حكومة نتنياهو تنكل بالأسرى الفلسطينيين ... بقلم :علي جرادات

الأحد 24 يوليو 2011

حكومة نتنياهو تنكل بالأسرى الفلسطينيين


علي جرادات


فشلت حكومة "إسرائيل"، بقيادة نتنياهو - ليبرمان، في استعادة الجندي "الإسرائيلي" المُختطف "شاليط" بوسائل أمنية، وأفشلت صفقة مبادلته بأسرى فلسطينيين، من جراء شروطها التعجيزية، وتراجعها حتى عمّا أبدته الحكومة "الإسرائيلية" السابقة من مرونة نسبية، مع أنها لم تلامس أصلاً الحد الأدنى الذي يطالب به الفلسطينيون في صفقة تبادل الأسرى، ما يعني أن حكومة نتنياهو، هي فعلاً من أكثر، إن لم تكن أكثر، حكومات الكيان الصهيوني تطرفاً، بفعل فلتان أيديولوجيتها الصهيونية العنصرية العدوانية من كل عقال، وانعكاس ذلك في كيفية إدارتها لجميع عناوين الصراع مع العرب عموماً، ومع الفلسطينيين بخاصة.

وفي سياق تطرف حكومة نتنياهو، وبفعله، وفي محاولة لستر عجزها والتهرب من مسؤوليتها، تجاه قضية "شاليط"، وتجاه ما تخلقه لها من ضغوط داخلية، أعلن نتنياهو، في مؤتمر صحفي، عقده في 25-6-2011، بمناسبة مرور خمس سنوات على اختطاف "شاليط"، قرارَ حكومته الانتقامي القاضي بتصعيد إجراءات القمع والتنكيل والتعذيب، (التي لم تتوقف أصلاً)، بحق قرابة (6000)، أسير، العدد الحالي للأسرى الفلسطينيين، حتى نهاية يونيو/ حزيران الماضي.

وعلى الفور باشرت "مديرية مصلحة السجون العامة"، الذراع التنفيذية المختصة بقمع الأسرى، تحت مسمّى إدارة السجون، بتحويل قرار حكومة نتنياهو إلى مجموعة إجراءات قمعية بحق الأسرى الفلسطينيين، شملت كل مكتسبات تحسين شروط اعتقالهم وحياتهم التي انتزعوها بأشكال وأساليب من النضال المديد، وعنوانه الأبرز، عشرات الإضرابات الجزئية والمفتوحة عن الطعام، النضال الذي تعمد بتضحيات جسيمة، وأسفر، فيما أسفر، عن سقوط 237 شهيداً منذ العام 1967: سقط 39 منهم من جراء التعذيب في أقبية التحقيق، و43 بسبب الإهمال، و125 بالقتل المتعمد بعد الاعتقال.

وتجدر الإشارة إلى أن إجراءات الهجوم الحالي على الأسرى الفلسطينيين، لم تقتصر على رفع الوتيرة الكمية في سحب مكتسبات نضالهم وتضحياتهم، كما كان قائماً قبل قرار حكومة نتنياهو، بل، وصلت حد السحب النوعي لهذه المكتسبات. على سبيل المثال لا الحصر: السحب الكامل لمكتسب التعليم العالي، والسحب الكامل لمكتسب تسلم الإيداعات المصرفية، والسحب الكامل لمكتسب شراء الغذاء ومستلزمات حياة أخرى من "كانتينا" السجن على حساب الأسير الخاص، فضلاً عن فرض قيود نوعية جديدة على زيارات ذوي الأسرى، والزيادة النوعية لعمليات الدهم الليلية بهدف تخريب المقتنيات والتفتيش العاري المهين للجسد، وزيادة نوعية ووتيرة الإجراءات العقابية والغرامات المالية، والزيادة غير المسبوقة في قرارات العزل والحبس الانفرادي الذي يمتد لسنوات، ويعادل، حكماً بالإعدام غير المعلن، و.. إلخ، من الإجراءات المتعلقة بتفاصيل الحياة اليومية، التي لا يعرف مدى ما تلحقه بالأسير من أذى نفسي وجسدي، إلا من عاش السجن، وخَبِرَ مراراته، لسنوات وسنوات.

ومفيد التنبيه إلى أن قرار الهجوم الشامل على الأسرى الفلسطينيين، جاء من دون سابق إنذار، وأنه لم يُتخذ من الذراع التنفيذية المختصة بقمع الأسرى، ما يعني أنه كان قراراً سياسياً بامتياز، بل، ومبيتاً، حيث سبقته، وهيأت له، وتجندت لتبريره، حملة تحريض مدروسة، على مدار شهرين، شنتها، وشاركت فيها، بعناية فائقة، وبتناغم لافت، وسائل إعلام "إسرائيلية" وأخرى أجنبية، وأمريكية بخاصة، أظهرت كما لو أن الأسرى الفلسطينيين، يعيشون داخل السجون "الإسرائيلية" في رغد، لا يضاهيه سوى رغد العيش في فنادق خمسة نجوم، بل، وصورت كأن هؤلاء الأسرى، ما زالوا يشكلون، من خلال ما يهربونه من أجهزة خلوية حديثة، خطراً حقيقياً وداهماً على أمن دولة "إسرائيل" ومواطنيها، إلى درجة يخال للمرء معها، أن من غير السهل تفادي هذا الخطر، بل، وربما بالكاد يقوى "مفاعل ديمونا النووي" على صده.

لكن القائمين على تلك الحملة، ومن قبلهم حكومة نتنياهو ليبرمان، التي جندتهم، تناسوا، عن سابق إصرار، حقيقة أن الأجهزة الخلوية التي يجري الحديث عنها، إنما هي محدودة وملاحقة، وتُستخدم لأغراض إنسانية محضة، بل، وتعلم بوجودها، وبأغراض استخدامها، الأجهزة الأمنية "الإسرائيلية"، التي تغض الطرف عنها أحياناً، بهدف التنصت ومعرفة أسرار الأسرى، فضلاً عن استخدامها كذريعة لعمليات دهم ليلية مفاجئة مرعبة ومتواصلة، تقوم بها وحدات شُرَطية خاصة تابعة لوزارة الداخلية "الإسرائيلية"، والمختصة بالاعتداءات الجسدية على الأسرى، وحرمانهم من الاستقرار، من خلال تخريب مقتنياتهم، والحط من كرامتهم بالتفتيش العاري المهين للجسد.

وفوق كل هذا، وقبله، فقد تجاهل القائمون على تلك الحملة الإعلامية التضليلية، ومن قبلهم، مَن جندهم وأوحى لهم، حكومة نتنياهو - ليبرمان وأجهزتها الأمنية، حقيقة أن السياسة "الإسرائيلية" ترفض التعامل مع الأسرى الفلسطينيين، كأسرى حرب، ولا تعترف بالتالي بما تقره لهم وثيقة جنيف من حقوق، باعتبار أنهم مجرد مجموعات من "المخربين" أو "الإرهابيين".

وأكثر من ذلك، فقد تناسى مفبركو تلك الحملة الإعلامية المغرضة، وتناسى من أوعز لهم، حكومة نتنياهو - ليبرمان، حقيقة أن "مديرية مصلحة السجون العامة"، تحرم، حتى، المعتقلين الإداريين الفلسطينيين، من حق الاتصال الهاتفي بذويهم.

قصارى القول، لا شك في أن الضغط لفرضِ شروط حكومة نتنياهو على صفقة تبادل الأسرى، يمثل الاستهداف الأساسي لقرارها، لكن طابعه السياسي، فضلاً عن شموليته وقسوته، يشي باستهداف آخر، يتمثل في محاولة رسم قواعد جديدة في التعامل مع المكتسبات النضالية للأسرى الفلسطينيين الذين استوعبوا المغزى الأعمق للهجوم عليهم، وباشروا، بدورهم، خطواتهم النضالية المتدرجة والمدروسة للرد على هذا الهجوم وصده. لكن، من أسف، أن يتأخر اتخاذ قرار سياسي فلسطيني رسمي، يبرمج ويوحد ويوسع حملات التضامن الشعبية مع هؤلاء الأسرى وإسنادهم، رغم أن قرار الهجوم عليهم سياسي بامتياز.

صحيفة الخليج الإماراتية
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية