تفاصيل مثيرة..د.الزهار القائد والإنسان
د.محمود الزهار/عضو القيادة السياسية لحركة حماس
الحقيقة بين خيارين
"التلفزيون الإسرائيلي"..كان أول وسيلةٍ إعلامية يظهر فيها الزهار
:"عندما تخرجت وعملت في غزة كان أول لقاءإعلامي لي في نوفمبر 1972 على "قناة إسرائيل"، حيث أجرت مقابلات مع أربعةأطباء آنذاك، وقلتُ يومها أننا محتاجين لرفع مستوى الخدمات الطبية من جهة،ومن جهةٍ ثانية أن نحسن العلاقة بين الجمهور وبين قطاع الأطباء، وقداُستحسن هذا الخِطاب جداً عند الأطباء والإعلاميين".
ويعتبر الزهار الإعلام سلاحُ خطر، وأن كثيراً من الزعماء فقدوا مصداقيتهمفي إساءة استخدامه دون أن يدركوا أن أي كلمةٍ تخرج بدون وعي وتوازن يمكنأن تدمر، بينما في المقابل هناك كثيرُ من الشخصيات البسيطة التي ارتفعرصيدها بالإعلام الملتزم والمهني.
· إتباعاً لقاعدة "لا أخاف في الله لومةَ لائم"، يقصّ الموقف بطريقةٍ توحي كما لو أنه من النوع الذي "لايندم"
:"بالفعل نتعرض لمواقف يتعين فيها أن نختار بين قول الحقيقة فيغضبالناس، وبين ألا نقولها فنُغضِب الله ونخسر احترامنا لذواتنا، ما حدث أنهفي عام 1992 عُقد مؤتمر مدريد وخرج البعض ممن شاركوا فيه يرقصون فيالشوارع، وبعضهم الآخر ركب "جيبات" الإسرائيليين في رام الله حاملاً أغصانالزيتون...ولكن الأنكى أتدرون ما هو؟..أن فلسطينيين دخلوا "مسجد السلام" وعاثوا فيه فساداً!، وهنا آثرت ألا أكتم ما لدي عندما أجرى التلفزيونالإسرائيلي لقاءاً معي، حيث كنتُ أملك وثائق وصور وشهود، مما أغضب الناس،ولكن الأمر في نظري هو قضيةً خطيرة تمسّ المصحف والمساجد التي أنكر هؤلاءدخولها".
"رفقاً بنا يا أبا خالد"
· انطباع الصحفيين "أنك حاد جداً وعصبي المزاج"
:"يحدث أحياناً أن "يتفلسف" إعلاميُ صاحب توجه معاكس، فيقدم نفسه "كالبطل الذي قال للزهارولم يخف"، فأنا في هذه الحالة أقوم (بقرصه) من أذنه، وهذا الأمر ليسفظاظة، ولكنه تصحيحُ للعلاقة بين "الإعلامي" و"الضيف الإعلامي" الذي يحملعنوان كتابٍ لي، هذا "الضيف" يجب أن يُحترم طالما أنه في ضيافة الصحفي،لذا أنا أقولها بأن من يتعمّد الإساءة لي فيجب أن يتوقع الرد عليه، لكن منيلتزم بمهنيته فستكون العلاقة معه على ما يرام، فعندما يأتيني صحفيليسألني عن أشياء لم أقلها، فمن الطبيعي أن أرد عليه بطريقةٍ تُحرجه:"منأين أتيت بهذا الكلام؟".
· عن تقبله النقد
:"نعمأتقبله، لكن إذا كانت لديّ فكرة ومقتنع بها، ومُلمّ بتفاصِيلها فإننيأدافع عنها، أما إذا كانت الأغلبية "ضد"، فأنني التزم، لكن عادةً لا اطرحأي فكرة إلا بعد دراستها بعناية، وكما ذكرتُ لكِ سلفاً بأنه إذا وجهت ليالإساءة عمداً فأنا لا أقبل الإهانة من أيٍ كان".
وحتى يستشهد بمثل واقعي...فقد ذكر بأن الرئيس الراحل أبو عمار كان واحداًممن لم يأبه بهم فأعطاه "ما فيه النصيب" -كما يقول المثل-:"ذات يوم ادّعىعليّ عرفات بأني اتفقتُ وإياه على وقف العمل العسكري"..فقلتُ له:"كلا لميحدث" أمام خمسة وعشرين شخص حاضرين، وسألته:"متى وكيف وأين ومن الذي كانجالس؟ كلامك غير صحيح، فسألني مستهجناً:"إذاً أنت تكذبني؟"...قلت له:"بلوأكثر من ذلك، فمن يكذب يفعل ذلك في كلمة وليس في شأنٍ كهذا".
مثالُ آخر مر به ولكن هذه المرة من الإعلام الغربي، تحديداً قناة "فوكسنيوز"، مُعقباً:"ذات مرة أجرت معي مقابلة وأطلقت علي "دكتور إرهاب"، فماكان مني بعد ذلك إلا أن أرفض مقابلتهم، لأني لستُ كذلك، وهم من يجب أنيفرقوا بين "إرهابي" و"مقاتلين لأجل الحرية".
يا لها من أيام!
تجربة سجون السلطة
· تجربته مع سجون السلطة الوطنية في مطلع التسعينيات
بصلابة الحق المنتصر ارتدى الزهار الكلام:"كانت أياماً من أصعبما يمكن، عندما أقدم موسى عرفات على اعتقالي مع إخواني الدكتور أحمد بحروالشيخ سلامة الصفدي، و"بدون تحقيق" كنا نُضَرب في كل أربعة وعشرين ساعةأربع مرات، من بينها مرتين نفقد فيها الوعي تماماً، ليزّرق جلدنا نازفاًمنه الدم إلى أن نفقد القدرة على الوقوف"، معبراً عن فخره بأن "السلطة" لمتقدر أن تنتزع منه كلمة واحدة، والأهم أنهم لم يكسروا إرادته مطلقاً.
· أكثر اللحظات مؤلمة
":"كانت أكثر لحظة مؤلمةمرت بزوجتي ولم أكن بجانبها، حين خُطف الجندي الاسرائيلي (فاكسمان) عام 1994، ولم أكن موجوداً في البيت، فدخلت ضباط من السُلطة الفلسطينية من "شرفة البيت" كاللصوص، من أجل البحث عن "المختطف" تحت سريري، وأشهرواالبندقية في وجه امرأةٍ عزلاء فلم يتصدَ لهم إلا ابني خالد الذي لم يكنيبلغ من العمر إلا سنواتٍ قليلة، وقالت لهم:"لو أن الذي تبحثون عنه كانموجوداً لما تجرأّتم على ذلك"، يا لها من لحظات مؤلمة حين يحتاجك أطفالككي تدافع عنهم فلا يجدونك بجانبهم!".
هل غابت "النكتة"؟!
· حين يدور الحديث عن أعز الناس على قلبه يصبح للحديث طعماً خاصاً..إنهماولديه خالد وحسام "وآخرون" لا يرحلون عن الروح...استشهد الأول عام 2003عندما تعرض منزل والده لقصف اسرائيلي لم يحقق الهدف المنشود..وفي 2008اُستشهد "آخر العنقود" حسام، لتبدأ "الدعابة" تتلاشى شيئاً فشيئاً لديهحسب قول أشخاصٍ يتعاملون مع الزهار..فاصلُ من الصمت أعقبته ابتسامة حزنٍشاردة،
رد الزهار "كلا..لا تزال "القفشة" موجودةُ عندي، ولكن دَعيني أقول بأن أولاديكلهم بدرجة واحدة، وإن كان لريم وخالد وقعُ خاص، لان ريم هي أول مننادتني "أبي"، وخالد لأنه ابني البكر، ناهيك عن أنه كان مميزاً ودمِثاًإلى أقصى درجة، ثم أتى استشهاد أحمد عوض زوج ابنتي سماح الذي تربطني بهعلاقةً خاصة، بصدق لم أستطع التغلب على الحزن إلا بطلب الإعانة من الله،ولولا ذلك لما احتملت، وهذا ما قلته للأستاذ حسنين هيكل حين اندهش منمقدرتي على التحمل".
أما حسام الذي سيبقى في "سويدائه" فقال عنه:"كان معروف أنه لا ينام إلا فيحضني، وقد تشابه معي في الأخلاق والشجاعة، ونسج العلاقات الاجتماعية"،لافتاً أن تكالب "الفراق" عليه، إضافة إلى استشهاد كوكبة من الناس عاشوامعه كالشيخ أحمد ياسين، والرنتيسي والمقادمة واسماعيل أبو شنب، إلى جانبالأجواء العامة التي لا تبعث على البهجة، وتحمله لمسؤوليةٍ يخشى فيها أنيتخذ قراراً يتسبب في استشهاد طفل، كل ذلك يجعل غياب "الدعابة" ليس بسببخالد و أحمد و حسام، بل أضحى الأمر أكبر من ذلك...إنها قضية وطنٍ بأكمله -حسبَ "فضفضته".
ويبتسم وهو يفتح قلبه أكثر تصوروا أن هناك من يسأل بناتيسؤالاً غريباً:"هل يتعامل والدكم معكم بشكل جيد؟"، فهم لا يعرفون أني دائماللعب مع أحفادي الصغار، وأن انطباع الصرامة "الملصق" بي ليس موجوداً،ولكن طبيعة مهنة فرضت علي أن أكون حاسماً، ففي لحظةٍ ما كنتُ أقررّ هلأبتر أو لا، وهل أفتح بطن إنسان أم لا، وإلا فأنا سأعرض حياة المريضللخطر، وقيسي ذلك على سائر الشئون".
هكذا أنا.."رجل موقف"
· منذ فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية أصبح الزهار مشغولاً بهمّالسياسة كونه من كبار القوم الذين يديرون دفّة الحكم في قطاع غزة، ولكنترى ماذا أخذت منه السياسة وماذا أعطته؟!...
كان رده:"أنا لم آخذ منالسياسة شيئاً، حتى عندما ذهبت إلى وزارة الخارجية كسياسيٍ محترف فكان ذلكلأعطي، الشيء الوحيد الذي حصّلته من السياسة أن بعض الناس بات يقدرني، وفيالمقابل بعضهم يكرهني، وأنا بالمناسبة سعيد في كلتا الحالتين، ذلك أننيأدرك بأن من يكرهني هو مشوّه من الداخل وطنياً أو أخلاقياً أو فكرياً.
ويفّرق الزهار في حديثه بين قائد المواقف، وقائد العلاقات العامة:"أرفض أنأكون من النوع الأخير، فلستُ أنا من يجمع أصواتاً على حساب المواقف، لذاقد أكون في جلسة وأخسر تعاطف بعض الأشخاص، لأنه بالنسبة لي عندما يكونهناك ضرورة لموقف فأنني أعبر عنه حتى لو أزعج آخرين، وقد اتخذتُ هذاالقرار بأن أكون "رجل موقف" منذ سنواتٍ طويلة، أما الذين يتبنون نظام "العلاقات العامة" فهم يربحون، ولكنهم "قياداتُ ضبابية".
الانسجام مع الذات!
شحادة والمقاودة
· عرّجنا معه على أكثر العلاقات المميزة التي جمعته بقياداتٍ حمساوية، فكانعلى رأسهم صلاح شحادة.
عبر عن محبته له ببلاغةٍ جميلة:"يوماً ما سألتُابني حسام عن شعوره عندما يسّلم على صلاح شحادة فأجابني:"أشعر بأني أذوبفي صدره لنصبح واحداً"، وشعوري تجاه صلاح هو هذا بالضبط، ويمكنني القولأنه مخلوقُ للجنة، ونزلَ لفترة مؤقتة على الأرض وعاد إليها".
ولم ينسَ الزهار صديقه الحميم الدكتور ابراهيم المقادمة الذي كان من أقربالناس إليه، مضيفاً:"أجمل ما فيه بأنه لم يكن لذاته "حِصةً" في حياته".
أما صديقه الأقرب الذي يفخر به فهو المهندس عماد العلمي عضو المكتبالسياسي لحركة حماس في الخارج، بعينين مشعّتين تحدث عنه:"عماد شخصيةُقيادية فذّة من الدرجة الأولى، وقد قدم لفلسطين كثيراً، فهو منسجم مع نفسهتماماً حتى لو كلفه أن يفقد شيئاً، ولكن في المقابل هناك أشخاص لااحترمهم، لذا أرفض الجلوس معهم وهذا يعتبرونه "جلافة"، بينما اعتبره "انسجامُ مع الذات".
حين أنام...
ومن أهم الكتب التي تركت أثراً عميقاً في حياته يوضح:"بكل تأكيد القرآنالكريم، فعندما نضجتُ عليماً في الطب، وبدأت أعيدُ قراءة القرآن من منظورٍعلمي وجدتُ أن به إعجازاتٌ كثيرة تؤكد أن هذا الكتاب ليس من عند بشر،فالقرآن رقم واحد ليس في علم الطب فحسب ولكن أيضاً في سنن الأمم وتاريخالشعوب.
صاحب "القُبعة الخضراء" الذي يُفضِل عادةً تناول الوجبات "الخضراء" وعلىرأسها "المولّخية"، أزِفَ الوقت معه بسرعة رغم أننا استغرقنا "ساعةً ونصف" في حديثٍ أظهرنا فيه ما أمكن كشفه من وجهه الذي اختفت منه تماماً "مساحيقالتجهم".
فقال:"بالطبع لا يغمض جفني بسرعة، فأنالدي هاجسُ مستديم أفكر فيه: "كيف لنا أن نؤذي (اسرائيل)، وحلمُ دائم هو "زوال (اسرائيل)، لأنها آذتنا كثيراً، آذت العالم كله، هذا الإيذاء الذيجاء مؤخراً باغتيال محمود المبحوح، والأكثر من ذلك أنها آذت اليهود فيالعالم كله، لأنها تكرر ذات التجربة التي ذاقها يهود الدنياتاريخياً"..."
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية