تحسينات بأيدٍ ناعمة وعسكرية ... بقلم : د. يوسف رزقة

الجمعة 07 فبراير 2014

تحسينات بأيدٍ ناعمة وعسكرية

د. يوسف رزقة

من المعلوم أن البيئة الاستراتيجية للكيان الإسرائيلي هشة وتفتقر إلى عناصر القوة القادرة على الصمود والبقاء، وترجع الهشاشة إلى عوامل عديدة، بعضها بنيوي في المجتمع نفسه، وفي قيام الكيان على الاحتلال، وبعضها جغرافي و ديمغرافي معادٍ، وبعضها تقني تكنولوجي، يسلب منها الضمانة النووية، والتفوق العسكري، وغير ذلك مما فصله الخبراء، ولا نود الإفاضة فيه، لأن لنا غرضاً آخر، هو مقاربة بعض التصريحات الإسرائيلية التي أشارت إلى(البيئة الاستراتيجية ) من خلال المتغيرات الإقليمية التي ضربت الربيع العربي.

يقول بروفيسور ( إفرايم كام) نائب رئيس مركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، في ورقة بحثية :
(إن العوائد الإيجابية على إسرائيل من الإجراءات العقابية الكبيرة التي نفذتها السلطات المصرية ضد حماس، وأهمها تدمير الأنفاق ، أنها حسنت البيئة الاستراتيجية ( لإسرائيل). وقال الجنرال المتقاعد شلومو بروم، وبروفيسور شفيتسر في ورقتهما: إن السلطات المصرية الحاكمة الآن في مصر تحاول إضعاف التأييد الجماهيري لجماعة الإخوان من خلال شيطنة حماس...).

إن ضعف البيئة الاستراتيجية لدولة الاحتلال، لا يمكن التغلب عليه أو تعويضه بالتفوق العسكري وحده، لأن القوة العسكرية عنصر من عناصر البيئة الاستراتيجية وليس كل البيئة، ولكن يمكن التغلب على الضعف بشكل أفضل من خلال احتواء البيئة العربية المحيطة، وتطبيع العلاقات معها، وتجنيدها لحماية حدودها، لإخضاع المقاومة والشعب الفلسطيني للقبول بالأمر الواقع، والتعايش مع ( إسرائيل )لاعباً أساسياً في المنطقة.

إن قوة البيئة الاستراتيجية وضعفها في دولة الاحتلال يرتبط جدلياً بمواقف البيئة العربية المحيطة، والسياسة الإسرائيلية تقوم على اختراق هذه البيئات ودعم الأنظمة المعادية للتيارات الإسلامية، باعتبار التيارات الإسلامية خطراً استراتيجياً وأيديولوجياً.

لقد قرأت دولة الاحتلال الخطر الاستراتيجي في حماس كحركة تحرر وطني إسلامية الفكرة والمرجع، وقرأته في ثورات الربيع العربي، وبالذات في الثورة المصرية، وكان وجود الإخوان في سدة الحكم في مصر بمثابة الكابوس المؤرق لها، لذا وجدتها الدولة الأكثر فرحاً وطرباً بسقوط حكم الإخوان في مصر.

إن ما تقوله الأوراق البحثية آنفة الذكر عن تحسن البيئة الاستراتيجية أمر حقيقي لا يقبل النقاش، وهو تحسن لا توفره الأسلحة النووية أو التقليدية، إذ بات الإخوان وحماس هما العدو الأول للسلطات في مصر، وباتت ( إسرائيل) دولة أقرب، وأكثر دفئاً لعديد من الأنظمة العربية.

إسرائيل قتلتنا ، نحن الفلسطينيين، بيدها أحياناً وبأيدٍ عربية في أكثر من محطة تاريخية، و ما زالت هذه المحطات محفورة في ذاكرة الأجيال، واستطاعت أن تحسن بيئتها الاستراتيجية منذ نشأتها بأيدٍ عربية، وهي تخطط لتكون لاعباً أساسياً في المنطقة من خلال الأيدي العربية الناعمة والعسكرية أيضاً، بعد أن صنعت للأنظمة العربية أعداء غيرها. إسرائيل لم تعد العدو الأول في عديد من العواصم العربية المحترمة. وجل ما يصدر عن العواصم من تشريعات، وإعلام، هو ضد عدو داخلي مصطنع، بأيدٍ ليست عربية.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية