإسرائيلية باعتباره عملاً معادياً للسامية. وهناك فنانون وممثلون وعلماء وجامعيون غربيون كبار ألغوا رحلات إلى (إسرائيل) كانوا قد خططوا لها.
وفي الآونة الاخيرة علت أصوات في المجتمع المدني الأوروبي لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية وانضمت إليها بعض الحكومات بشكل رسمي على خلفية استمرار التعنت الإسرائيلي في المفاوضات، وكان هذا الامر اكثر وضوحا في قضية "صوداستريم" وهي ماركة شركة إسرائيلية مقرها في مستوطنة "معاليه أدوميم" انضمت إلى ممولي مهرجان للرسوم والفنون في مدينة "انغولام" الفرنسية واستعدت للقيام بحملة دعائية واسعة خلاله، قبل أن تفاجأ بقرار عشرات المنظمات غير الحكومية والفنانين بمقاطعة المهرجان إذا شاركت فيه. ومن أبرز هذه المنظمات "أوكسفام" التي تخلت عن سفيرتها الممثلة الأمريكية المعروفة سكارليت جوهانسون لأنها شاركت في الدعاية لـ "صوداستريم".
لكن رغم الازدواجية الاوروبية في التعامل مع المستوطنات ومنتجاتها الا ان الحملات الاوروبية لمقاطعتها في تزايد مستمر، ففي عام 2005م تصاعد الحراك لمقاطعة بضائع المستوطنات الإسرائيلية بما عرف بحملة "عدم استثمار" من قبل حوالي 170 منظمة غير حكومية فلسطينية مدعومة من المجتمع المدني في أوروبا، وإذا كانت هذه الحملة قد بقيت دون فعالية تذكر إلا أنه مؤخراً بدأت دول عديدة تتجاوب معها وعملت على مقاطعة شركات إسرائيلية تقيم في المستوطنات، من هذه الدول النرويج والدنمارك وبريطانيا وهولندا وهنغاريا وفرنسا.
واليوم وعلى مستوى الانترنت وهو اسرع اداة في الانتشار، فقد أطلقت منظمة "آفاز" العالمية حملة لمطالبة موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بوقف نشر إعلانات لبيع وحدات في المستوطنات الإسرائيلية.
وقالت المنظمة -التي تمثل شبكة للناشطين على الإنترنت في أنحاء العالم: إن هذه الإعلانات مخالفة للقانون وتسبب انتهاكات لحقوق الإنسان. وقالت في عريضة تخاطب الرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك" مارك زوكربيرغ موقعة من مائة ألف توقيع ودعت الناشطين للتوقيع عليها، جملة تقدر بميزان من دهب للحق والعدل مفادها: "صعقنا من الإعلانات التي ظهرت على فيسبوك لبيع بيوت في المستوطنات. الاستيطان جريمة حرب، والمستوطنات بؤر للعنف والتمييز العنصري..قوانين فيسبوك تمنع نشر إعلانات مخالفة للقانون وتسبب انتهاكات لحقوق الإنسان. لذلك نطالبكم بوضع حظر شامل على جميع الإعلانات التي تهدف إلى بيع بيوت في المستوطنات على موقعكم الآن!".
وقد لقيت الحملة تجاوبا كبيرا من فيسبوك التي اخذت تحظر الإعلان عن منتجات مخالفة للقانون، "والمستوطنات ليست مخالفة للقانون فحسب، وإنما تعتبرها جرائم حرب". بل تعتبرها هي السبب الرئيس للعنف والتمييز في المنطقة لما يجري بسببها من تهجير قسري لأصحاب الأرض الأصليين الفلسطينيين.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية