تجييش حركة فتح وراء خيار دايتون

تجييش حركة فتح وراء خيار دايتون ...بقلم: ياسر الزعاترة

الجمعة 19 يونيو 2009

تجييش حركة فتح وراء خيار دايتون
بقلم: ياسر الزعاترة

بهدف إعطاء عملية قتل المجاهدين في قلقيلية بعض الشرعية الفتحاوية، جرى استنفار أكثر مؤسسات الحركة لإصدار بيانات تشيد بالعمل العظيم في مواجهة الخارجين عن القانون تارة، والفئة الضالة تارة أخرى، فضلاً عن الانقلابيين وسوى ذلك من المصطلحات التي جرى اختراعها خلال العامين الماضيين.
 
كتائب الأقصى في الضفة الغربية (فرعها في القطاع يحمل السلاح) تحدثت عن المجاهدين بوصفهم «فئة ضالة»، فيما لم نعرف من تلك الكتائب ومن قائدها؟ هل هو زكريا الزبيدي الذي أصبح فناناً يمثل على خشبة المسرح، ومعه العديد من رجاله، أم هي مجموعات أخرى، مع العلم أن عنوان تلك الكتائب لم يكن واحداً في يوم من الأيام، حتى أيام الراحل ياسر عرفات، حيث يعلم المعنيون أن فرعاً منها كان يتبع حزب الله، وبعضها يتصل بالحرس الثوري مباشرة، بينما يتلقى بعضها دعماً من حركة حماس والجهاد (خاصة في القطاع)، الأمر الذي توقف بالتدريج بعد رحيل عرفات الذي كان على علم بذلك كله، حيث جرى استيعاب بعضهم هنا وهناك بعد الحصول على صك أمان من الاحتلال، أما المقاتلون الحقيقيون الذين لم يستشهدوا، فهم إلى جانب إخوانهم من الفصائل الأخرى يرزحون خلف قضبان السجون الإسرائيلية.
 
أقاليم فتح في الضفة أصدرت هي الأخرى بيانات تشيد فيها بما جرى، وبالطبع من خلال أسماء وعناوين مختلفة، مع العلم أن هذه المؤسسات القائمة على المتفرغين أصبحت هي الأخرى رهن من يدفع الرواتب، أكثر من تبعيتها لرؤية الحركة وبرنامجها الأصيل.
 
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو ما الذي تبقى لحركة فتح عمليا في الضفة الغربية (وضعها في قطاع غزة يبدو أفضل، حيث توحدت على عداء حركة حماس بعد الحسم العسكري، حتى لو بدت مفككة من الناحية العملية، إذ يمكن لملمتها بسهولة في حال تغير الوضع)؟!
 
إذا كان جهاز الأمن يتبع الجنرال دايتون، وتجري صياغته بحسب نظرية «الفلسطيني الجديد» الذي يشترط أن يكون بلا تاريخ نضالي حتى لا يحنّ إلى الأيام الخوالي كما حصل للعديد من رجالات الأمن السابقين أيام عرفات، والذين انخرط كثير منهم في العمل النضالي يعد اندلاع انتفاضة الأقصى وقدموا عدداً كبيراً من الشهداء والأسرى، وكانت لبعضهم أدوار مميزة في مسيرة الجهاد والشهادة. إذا كان جهاز الأمن على هذا النحو، فما الذي يبقى لحركة فتح، وبالطبع في ظل قيادة لا تؤمن بالتنظيم، كما لا تؤمن بالجماهير وحركتها؟!
 
ماذا عن المال، وهو العنصر الثاني من عناصر القوة في أية حركة أو سلطة؟ أين فتح من حركة المال؟ الجواب أنها متلقية وليست فاعلة، وخازن المال معروف (سلام فياض) جاء به الأميركان من البنك الدولي ليراقب ياسر عرفات، قبل أن يصبح رئيساً للوزراء في عهد من فرض أيضاً رئيسا للوزراء على عرفات، ودائماً من قبل الأميركان. وهو، أي فياض، الذي يحرك العناصر الفاعلة بالطريقة التي يريد، لا سيما أننا إزاء جحافل تريد العيش بعدما تطاول عليها العمر ولم يعد لديها غير راتبها الذي لا يكفي لتكاليف الحياة إذا لم يرفد بمخصصات لا تصرف إلا بتوقيع خازن المال إياه.
 
هي إذن عملية تفكيك لحركة فتح كي تنسجم مع برنامج خريطة الطريق ورؤية دايتون، وما يقال عن مصالحة بين هذا الفريق وذاك، إنما هي عملية تدجين لمن يرفعون أصواتهم ضد اغتيال الحركة، وأقله دمجها في مؤسسات السلطة وشطب دورها كحركة تحرر. ولا شك أن قرار عقد مؤتمر الحركة «داخل الوطن» إنما هو إعلان صريح بتخليها عن دورها كحركة تحرر.
 
لذلك قلنا وسنظل نقول إن الوضع الفلسطيني لن يتعافى سريعاً من دون تحوّل داخل حركة فتح يعيدها إلى روحها الأصيلة، أما إذا بقي المسار على ما هو عليه، أو حصل على مزيد من الشرعية بعد المؤتمر السادس، فسنكون إزاء رحلة تيه مداها الزمني هو ما يكفي لأن يذهب هؤلاء حتى آخر الشوط في مغامرتهم فينتهون إلى جدار مسدود، كما وقع مع نهاية أوسلو الأولى في كامب ديفيد صيف العام 2000، أو يوقعوا صفقة مشوّهة يتكفل الشعب بالتصدي لها بقيادة ودعم قوى المقاومة والممانعة في الشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي.
 
قد يرى البعض أن طرح نتنياهو الجديد كفيل بإيقاظهم من سكرتهم، لكن الواقع ليس كذلك، فهم سيواصلون مسيرتهم «النضالية» من أجل إحراجه أمام المجتمع الدولي، بينما تبقى السلطة/ الدولة قائمة، يتمتع أصحابها وأبناؤهم وأتباعهم بمزاياها الكثيرة.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية