(برافر) وسرقة النقب ... بقلم : غسان الشامي

الإثنين 02 ديسمبر 2013

(برافر) وسرقة النقب

غسان الشامي

منذ بدء الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين تتواصل مشاريع السرقة والتهويد بحق الأرض والوجود الفلسطيني، ويعمل الاحتلال جاهدًا على تنفيذ عشرات المخططات التهويدية بحق أرضنا المباركة، وذلك في إطار تحقيق الحلم الصهيوني الكبير (إسرائيل الكبرى)، ويضع العدو الصهيوني مسميات مختلفة لمشاريع التهويد تحت مسمى التخطيط والتطوير وإعادة التنظيم، لكن الهدف الخبيث وراء هذه المخططات هو مواصلة سرقة الأرض الفلسطينية، ونهب خيراتها وثرواتها.

واليوم تزداد وتيرة التهويد للأرض الفلسطينية، إذ يواصل العدو تنفيذ مخططاته العنصرية التهويدية بحق القدس والضفة المحتلة وأراضي الـ(48)، ببناء المئات من الوحدات والكتل الاستيطانية، ومواصلة هدم منازل الفلسطينيين في القدس المحتلة، ومواصلة تهويد القدس والمسجد الأقصى المبارك، ويواصل العدو طمس الآثار والمعالم التاريخية الفلسطينية، وتحويل الكثير من المناطق الأثرية الفلسطينية إلى مراكز صهيونية وتغيير مسمياتها الأصلية، إذ تعاني مناطق الـ(48) من التهويد اليومي للكثير من الأماكن الأثرية الفلسطينية.

نحن اليوم أمام مشروع تهويدي صهيوني خطير بحق الجنوب الفلسطيني أرض النقب، وهو مخطط (برافر) قدمه وزير التخطيط في الحكومة الصهيونية، وأقره (الكنيست) الصهيوني في يونيو 2013م، وهو يقضي بتهويد ومصادرة نحو 800 ألف دونم، وتهجير وتشريد قرابة 100 ألف فلسطيني من النقب، وهدم 38 قرية بدوية، وقد أعلنت الحكومة الصهيونية أن مخطط (برافر) المشئوم "جزء من مشاريع حكومية لتطوير النقب، وأنه يرمي إلى دمجٍ أفضل للبدو في المجتمع الإسرائيلي، وإلى تقليص الفوارق الاقتصادية بين المجتمع البدوي وباقي المجتمع الإسرائيلي"، ولكن هذه التصريحات ما هي إلا خديعة كبرى تعمل حكومة الاحتلال على ترويجها وبثها للعالم، إذ إن أبعاد هذا المخطط التهويدي للنقب كبيرة، وهو جزء من مشاريع صهيونية كبرى لاستكمال سرقة وتهويد الأرض الفلسطينية.

إن مخطط (برافر) الصهيوني يحمل في طياته الكثير من الأهداف العنصرية الخبيثة، أهمها العمل على تعزيز وتكثيف وجود المستوطنات في أرض النقب، هذه الأرض الخصبة بالمعادن والرمال والصخور النارية والخيرات الوفيرة، وتسعى الحكومة الصهيونية من وراء هذا المخطط إلى بناء عدد كبير من المراكز العسكرية بالقرب من المحيط العربي مع مصر والأردن وخليج العقبة، وبينت دراسات أن هذا المشروع يأتي ضمن مخطط صهيوني كبير لتسهيل مشروع بناء قناة البحرين الأحمر والميت، ويعمل مخطط (برافر) على منع أي تواصل جغرافي بين النقب وغزة وسيناء، عبر تجميع وخنق البدو البالغ عددهم أكثر من 200 ألف نسمة في قرابة 100 ألف دونم.

وقد عمل العدو الصهيوني خلال العقود الماضية على سرقة نحو 11 مليون دونم من أراضي النقب، في إطار تنفيذ مخططات التهويد وإقامة مشاريع الاستيطان، واتبع العدو مع أرض النقب سياسة التهميش والنسيان، والحرمان من الكثير من الخدمات الأساسية والبنى التحتية، وذلك ليبقى النقب مهمشًا ويظل الفلسطينيون الصامدون على أرضهم يعيشون في قرى صغيرة يسودها الفقر والبطالة والمشاكل الاجتماعية، ويساهم العدو الصهيوني على الجانب الآخر في اختراق المجتمع وتقويض بنيانه، وبث الفرقة والنزاعات بين القرى البدوية المنتشرة بالنقب، وهناك هدف أبعد يسعى المحتل لتحقيقه ضمن مشاريع تهويد الجنوب الفلسطيني يتمثل في العمل على تنشئة جيل فلسطيني لا صلة له بالأرض ولا بالتاريخ، ويفكر فقط في حياته الصعبة التي يعيشها في النقب المحتل.

إن النقب الفلسطيني يعاني منذ عقود طويلة من سياسات التهويد والتهميش والاستيطان الصهيوني التدريجي للأرض، إذ تعرض قرى ومضارب البدو للتدمير عشرات المرات، وخير مثال على ذلك قرية العراقيب التي عرضت للتدمير أكثر من 30 مرة، وغيرها من قرى النقب المحتل.

إن مخطط تهويد النقب الذي يمثل تهديدًا خطيرًا للجنوب الفلسطيني لهو جزء من سلسلة المخططات الصهيونية التهويدية للأرض الفلسطينية؛ فهناك مخططات لتهويد الجليل والقدس والأغوار، وإن نجاح الاحتلال في فرض هذه المخططات يضعنا الفلسطينيين أمام اختبار حقيقي في كيفية توحيد الجهود كافة من أجل مواجهة تغول هذه المخططات الصهيونية على الأرض الفلسطينية.

إن مخطط (برافر) التهويدي يمثل تحديًا كبيرًا أمام سلطة (أوسلو) في العمل على وقف مهزلة المفاوضات، ووقف التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني، والعمل على إفشال مخططاته، ويجب على سلطة (أوسلو) المطالبة في الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع الدولي بوقف جرائم الاحتلال بحق الأرض الفلسطينية، ووقف بناء الكتل الاستيطانية.

والمطلوب منا جمعيًا التوحد والتكاتف في مواجهة المخططات الصهيونية العنصرية، والعمل على دعم صمود فلسطينيي الداخل، ودعم الانتفاضة الجديدة في وجه المحتل؛ من أجل وقف مخططات تهويد النقب وإفشالها.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية