جريمة قتل مجتمع
أحمد أبورتيمة
هل تعلم عزيزي القارئ أن قطاع غزة هو المكان الوحيد في العالم الذي يسير عكس قانون الطبيعة.. قانون الطبيعة يقول إن من يعمل يجازى على عمله، ومن يتكاسل فإنه يعاقب بالحرمان من أجر العاملين، "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"..لكن في قطاع غزة فإن من يعمل يعاقب بالفصل من وظيفته، ومن أراد حماية راتبه من الانقطاع فإن كل ما عليه هو أن ينام في بيته، وأن يحذر من إبداء أي نوع من الحرص على المجتمع ومصلحته العامة، وألا تحدثه نفسه بأداء واجبه حتى لو كان طبيباً ورأى المريض يموت أمامه، وحتى لو كان شرطياً ورأى البلد تعج بالفوضى..
هذا الوضع الشاذ عن ناموس الكون نشأ منذ منتصف عام 2007، حين أصدر محمود عباس قراراً يطلب فيه من كل الموظفين التزام بيوتهم، على أن يتلقوا رواتبهم وهم على هذه الحال، ومن يؤنبه ضميره على تلقي راتب دون عمل فيسعى لتحليل قرشه، ولخدمة مجتمعه فإنه يخاطر بقطع راتبه بتهمة مخالفة قرارات الشرعية، وقد قطعت رواتب الآلاف بالفعل لا لشيء إلا لأنهم ارتكبوا جريمة العمل..
هذا القرار هو جريمة وطنية وإنسانية كبرى تستحق المحاسبة وإنزال أقسى العقوبات بالمسئولين عنها لو كان هناك عدل ووعي، فهذا القرار عطل طاقات عشرات الآلاف من القوى العاملة في المجتمع، وحولهم إلى عالات تحسن ثقافة الاستجداء، وبذلك فهي جريمة قتل أبشع من جريمة قتل إنسان فرد؛ لأنها هنا قتل لمجتمع بأكمله.
لقد أدى هذا القرار الكارثي إلى جيوش من العاطلين في المجتمع يستهلكون ولا ينتجون، ويأكلون ولا يعملون، لا يزيدون في المجتمع عن تعداد إحصائي، وهذا النوع من البطالة هو أخطر من البطالة المكشوفة؛ لأنهم يرهقون ميزانية البلاد دون أي نفع للبلد وللناس..
خطورة هذا القرار تتجاوز آثار المدى القريب إلى المستقبل البعيد وتمس البنيان الاجتماعي، لأن من ألف البطالة واعتاد على تقاضي الراتب دون عمل منذ خمسة أعوام، من الصعب أن يعود بعد اليوم إذا طلب منه العمل وهو شغوف به مقبل عليه متفان في إتقانه، فقد تشربت نفسه حب البطالة، واعتاد على النوم والكسل وعدم الإنجاز، واعتاد على السلبية وقتل في نفسه أي حب للناس ولفعل الخيرات..
إن ما يحدث هو قتل للإنسان ولروحه، ومغامرة بمستقبل المجتمع بأسره..
لقد تعززت في مجتمعنا بفعل السياسات والقرارات اللا مسئولة، سواء كان مصدرها فلسطينيين أو جهات دولية مثل "الأونروا"، ثقافة الكوبونة، وهي أن يحصل الإنسان على المعونات والمساعدات وهو نائم في بيته دون أن يسعى ويبذل جهداً لكسب رزقه بكد يمينه، حتى إن كثيرين صاروا يتعمدون أن يظلوا محافظين على مسماهم الوظيفي (عاطل عن العمل) حتى لا تقطع عنهم الكوبونة، ولو جاءت فرصة العمل تطرق أبوابهم لزهدوا بها حتى لا يشاع عنهم أن لهم مصدر رزق فتقطع عنهم الكوبونات..
إنها حالة من الانهيار الأخلاقي لا يدان فيها أصحاب هذه القرارات وحدهم، بل معهم من رضي بها ووجد فيها راحته، وهي حالة تهدد المجتمع بالفناء والدمار وتفقده أي مناعة لمقاومة الابتزاز الخارجي.
هذه الأوضاع الشاذة هي التي وفرت الأجواء للابتزاز السياسي من قبل الدول المانحة، فقانون الكون يقول إن اليد العليا خير من اليد السفلى، وحين يتحول مجتمع بأكمله إلى جيش من البطالة يستجدي الرواتب والمعونات من الدول المانحة، فإنه يصير تحت رحمة هذه الدول تحركه كيفما تشاء وتملك متى أرادت أن تقطع عنه هذه الرواتب أو المعونات، إذا لم يدفع الثمن السياسي المستحق لها..
لو أننا عززنا ثقافة الإنتاج في المجتمع وقمنا بإنشاء مشاريع تستثمر طاقات القوى العاملة وتستفيد من الخبرات والعقول، لحققنا اكتفاءً ذاتياً، ولامتلكنا القوة السياسية للتصدي للمشاريع التي تستهدف قضيتنا.
إن ما يزيد القلب أسىً أن يحدث هذا في أمة يدعو دينها إلى العمل والإنتاج، وأن تجد من هؤلاء الكسالى العالة على الناس من يقيم شعائر الدين فيسابق إلى الصلاة والصوم وقراءة القرآن، ولم يدر أن الدين ليس ركعات جوفاء، وليس جوعاً وعطشاً في رمضان وحسب، بل إن العمل هو عبادة يؤجر عليها صاحبها، فالرسول - صلى الله عليه - وسلم يقول: "من بات كالاً من طلب الحلال بات مغفوراً له"، وفي سورة المزمل كان أحد أسباب تخفيف قيام الليل عن المؤمنين هو مراعاة طلب الرزق في النهار "وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله"، وقد كان النبي - - يتعوذ بالله كل صباح ومساء من الكسل وسوء الكبر.
أليس معيباً بعد ذلك أن نتحول إلى أمة مستجدية تأكل ولا تعمل؟!
هذا الوضع الشاذ عن ناموس الكون نشأ منذ منتصف عام 2007، حين أصدر محمود عباس قراراً يطلب فيه من كل الموظفين التزام بيوتهم، على أن يتلقوا رواتبهم وهم على هذه الحال، ومن يؤنبه ضميره على تلقي راتب دون عمل فيسعى لتحليل قرشه، ولخدمة مجتمعه فإنه يخاطر بقطع راتبه بتهمة مخالفة قرارات الشرعية، وقد قطعت رواتب الآلاف بالفعل لا لشيء إلا لأنهم ارتكبوا جريمة العمل..
هذا القرار هو جريمة وطنية وإنسانية كبرى تستحق المحاسبة وإنزال أقسى العقوبات بالمسئولين عنها لو كان هناك عدل ووعي، فهذا القرار عطل طاقات عشرات الآلاف من القوى العاملة في المجتمع، وحولهم إلى عالات تحسن ثقافة الاستجداء، وبذلك فهي جريمة قتل أبشع من جريمة قتل إنسان فرد؛ لأنها هنا قتل لمجتمع بأكمله.
لقد أدى هذا القرار الكارثي إلى جيوش من العاطلين في المجتمع يستهلكون ولا ينتجون، ويأكلون ولا يعملون، لا يزيدون في المجتمع عن تعداد إحصائي، وهذا النوع من البطالة هو أخطر من البطالة المكشوفة؛ لأنهم يرهقون ميزانية البلاد دون أي نفع للبلد وللناس..
خطورة هذا القرار تتجاوز آثار المدى القريب إلى المستقبل البعيد وتمس البنيان الاجتماعي، لأن من ألف البطالة واعتاد على تقاضي الراتب دون عمل منذ خمسة أعوام، من الصعب أن يعود بعد اليوم إذا طلب منه العمل وهو شغوف به مقبل عليه متفان في إتقانه، فقد تشربت نفسه حب البطالة، واعتاد على النوم والكسل وعدم الإنجاز، واعتاد على السلبية وقتل في نفسه أي حب للناس ولفعل الخيرات..
إن ما يحدث هو قتل للإنسان ولروحه، ومغامرة بمستقبل المجتمع بأسره..
لقد تعززت في مجتمعنا بفعل السياسات والقرارات اللا مسئولة، سواء كان مصدرها فلسطينيين أو جهات دولية مثل "الأونروا"، ثقافة الكوبونة، وهي أن يحصل الإنسان على المعونات والمساعدات وهو نائم في بيته دون أن يسعى ويبذل جهداً لكسب رزقه بكد يمينه، حتى إن كثيرين صاروا يتعمدون أن يظلوا محافظين على مسماهم الوظيفي (عاطل عن العمل) حتى لا تقطع عنهم الكوبونة، ولو جاءت فرصة العمل تطرق أبوابهم لزهدوا بها حتى لا يشاع عنهم أن لهم مصدر رزق فتقطع عنهم الكوبونات..
إنها حالة من الانهيار الأخلاقي لا يدان فيها أصحاب هذه القرارات وحدهم، بل معهم من رضي بها ووجد فيها راحته، وهي حالة تهدد المجتمع بالفناء والدمار وتفقده أي مناعة لمقاومة الابتزاز الخارجي.
هذه الأوضاع الشاذة هي التي وفرت الأجواء للابتزاز السياسي من قبل الدول المانحة، فقانون الكون يقول إن اليد العليا خير من اليد السفلى، وحين يتحول مجتمع بأكمله إلى جيش من البطالة يستجدي الرواتب والمعونات من الدول المانحة، فإنه يصير تحت رحمة هذه الدول تحركه كيفما تشاء وتملك متى أرادت أن تقطع عنه هذه الرواتب أو المعونات، إذا لم يدفع الثمن السياسي المستحق لها..
لو أننا عززنا ثقافة الإنتاج في المجتمع وقمنا بإنشاء مشاريع تستثمر طاقات القوى العاملة وتستفيد من الخبرات والعقول، لحققنا اكتفاءً ذاتياً، ولامتلكنا القوة السياسية للتصدي للمشاريع التي تستهدف قضيتنا.
إن ما يزيد القلب أسىً أن يحدث هذا في أمة يدعو دينها إلى العمل والإنتاج، وأن تجد من هؤلاء الكسالى العالة على الناس من يقيم شعائر الدين فيسابق إلى الصلاة والصوم وقراءة القرآن، ولم يدر أن الدين ليس ركعات جوفاء، وليس جوعاً وعطشاً في رمضان وحسب، بل إن العمل هو عبادة يؤجر عليها صاحبها، فالرسول - صلى الله عليه - وسلم يقول: "من بات كالاً من طلب الحلال بات مغفوراً له"، وفي سورة المزمل كان أحد أسباب تخفيف قيام الليل عن المؤمنين هو مراعاة طلب الرزق في النهار "وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله"، وقد كان النبي - - يتعوذ بالله كل صباح ومساء من الكسل وسوء الكبر.
أليس معيباً بعد ذلك أن نتحول إلى أمة مستجدية تأكل ولا تعمل؟!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية