تناقضات السلطة في الضفة.. إلى أين؟ ... بقلم : د. محمود الرمحي

الإثنين 10 سبتمبر 2012

تناقضات السلطة في الضفة.. إلى أين؟

د. محمود الرمحي

صراع على السلطة

عندما كتبت المقال الأخير " صراع السلطة في الضفة.. الى أين ؟ " لم أكن اعلم بما تخبئ الايام بما أخبرت به مؤخراً من نزول إلى الشارع رفضاً لسياسة السلطة الاقتصادية كما تظهر للعامة، وكانها جاءت متممة لما تحدثنا به من قبل، وربما يحق لنا أن نتساءل على هامش الأحداث الأخيرة في شوارع الضفة. هل أصبحت الديمقراطية عند السلطة في الضفة الغربية " سكر زيادة" حتى تسمح بحرية التعبير والشتم والتكسير وإغلاق الشوارع ؟ إذا كان الإجابة بنعم فأين كانت هذه الديمقراطية قبل نحو شهرين عندما كسرت عظام من خرج ليحتج على زيارة موفاز لرام الله على سبيل الذكر لا الحصر؟ وأين كانت هذه الديمقراطية عندما نظمت فعاليات التضامن مع الاسرى المضربين عن الطعام حيت تم اعتقال واستدعاء عدد من المشاريكن في الاعتصامات والمسيرات حينها ؟ والتساؤل الثاني لما يتم توجيه الهتاف لشخص سلام فياض على وجه الخصوص ؟ وانا هنا لست من المدافعين عن فياض ولكن هل أسعار السلع بما فيها المحروقات هي صنيعة فياض أم صنيعة اوسلو، والملحق الاقتصادي المتعارف عليه باتفاقية باريس؟ اذن هي ثورة ضد الغلاء أم حرب باردة بين أقطاب السلطة؟

بالامس القريب 6/9/2012 خرج اللواء توفيق الطيراوي مهاجماً حكومة فياض من جديد بعد أن كان قد هاجم د. سلام فياض من قبل قائلا أنه يسعى للرئاسة وأنه لا يصلح لها، وبعد ان كان قد هاجم رياض المالكي على خلفية الحديث عن تأجيل تقديم طلب العضوية المزمع للامم المتحدة. وهو الان يهاجم الحكومة برمتها فيقول" أن الحكومة الفلسطينية أوصلتنا إلى مديونية هائلة وغير محتملة تصل إلى أربعة مليار دولار، مضيفاً أنه مع مطالب الشعب وانأ أول المحتجين ضد سياسة الحكومة التي تقودنا إلى الهاوية" ويتابع " إن الحكومة لم تستطع أن تقتص من قتلة النساء ولا من توفير الحريات ولا التقليل من المحسوبية ولم تنجح بالتخطيط وتطبيق لنظام اقتصادي يحدد الأسعار ويمنع تلاعب التجار ولم تأخذ بعين الاعتبار حال المواطن الفقير والذي يعيش تحت الاحتلال حين رفعت الضرائب".

كلام جميل تفضل به سيادة اللواء عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ولكن، من الذي سمح لحكومة غير شرعية لم تنل الثقة من المجلس التشريعي أن تعمل على مدار ست سنوات وتعبث بأمن المواطن وتصادر حريته وتختلس أمواله وتزهق أرواح ابناءه في اقبية تحقيقها، ومن الذي قال مراراً ان حكومة فياض هي حكومة فتح، أليس رئيس حركة فتح ورئيس السلطة ابو مازن الذي ما زال يصدح بها في ظل الأزمة الراهنة.ومن الذي أعطى فياض صلاحية الحديث في السياسة وأن يجتمع مع قادة الكيان الصهيوني ويضع الخطط لاقامة "الدولة" ويمتص دماء الشعب الفلسطيني تحت ما يسمى" بناء مؤسسات الدولة ". اليست حركة فتح .

محمود الهباش، وزير الأوقاف في حكومة فياض صاحب نثريات خمس نجوم "30 الف دولار" حسب ما ورد على لسان د. حسن خريشة النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، وصاحب الحراسات المشددة والمواكب التي تشهد بها شوارع رام الله يصف بالامس القريب في خطبة الجمعه الاحداث في الضفة الغربية بالفوضى ويدعي بأن الازمة نتاج تناغم بين اسرائيل وأطراف عربية وحركة حماس !!. على مايبدوا ان سيادة الوزير لم يسمع باوسلو من قبل. ثم انه لم ينظر كم تبلغ فاتورته الشهرية من ميزانية السلطة الفلسطينية. ولا مجال للحديث هنا عن الذمم المالية قبل وبعد الوزارة. ولا بد من التذكير، فمن يمثل الهباش هل يمثل فتح ام يمثل الرئيس عباس فهو وزير في حكومة فياض التي هاجمها الطيراوي وخطابه هذا كان اما الرئيس في مسجد التشريفات.

خطاب الرئيس محمود عباس.. خطاب المأزوم

عندما أعلن عن الموتمر الصحفي الذي سيعقده سيادة الرئيس محمود عباس انتظر الشارع الفلسطيني ان يقدم الرئيس حلولا للأزمة الاقتصادية وان يصارح الشعب الفلسطيني بما آلت اليه الامور على جميع الصعد بما فيها الصعيد الاقتصادي، ولكن على غير ما توقعه الشعب الفلسطيني جاء خطاب الرئيس بعيدا عن الوقائع ومحاولة لتصدير الازمات.

تحدث الرئيس محمود عباس بلهجة حادة تخبر عن ازمة تعيشها السلطة بقيادته، فهناك جمود تام على الصعيد السياسي بفعل توقف المفاوضات وعدم تجاوب الكيان الاسرائيلي وعدم اكتراث الجانب الامريكي المشغول بالانتخابات المقبلة، اضافة الى ضعف النصير العربي في ظل التغيرات في المنطقة .

لقد هاجم الرئيس القريب والبعيد، هاجم الكيان الاسرائيلي وعلى راسهم رئيس الحكومة ووزير خارجيته، وهاجم الامريكان مهددا بالذهاب للامم المتحدة، ووصل به الحد لمهاجمة مصر ووساطتها في ملف المصالحة فأنكر عليها ان تكون على مسافة واحدة من الاطراف الفلسطينية رافضا المساواة بين فتح وحماس وفي ذلك تعطيل ورفض ضمني للمصالحة .

عاد الرئيس محمود عباس الى المصطلحات القديمة التي توتر الشارع الفلسطيني، وفي نبرة جديدة تنكر على حماس ذات الاغلبية البرلمانية، ينكر عليها وجودها فقال ان رئيس الوزراء الفلسطيني د. اسماعيل هنية لا شي ولا يمثل شي، في حين قال ان سلام فياض جزء لا يتجزأ من السلطة الفلسطينية.

نسف الرئيس محمود عباس كل التفاهمات السابقة وقال إن المصالحة هي الانتخابات في تناقض واضح مع نصوص الاتفاقيات الموقعة كما عاد لينكر الاعتقال السياسي.

بقي ان نقول ان رئيس حكومة الضفة الغربية الذي هو جزء لا يتجزأ من السلطة الفلسطينية كما قال سيادة الرئيس كان موكبه محاصرا في ميدان المنارة وسط مدينة رام الله اثناء خطاب الرئيس مما اضطر الاجهزة الامنية لاخلائه من الموقع تحت الحراسة المشددة .

تعقيب ..

ان جملة التناقضات التي تعيشها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أصبحت طافية على السطح، من أزمة الزعامة التي تحدثنا عنها في هذه السطور وفي مقال سابق إلى الازمة السياسية وما نتج عنها من أزمة اقتصادية، وفي ظل هذا الحقائق لا بد للسلطة الفلسطينية أن تصارح الشعب الفلسطيني بعيداً عن التهريج السياسي الذي مل منه الصغير قبل الكبير وما عاد ينطلي على أحد، فكفى استخفافاً بعقول الشعب الذي عانى من الاحتلال وما زال يعاني من ظلم سلطته وقيادته.

ثم من الاولى بالقيادة الفلسطينية في الضفة الغربية أن تتنكر لأمريكا والكيان التي ما زالت تكيد المكائد بدلاً من التنكر للعمق العربي بطلب من امريكا بما تقتضيه المصلحة الاسرائيلية.

لا أرى مخرجا من كل الازمات التي نعيشها سوى بالعودة الى توحيد صفوفنا ولفظ كل الخبث من بينا، فالشعب الفلسطيني اختار قيادته من قبل وهو مدعو لتجديد الاختيار ولكن بعد تهيئة الظروف الملائمة لذلك وفق ما نصت عليه اتفاقيات المصالحة في القاهرة والدوحة، حتى يتم اختيار القيادة لكافة الشعب في الداخل والشتات وعلى كافة المستويات

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية