بكر سعيد بلال: خفقة مأسورة، وروح تجوب الوطن ... بقلم : فؤاد الخفش

الأربعاء 11 فبراير 2015

بكر سعيد بلال: خفقة مأسورة، وروح تجوب الوطن

فؤاد الخفش


هناك أشخاص لم تستطع الأيام هزيمتهم، ولم تثنِ قيود السجن من عزائمهم، لا يشيخون ولا يفترون. تزيدهم القيود صلابة، ويعطيهم البعد عن الأهل طاقة ايجابية، فيغدقون الحنان والأخوه على من هم حولهم، هم الرجال الرجال فيا لروعتهم!

ربطتني بصاحب مقالي هذا علاقةٌ خاصة، تمازجت أرواحنا داخل سجون الاحتلال ومن خلاله توطدت العلاقه مع جميع أفراد العائلة الذين لم يبقَ أحدٌ منهم خارج السجون إذ توزعوا على السجون والمعتقلات والابعاد والقبور.. وبقوا رغم كل هذا التنكيل كالطود الشامخ في وجه الرياح العاتية تزيدهم البلاءات قوة، وتعطيهم السجون عزيمة، ويحولون المحن الى منح.

بكر سعيد أبو السعيد لا أظن أن أحدا دخل السجون في يوم من الأيام ولا يعرفه!!، اعتقل مرات ومرات منذ عام 1992، وهو في سجون الاحتلال يخرج فترة ومن ثم يعود سنوات يواجه الصعاب بروح جميلة لم تهزه الأيام رغم كل المحن.

طورد سنوات من قبل الاحتلال وأصيب في اجتياح نابلس الشهير 2002 برصاصة بالوجه نجاه الله من موت محقق، لتستمر المطاردة ويعتقل في عملية خطيرة، كتبت عنه الصحف العبرية أن المسؤول عن عمليات كبيرة. خضع لتحقيق قاسٍ وعسكري،صمد ونجا من حكم المؤبد ليمضي بضعة سنوات ثم يخرج.. وتبدأ معاناته الجديدة مع الاعتقال الإداري!

لا يذكر بكر كما قال لي أنه أمضى عاما لم يدخل السجن فيه، فهو مستهدف ما دام خارج السجن والقرار الإداري جاهز من لحظة الاعتقال.

لم يعد يعتقل ابو السعيد لوحده كما كان سابقا؛ بل يعتقل هو ونجله سعيد الذي يتحول بمجرد دخولهما السجن لأصدقاء.. سعيد ينادي والده بأبو السعيد، يتسامران لما بعد منتصف الليل، فبرش الأب بجوار برش الابن الذي أكسبته السجون صلابة وقوة فروح أعمامه الرجال عثمان والمعتقل منذ 2005 ومعاذ المعتقل منذ 2002 تسربت في قلب الشاب سعيد.

عبر لي بكر أكثر من مرة عن فرحه وسعادته بنجله سعيد وقال لي لا أحزن حين يعتقل ابني فهو ليس بافضل من أبناء شعبنا، انا فخور بأن ابني بالسجن بجواري أكثر من ذلك المسؤول الذي أخرج ابنه لدراسة الفنون بالخارج على حساب الدولة!!.

في بلادي رجال كثر من نوعية بكر يعتقل مع نجله، لا يهمه تقدم العمر فالصديق بكر تجاوز عقده الخامس رغم أنه يحمل في صدرة روح الشباب وهو بكل أمانة محبوب من الشباب الصغير الذين وجدوا فيه روح الشباب وحماستهم.

قال لي بكر أكثر ما يؤلم قلبي كلمات ابنتي الصحفية صفاء التي تخطها على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فاشعر كم هي بحاجة لوجودي بجوارها أتفهم هذه الحاجة ولكن الوطن يحتاج منا الكثير من التضحيات.

وقال لي لحظة وفاة والدي الشيخ سعيد بلال بكيت بحرقة اطبقت علي جدران الزنزانة اختبأت من نفسي بإغماض عيوني والدي مات وأنا وأشقائي الأربعة بالأسر، أي بلاء هذا واي ابتلاء!! لم أجد غير معية الله تحتضنني توجهت له فنزلت على روحي السكينة تماسكت ومر بي شريط الذكريات سريعا وتمنيت على الله أن يجمعنا في جنانه.

أبو السعيد صاحب الروحة البسامة والنفس المتوقدة القابع بالاعتقال الإداري منذ منتصف 2014 يصارع بروحة التواقة للحرية ولأسرته وللإستقرار، قيودَ السجن والاستهداف والاستنزاف تحت نير الاعتقال الإداري وهو على يقين أنه سينتصر يوما على السجن والسجان.

لروحك المختطفة ظلما في سجون الاحتلال ولقلبك الذي ينبض أخوة وطيبة وحنانا لك يا بكر ولجيل سيأتي يتعلم من سير الرجال.. أكتب كلماتي هذه عنك للجيل القادم، فلك الحب والتقدير والتحية يا ابن الكرام.



جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية