ثورة تتمرد على الاحتواء ... بقلم : د. يوسف رزقة

الإثنين 04 فبراير 2013

ثورة تتمرد على الاحتواء

د. يوسف رزقة

الدكتور علاء اللقطة رسام كاريكاتوري مدهش. بالأمس رسم المشهد السوري في جريدة فلسطين فكان مثيرا، الرسمة لخصت المشهد السوري على المستوى الداخلي والمستوى الدولي بشكل مبسط، وبدون فذلكة سياسية. البسيط المعبّر عميق في بساطته، والبساطة في التعبير أدخل إلى القلوب الملذوعة بالمعرفة.

المشهد السوري في الرسم الكاريكاتوري كان عبارة عن عدد غير متناهٍ من المؤتمرات والمبادرات كما برزت على الطاولات. وفي مقابلها عدد غير متناهٍ من القبور. هكذا هي الحالة السورية ببساطة ، أصدقاء سوريا عقدوا العديد من المؤتمرات في فرنسا، وفي تركيا، وفي مصر، وفي المغرب، وعرفت سوريا مبادرة كوفي أنان، ومبادرة الأخضر الإبراهيمي، ومبادرة ومؤتمر جنيف، ومبادرة لافروف، وكان محصلة ذلك في مجموعه هذه القبور اللامتناهية التي تحتضن شهداء سوريا من الثوار والمدنيين من كافة الأعمار.

مؤتمرات لا متناهية كثيرة الكلام قليلة الأفعال. لم يعد السوري في داخل سوريا أو في خارجها يلتفت إلى العناوين البراقة (أصدقاء سوريا) سوريا اليوم بلا أصدقاء. الثورة السورية أمضت عامين في قتالها لنظام استبدادي، يقصف مدن سوريا وقراها بطائرات "الميج والسخوي"، والعالم (الحر؟!) يتفرج على القتل وشلال الدماء؟!.

في سوريا ثورة حقيقية تتجه نحو التغيير الجذري لبلد هو من أهم بلدان الطوق التي تحيط بفلسطين المحتلة، ولأن التغيير الجذري ثوري لن يكون صديقا لإسرائيل، أو تابعا للغرب وأمريكا، كثرت المؤتمرات الكلامية عن دعم الشعب السوري وقلّت الأفعال.

سياسة أمريكا وإسرائيل والغرب في سوريا تقوم على قاعدة احتواء الثورة قبل نجاحها، ومن ثمّ إنشاء الائتلاف السوري بديلا عن المجلس الوطني، اعترف الغرب بالائتلاف وطلب منه تشكيل حكومة انتقالية لا تتضمن وجودا قويا للتيارات الإسلامية المقاتلة. الائتلاف درس المقترح وخرج بقرار أن الوقت غير مناسب لتشكيل الحكومة، لأن تشكيلها الآن سيفتت المقاومة ويمزقها. الغرب وأمريكا لم يكونوا سعداء بالقرار، لأن نظرية احتواء الثورة قبل نجاحها بات أمرا مرفوضا، ومستحيلا، الاحتواء هدف لم يسقط بسقوط قرار تشكيل حكومة مؤقتة. الاحتواء غاية وهدف يمكن تحقيقه بحسب التخطيط الغربي الأمريكي من خلال إطالة عمر المعارك في سوريا لسنة قادمة. إطالة عمر المعارك يستهدف مزيدا من القتل، ومزيدا من تدمير الدولة، ومزيدا من تدمير المجتمع، إلى أن ينهلك البلد والمجتمع ويركع الجميع على ركبتيه للإرادة الغربية والمساعدات الأمريكية، وهنا يتّم الاحتواء بالإضعاف اللامتناهي.

في سوريا ثورة حقيقية لا يريد لها الكبار في العالم أن تنجح، وأن تكون مؤثرة في المنطقة خشية الإضرار بإسرائيل، ومن ثم كثرت المؤتمرات اللامتناهية، بدون مساعدات حقيقية للشعب، وتحّول الغرب إلى صليب أحمر، وإلى وكالة إغاثة لأن القبور اللامتناهية ليست كافية حتى اللحظة. سوريا ثورة حقيقية بضريبة باهظة، ولكنها تمردت على الاحتواء، وستبقى حرة رغم الأشلاء. وهذا ما قاله د. علاء اللقطة في رائعته أمس.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية