ثمن التنسيق الأمني ...بقلم : د. أيمن أبو ناهية

الثلاثاء 06 مارس 2012

ثمن التنسيق الأمني


د. أيمن أبو ناهية

لم يكن تلفزيونا وطن والقدس التربوي هما أول من يدفع ثمن التنسيق الأمني، فقد سبقهم كثير من المؤسسات الإعلامية التي لم تسلم من اعتداءات الاحتلال، للنيل من إعلامنا الفلسطيني المناضل المخصص لمقاومة الاحتلال والدفاع عن شعبنا الفلسطيني. كذلك لم يكن الأسير خضر عدنان والأسيرة هناء شلبي هما أول من يدفع ثمن التنسيق الأمني فقد سبقهما كثير من الأسرى الفلسطينيين من أبناء الضفة وعلى رأسهم نواب المجلس التشريعي، ولم يكن الشهيدان المغدوران خلدون السمودي واحمد دراغمة اللذان قتلتهما جنود الاحتلال بدم بارد على حاجز الموت "حاجز الحمرا" قرب طوباس، كذلك الشهيد المغدور عمر القواسمي الذي قتلته قوات الاحتلال فجرا وهو نائم في فراشه أمام زوجته، هم أول ضحايا التنسيق الأمني فقائمة الشهداء تطول الذين قتلوا على يد جنود الاحتلال دون أي ذنب في مناطق التنسيق الأمني أو بالأحرى في مناطق نفوذ السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المخترقة امنيا وعسكريا من قبل قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين الذين يستبيحون كرامة السلطة الفلسطينية جهارا نهارا بالاعتداء المتواصل على الموطنين الفلسطينيين، إما بالتصفيات الجسدية أو بارتكاب المجازر تلو المجازر أو سرقة ونهب الأراضي والمياه والممتلكات أو والاعتداء على الصحفيين والإعلاميين ومؤسسات الإذاعية والتلفزة والجامعات والمدارس.

والسؤال المتكرر دوما على السنة المواطنين، ماذا عن بناء أجهزة أمنية مهنية مدربة على احدث الوسائل ومجهزة بأفضل تجهيز وأثبتت كفاءتها في توفير الأمن في كل منطقة أتيح لها أن تعمل فيها، أهي فعلا تعمل على كبح جماح قوات الاحتلال ومنعهم من استباحة مناطق السلطة ومنعها من ترويع المواطنين الفلسطينيين بالمداهمات والاعتقالات والقتل أم هي أجهزة تنسيق محايدة وقت الشدة مع الاحتلال وناقمة على أبناء شعبنا وقت الرخاء؟

فمن الملاحظ أن الاعتداءات والجرائم الصهيونية تتم في الجزء المسمى بمنطقة (أ) وهي المنطقة التي يفترض أن تكون خاضعة للسلطة الفلسطينية تمارس فيها كل الصلاحيات المدنية والأمنية. أن هذه الاعتداءات هي دلالة واضحة على أن قوات الاحتلال مازالت تستبيح مناطق السلطة ولا تميز بين منطقة وأخرى وتعيث بها كما تشاء دون حساب. والمسألة لا تحتاج إلى كثير من التفكير، فهي واضحة وضوح الشمس في شهر تموز منتصف الظهيرة، بان السبب الرئيسي في هذه الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة هي اتفاقية التنسيق الأمني وما أدراك بالتنسيق الأمني، والتي تعني تعاونا امنيا عسكريا على ارفع مستوى بين قوات الاحتلال وأجهزة التنسيق الأمني التابعة للسلطة الفلسطينية، والتي أصبحت عصا في يد الاحتلال يحركها كيفما شاء لبطش وقمع شعبنا. إذن هدف التنسيق الأمني هو خدمة الاحتلال ومستوطنيه وحفظ أمنهم وسلامتهم وكأنهم هم الضعفاء المسلوبة حقوقهم ونحن الأقوياء المدججون بالسلاح، لذلك يتوجب علينا توفير لهم سبل الراحة والحماية الكاملة كي يهنئوا ببلادنا التي سلبوها منا!!.

إننا فعلا كفلسطينيين مجبرون كرها على دفع فاتورة التنسيق الأمني مقابل لا شيء، ولم نجاز على هذا الجهد العظيم الذي نخلص له ونتقنه جيدا، فرغم إخلاصنا ووفائنا له، إلا أن الاحتلال لا يقدر لأجهزة التنسيق الأمني هذا الانجاز العظيم ولا يصون الجميل الذي لم يكن يوما من الأيام يحلم به، حيث تحولنا من مناضلين من اجل قضيتنا وشعبا المحتلين إلى مناضلي وأبطال التنسيق الأمني، وضد من يا ترى؟ طبعا ضد أنفسنا!!. فنجد أن أجهزة التنسيق الأمني يعملون سويا مع زملائهم ورفقائهم الصهاينة بل مخلصين تماما وموفين بالوعد الذين بايعوهم عليه بتطويع الشعب الفلسطيني لمنظومة الأمن الذي يريده الاحتلال.

واللافت للنظر أن منظومة التنسيق الأمني تسير بخطين متوازيين وهي متشابه ومتطابقة إلى حد كبير بين الطرفين الحليفين، فالاحتلال يشن الآن هجمة على الإعلام والرأي وتكميم الأفواه ويقوم بحملة اعتقالات واسعة في الضفة ضد الصحفيين والتلفزيونات والإذاعات المحلية، وهو نفس ما تقدم به أجهزة التنسيق الأمني من كبت للحريات والرأي والصحافة ومهاجمة الجامعات وتكميم الأفواه.

نحن كمواطنين عزل من السلاح أصبحنا لا نثق بكل ما يدعونه من أكاذيب عما يسمى بالتنسيق الأمني في توفير السلم المدني والأمن الاجتماعي للمواطنين الفلسطينيين، فقد ثبت ما حقيقته أن استمرار العنجهية والمداهمات والقتل والاعتقالات وسياسة تكميم الأفواه وكبت حرية الصحافة والرأي وسياسية تكميم الأفواه من قبل سلطات الاحتلال وأجهزة التنسيق الأمني تشكل تهديداً خطيراً ومساساً بأمن المواطن الفلسطيني واغتيالاً معنوياً للسلطة الفلسطينية ذاتها في عيون مواطنيها الذين لا يجدون من يدافع عنهم ويحميهم من غدر هذا التنسيق الأمني، كما أننا أصبحنا لا نستطيع أن نفهم أو نتقبل وضعاً تسخر فيه كل الموارد والأدوات والوسائل لتوفير الأمن للصهاينة دون أي وزن أو اكتراث لأمن المواطن الفلسطيني الذي أصبح عرضة للقتل في ساعات الفجر وهو نائم في فراشه أو في طريقه إلى عمله ومدرسته أو تكبيل حرية الصحافة والإعلام، فإلى متى سنكون أغبياء بالوفاء للمحتل، والى متى سندفع فاتورة التنسيق الأمني من دمائنا وارواحنا؟.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية