جنون حماس ... بقلم : عماد توفيق

الأحد 08 فبراير 2015

جنون حماس!

عماد توفيق

لم يكن التصريح الذي أدلى به الناطق باسم حماس في رفح قبل ايام خلال مسيرة تأييد للقسام في اعقاب تصنيف محكمة مصرية للقسام بانه منظمة ارهابية، تصريحا منبتا او غريبا، فما قول ابو زهري "أن استمرار الحصار على قطاع غزة هذا سيدفع الحركة إلى القيام بأعمال قد توصف ” بـالمجنونة" إلا تعبير عما يعتمل منذ زمن في صدر حماس قيادة وجندا وهي ترى الحصار يطبق مخالبه المسمومة على رقاب ابناء شعبها .

فهل تستند هذه الأعمال الجنونية ربما الى الأثر القائل (عجبت لمن لا يجد قوت يومه أن لا يخرج على الناس شاهراً سيفه)، وقول لعلي بن ابي طالب رضي الله عنه "لو كان الفقر رجلا لقتلته"..!!.

ولسان حال اهل غزة المخنوقة يقول "لو كان الحصار رجلا لقتلته"، لكن من حسن حظ غزة ان الحصار يتجسد هذه الايام في رجال بلا قلب ولا ضمير ولا ينتمون الى عالم الانسانية، مهما كانت مسمياتهم من عرب او صهاينة.

فكيف لا تقوم غزة بأعمال جنونية وضحايا الحصار من المرضى الذين لا يجدون الدواء بلغوا الآلاف..!!.

وكيف لا تقوم غزة بأعمال جنونية وضحايا الحروب المتوالية على غزة من المهدمة بيوتهم مازالوا يسكنون الخيام في حر الصيف وبرد الشتاء..!!.

وكيف لا تقوم غزة بأعمال جنونية وعمالها الذين لا يجدون عملا ولا قوتا لأولادهم بلغوا اكثر من 60% من القوة العاملة في مجتمع يغلب عليه جيل الشباب..!!.

وكيف لا تقوم غزة بأعمال جنونية وموظفيها الذين يقومون على خدمة شعبهم لا يجدون رواتب يسدون بها رمق عوائلهم من الخبز الحاف منذ شهور طويلة وقاسية..!!.

وكيف لا تقوم غزة بأعمال جنونية وحكومة التوافق تتنكر لأدنى مسؤولياتها تجاه شعبها في غزة الذي يرفع كل حر شريف في العالم رأسه عاليا فخرا بصمود غزة واهلها..!!.

وكيف لا تقوم غزة بأعمال جنونية والشقيق المصري يخنقها ويحاصرها ويدينها في محاكمه بينما يعلن تحالفا معلنا مع العدو الصهيوني الذي يدفع الجيش المصري في حرب استنزاف مشبوهة مع الجماعات المسلحة في سيناء..!!.

وكيف لا تقوم غزة بأعمال جنونية وهو يرى الشقيقة الكبرى مصر التي اعلنت ليفني 2008م الحرب على غزة من قلب قاهرة المعز ، بينما مصر لا تقوم بدورها العروبي تجاه مقاومة ضربت قلب تل ابيب ودفعت مئات آلاف الصهاينة للبقاء في الملاجئ نحو 51 يوما..!!.

وكيف لا تقوم غزة بأعمال جنونية وهي ترى ما يسمى برئيس السلطة لا يفوت فرصة إلا ويحرض على غزة وشعبها ومقاومتها الباسلة في مختلف الميادين والمحافل..!!

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما المقصود بالأعمال المجنونة هنا..!!، وما هو شكل ومكان وزمان هذه الأعمال المجنونة التي قصدها ابو زهري..!!.

1- هل يمكن أن تتوجه حماس جنوبا نحو الشقيقة مصر راعية القومية العربية وارض الكنانة وموئل خير أجناد الأرض ..!!

- وهل هذا التوجه سيكون سياسيا من البوابة الدبلوماسية لفتح بوابات الحوار مع النظام المصري لجهة دفع كامل فاتورة الاستحقاقات المطلوبة منها مصريا لتصحيح خط سير العلاقة بين الخصمين..!!

- ام ان هذا التوجه نحو مصر سيكون من بوابة الانفجار الشعبي التي ما فتئت حماس وغيرها من قوى وفصائل وشخصيات دولية وازنة وحتى قيادات في كيان العدو على رأسهم زعيم المعارضة الصهيونية هرتسوغ يحذرون منه صباح مساء في ظل وضع لم يعد الوضع فيه يطاق..!!

- أم هل سيتمثل هذا الانفجار بفتح بوابات الحدود للدخول الشعبي الى مصر ليواجه النظام والجيش المصري سيلا بشريا هادرا مجوَعاً محاصراً ومخنوقاً لن يقوى النظام على مواجهته بالقوة والرصاص على مرأى ومسمع العالم ان لم يكن من منطلق اسلامي وعروبي فمن منطلق انساني بحت، تماما كما فعل مبارك باحتواء الاجتياح الشعبي للحدود قبل بضع سنوات..!!.

2- ام ستختار حماس هذه المرة التوجه شمالا وشرقا لاجتياح شعبي للحدود المسكونة بالرصاص والموت الصهيوني ليواجه العدو الصهيوني خيارين أحلاهما مر:

- فإما أن يواجه هذا السيل البشري المدني والسلمي من شعب مجوع محاصر ومخنوق بالقوة المسلحة وبالتالي يخسر ما بقي له من مكانة في نفوس وقلوب وعقول الشعوب الغربية كشعب يهودي مظلوم وتعرض فيما سبق للمحرقة النازية، وان تنصب عليه ضغوط دولية هائلة لجهة كسر الحصار الظالم المفروض على غزة منذ اكثر من ثماني سنوات.

- وإما ان يعمل العدو الصهيوني على احتواء هذا الاجتياح الشعبي والسلمي للحدود امام عدسات العالم وان يسمح له بالدخول والتوغل داخل الحدود ولكن إلى خطوط ومسافات معينة، وأن يراهن العدو الصهيوني على حلول الليل ونزول الظلام في اعادة هذا السيل البشري الى مساكنه في غزة.

لكن العدو مع كلا الخيارين السابقين لا يأمن جانب المقاومة من جانبين :

ففي الخيار الأول قد تتدخل المقاومة لحماية ظهر ابناء شعبها السلميين دفاعا عن ارواحهم التي قد ينالها الرصاص الصهيوني، وبالتالي ربما يتطور الوضع شيئا فشيئا نحو حرب مفتوحة، الأمر الذي لا يريده الكيان الصهيوني في ظل احتمال تفجر جبهات أخرى أكبر قوة وأكثر خطورة، وبالتالي يوارب العدو الصهيوني باب الحصار لجهة تخفيفه وصولا الى كسره تماما لمنع وقوع حرب جديدة على جبهة غزة في ظل مخاوفه من تفجر جبهة لبنان والجولان بشكل متزامن تتقاطع فيها النيران فوق الكيان الصهيوني كما طالب محمد الضيف في رسالته الى حسن نصر الله.

أما في الخيار الثاني فنحن أمام احتمالين :

o الاحتمال الأول يمكن أن تستخدم فيه المقاومة السيل البشري المدني كغطاء وان تتدخل لتثبيت هذا السيل البشري في الأماكن التي نجح في الوصول إليها داخل الحدود، وان تعتبر المقاومة ذلك أولى خطوات ومراحل التحرير، الأمر الذي ربما يدفع العدو لمواجهة هذا السيل البشري بحجة مواجهة المقاومة وبالتالي تتطور الأمور إلى حرب مفتوحة، ويكون العدو امام خيارين: اما ان رفع الحصار واما الحرب داخل غرفه نومه.

o أما الاحتمال الثاني هو ان يختار العدو احتواء هذ الحراك الشعبي إلى أبعد الحدود، وأن لا يختار ابعاد السيل البشري بالقوة وان يسمح له بالمبيت في الأماكن التي وصلوا إليها وأن يراهن على حاجة الناس للماء والغذاء والحاجات البشرية الأخرى الأمر قد يدفعهم للعودة إلى بيوتهم.

وفي هذا الحالة المقاومة أمام خيارات:

§ إما ان تكتفي باجتياح السيل البشري للحدود كرسالة بالغة القوة للعالم وللعدو الصهيوني من شعب غزة المحاصرة ومدى حاجته للحرية وفتح المعابر والمطار والميناء وفرص العمل والغذاء، لجهة تأمين ضغط دولي كفيل برفع الحصار بشكل نهائي.

§ وإما أن تعمل المقاومة بفصائلها المختلفة على تأمين كامل الدعم اللوجستي للسيل البشري داخل الحدود لتأمين بقائه أطول فترة ممكنة كأولى خطوات ومراحل التحرير، الأمر الذي قد يدفع المقاومة لمزيد من التقدم وقضم الأرض نحو التحرير شبرا شبرا على قاعدة خذ وطالب، وبهذا ترسي قواعد اشتباك جديدة مع العدو لأن يأمن مآلاتها.

§ وإما ان تعمل المقاومة على تأمين كامل الدعم اللوجستي للسيل البشري داخل الحدود لتأمين بقائه أطول فترة حيث من المتوقع ان تجري ضغوط دولية على العدو لجهة الرضوخ لمطالب الشعب المحاصر وتلبية مطالبه العادلة بفتح المعابر واقامة الميناء والمطار وحرية الحركة ..الخ مقابل عودة السيل البشري الى قواعده في غزة.

3- أم ستختار حماس تسخين الجبهة مع العدو في حرب استنزاف باردة لا تصل حد اشعال حرب مفتوحة، بهدف اشغال العدو باستمرار وإشعاره باشتعال الجبهة مع غزة واحتمال تفرها في أي وقت ما لم ترفع الحصار، وأن تمارس اعمالا عسكرية مثل:

- استهداف العدو وقواته على الحدود الشرقية والشمالية، عبر عمليات قنص وتفجير آليات.

- استهداف بوارج العدو البحرية بداعي الدفاع عن حق الصيادين في ممارسة اعمالهم، واختبار قواتها البحرية النامية وتكسبهم مزيد من الخبرات العملية .

- تنفيذ عملية اختطاف من قلب قاعدة عسكرية صهيونية عبر نفق ارضي بهدف مقايضة المخطوفين برفع الحصار.

- اعادة استخدام الطائرات غير المأهولة للتحليق فوق قواعد العدو لرصده واشعاره بانعدام الامان في كل وقت وحين.

4- وأخيرا يمكن ان تعمل حماس على تنفيذ طلب الزهار من دول الجوار شمال فلسطين بالسماح بإنشاء كتائب القسام الجناح الشمالي، ليشكل جبهة مقاومة مفتوحة لا تخضع لاعتبارات والانظمة وحساباتها المختلفة في اعادة لتجربة فصائل المنظمة ابان عصر الكفاح المسلح ابان سبعينيات وثمانينات القرن الماضي.

ومع ما لكل هذه السيناريوهات والخيارات والاحتمالات من تداعيات ومألات جنونية، فانه من الاكثر جنونا ان يترك الشعب الفلسطيني في غزة محاصرا مخنوقا مجوَعاً ليموت موتا بطيئا، وان يتم خنقه بأيدي الاقارب والاباعد دون ان تحرك الضحية اذرعها للدفاع عن نفسها.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية